Hadith Explorer in Arabic مكتشف الحديث باللغة الإنجليزية
 
Hadith   1455   الحديث
الأهمية: أستغفر لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم ولك، ثم تلا هذه الآية: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات)

عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سَرْجِسَ -رضي الله عنه- قال: قلت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، غفر الله لك، قال: «ولك». قال عاصم: فقلت له: أستغفر لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم ولك، ثم تلا هذه الآية: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات}.

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
أخبر عبد الله بن سرجس -رضي الله عنه- أنه دعا للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالمغفرة، فقابله النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء أيضا بالمغفرة، فسأل عاصمٌ الأحول عبدَ الله بن سرجس -رضي الله عنه- أستغفر لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، واستغفر لك أيضا، ثم استدل على ذلك بقول الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ} .

 

Hadith Lexico Arabic

 
غفر : المغفرة هي أن الله -تعالى- يستر العبد ولا يطلع الناس على ذنبه ويعفو عنه ويتجاوز عنه لأنها مأخوذة من الستر والوقاية.

 

Hadith Applications Arabic

 
استغفر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعامة المسلمين لأنه أمر بذلك؛ فلا يتخلف عن أداء ما أمر به البتة.
بيان كرم خلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث يقابل الحسنة بمثلها.
جواز إطلاق الآية على بعضها؛ لقول عاصم الأحول: ثم تلا هذه الآية   --  صحيح.   →   رواه مسلم بدون زيادة "قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، غفر الله لك، قال: «ولك»" فرواها النسائي.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8262

 
 
Hadith   1456   الحديث
الأهمية: خُلِقَت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم

عن عائشة -رضي الله عنه- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «خُلقت الملائكة من نور، وخُلق الجَانُّ من مَارِجٍ من نار، وخُلق آدم مما وُصِفَ لكم».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
أخبر -صلى الله عليه وسلم- عن بدء الخلق، فذكر أن الملائكة خلقوا من النور، ولذلك كانوا كلهم لا يعصون الله ولا يستكبرون عن عبادته، أما الجن فخلقوا من نار، ولهذا يتصف كثير منهم بالطيش والعبث والعدوان، وخلق آدم مما ذكر لكم يعني خلق من طين من تراب من صلصال كالفَخار؛ لأن التراب صار طينًا ثم صار فخارًا فخلق منه آدم -عليه الصلاة والسلام-.

 

Hadith Lexico Arabic

 
المارج : اللهب الذي يعلو النار، فيختلط بعضه ببعض: أحمر، وأصفر، وأخضر.
مما وصف لكم : من الطين.

 

Hadith Applications Arabic

 
تنبيه على عظيم قدرة الله -تعالى-.
بيان أصل تكوين خلقة الملائكة والجن والإنسان.
خلق الله الملائكة من نور.
خلق الله الجان من نار.
خلق الله آدم من طين.
في الحديث دليل على أن الجن هم ذرية الشيطان الأكبر الذي أبى أن يسجد لآدم   --  صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8264

 
 
Hadith   1457   الحديث
الأهمية: كان خلق نبي الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان خُلُقُ نَبي اللِه -صلى الله عليه وسلم- القرآن.

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
معنى الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- يتخلق بأخلاق القرآن، ما أمر به القرآن قام به وما نهى عنه القرآن اجتنبه، سواء كان ذلك في عبادات الله -تعالى- أو في معاملة عباد الله، فخلق النبي -صلى الله عليه وسلم- امتثال القرآن، وفي هذا إشارة من أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أننا إذا أردنا أن نتخلق بأخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعلينا أن نتخلق بالقرآن.

Esin Hadith Mutaradifaat


 

 

Hadith Applications Arabic

 
الحث على التأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في تخلقه بأخلاق القرآن.
مدح أخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنها كانت من مشكاة الوحي.
تنبيه على منزلة الأخلاق في الإسلام وأنها من مقتضيات كلمة التوحيد التي تثمر العمل الصالح   --  صحيح.   →   رواه مسلم في جملة حديثٍ طويلٍ.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8265

 
 
Hadith   1458   الحديث
الأهمية: من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ» فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أكَراهِيَةُ المَوتِ، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوتَ؟ قال: «لَيْسَ كَذَلِكَ، ولكِنَّ المُؤْمِنَ إذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وإنَّ الكَافِرَ إذَا بُشِّرَ بِعَذابِ اللهِ وَسَخَطهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) فسألت عائشة -رضي الله عنها-: هل تعني بذلك كراهية الموت يا رسول الله، فكلنا يكره الموت؟ قال: (ليس كذلك) فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الإنسان إذا أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، وذلك أن المؤمن يؤمن بما أعد الله للمؤمنين في الجنة من الثواب الجزيل والعطاء العميم الواسع فيحب ذلك وترخص عليه الدنيا ولا يهتم بها؛ لأنه سوف ينتقل إلى خير منها، فحينئذ يحب لقاء الله، ولاسيما عند الموت إذا بُشِّر بالرضوان والرحمة فإنه يحب لقاء الله -عز وجل-، ويشتاق إليه، فيحب الله لقاءه، أما الكافر والعياذ بالله فإنه إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه، ولهذا جاء في حديث المحتضر أن نفس الكافر إذا بشرت بالغضب والسخط تفرقت في جسده وأبت أن تخرج، ولهذا تنزع روح الكافر من جسده نزعًا؛ ويُكرَه على أن تخرج روحه؛ وذلك لأنه يبشر والعياذ بالله بالشر، ولهذا قال الله -تعالى-: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم).

Esin Hadith Mutaradifaat


 

 

Hadith Applications Arabic

 
حب لقاء الله أو كراهية لقائه هي التي تكون عند النزع وخروج الروح في حالة لا تقبل التوبة حيث يبشر كل إنسان بما هو صائر إليه.
كل إنسان يرى مقامه في حالة الاحتضار والنزع.
حب لقاء الله أو كراهية لقائه لا تعني تمني الموت أو كراهيته.
الحث على القيام بالطاعات والدأب عليها والإخلاص فيها، استعدادًا للقاء الله -تعالى-.

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   رواه مسلم، ورواه البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- في ضمنه حديث عن عبادة بن الصامت-رضي الله عنه-.
رواه عن أبي موسى -رضي الله عنه- مختصرا.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8266

 
 
Hadith   1459   الحديث
الأهمية: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم نفارقه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بغلة له بيضاء

عن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حُنَيْنٍ، فلَزِمْتُ أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم نفارقه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بَغْلَةٍ له بيضاء، فلما التقى المسلمون والمشركون وَلَّى المسلمون مدبرين، فطَفِقَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الكفار، وأنا آخِذٌ بلِجامِ بَغْلَةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَكُفُّها إِرَادَةَ أن لا تُسرع، وأبو سفيان آخِذٌ برِكاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أي عباس، نادِ أصحاب السَّمُرَةِ». قال العباس - وكان رجلا صَيِّتًا - فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السَّمُرَةِ، فوالله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتي عَطْفَةَ البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك، فاقتتلوا هم والكفار، والدعوةُ في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قُصِرَتِ الدعوة على بني الحارث بن الخَزْرَجِ، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال: «هذا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ»، ثم أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حَصَيَاتٍ فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: «انْهَزَمُوا ورَبَّ مُحَمَّدٍ»، فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحَصياته، فما زِلْت أرى حَدَّهُم كَلِيلًا وأمرَهم مُدبرًا.

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
عن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزوة حنين، فلما التقى المسلمون والكفار ووقع القتال الشديد فيما بينهم ولى بعض المسلمين من المشركين مدبرين، فشرع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-    يحرك بغلته برجله جهة الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمنعها لئلا تسرع إلى جانب العدو، وأبو سفيان ماسك بركاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا عباس، ناد أصحاب السمرة وهي الشجرة التي بايعوا تحتها يوم الحديبية، في السنة السادسة، -وكان العباس رجلا قوي الصوت- فناديت بأعلى صوتي: يا أصحاب السمرة؟ -أي: لا تنسوا بيعتكم الواقعة تحت الشجرة وما يترتب عليها من الثمرة- فقال: والله حينما سمعوا صوتي أنادي عليهم أتوا مسرعين كما تُسرع قطيع البقر إذا غابت عنها أولادها، فقالوا بأجمعهم أو واحد بعد واحد: يا لبيك يا لبيك، فاقتتل المسلمون والكفار، والنداء في حق الأنصار: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار.
ثم اقتصرت    الدعوة وانحصرت على بني الحارث بن الخزرج فنودي: يا بني الحارث، وهم قبيلة كبيرة، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على بغلته، وكأن عنقه اشرأبت مرتفعة إلى قتال هؤلاء الكافرين، فقال: هذا الزمان زمان اشتداد الحرب، ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال -صلى الله عليه وسلم- تفاؤلًا أو إخبارًا: انهزَموا ورب محمد. فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى بأسهم ضعيفًا، وحالهم ذليلًا.

 

Hadith Lexico Arabic

 
يوم حنين : حنين واد بين الطائف ومكة المكرمة، وفيه وقعت غزوة حنين في شوال 8 هـ.
يركض بغلته : يضربها برجله الشريفة لتسرع.
قِبَل : جهة.
أَكُفُّها : أمنعها.
أصحاب السمرة : أصحاب بيعة الرضوان وكانت عند شجر من شجر السمر.
رجل صيت : قوي الصوت عاليه.
عطفتهم : إقبالهم ورجوعهم.
عطفة البقر : تشبيه سرعة رجوعهم واجتماعهم على النبي بإقبال البقر على أولادها.
يا معشر : المعشر الجماعة من الرجال.
والدعوة في الأنصار : الاستعانة والمناداة لهم.
المتطاول : الذي يتمدد قائمًا لينظر إلى الحرب، أو يمد عنقه ليراه أو يطلع إليه.
الوطيس : التنور، ومعناه: اشتدت الحرب.
حدهم : بأسهم.
كليلًا : ضعيفًا.

 

Hadith Applications Arabic

 
الدلالة على شجاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإقدامه في الحروب.
بيان سرعة رجوع المسلمين إلى الحق عند تذكيرهم به.
المسلمون لم ينهزموا بعيدا؛ لأن رجوعهم كان سريعا.
معجزة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ ليس في القوة البشرية إيصال حصيات إلى أعينهم جميعًا ولا يسع كفه الشريف حصى بعددهم.
القوة الحقيقية ليست في العدد والعُدد، وإنما في الإيمان بالله -تعالى- وشدة التوكل عليه.
بيان فضل ومكانة الأنصار -رضي الله عنهم-.

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8267

 
 
Hadith   1460   الحديث
الأهمية: سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالفُرَاتُ والنِّيل كلٌّ من أنهار الجنة».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
سيحان وجيحان، والفرات والنيل أربعة أنهار في الدنيا وصفها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها من أنهار الجنة؛ فقال بعض أهل العلم: إنها من أنهار الجنة حقيقة لكنها لما نزلت إلى الدنيا غلب عليها طابع أنهار الدنيا وصارت من أنهار الدنيا.

 

Hadith Lexico Arabic

 
سيحان وجيحان : نهران ببلاد الأرمن وهما عظيمان جدًا.
الفرات. : نهر يفصل بين الشام والجزيرة.
النيل. : نهر مصر.

 

Hadith Applications Arabic

 
يؤخذ هذا الحديث على ظاهره، وعلى حقيقته، والله أعلم بأسراره في خلقه.
الجنة مخلوقة موجودة.
هذه الأنهار مباركة ميمونة   --  صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8268

 
 
Hadith   1461   الحديث
الأهمية: أحاديث في فضل مجالس الذكر

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ لِلَّه تعالى ملائكة يَطُوفُون في الطُّرُق يلْتَمِسُون أهل الذِّكْر، فإذا    وَجَدُوا قوماً يذكرون الله عز وجل تَنَادَوا: هَلُمُّوا إلى حاجَتِكُم، فَيَحُفُّونَهُم بِأَجْنِحَتِهِم إلى السَّماء الدُّنيا، فيَسألُهُم رَبُّهُم -وهو أعلم-: ما يقول عِبَادي؟ قال: يقولون: يُسَبِّحُونَك، ويُكَبِّرُونك، وَيَحْمَدُونَك، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقول: هل رَأَوني؟ فيقولون: لا والله ما رَأَوك. فيقول: كيف لو رَأَوني؟! قال: يقولون: لو رأَوك كَانُوا أشَدَّ لك عبادة، وأشَدَّ لك تمْجِيداً، وأكْثر لك تسبيحاً. فيقول: فماذا يسألون؟ قال: يقولون: يَسْألُونك الجنَّة. قال: يقول: وهل رَأَوهَا؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأَوْهَا. قال: يقول: فَكَيف لو رَأَوْهَا؟ قال: يقولون: لو أنَّهُم رَأَوهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيها حِرصاً، وأشَدَّ لهَا طلباً، وأَعْظَم فِيهَا رغبةً. قال: فَمِمَّ يَتَعَوَذُون؟ قال: يقولون: يَتَعَوذُون من النَّار؛ قال: فيقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها. فيقول: كيف لو رأوها؟! قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشدَّ مِنها فِراراً، وأشدَّ لها مَخَافَة. قال: فيقول: فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قال: يقول ملَك مِن الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة، قال: هُمُ الجُلَسَاء لا يَشْقَى بهم جَلِيسُهُم».
وفي رواية: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن لله ملائكة سَيَّارة فُضُلاً يَتَتَبَّعُون مجالِسَ الذكر، فإذا وجدوا مَجْلِساً فيه ذِكْرٌ، قَعَدُوا معهم، وحَفَّ بعضُهم بعضاً بأجنحتهم حتى يمْلَؤُوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تَفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، فيسألهم الله -عز وجل- وهو أعلم -: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض: يسبحونك، ويكبرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك. قال: وماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك. قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا، أي رب. قال: فكيف لو رأوا جنتي؟! قالوا: ويستجِيرُونَك. قال: ومم يَسْتجيروني؟ قالوا: من نارك يا ربّ. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟! قالوا: ويستغفرونك؟ فيقول: قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا. قال: فيقولون: رب فيهم فلان عبد خَطَّاء إنما مرَّ، فجلس معهم. فيقول: وله غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسُهُم».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يقصُّ هذا الحديث مظهرا من مظاهر تعظيم مجالس الذكر، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن لله ملائكة يطوفون في الطُرُق يلتمسون أهل الذكر" أي أن الله كلَّف طائفة مخصوصة من الملائكة غير الحفظة للسياحة في الأرض، يدورون في طرق المسلمين ومساجدهم، ودورهم، يطلبون مجالس الذكر، يزورونها ويشهدونها ويستمعون إلى أهلها. قال الحافظ: والأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح ونحوها.
فإذا "وجدوا قوماً يذكرون الله عز وجل " وفي رواية مسلم " فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر تنادوا " أي نادى بعضهم بعضاً " أن هلموا إلى حاجتكم " وفي رواية إلى بغيتكم، أي تعالوا إلى ما تبحثون عنه من مجالس الذكر، والوصول إلى أهلها، لتزوروهم، وتستمعوا إلى ذكرهم.
قال عليه الصلاة والسلام في وصف الملائكة، وهم في مجالس الذكر: " فيحفونهم" أي يحيطون بهم إحاطة السوار بالمعصم.
"فيحفونهم بأجنحتهم " أي يطوفون حولهم بأجنحتهم " إلى السماء " أي حتى يصلوا إلى السماء.
ثم يقص عليه الصلاة والسلام المحاورة التي جرت بين رب العزة والجلال، وبين ملائكته الكرام:
فيقول الله جل في علاه: "فيسألهم ربُّهم وهو أعلم بهم" أي وهو أكثر علماً بأحوالهم، تنويهاً بشأنهم في الملأ الأعلى؛ ليباهى بهم الملائكة: "ما يقول عبادي؟ فتجيب الملائكة: يسبحونك، ويكبرونك، ويحمدونك ويمجدونك "، أي فتقول الملائكة: إن هؤلاء الذاكرين يقولون: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر، فالتمجيد هو قول لا إله إلاّ الله؛ لما فيه من تعظيم الله تعالى، بتوحيد الألوهية.
فيقول الله جل في علاه: "هَلْ رَأوْنِي؟ قَالَ: فَيَقُولُون: لا وَاللهِ مَا رَأوْكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: فكَيْفَ لَوْ رَأوْنِي؟ "
فتجيب الملائكة الكرام: " لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد تمجيداً وأكثر لك تسبيحاً " لأنّ الاجتهاد في العبادة على قدر المعرفة.
ثم يقول الله تبارك وتعالى: " قال: فما يسألونني؟ " أي فماذا يطلبون مني.
فتقول الملائكة:" قالوا: يسألونك الجنة " أي يذكرونك، ويعبدونك طمعاً في جنتك.
فتجيب الملائكة: "لو رأوها كانوا أشد عليها حرصاً " أي لكانوا أكثر سعياً إليها؛ لأنه ليس الخير كالمعاينة.
فيقول الله جل جلاله" قال: فمِمَّ يتعوذون " أي فأي شيء يخافون منه، ويسألون ربهم أن يجيرهم منه.
فتجيب الملائكة: " من النار " أي يذكرون ويعبدون ربهم خوفاً ًمن النار، ويسألونه عز وجل أن يجيرهم منها.
فيقول الله جل جلاله: " فَكَيْفَ لَوْ رَأوْهَا؟"
فتجيب الملائكة:" لو رأوها كانوا أشد منها فراراً " أي لكانوا أكثر اجتهاداً في الأعمال الصالحة التي هي سبب في النجاة من النار.
فيقول الله جل جلاله: " قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم " أي قد غفرت لهم ذنوبهم.
فيقول ملك من الملائكة: "فيهم فلان ليس منهم، إنَّما جاء لحاجة " أي إنه يوجد من بين هؤلاء الذاكرين" فلان": وهو ليس منهم، ولكنه جاء لحاجة يقضيها فجلس معهم، فهل يغفر له؟ فيقول الله جل في علاه ما معناه: هم الجلساء لا يشقى جليسهم ولا يخيَّب.

 

Hadith Lexico Arabic

 
ملائكة سيارة : سياحون في الأرض.
تنادوا : نادى بعضهم بعضاً.
هلموا : تعالوا.
فيحفونهم : يقتربون حول الذاكرين ويطوفون بهم ويدورون حولهم حتى يملؤوا ما بين السماء الدنيا والأرض.
يمجدونك : يعظمونك.

 

Hadith Applications Arabic

 
فضل مجالس الذكر والذاكرين وفضل الاجتماع على ذلك.
جليس الذاكرين الصالحين يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله تعالى به عليهم إكراماً لهم ولو لم يشاركهم في أصل الذكر.
محبة الملائكة بني آدم واعتناؤهم بهم.
السؤال قد يصدر من السائل وهو أعلم بالمسؤول عنه من المسؤول؛ لإظهار العناية بالمسؤول عنه، والتنويه بقدره.
الذكر يتناول الصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، وتلاوة الحديث، ودراسة العلم الشرعي.
بيان كذب من ادعى من الزنادقة أنه يرى الله تعالى جهرة في دار الدنيا.
جواز القسم في الأمر المحقق تأكيداً له وتنويهاً به.
اشتملت الجنة من أنواع الخيرات والنار من أنواع المكروهات ما لا يخطر على قلب بشر   --  صحيح   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8272

 
 
Hadith   1462   الحديث
الأهمية: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت

عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قامَ إلى الصلاة، قال: «وَجَّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي، ونُسُكي، ومَحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرتُ وأنا من المسلمين، اللهمَّ أنت المَلِك لا إله إلَّا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئَها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبَّيْك وسَعْدَيْك، والخيرُ كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركتَ وتعاليتَ، أستغفرك وأتوب إليك»، وإذا ركع، قال: «اللهمَّ لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سمعي، وبصري، ومُخِّي، وعظمي، وعَصَبي»، وإذا رفع، قال: «اللهم ربنا لك الحمد مِلءَ السماوات، ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما بينهما، ومِلءَ ما شئتَ من شيء بعد»، وإذا سجد، قال: «اللهم لك سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، سجد وجهي للذي خلقه، وصوَّره، وشقَّ سمعَه وبصرَه، تبارك الله أحسنُ الخالقين»، ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهُّد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعلم به مني، أنت المُقَدِّم وأنت المؤَخِّر، لا إله إلا أنت».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: «وَجَّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض» أي: توجَّهت بالعبادة، بمعنى: أخلصتُ عبادتي لله الذي خلق السماوات والأرض من غير مثال سبق، وأعرضتُ عما سواه، فإنَّ من أوجد مثل هذه المخلوقات التي هي على غاية من الإبداع والإتقان حقيق بأن تتوجَّه الوجوه إليه، وأن تعتمد القلوب في سائر أحوالها عليه، ولا تلتفت لغيره، ولا ترجو إلا دوام رضاه وخيره، «حنيفًا وما أنا من المشركين» أي: مائلًا عن كل دين باطل إلى الدين الحق دين الإسلام ثابتا عليه، وهو عند العرب غلب على من كان على ملة إبراهيم عليه السلام.
ثم قال: «إنَّ صلاتي، ونُسُكي، ومَحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرتُ وأنا من المسلمين» أي: صلاتي وعبادتي وتقرُّبي كل ذلك خالص لوجه الله, لا أشرك فيه غيره، وكذلك حياتي وموتي لله هو خالقهما ومقدِّرهما، لا تصرُّف لغيره فيهما، لا شريك له سبحانه في ذاته وصفاته وأفعاله، وقد أمرني ربي بهذا التوحيد والإخلاص، وأنا من المسلمين المنقادين والمطيعين له سبحانه.
ثم قال: «اللهمَّ أنت المَلِك لا إله إلَّا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» أي: يا الله، أنت الملك فلا مَلِك غيرك، ولا مُلْك في الحقيقة لغيرك، وأنت المنفرد بالألوهية فلا معبود بحق إلا أنت، وأنت ربي وأنا عبدك، وقد ظلمتُ نفسي بالغفلة عن ذكرك وبعمل المعاصي والذنوب، وقد اعترفتُ بذنوبي، فاغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت؛ فإنك أنت الغفار الغفور.
ثم قال: «واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئَها لا يصرف عني سيئها إلا أنت» أي: دلَّني ووفِّقني وثبِّتني وأوصلني لأحسن الأخلاق في عبادتك وغيرها من الأخلاق الحسنة الطيبة الظاهرة والباطنة، فإنك أنت الهادي إليها، لا هادي غيرك، وأبعدني واحفظني من سيئ الأخلاق، فإنه لا يبعدني ويحفظني منها إلا أنت.
ثم قال: «لبَّيْك وسَعْدَيْك» أي: أدوم على طاعتك دوامًا بعد دوام، وأسعد بإقامتي على طاعتك وإجابتي لدعوتك سعادة بعد سعادة.
ثم قال: «والخيرُ كله في يديك» أي: والخير كله في تصرفك، أنت المالك له المتصرِّف فيه كيف تشاء. «والشر ليس إليك» أي: إنما يقع الشر في مفعولاتك ومخلوقاتك لا في فعلك سبحانه، فالشر لا يُضاف إليه سبحانه بوجه، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أسمائه، فإن ذاته لها الكمال المطلق من جميع الوجوه، وصفاته كلها صفات كمال، ويُحمد عليها ويُثنى عليه بها، وأفعاله كلها خير ورحمة وعدل وحكمة، لا شر فيها بوجه ما، وأسماؤه كلها حسنى، فكيف يُضاف الشر إليه؟ بل الشر في مفعولاته ومخلوقاته وهو منفصل عنه؛ إذ فعله غير مفعوله، ففعله خير كله، وأما المخلوق المفعول ففيه الخير والشر، وإذا كان الشر مخلوقًا منفصلًا غير قائم بالرب سبحانه فهو لا يُضاف إليه، وليس في هذا حجة للمعتزلة الذين يزعمون أن الله لم يخلق الشر، فالله خالق الخير والشر وخالق كل شيء سبحانه.
«أنا بك وإليك» أي: أعوذ وأعتمد وألوذ وأقوم بك، وأتوجَّه وألتجئ وأرجع إليك، أو بك وحَّدت وإليك انتهى أمري، فأنت المبدأ والمنتهى، وقيل: أستعين بك وأتوجه إليك.
«تباركتَ وتعاليتَ» أي: تعظَّمت وتمجَّدت وتكاثر خيرك، وتعاليت عما توهمته الأوهام وتصورته العقول، وتنزَّهت عن كل نقص وعيب.
«أستغفرك وأتوب إليك» أي: أطلب المغفرة لما مضى، وأرجع عن فعل الذنب فيما بقي، متوجِّهًا إليك بالتوفيق والثبات إلى الممات.
وإذا ركع، قال: «اللهمَّ لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سمعي، وبصري، ومُخِّي، وعظمي، وعَصَبي» أي ركوعي لك وحدك مخلصًا لك، وقد آمنت بك، وانقدتُ لك، وجوارحي كلها -مِن سمع وبصر ومخ وعظم وعصب- ذليلة منقادة لأمرك.
   وإذا رفع رأسه من الركوع قال: «اللهم ربنا لك الحمد مِلءَ السماوات، ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما بينهما، ومِلءَ ما شئتَ من شيء بعد» أي: أحمدك حمدًا لو كان أجسامًا لملأ السماوات والأرض، وملأ ما يشاء من خلقك بعد السماوات والأرض.
وإذا سجد، قال: «اللهم لك سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، سجد وجهي للذي خلقه، وصوَّره، وشقَّ سمعَه وبصرَه، تبارك الله أحسنُ الخالقين» أي: سجودي لك وحدك مخلصًا لك، وقد آمنت بك، وانقدتُ لك، وجوارحي كلها التي خلقتها وصوَّرتها ذليلة منقادة لأمرك، تبارك الله أحسنُ الخالقين.
ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهُّد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعلم به مني، أنت المُقَدِّم وأنت المؤَخِّر، لا إله إلا أنت» أي: اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ من الذنوب وما أخَّرتُ منها، كأنه قال: اغفر لي القديم والحديث «وما أسررتُ وما أعلنتُ» أي: اغفر لي ما أخفيت وما أظهرت، أو ما حدَّثتُ به نفسي وما تحرَّك به لساني «وما أسرفت»    أي: اغفر لي ما جاوزت فيه الحد من الذنوب والمعاصي «وما أنت أعلم به مني» أي: واغفر لي ذنوبي التي لا أعلمها «أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر» معناه: تقدِّم من شئت بطاعتك وغيرها وتؤخِّر من شئت عن ذلك، كما تقتضيه حكمتك، وتعز من تشاء وتذل من تشاء «لا إله إلا أنت» أي: لا معبود بحق إلا أنت.

 

Hadith Lexico Arabic

 
وجَّهتُ وجهي : توجَّهت بالعبادة.
فَطَر : خلق وأوجد على غير مثال سابق.
حنيفًا : مائلًا عن كل دين باطل إلى الدين الحق ثابتًا عليه.
نُسُكي : ديني، وقيل: عبادتي، أو تقربي، أو حجي.
مَحياي : حياتي.
مماتي : موتي.
اصرف عني : أبعدني وامنعني واحفظني.
لبَّيك : أدوم على طاعتك دوامًا بعد دوام.
سَعْدَيك : أسعد بإقامتي على طاعتك، وإجابتي لدعوتك، سعادة بعد سعادة.
تباركت : تعظَّمت وتمجَّدت، أو جئت بالبركة، أو تكاثر خيرك.
خشع : خضع وتواضع.
المُقدِّم : قدَّم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين.
المُؤخِّر : أخر من شاء عن مراتب السابقين.

 

Hadith Applications Arabic

 
الملك، والمقدم، والمؤخر من الأسماء الحسنى.
استحباب دعاء الافتتاح بما في هذا الحديث إلا أن يكون إمامًا لقوم لا يؤثرون التطويل.
استحباب الذِّكر في الركوع والسجود والاعتدال والدعاء قبل السلام.
إخلاص العبادة كلها لله وحده.
الشر لا يضاف إليه سبحانه بأي وجه لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في أسمائه، بل الشر في مفعولاته ومخلوقاته وهي منفصلة عنه.
استعمال الأدب في الثناء على الله تعالى، وأن يضاف إليه محاسن الأشياء دون مساويها.
الله خالق الخير والشر وخالق كل شيء   --  صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8280

 
 
Hadith   1463   الحديث
الأهمية: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ

عن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- قال: قمتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً، فقام فقرأ سورةَ البقرة، لا يَمُرُّ بآية رحمةٍ إلا وقفَ فسأل، ولا يَمُرُّ بآية عذابٍ إلَّا وقف فتعوَّذ، قال: ثم ركع بقَدْر قيامِه، يقول في ركوعه: «سُبحانَ ذي الجَبَروتِ والملَكوتِ والكِبرياءِ والعَظَمةِ»، ثم سجد بقَدْر قيامه، ثم قال في سجوده مثلَ ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورةً سورةً.

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يخبر عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً قيام الليل، فقام صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة البقرة، فكان لا يمر بآية يُذكر فيها الرحمة والجنة إلا سأل الله رحمته وجنته، ولا يمر بآية يُذكر فيها العذاب إلا استعاذ بالله من عذابه، ثم ركع طويلًا بقدر قيامه، وقال في ركوعه: «سُبحانَ ذي الجَبَروتِ والملَكوتِ والكِبرياءِ والعَظَمةِ» أي: أُنَزِّه اللهَ صاحب القهر والغلبة، وصاحب الملك ظاهرًا وباطنًا، وصاحب الكبرياء، وصاحب العظمة، ثم سجد بقَدْر قيامه، ثم قال في سجوده مثلَ ما قال في ركوعه، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورةً سورةً.

 

Hadith Lexico Arabic

 
تعوَّذ : اعتصم بالله.
سبحان : أنزِّه الله.
ذي : صاحب.
الجَبَروت : القهر والغلبة.
الملَكوت : الملك ظاهرًا وباطنًا.
الكبرياء : العظمة.

 

Hadith Applications Arabic

 
استحباب قيام الليل.
استحباب التطويل في قيام الليل.
فيه جواز تسمية السورة بالبقرة وآل عمران والعنكبوت والروم ونحو ذلك بلا كراهة.
فيه استحباب السؤال والتعوُّذ عند المرور بآيات الرحمة والعذاب لكل قارئ في الصلاة وغيرها.
إثبات صفة الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة لله تعالى.
من الأسماء الحسنى ذو الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة   --  صحيح   →   رواه أبو داود والنسائي وأحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8281

 
 
Hadith   1464   الحديث
الأهمية: وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي

عن أبي أمامة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «وَعَدَني ربِّي أنْ يُدْخِلَ الجنةَ من أُمَّتي سبعين ألفًا بغير حسابٍ ولا عذابٍ، مع كلِّ ألفٍ سبعون ألفًا، وثلاثُ حَثَيَاتٍ مِن حَثَيَاتِ ربِّي».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -تعالى- وعده أنه سيُدخِل الجنةَ سبعين الفًا من هذه الأمة من غير حساب ولا عذاب، وسيُدخِل مع كل ألف سبعين ألفًا آخرين، وسيقبض الله بيده الكريمة ثلاث قبضات ويدخلهم الجنة.

 

Hadith Lexico Arabic

 
حثيات : جمع حثية وحثوة، وهي تستعمل فيما يعطيه الإنسان بكفيه دفعة واحدة من غير وزن وتقدير.

 

Hadith Applications Arabic

 
إثبات الشفاعة.
سيدخل الجنة من هذه الأمة سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفًا.
إثبات الحثو لله -تعالى- وهي صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله -عَزَّ وجَلَّ- بالسنة الصحيحة، وهي دليل واضح على إثبات اليد والكف لله -تعالى-، من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل   --  صحيح.   →   رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8282

 
 
Hadith   1465   الحديث
الأهمية: إن الرحم شجنة آخذة بحجزة الرحمن، يصل من وصلها، ويقطع من قطعها

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: «إنَّ الرَّحِمَ شِجْنَةٌ آخذةٌ بحُجْزَةِ الرَّحمنِ، يَصِلُ مَن وَصَلَها، ويقطعُ مَن قَطَعَها».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
الرَّحِم لها تعلُّق بالله -عز وجل-، فقد اشتُقَّ اسمها من اسم الرحمن، وهذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على أنه يُمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه، والحُجزة على ذلك من الصفات التي يجب الإيمان بها من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، فنؤمن بأن الرحم وهي القرابة تعتصم بها، وأن الله عز وجل يصل من وصلها، ومن قطع رحمه ولم يصل قرابته، قطعه الله، ومن قطعه الله فهو المقطوع مع عدو الله الشيطان الطريد الرجيم، ولو أراد الخلق كلهم صلته ونفعه، لم يفده ذلك.

 

Hadith Lexico Arabic

 
الرَّحِم : القرابة.
شِجْنة : قرابة مشتبكة كاشتباك العروق.
حُجْزة : أصل الحجزة: موضع شد الإزار، ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة.

 

Hadith Applications Arabic

 
الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به تعلق.
الإيمان بأن الحُجزة    والحقو صفتان ذاتيان خبريَّتان ثابتتان بالسنة الصحيحة، نؤمن بها من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
جعل الله -تعالى- للرَّحِم حقًّا عظيمًا، وأن وصلها من أكبر أفعال البر، وأن قطعها من أكبر المعاصي   --  صحيح.   →   رواه أحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8283

 
 
Hadith   1466   الحديث
الأهمية: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «خَلَقَ اللهُ الخلقَ، فلمَّا فرغَ منه، قامت الرَّحِمُ فأخذت بحَقْو الرَّحمن، فقال له: مَه، قالت: هذا مقامُ العائذِ بك من القَطِيعة، قال: ألَا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصلكِ، وأقطعُ مَن قطعكِ، قالت: بلى يا ربِّ، قال: فذاك». قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتُم إنْ تولَّيتُم أن تُفْسِدوا في الأرض وتُقَطِّعوا أرحامَكم}، وفي رواية للبخاري: فقال الله: (من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته).

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
قوله: «خَلَقَ اللهُ الخلقَ، فلمَّا فرغَ منه» أي: انتهى من خلق المخلوقات، وهو يدل على أن ذلك وقع في وقت محدد، وإن كان الله تعالى لا حدَّ لقدرته، ولا يشغله شأن عن شأن، ولكن اقتضت حكمته أن يجعل لفعله ذلك وقتًا معينًا، وهذا من الأدلة على أن أفعاله تتعلق بمشيئته، فمتى أراد أن يفعل شيئا فعله.
وليس معنى قوله: «لما فرغ» أنه تعالى انتهى من خلق كل شيء، بل مخلوقاته تعالى لا تزال توجد شيئا بعد شيء، ولكن سبق علمه بها، وتقديره لها وكتابته إياها، ثم هي تقع بمشيئته، فلا يكون إلا ما سبق به علمه، وتقديره وكتابته، وشاءه فوجد.
قوله: «قامت الرَّحِمُ فأخذت بحَقْو الرَّحمن، فقال له: مَه» هذه الأفعال المسنَدة إلى الرحم، من القيام والقول، ظاهر الحديث أنها على ظاهرها حقيقة، وإن كانت الرحم معنى يقوم بالناس، ولكن قدرة الله تعالى لا تُقاس بما يعرفه عقل الإنسان، وهذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على أنها تُمَرُّ كما جاء، وردُّوا على من نفى موجبه. وليس ظاهر هذا الحديث أن لله إزاراً ورداءً من جنس الملابس التي يلبسها الناس، مما يصنع من الجلود والكتان والقطن وغيره، قال تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
قوله: «قالت: هذا مقامُ العائذِ بك من القَطِيعة» هذا أعظم مقام، والعائذ به استعاذ بأعظم معاذ، وهو دليل على تعظيم صلة الرحم، وعظم قطيعتها، والقطيعة: عدم الوصل، والوصل: هو الإحسان إلى ذوي القرابة، والتودُّد لهم والقرب منهم، ومساعدتهم، ودفع ما يؤذيهم، والحرص على جلب ما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
قوله: «قال: ألَا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصلكِ، وأقطعَ مَن قطعكِ، قالت: بلى يا ربِّ، قال: فذاك» فمن وصل قرابته وصله الله، ومن وصله الله، وصل إلى كل خير وسعادة في الدنيا والآخرة، ولا بد أن تكون نهايته مجاورة ربه في الفردوس؛ لأن الوصل لا ينتهي إلا إلى هناك فينظر إلى وجه ربه الكريم. ومن قطع قرابته قطعه الله، ومن قطعه الله فهو المقطوع مع عدو الله الشيطان الطريد الرجيم.

 

Hadith Lexico Arabic

 
الرَّحِم : القرابة.
الحَقْو : الأصل في الحقو معقد الإزار، ثم سُمِّي به الإزار للمجاورة.
مَهْ : كلمة ردع وزجر أو استفهام.
العائذ : المعتصم بالشيء المستجير به.

 

Hadith Applications Arabic

 
أفعال الله تعالى تتعلق بمشيئته، فمتى أراد أن يفعل شيئا فعله.
هذه الأفعال المسنَدة إلى الرحم، من القيام، والقول، ظاهر الحديث أنها على ظاهرها حقيقة.
إثبات الحقو لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
إثبات الكلام لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
الإخبار بعظيم ما جعل الله تعالى للرحم من الحق، وأن وصلها من أكبر أفعال البر، وأن قطعها من أكبر المعاصي.
مخاطبة الله تعالى للرحم خطاب كريم يجب أن يؤمَن به على ظاهره.
كلام الله تعالى غير محصور في كتبه المنزَّلة على رسله، وكلامه تعالى غير مخلوقاته   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8284

 
 
Hadith   1467   الحديث
الأهمية: اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك خاصمت، وبك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأسررت وأعلنت، وما أنت أعلم به مني، لا إله إلا أنت

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذا تَهَجَّد من الليل قال: «اللهم ربَّنا لك الحمدُ، أنت قَيِّمُ السموات والأرض، ولك الحمدُ أنت ربُّ السموات والأرض ومَن فيهنَّ، ولك الحمدُ أنت نورُ السموات والأرض ومن فيهنَّ، أنت الحقُّ، وقولُك الحقُّ، ووعدُك الحقُّ، ولقاؤك الحقُّ، والجنةُ حقٌّ، والنارُ حقٌّ، والساعةُ حقٌّ، اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكَّلتُ، وإليك خاصمتُ، وبك حاكمتُ، فاغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وأسررتُ وأعلنتُ، وما أنت أعلم به مني، لا إلهَ إلا أنت».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا قام لصلاة الليل قال بعد أن يكبِّر تكبيرة الإحرام: «اللهم ربَّنا لك الحمدُ» أي: جميع الحمد واجب ومستحق لله تعالى، فهو المحمود على صفاته، وأسمائه، وعلى نعمه، وأياديه، وعلى خلقه وأفعاله، وعلى أمره وحُكمه، وهو المحمود أولًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
ثم قال: «أنت قَيِّمُ السموات والأرض» أي: أنت الذي أقمتهما من العدم، والقائم عليهما بما يصلحهما ويقيمهما، فأنت الخالق الرازق، المالك المدبر، المحيي المميت.
ثم قال: «ولك الحمدُ أنت رب السموات والأرض ومن فيهنَّ» أي: أنت مالكهما ومن فيهما، والمتصرف بهما بمشيئتك، وأنت موجِدهما من العدم، فالملك لك، وليس لأحد معك اشتراك أو تدبير، تباركت وتعاليت.
ثم قال: «ولك الحمدُ أنت نورُ السماوات والأرض ومن فيهنَّ» فمن صفاته سبحانه أنه نور، واحتجب عن خلقه بالنور، وهو سبحانه منوِّر السماوات والأرض، وهادي أهل السماوات والأرض، ولا ينبغي نفي صفة النور عن الله تعالى أو تأويلها.
ثم قال: «أنت الحقُّ» فالحق اسم من أسمائه وصفة من صفاته، فهو الحق في ذاته وصفاته، فهو واجب الوجود كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به.
   ثم قال: «وقولُك الحقُّ» ما قلتَه فهو صدق وحق وعدل، لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، لا في خبره، ولا في حُكمه وتشريعه، ولا في وعده ووعيده.
ثم قال: «ووعدُك الحقُّ» يعنى: لا تخلف الميعاد، فما وعدت به فلا بد من وقوعه، على ما وعدت، فلا خُلف فيه ولا تبديل.
ثم قال: «ولقاؤك حقُّ» أي: لا بد للعباد من ملاقاتك، فتجازيهم على أعمالهم، واللقاء يتضمن رؤية الله سبحانه.
ثم قال: «والجنةُ حقٌّ، والنارُ حقٌّ» أي: ثابتتان، موجودتان، كما أخبرتَ بذلك أنهما معدتان لأهلهما، فهما دار البقاء، وإليهما مصير العباد.
ثم قال: «والساعةُ حقٌّ» أي: مجيء يوم القيامة حق لا مرية فيه، فهو ثابت لا بد منه، وهي نهاية الدنيا، ومبدأ الآخرة.
وقوله: «اللهم لك أسلمتُ» معناه: انقدت لحكمك وسلمت ورضيت. وقوله: «وبك آمنت» يعنى: صدَّقت بك وبما أنزلت، وعملت بمقتضى ذلك.
«وعليك توكلت» أي: اعتمدت عليك، ووكَّلت أموري إليك، «وإليك خاصمت» أي: بما آتيتنى من البراهين احتججت على المعاند وغلبته «وبك حاكمت» أي: كل من أبى قبول الحق، أو جحده، حاكمته إليك وجعلتك الحكم بيني وبينه مجانبًا بذلك حكم كل طاغوت، من قانون وضعي، أو كاهن أو غيره، مما يتحاكم إليه البشر، من الأوضاع الباطلة شرعاً.
وقوله: «فاغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وأسررتُ وأعلنتُ، وما أنت أعلم به مني» أي: اغفر لي ما عملتُ من الذنوب، وما سأعمله، وما ظهر منها لأحد من خلقك، وما خفي عنهم، ولم يعلمه غيرك.
ثم ختم دعاءه بقوله: «لا إلهَ إلا أنت» فلا أتوجَّه إلى سواك؛ إذ كل مألوه غيرك باطل ودعوته ضلال ووبال، وهذا هو التوحيد الذي جاءت به رسل الله، وفرضه تعالى على عباده.

 

Hadith Lexico Arabic

 
تهجَّد : صلَّى بالليل.
قيِّم : القائم بمصالحها.
الساعة : القيامة.
توكَّلت : اعتمدت.
خاصمت : غلبت المعاند بالحجة.
أسررت : أخفيت.

 

Hadith Applications Arabic

 
النور صفة من صفات الله تعالى يجب إثباتها من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
القيوم من أسمائه سبحانه، والقيومية وصف من أوصافه الذاتية.
الحق اسم من أسمائه تعالى وصفة ومن صفاته.
لقاء الله حق، وهو يتضمن رؤيته سبحانه.
الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8285

 
 
Hadith   1468   الحديث
الأهمية: سبق الكتاب أجله، اخطبها إلى نفسها

عن الزُّبير بن العوام -رضي الله عنه- أنَّه كانت عنده أمُّ كُلثوم بنتُ عقبة، فقالت له وهي حاملٌ: طَيِّب نفسي بتطليقة، فطلَّقها تطليقةً، ثم خرجَ إلى الصلاة، فرجع وقد وضعت، فقال: ما لها؟ خَدَعتني، خَدَعها اللهُ، ثم أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «سَبَقَ الكتابُ أَجَلَه، اخطِبها إلى نفسِها».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كان الزبير بن العوام متزوِّجًا بأم كلثوم بنت عقبة فقالت له وهي حامل: «طيِّب نفسي بتطليقة» أي: أدخل علي السرور بتطليقة واحدة، والظاهر أنها كانت لا تحبه وتريد أن تخرج من تحته خروجًا لا يتمكَّن من مراجعتها، فطلبت منه أن يطلقها طلقة واحدة لما أحسَّت بقرب ولادتها، وعلمت أن عدة الحامل أن تضع حملها، فطلَّقها تطليقةً، ثم خرجَ إلى الصلاة، فرجع وقد ولدت، فقال: «ما لها؟ خَدَعتني، خَدَعها اللهُ» والخداع من صفات الله تعالى الفعلية الخبرية، ولكنه لا يوصف بها على سبيل الإطلاق، إنما يوصف بها على سبيل المقابلة، فيقال يخدع الله من يخدعه، مثل خداعه للمنافقين، وخداعه لمن يمكر بالمؤمنين وما شابه ذلك، ولا يجوز تأويلها بقولهم إن الزبير أراد بقوله هذا: جزاها الله تعالى بخداعها. بل يجب إثبات هذه الصفة كغيرها من صفات الله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
   ثم أتى الزبير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما حدث بينه وبين زوجته، فقال صلى الله عليه وسلم: «سَبَقَ الكتابُ أَجَلَه»، أي: مضت العدة المكتوبة قبل ما يتوقع من تمامها، ووقع الطلاق، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اخطِبها إلى نفسِها» أي: كن واحدًا من الخُطاب لا حقَّ لك في نفسها؛ لخروجها عن العدة.

 

Hadith Lexico Arabic

 
طيِّب : أدخل علي السرور.
سبق الكتاب أجله : مضت العدة المكتوبة قبل ما يتوقع من تمامها.
وضعت : ولدت.

 

Hadith Applications Arabic

 
يجب إثبات صفة الخداع كغيرها من صفات الله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، والخداع في مقابلة من يخادع صفة كمال لا نقص.
الخداع من صفات الله تعالى الفعلية الخبرية، ولكنه لا يوصف بها على سبيل الإطلاق، إنما يوصف بها    على سبيل المقابلة حين تكون مدحًا.
عدة الحامل أن تضع حملها   --  صحيح.   →   رواه ابن ماجه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8286

 
 
Hadith   1469   الحديث
الأهمية: يوضع الصراط بين ظهري جهنم، عليه حسك كحسك السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلم، ومجدوح به، ثم ناج ومحتبس به فمنكوس فيها

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعاً: «يُوضَعُ الصِّراط بين ظَهْرَي جهنم، عليه حَسَكٌ كحَسَك السَّعْدان، ثم يستجيز الناس، فناجٍ مُسَلَّم، ومَجْدوح به ثم ناجٍ، ومحتبَس به فمنكوسٌ فيها، فإذا فرغ اللهُ عز وجل من القضاءِ بين العباد، يفقد المؤمنون رجالًا كانوا معهم في الدنيا يُصلُّون بصلاتهم، ويُزَكُّون بزكاتهم، ويصومون صيامهم، ويحجُّون حجَّهم ويغزون غزوَهم فيقولون: أي ربنا عبادٌ من عبادك كانوا معنا في الدنيا يُصلُّون صلاتنا، ويُزَكُّون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجُّون حجَّنا، ويغزون غزوَنا لا نراهم، فيقول: اذهبوا إلى النار فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه، قال: فيجدونهم قد أخذتهم النارُ على قَدْر أعمالهم، فمنهم مَن أخذته إلى قدميه، ومنهم مَن أخذته إلى نصف ساقيه، ومنهم مَن أخذته إلى رُكبتيه، ومنهم من أخذته إلى ثَدْيَيْه، ومنهم من أزرته، ومنهم من أخذته إلى عنقه، ولم تَغْشَ الوجوهَ، فيستخرجونهم منها فيُطرحون في ماء الحياة»، قيل: يا رسول الله وما الحياة؟ قال: «غسل أهل الجنة فينبتون نباتَ الزرعة» وقال مرة: «فيه كما تنبت الزرعة في غُثاء السَّيل، ثم يشفع الأنبياء في كلِّ من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلِصًا فيخرجونهم منها» قال: «ثم يتحنَّنُ اللهُ برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبدًا في قلبه مثقالُ حبَّة من إيمان إلا أخرجه منها».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
إذا كان يوم القيامة وضع الله عز وجل الصراط على وسط جهنم، وعلى الصراط شوك صلب، ثم يؤمر الناس بالمرور عليه، فمنهم من ينجو ويسلم ولا تناله النار، ومنهم من يُخدش ثم يسلم ويُخلَّص، ومنهم من يسقط في جهنم.
فإذا فرغ اللهُ عز وجل من محاسبة عباده وأُدخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النار النارَ، لا يجد المؤمنون من أهل الجنة ناساً كانوا معهم في الدنيا يصلون ويزكون ويصومون ويحجون ويجاهدون معهم، فيقولون لله عز وجل: إننا لا نرى هؤلاء الناس معنا في الجنة مع أنهم كانوا يصلون ويزكون ويصومون ويحجون ويجاهدون معنا في الدنيا. فيقول الله لهم : اذهبوا إلى النار فإذا وجدتم فيها أحدًا منهم فأخرجوه منها.
فيجدونهم قد أصابتم النارُ على قَدْر أعمالهم، فمنهم مَن أصابته إلى قدميه، ومنهم مَن أصابته إلى نصف ساقيه، ومنهم مَن أصابته إلى رُكبتيه، ومنهم من أصابته إلى وسطه ومنهم من أصابته إلى ثَدْيَيْه، ومنهم من أصابته إلى رقبته، ولكنَّ النار لم تصل إلى وجوههم، فيشفعون فيهم، فيخرجون من النار ويُلقون في ماء الحياة، وهو ماء يُحيى من انغمس فيه، فينبتون كما ينبت الزرع في مجرى السَّيل.
ثم يشفع الأنبياء في كلِّ من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلِصًا من قلبه فيخرجونهم من النار، ثم يعطف اللهُ برحمته على من في النار، فما يترك فيها أحدًا في قلبه مقدار حبَّة من إيمان إلا أخرجه منها.

 

Hadith Lexico Arabic

 
ظَهْرَيْ جهنم : وسطها.
حَسَك : شوكة صلبة.
السَّعْدان : نبت ذو شوكة.
مُسَلَّم : محفوظ.
مجدوح به : الذي قُشِر جلده به.
منكوس : مقلوب بأن صار رأسه أسفل.
أزرته : بلغت إلى موضع إزاره، وهو وسط الإنسان.
تغش : تغطِّى.
يُطْرَحون : يُلقَون.
ماء الحياة : هو الماء الذي يُحيى من انغمس فيه.
غثاء السيل : كل ما حمله السيل من عيدان وورق وبزور وغيرها، والمراد به هنا ما حمله من البزور خاصة.
يتحنن : يعطف ويرحم.
مثقال : مقدار.

 

Hadith Applications Arabic

 
إثبات صفة الكلام لله -تعالى- على ما يليق بجلاله وعظمته.
إثبات الصراط.
إثبات الشفاعة للأنبياء ولصالحي المؤمنين.
تعذيب عصاة المسلمين في النار.
أهل التوحيد لا يخلدون في النار   --  صحيح   →   رواه ابن ماجه مختصرًا وأحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8287

 
 
Hadith   1470   الحديث
الأهمية: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة

عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً: «ما مِن يومٍ أكثر مِن أنْ يُعْتِقَ اللهُ فيه عبدًا مِن النارِ، مِن يومِ عرفة، وإنَّه ليدنو، ثم يُباهي بهم الملائكةَ، فيقول: ما أراد هؤلاء؟».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
ليس يوم من الأيام أكثر من يوم عرفة في أن يُخَلِّص وينجِّي الله من يشاء من النار، وإنه -سبحانه- يقرب من عباده الحجيج قُربًا حقيقيًّا، ويباهي بهم الملائكة، ويُظهر على الملائكة فضل الحُجَّاج وشرفهم، وأهل السنة والجماعة يعتقدون أن الله عز وجل قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته، وهو مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، وأنه يتقرب إليهم حقيقة، ويدنو منهم حقيقة.، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ أي: أي شيء أراد هؤلاء؟ حيث تركوا أهلهم وأوطانهم، وصرفوا أموالهم، وأتعبوا أبدانهم، أي: ما أرادوا إلا المغفرة، والرضا، والقرب، واللقاء، وما أرادوه فهو حاصل لهم، ودرجاتهم على قدر نياتهم.

 

Hadith Lexico Arabic

 
يعتق : يُخَلِّص ويُنَجِّي.
يدنو : يقرب.
يباهي : يُظهر فضل الحجاج وشرفهم على الملائكة.

 

Hadith Applications Arabic

 
هذا الحديث ظاهر الدلالة في فضل يوم عرفة.
أن الله -عز وجل- قريب من عباده حقيقة كما يليق بجلاله وعظمته، وهو مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، وأنه يتقرب إليهم حقيقة، ويدنو منهم حقيقة.
أن الله -تعالى- يباهي بالحجيج ملائكته، فيجب الإيمان بذلك.
إثبات صفة الكلام لله -تعالى- على ما يليق بجلاله وعظمته   --  صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8288

 
 
Hadith   1471   الحديث
الأهمية: الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الرَّاحمون يرحَمُهمُ الرحمنُ، ارحموا أهلَ الأرضِ، يرحمْكم مَن في السماءِ».

Esin Hadith Explanation Arabic


«الراحمون» الذين يرحمون من في الأرض من آدمي وحيوان محترم بشفقة وإحسان ومواساة «يرحمهم الرحمن» من الرحمة وهي مفهومة، ومن ذلك أن يحسن إليهم ويتفضل عليهم والجزاء من جنس العمل «ارحموا من في الأرض» أتى بصيغة العموم ليشمل جميع أصناف الخلق فيرحم البر والفاجر والوحوش والطير «يرحمكم من في السماء» أي: يرحمكم الله تعالى الذي في السماء، ولا يجوز تأويله بأن المراد من في السماء ملكه وغير ذلك؛ فإن علو الله على خلقه ثابت في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وليس المراد بقولنا: «الله في السماء» أن السماء تحويه وأنه داخل فيها، تعالى الله عن ذلك، بل «في» بمعنى «على» أي: فوق السماء عالٍ على جميع خلقه.

Esin Hadith Mutaradifaat


 

 

Hadith Applications Arabic

 
الرحمة مقيدة باتباع الكتاب والسنة فإقامة الحدود والانتقام لحرمة الله لا ينافي كل منهما الرحمة.
الله في السماء عالٍ على جميع خلقه.
إثبات صفة الرحمة لله -تعالى-.

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   رواه أبو داود والترمذي وأحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8289

 
 
Hadith   1472   الحديث
الأهمية: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- مرفوعاً: قال الناسُ: يا رسولَ الله، غَلَا السِّعْرُ فسَعِّرْ لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ هو المُسَعِّر القابضُ الباسطُ الرازقُ، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطالِبُني بمظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
ارتفعت أسعار السلع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، فطلب الناس منه أن يحدِّد لهم أسعار السلع، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ هو المُسَعِّر القابضُ الباسطُ الرازقُ» أي: إن الله تعالى هو الذي يُرَخِّص الأشياء ويغلِّيها، وهو الذي يضيق الرزق على من يشاء ويوسعه على من يشاء، أي: فمن حاول التسعير فقد عارض الله ونازعه فيما يريده، ويمنع العباد حقوقهم مما أولاهم الله تعالى في الغلاء والرخص.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطالِبُني بمظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ» وهذا إشارة إلى أن المانع له من التسعير مخافة أن يظلمهم في أموالهم؛ فإن تسعير السلع تصرف فيها بغير إذن أهلها فيكون ظلما، لكن إذا تواطأ الباعة مثلا من تجار ونحوهم على رفع أسعار ما لديهم أثرة منهم، فلولي الأمر تحديد سعر عادل للمبيعات مثلا؛ إقامة للعدل بين البائعين والمشترين، وبناء على القاعدة العامة، قاعدة جلب المصالح ودرء المفاسد، وإن لم يحصل تواطؤ منهم وإنما ارتفع السعر بسبب كثرة الطلب وقلة العرض، دون احتيال، فليس لولي الأمر أن يحد السعر، بل يترك الرعية يرزق الله بعضهم من بعض، وعلى هذا فلا يجوز للتجار أن يرفعوا السعر زيادة عن المعتاد ولا التسعير، وعليه يحمل هذا الحديث.

 

Hadith Lexico Arabic

 
غَلَا : ارتفع.
سعِّر : ضع السعر للسلعة.
المسعِّر : الذي يرخِّص الأشياء ويُغَلِّيها.
القابض : من معانيها أنه تعالى مضيق الرزق على من يشاء.
الباسط : من معانيها أنه تعالى موسِّع الرزق على عباده.
مظلمة : ظلم.

 

Hadith Applications Arabic

 
فيه دليل على أن التسعير مظلمة، وإذا كان مظلمة فهو محرم، إلا إذا رأى الإمام أن التسعير فيه مصلحة ودفع للظلم عن الناس فيجوز.
الباسط والرازق من أسماء الله -تعالى- ويوصف الله بالقبض والبسط   --  صحيح.   →   رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8290

 
 
Hadith   1473   الحديث
الأهمية: يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، فيبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعاً: «يكشِف ربُّنا عن ساقِه، فيسجدُ له كلُّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ، فيبقى كلُّ مَن كان يسجدُ في الدنيا رياءً وسُمْعةً، فيذهبُ ليسجدَ، فيعودَ ظهرُه طبقًا واحدًا».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يكشف الرب -سبحانه وتعالى- عن ساقه الكريمة، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، وأما المنافقون الذين كانوا يسجدون في الدنيا ليراهم الناس، فمُنعوا من السجود، وجُعلت ظهورهم فقارًا واحدًا، لا يستطيعون الانحناء ولا السجود؛ لأنهم ما كانوا في الحقيقة يسجدون لله في الدنيا، وإنما كانوا يسجدون لأغراضهم الدنيوية، ولا يجوز تأويل الساق بالشدة أو الكرب أو غيرها، بل يجب إثباتها صفة لله -تعالى- من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.

 

Hadith Lexico Arabic

 
رياء : أي: ليراه الناس.
سُمْعة : أي: ليسمعه الناس.
طبقًا : الطبق فقار الظهر والمعنى صار فقاره وَاحِدًا كالصحيفة فَلَا يقدر على السُّجُود.
يعود : يصير.

 

Hadith Applications Arabic

 
الساق صفة لله -تعالى- حيث عرفه المؤمنون بذلك فسجدوا له.
التحذير من الرياء   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8291

 
 
Hadith   1474   الحديث
الأهمية: إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر

عن يعلى بن أمية -رضي الله عنه- أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يغتسل ُبالبَراز بلا إزار، فصعِد المِنْبر، فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ حَيِيٌّ سَتِيرٌ، يحب الحياءَ والسَّتر؛ فإذا اغتسل أحدُكم فليستتر».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يغتسل في الفضاء الواسع عريانًا، فصعِد النبي صلى الله عليه وسلم المِنْبر، فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: «إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ حَيِيٌّ سَتِيرٌ، يحب الحياءَ والسَّتر؛ فإذا اغتسل أحدُكم فليستتر» أي: إن من أسماء الله تعالى الحيي الستير، فهو سبحانه يحب الحياء والستر، فلا ينبغي لمسلم أن يكشف عورته أمام الناس إذا اغتسل، بل يجب عليه أن يستتر، وحياؤه تعالى وصف يليق به، ليس كحياء المخلوقين، الذي هو تغير وانكسار يعتري الشخص عند خوف ما يعاب أو يُذم، بل هو ترك ما ليس يتناسب مع سعة رحمته وكمال جوده وكرمه وعظيم عفوه وحلمه.

 

Hadith Lexico Arabic

 
البراز : الفضاء الواسع.
إزار : ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن.

 

Hadith Applications Arabic

 
الحيي والستير من الأسماء الحسنى.
وجوب الاستتار عند الغسل   --  صحيح.   →   رواه أبو داود والنسائي.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8292

 
 
Hadith   1475   الحديث
الأهمية: إن الله قال: إذا تلقاني عبدي بشبر، تلقيته بذراع، وإذا تلقاني بذراع، تلقيته بباع، وإذا تلقاني بباع أتيته بأسرع

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إنَّ اللهَ قال: إذا تَلَقَّاني عبدي بشِبر، تَلَقَّيْتُه بذِراع، وإذا تَلَقَّاني بذراع، تَلَقَّيْتُه ببَاع، وإذا تَلَقَّاني بباع أتيتُه بأسرع».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
إذا تقرب العبد إلى الرب بمقدار شبر، تقرب الرب إليه بمقدار ذراع، وإذا تقرب العبد إلى الرب بأكثر من ذلك، تقرب الله إليه بأكثر مما تقرب به إليه، وإذا أتى العبد إلى ربه أتاه الله أسرع منه، والقرب والإتيان صفتان ثابتتان لله -عز وجل- نؤمن بهما من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تأويل.

 

Hadith Lexico Arabic

 
ذراع : جزء ممتد من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسط.
باع : مسافة ما بين اليدين إذا امتدت الذراعان يمينا وشمالا.

 

Hadith Applications Arabic

 
القرب والإتيان صفتان ثابتتان لله -عز وجل- نؤمن بهما من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تأويل   --  صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8293

 
 
Hadith   1476   الحديث
الأهمية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: «أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرَّجِيم»، قال: أَقَطُّ؟ قلت: نعم، قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حُفِظَ منِّي سائر اليوم.

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد قال: «أعوذ بالله العظيم» أي: أعتصم وألتجئ وأحتمي بالله العظيم الذات والشأن والصفات. «وبوجهه الكريم» ومعنى الكريم: الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه؛ وهو الكريم المطلق، والكريم الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل، ويجب إثبات الوجه صفة لله -تعالى- من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. «وسلطانه القديم» أي: حجته القديمة، وبرهانه القديم، أو قهره القديم. «من الشيطان الرجيم» أي: من الشيطان المطرود من باب الله والمرجوم بشُهُب السماء. «قال: أَقَطُّ؟ قلتُ: نعم» أي: يقول أحد الرواة لشيخه:    الذي ترويه هذا المقدار أو أكثر من ذلك؟ أو قد يكون معناه: أهذا يكفيه عن غيره من الأذكار؟ أو هذا يكفيه من شر الشيطان؟ فلهذا قال: قلت: نعم. «قال: فإذا قال ذلك قال الشيطانُ: حُفِظَ منِّي سائرَ اليوم» أي: فإذا قال الداخل للمسجد هذا الدعاء المذكور، قال الشيطان: لقد حفظ هذا الداخل نفسَه منى جميع اليوم.

 

Hadith Lexico Arabic

 
أعوذ : أعتصم وألتجئ.
سلطانه : غلبته وقدرته وقهره على ما أراد من خلقه.
الرجيم : المطرود من باب الله أو البعيد عن الخير.
أَقَطُّ : أحسب، والهمزة فيه للاستفهام، بمعنى: هل هذا هو الحديث فقط؟
سائر اليوم : بقيته أو جميعه.

 

Hadith Applications Arabic

 
العظيم والكريم من الأسماء الحسنى.
إثبات الوجه لله -عز وجل- من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
استحباب قول هذا الدعاء عند دخول المسجد   --  صحيح.   →   رواه أبو داود.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8294

 
 
Hadith   1477   الحديث
الأهمية: لقد جاءت خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها، فكان يخفى علي كلامها

عن عائشة -رضي الله عنها-، أنَّها قالت: «الحمد لله الذي وَسِعَ سمعه الأصوات، لقد جاءت خَوْلةُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجَها، فكان يخفى عليَّ كلامها، فأنزل الله عز وجلَّ: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تَحَاوُرَكُما} [المجادلة: 1]» الآية

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كانت خولة بنت ثعلبة متزوجة من أوس بن الصامت فقال لها: أنتِ عليَّ كظهر أمي. أي: أنتِ حرام عليَّ، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت له قصتها، فقال لها صلى الله عليه وسلم: «قد حرمت عليه»، فجعلت تقول بصوت منخفض يخفى على عائشة مع قربها منها: بعدما كبرت سني ظاهرَ مني؟ إلى الله أشكو حال صبية إن ضممتُهم إليَّ جاعوا، وإن تركتُهم عنده ضاعوا. فهذه مجادلتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكرها الله تعالى بقوله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ واللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما}.
فقالت عائشة: «الحمدُ للهِ الذي وَسِعَ سَمْعُه الأصواتَ» أي: استوعبها وأدركها فلا يفوته منها شيء وإن خفي «لقد جاءت خَوْلةُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تَشْكو زَوْجَها، فكان يخفى عليَّ كلامُها، فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: {قد سَمِعَ اللهُ قولَ التي تُجَادِلُك في زَوْجِها وتشتكي إلى اللهِ واللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُما} [المجادلة: 1]» الآية» أي: فحينما جاءت خولة تشكو زوجها لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تكلمه بصوت منخفض لا تسمعه عائشة مع قربها منها، ومع ذلك سمعه الله تعالى من فوق سبع سماوات، وأنزل الآية المذكورة، وهذا من أبلغ الأدلة على اتصاف الله تعالى بالسمع، وهو أمر معلوم بالضرورة من الدين، لا ينكره إلا من ضل عن الهدى.
وقول عائشة هذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم، آمنوا بالنصوص على ظاهرها الذي يتبادر إلى الفهم، وأن هذا هو الذي أراده الله منهم ومن غيرهم من المكلفين ورسوله؛ إذ لو كان هذا الذي آمنوا به واعتقدوه خطأ لم يُقَرُّوا عليه ولبُيِّن لهم الصواب، ولم يأت عن أحد منهم تأويل هذه النصوص عن ظواهرها، لا من طريق صحيح ولا ضعيف، مع توافر الدواعي على نقل ذلك.

 

Hadith Lexico Arabic

 
وسع : أدرك.
تجادلك : تناظرك وتناقشك.
تحاوركما : تحاوروا: تراجعوا الكلام بينهم.

 

Hadith Applications Arabic

 
اتصاف الله تعالى بالسمع الواسع المحيط لا كسمع المخلوق، وهو أمر معلوم بالضرورة من الدين، لا ينكره إلا من ضل عن الهدى.
أحاط سمعُ الله بكل الاصوات، لا يخفى عليه منها شيء.
إيمان الصحابة رضي الله عنهم بالنصوص على ظاهرها الذي يتبادر إلى الفهم   --  صحيح.   →   رواه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزم، ووصله النسائي وابن ماجه وأحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8295

 
 
Hadith   1478   الحديث
الأهمية: أتعجبون من غيرة سعد، فوالله لأنا أغير منه، والله أغير مني، من أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن، ولا شخص أغير من الله

عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- مرفوعاً: قال سعدُ بنُ عُبَادة -رضي الله عنه- : لو رأيتُ رجلًا مع امرأتي لَضربتُه بالسيف غير مُصْفِح عنه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أتعجبون من غَيْرة سعد، فوالله لأنا أغير منه، واللهُ أغير مني، من أجل غَيْرة الله حَرَّم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن، ولا شخص أغير من الله، ولا شخص أحبّ إليه العُذر من الله، من أجل ذلك بعث الله المرسلين، مُبشِّرين ومنذِرين، ولا شخص أحبّ إليه المِدحةَ من الله، من أجل ذلك وعد الله الجنة».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
قال سعدُ بنُ عُبَادة: لو رأيتُ رجلًا مع امرأتي لَضربتُه بحد السيف لا بعرضه، يعني: لقتلته بدون توقف، وقد أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأخبر أنه أغير من سعد، وأن الله أغير منه، وغيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته، مثل الغضب، والرضا، ونحو ذلك من خصائصه التي لا يشاركه الخلق فيها، ومعنى الشخص في اللغة: ما شخص، وارتفع، وظهر، والله تعالى أظهر من كل شيء، وأعظم، وأكبر، وليس في إطلاقه على الله تعالى محذور، على أصل أهل السنة الذين يتقيدون بما قاله الله ورسوله.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش، ما ظهر منها، وما بطن» أي: من أثر غيرة الله أنه منع عباده من قربان الفواحش، وهي: ما عظم وفحش في النفوس الزاكية والعقول السليمة مثل الزنا. والظاهر: يشمل ما فعل علناً، وما باشرته الجوارح وإن كان سراً، والباطن: يشمل ما في السر، وما انطوت عليه القلوب.
وقوله: «ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المرسلين مبشرين ومنذرين» المعنى: بعث المرسلين للإعذار والإنذار لخلقه، قبل أخذهم بالعقوبة، وهو كقوله تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}.
وقوله: «ولا أحد أحب إليه المِدحة من الله، ومن أجل ذلك وعد الله الجنة» هذا لكماله المطلق، فهو تعالى يحب من عباده أن يثنوا عليه ويمدحوه على فضله وجوده، ومن أجل ذلك جاد عليهم بكل نعمة يتمتعون بها، ويرضى عنهم إذا حمدوه عليها، ومهما أثنوا عليه ومدحوه لا يمكن أن يصلوا إلى ما يستحقه من المدح والثناء، ولهذا مدح نفسه، فوعد الجنة ليكثر سؤاله، والثناء عليه من عباده ومدحه، ويجتهدوا في ذلك غاية ما يستطيعون؛ لأن الجنة هي منتهى الإنعام.

 

Hadith Lexico Arabic

 
غير مُصْفِح : غير ضارب بعرضه بل بحدِّه.
الغَيرة : الغيرة أصلها المنع، والرجل غيور على أهله، أي: يمنعهم من الاتصال بأجنبي بنظر، أو حديث، أو غيره.
الفواحش : ما عَظُم وفَحُش في النفوس الزاكية والعقول السليمة مثل الزنا.
ما ظهر : ما فُعل علناً، وما باشرته الجوارح وإن كان سراً.
ما بطن : ما في السر، وما انطوت عليه القلوب.
شخص : ما شَخَصَ وارتفع وظهر.
العذر : العذر هنا بمعنى الإعذار أي: إزالة العذر.
مُبَشِّرين : يبشرون من أطاع الله بجزيل الثواب.
مُنْذِرين : يُنذرون من عصى الله فكفر به بشدة العقاب وسوء الحساب والخلود في النار.
المِدحة : المدح.
جَنَّةٌ : الدار التي أعد الله لمن أطاعه، فيها من النعيم ما لا يخطر على بال.

 

Hadith Applications Arabic

 
الغيرة على المحارم محمودة.
غيرة الله تعالى من جنس صفاته التي يختص بها، فهي ليست مماثلة لغيرة المخلوق، بل هي صفة تليق بعظمته.
ليس في إطلاق الشخص على الله تعالى محذور، على أصل أهل السنة الذين يتقيدون بما قاله الله ورسوله.
الله تعالى يحب من عباده أن يثنوا عليه ويمدحوه على فضله وجوده   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8296

 
 
Hadith   1479   الحديث
الأهمية: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركعة الآخِرة، يقول: «اللهمَّ أَنْجِ عَيَّاش بن أبي ربيعة، اللهمَّ أَنْجِ سَلَمَة بنَ هشام، اللهم أَنْجِ الوليد بن الوليد، اللهم أَنْجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَك على مُضَر، اللهمَّ اجعلها سنين كسِنِي يوسف». وأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «غِفَارُ غفر الله لها، وأَسْلَمُ سالمها الله» قال ابن أبي الزناد عن أبيه: هذا كلُّه في الصبح.

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا رفعَ رأسَه من الركعة الآخيرة من صلاة الصبح، يقول: «اللهمَّ أَنْجِ عَيَّاش بنَ أبي رَبِيعة، اللهمَّ أَنْجِ سَلَمَة بنَ هشام، اللهم أَنْجِ الوليد بن الوليد، اللهم أَنْجِ المستضعفين من المؤمنين» وهؤلاء صحابة دعا لهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالإنجاء والخلاص من العذاب، وقد كانوا أسرى في أيدي الكفار بمكة، وعياش بن أبي ربيعة هو أخو أبي جهل لأمة حبسه أبو جهل بمكة، وسلمة بن هشام هو أخو أبي جهل قديم الإسلام عُذِّب في سبيل الله ومنعوه أن يهاجر، والوليد بن الوليد هو أخو خالد بن الوليد وحُبِس بمكة ثم أفلت منهم.
ثم يقول صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَك على مُضَر، اللهمَّ اجعلها سنين كسِنِي يوسُفَ» أي: اللهم اشدد عذابك وعقوبتك على كفار قريش وهم من قبيلة مضر، واجعل عذابك عليهم بأن تسلِّط عليهم قحطًا عظيمًا سبع سنين أو أكثر، كالقحط الذي حدث أيام يوسف عليه السلام.
هذا وقد تكون الوطأة –وهي الدوس بالقدم- صفة من صفات الله بمقتضى هذا الحديث، ولكننا لم نجد أحدًا من السلف الصالح أو علماء المسلمين عدها من صفات الله عز وجل، فيحمل الوطء على الشدة والعذاب، ونسبته إلى الله تعالى لأنه فعله وتقديره، والله أعلم.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «غِفَارُ غَفَر اللهُ لها» يحتمل أن يكون دعاء لها بالمغفرة، أو إخبارا بأن الله تعالى قد غفر لها، وكذلك قوله: «وأَسْلَمُ سالمها اللهُ» يحتمل أن يكون دعاء لها أن يسالمها الله تعالى، ولا يأمر بحربها، أو يكون إخبارا بأن الله قد سالمها ومنع من حربها، وإنما خُصَّت هاتان القبيلتان بالدعاء لأن غفارا أسلموا قديما، وأسلم سالموا النبي صلى الله عليه وسلم.
«قال ابن أبي الزناد عن أبيه: هذا كلُّه في الصبح» يعني: أنه روى عن أبيه هذا الحديث بهذا الإسناد، فبين أن الدعاء المذكور كان في صلاة الصبح.

 

Hadith Lexico Arabic

 
أنج : خلِّص.
المستضعفين : الذين يتضعفهم الناس، ويتجبرون عليهم في الدنيا للفقر، ورثاثة الحال.
اشدد وطأتك : من الوطء، وهو في الأصل: الدوس بالقدم، ومعناه ههنا: خذهم أخذا شديدا.
مُضَر : إشارة إلى قريش لأنهم من أولاد مضر.
سنين : جمع سَنة    وهو القحط والجدب.
سِنِي يوسُفَ : السبع الشداد التي أصابهم فيها القحط.
غِفَار : قبيلة من كنانة.
أَسْلَم : قبيلة من خزاعة.

 

Hadith Applications Arabic

 
جواز الدعاء على الكفار بالجوع والجهد وغيره.
الدعاء على الظالم بالهلاك.
الدعاء لأسرى المؤمنين بالنجاة من أيدي العدو.
جواز الدعاء في صلاة الفريضة بما ليس في القرآن.
الدعاء للمؤمنين بالمغفرة.
الدعاء بما يشتق من الاسم.
جواز إضافة الوطأة إلى الله تعالى على ما جاء في النص   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8297

 
 
Hadith   1480   الحديث
الأهمية: انشق القمر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلقتين، فستر الجبل فلقة، وكانت فلقة فوق الجبل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم اشهد

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعاً: انشقَّ القمر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِلْقَتين، فستر الجبل فِلْقَة، وكانت فِلْقَة فوق الجبل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهمَّ اشهَدْ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
انشق القمر في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطعتين متفارقتين كل قطعة في مكان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اللهم اشهد» أي: اللهم اشهد عليهم أنني قد أريتهم الدليلَ على صدق نبوتي.

 

Hadith Lexico Arabic

 
عهد : زمان.
فلقة : قطعة من الشيء المنشق.
اللَّهُمَّ : يا الله.

 

Hadith Applications Arabic

 
انشقاق القمر من الآيات التي تدل على صدق النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه أمر خارج عن الأمور الأرضية   --  صحيح   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8298

 
 
Hadith   1481   الحديث
الأهمية: ليس أحد، أو: ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم ليدعون له ولدا، وإنه ليعافيهم ويرزقهم

عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعاً: «ليس أحد، أو: ليس شيء أصبر على أذًى سمعَه مِن الله، إنَّهم لَيَدْعُون له ولدًا، وإنَّه ليُعافِيهم ويرزُقُهم».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
قوله: «ليس أحدٌ، أو: ليس شيءٌ أصبرَ» أي: الله تعالى أشد صبرًا من أي أحد، ومن أسمائه الحسنى «الصبور»، ومعناه: الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة، وهو قريب من معنى الحليم، والحليم أبلغ في السلامة من العقوبة.
قوله: «على أذى سمعه من الله» لفظ الأذى في اللغة هو لما خف أمره، وضعف أثره من الشر والمكروه، وقد أخبر سبحانه أن العباد لا يضرونه، كما قال تعالى: {وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللهَ شَيْئاً}، وقال في الحديث القدسي: (يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) فبين أن الخلق لا يضرونه، لكن يؤذونه.
قوله: «إنَّهم لَيَدْعُون له ولدًا» أي: أن ابن آدم يؤذي الله تعالى ويسبه، بإضافة ما يتعالى ويتقدس عنه، مثل نسبة الولد إليه تعالى والند والشريك في العبادة، التي يجب أن تكون خالصة له وحده.
وقوله: «وإنَّه ليُعافِيهم ويرزُقُهم» أي: أنه تعالى يقابل إساءتهم بالإحسان، فهم يسيئون إليه تعالى بالعيب والسب، ودعوى ما يتعالى عنه ويتقدس، وتكذيب رسله ومخالفة أمره، وفعل ما نهاهم عن فعله، وهو يحسن إليهم بصحة أبدانهم، وشفائهم من أسقامهم، وحفظهم بالليل والنهار مما يعرض لهم، ويرزقهم بتسخير ما في السماوات والأرض لهم، وهذا غاية الصبر والحلم والإحسان، والله أعلم.

 

Hadith Lexico Arabic

 
أذى : لفظ الأذى في اللغة هو لما خف أمره، وضعف أثره من الشر والمكروه.
يدعون : ينسبون.

 

Hadith Applications Arabic

 
إثبات صفة الصبر لله، وصبره تعالى لا يماثل صبر المخلوق.
العباد لا يضرون الله ولكن يؤذونه.
إثبات السمع لله عز وجل   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8299

 
 
Hadith   1482   الحديث
الأهمية: صدق الله، وكذب بطن أخيك، اسقه عسلا

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أخي يَشْتكي بطنَه، فقال: «اسْقِه عَسَلًا» ثم أتى الثانيةَ، فقال: «اسْقِه عَسَلًا» ثم أتاه الثالثةَ فقال: «اسْقِه عَسَلًا» ثم أتاه فقال: قد فعلتُ؟ فقال: «صدق اللهُ، وكذب بطنُ أخيك، اسْقِه عَسَلًا» فسقاه فبرأ.

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بأن أخاه يتألم من مرض في بطنه، وهذا المرض هو الإسهال، كما اتضح من روايات أخرى للحديث، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي أخاه عسلا، فسقاه فلم يُشف، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمره أن يسقيه عسلا مرة أخرى، فسقاه فلم يُشف، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمره أن يسقيه عسلا مرة ثالثة، فسقاه فلم يُشف، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال صلى الله عليه وسلم: «صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلا» وهذا فيه احتمالان: أحدهما: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن غيب أطلعه الله عليه، وأعلمه بالوحي أن شفاء ذلك من العسل، فكرر عليه الأمر بسقي العسل ليظهر ما وعد به. والثاني: أن تكون الإشارة إلى قوله تعالى: {فيه شفاء للناس} ويكون قد علم أن ذلك النوع من المرض يشفيه العسل.
فلما أمره في المرة الرابعة أن يسقيه عسلا، ذهب الرجل فسقى أخاه عسلا فشُفي بإذن الله تعالى.
ولا يلزم حصول الشفاء به لكل مرض في كل زمن وبأي نوع من أنواع العسل، لكن (لكل داء دواء إذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله) كما قال -صلى الله عليه وسلم-، رواه مسلم (4/ 1729، ح2204).

 

Hadith Lexico Arabic

 
يشتكي بطنه : تألّم ممّا به من مرض.
برأ : شُفِي.

 

Hadith Applications Arabic

 
فيه أن ما جعل الله فيه شفاء من الأدوية قد يتأخر تأثيره حتى يتم أمره وتنقضى مدته المكتوبة فى اللوح المحفوظ.
الصدق صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة، قال تعالى: (ومن أصدق من الله حديثا).
العسل فيه شفاء للناس، ولا يلزم حصول الشفاء به لكل مرض في كل زمن وبأي نوع من أنواع العسل، لكن (لكل داء دواء إذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله)كما قال -صلى الله عليه وسلم-، رواه مسلم (4/ 1729، ح2204).

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8300

 
 
Hadith   1483   الحديث
الأهمية: يا رسولَ الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال: هل تُضَارُّون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صَحْوًا؟

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قلنا يا رسولَ الله، هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ قال: «هل تُضَارُّون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صَحْوًا؟»، قلنا: لا، قال: «فإنكم لا تُضَارُّون في رؤية ربِّكم يومئذ، إلا كما تُضَارُّون في رؤيتهما» ثم قال: «ينادي منادٍ: ليذهب كلُّ قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحابُ الصليب مع صليبهم، وأصحابُ الأوثان مع أوثانهم، وأصحابُ كلِّ آلهةٍ مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد اللهَ، مِن بَرٍّ أو فاجر، وغُبَّرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرضُ كأنها سَرابٌ، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عُزَير ابنَ الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقيَنا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيحَ ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة، ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقيَنا، فيقال: اشربوا فيتساقطون في جهنم، حتى يبقى من كان يعبد الله من بَرٍّ أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم، ونحن أحوجُ منا إليه اليوم، وإنَّا سمعنا مناديًا ينادي: ليَلْحقْ كلُّ قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربَّنا، قال: فيأتيهم الجَبَّار في صورة غير صورتِه التي رأوه فيها أولَ مرة، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربُّنا، فلا يُكَلِّمُه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آيةٌ تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيَكشِفُ عن ساقه، فيسجد له كلُّ مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رِياءً وسُمْعَة، فيذهب كيما يسجد، فيعود ظهرُه طَبَقًا واحدًا، ثم يؤتى بالجسر فيُجْعَل بين ظَهْرَي جهنم»، قلنا: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: «مَدْحَضةٌ مَزَلَّةٌ، عليه خطاطيفُ وكَلاليبُ، وحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لها شوكةٌ عُقَيْفاء تكون بنَجْد، يقال لها: السَّعْدان، المؤمن عليها كالطَّرْف وكالبَرْق وكالرِّيح، وكأَجاويد الخيل والرِّكاب، فناجٍ مُسَلَّمٌ، وناجٍ مَخْدوشٌ، ومَكْدُوسٌ في نار جهنم، حتى يمرَّ آخرُهم يسحب سحبًا، فما أنتم بأشد لي مُناشدةً في الحق قد تبيَّن لكم من المؤمن يومئذ للجَبَّار، وإذا رأَوْا أنهم قد نَجَوْا، في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله -تعالى-: اذهبوا، فمن وجدتُم في قلبه مِثْقالُ دِينار من إيمان فأخرجوه، ويُحَرِّمُ اللهُ صُوَرَهم على النار، فيأتونهم وبعضُهم قد غاب في النار إلى قدمِه، وإلى أنصاف ساقَيْه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمَن وجدتُم في قلبه مِثْقال نصف دينار فأخرجوه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مِثْقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا» قال أبو سعيد: فإنْ لم تُصَدِّقوني فاقرءوا: {إنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} «فيشفعُ النبيُّون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجَبَّار: بَقِيَتْ شفاعتي، فيَقْبِض قَبْضَةً من النار، فيُخْرِجُ أقوامًا قدِ امْتَحَشُوا، فيُلْقَوْن في نهرٍ بأفواه الجنة، يقال له: ماء الحياة، فيَنْبُتون في حافَّتَيْه كما تَنْبُتُ الحِبَّة في حَمِيل السَّيْل، قد رأيتُموها إلى جانب الصَّخْرة، وإلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظِّلِّ كان أبيض، فيخرجون كأنَّهم اللؤلؤ، فيُجعل في رقابهم الخَوَاتيم، فيَدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عُتَقاءُ الرحمن، أدخلهم الجنةَ بغير عَمَلٍ عملوه، ولا خيرٍ قَدَّموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثلُه معه».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
سأل بعضُ الصحابة النبيَّ صلى الله عليه وسلم: هل نرى ربَّنا يوم القيامة؟ فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: نعم ترون ربكم يوم القيامة كما ترون الشمس في منتصف النهار والقمر ليلة البدر من غير ازدحام ولا منازعة، والتشبيه إنما وقع في الوضوح وزوال الشك والمشقة والاختلاف، فهو تشبية للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي. وهذه الرؤية غير الرؤية التي هي ثواب للأولياء وكرامة لهم في الجنة؛ إذ هذه للتمييز بين مَن عبد الله وبين من عبد غيره.
ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ينادي مناد يوم القيامة: من كان يعبد شيئا من دون الله فليتبعه، وفي رواية صحيحة: أن الله هو الذي ينادي سبحانه، فيُجمع من كان يعبد الأصنام من دون الله ويُقذفون في نار جهنم. فلا يبقى إلا من كان يعبد الله سواء كان مطيعًا أو عاصيًا وبعض بقايا قليلة من يهود ونصارى، وأما معظمهم وجُلُّهم فقد ذُهب بهم مع أوثانهم إلى جهنم، ويؤتى بجهنم تُعرض على الناس في ذلك الموقف كأنها سراب، فيجاء باليهود، فيقال لهم: مَن كنتم تعبدون؟ قالوا: كنَّا نعبدُ عُزَيرَ ابنَ الله. فيقال لهم: كذبتم في قولكم: عُزَيرُ ابنُ الله؛ فإن الله لم يتخذ زوجة ولا ولدًا، ثم يقال لهم: فماذا تريدون؟ فيقولون: نريد أن نشرب. وقد صار أول مطلبهم الماء؛ لأنه في ذلك الموقف يشتد الظمأ لتوالي الكربات، وترادف الشدائد المهولات، وقد مُثِّلت لهم جهنم كأنها ماء، فيقال لهم: اذهبوا إلى ما ترون وتظنونه ماء، فاشربوا. فيذهبون فيجدون جهنم يكسر بعضها بعضاً؛ لشدة اتقادها وتلاطم أمواج لهبها فيتساقطون فيها، ومثل ذلك يقال للنصارى بعدهم.
حتى إذا لم يَبْق إلا مَن كان يعبد اللهَ من مطيع وعاص، فيقال لهم ما يوقفكم هذا الموقف وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقنا الناس في الدنيا ونحن اليوم أحوج إلى مفارقتهم؛ وذلك لأنهم عصوا الله وخالفوا أمره، فعاديناهم لذلك، بغضاً لهم في الله، وإيثاراً لطاعة ربنا، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبده في الدنيا، فيأتيهم الله تعالى في صورة غير الصورة التي رأو فيها أول مرة،    وفي هذا بيان صريح أنهم قد رأوه في صورة عرفوه فيها، قبل أن يأتيهم هذه المرة، ولا يصح تأويل الصورة، بل يجب الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل. فإذا أتاهم الله تعالى قال لهم: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا، فرحًا بذلك واستبشارًا، وعند ذلك لا يكلمه سبحانه إلا الأنبياء، فيقول الله لهم: هل بينكم وبينه آيةٌ تعرفونه بها؟
   فيقولون: الساق. فيكشف سبحانه عن ساقه فيعرفه المؤمنون بذلك فيسجدون له، وأما المنافقون الذين يراءون الناس بعبادتهم، فمُنعوا من السجود، وجُعلت ظهورهم طبقاً واحداً، لا يستطيعون الانحناء، ولا السجود؛ لأنهم ما كانوا في الحقيقة يسجدون لله في الدنيا، وإنما كانوا يسجدون لأغراضهم الدنيوية.
ففي ذلك إثبات الساق صفة لله تعالى، ويكون هذا الحديث ونحوه تفسيراً لقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} وتفسير الساق في هذا الموضع بالشدة أو الكرب مرجوح، ويجب مع ذلك إثبات صفة الساق لله تعالى من السنة، ودلالة الآية على الصفة هو الراجح والأصح، وذلك من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
ثم يؤتى بالصراط، فيُجعل في وسط جهنم، وهذا الصراط لا تستمسك فيه الأقدام، ولا تثبت، وعلى هذا الصراط خطاطيف، وهو الحديدة المعقوفة المحددة؛ لأجل أن تمسك من أريد خطفه بها، فهي قريبة من الكلوب، وعلى الصراط أيضًا أشواك غليظة عريضة، يمر الناس على هذا الصراط على قدر إيمانهم وأعمالهم، فمن كان إيمانه كاملاً، وعمله صالحاً خالصاً لله، فإنه يمر من فوق جهنم كلمح البصر، ومن كان دون ذلك يكون مروره بحسب إيمانه وعمله، كما فُصِّل ذلك في الحديث، ومُثِّل بالبرق، والريح، إلى آخره. والمارون على الصراط أربعة أصناف:
الأول: الناجي المسلَّم من الأذى، وهؤلاء يتفاوتون في سرعة المرور عليه كما سبق.
والثاني: الناجي المخدوش، والخدش هو الجرح الخفيف، يعني: أنه أصابه من لفح جهنم، أو أصابته الكلاليب والخطاطيف التي على الصراط بخدوش.
والثالث: المكدوس في النار، الملقى فيها بقوة.
والرابع: الذي يُسحب على الصراط سحباً قد عجزت أعماله عن حمله.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم، من المؤمن يومئذ    للجبار» هذا من كرم الله، ورحمته، حيث أذن لعباده المؤمنين في مناشدته وطلب عفوه عن إخوانهم الذين أُلقوا في النار، بسبب جرائمهم التي كانوا يبارزون بها ربهم، ومع ذلك أَلْهم المؤمنين الذين نجوا من عذاب النار وهول الصراط، ألهمهم مناشدته، والشفاعة فيهم، وأذن لهم في ذلك؛ رحمة منه لهم تبارك وتعالى.
«يقولون: ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا» مفهوم هذا أن الذين لا يصلون مع المسلمين، ولا يصومون معهم، لا يشفعون فيهم، ولا يناشدون ربهم فيهم. وهو يدل على أن هؤلاء الذين وقعت مناشدة المؤمنين لربهم فيهم كانوا مؤمنين، موحدين؛ لقولهم: «إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا»، ولكن ارتكبوا بعض المآثم، التي أوجبت لهم دخول النار.
وفي هذا رد على طائفتين ضالتين: الخوارج، والمعتزلة، في قولهم: إن من دخل النار لا يخرج منها، وإن صاحب الكبيرة في النار.
فيقول الله تعالى لهم: اذهبوا، فمن وجدتُم في قلبه مقدار دِينار من إيمان فأخرجوه من النار، ويُحَرِّمُ اللهُ على النار أن تأكل وجوههم، فيأتونهم فيجدون بعضهم قد أخذته النار إلى قدمِه، وبعضهم إلى أنصاف ساقَيْه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا منهم، ثم يعودون، فيقول الله لهم: اذهبوا فمَن وجدتُم في قلبه مقدار نصف دينار من إيمان فأخرجوه من النار، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا منهم، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مقدار ذرة من إيمان فأخرجوه، فيُخْرِجون مَن عَرَفوا منهم،    وعند ذلك قال أبو سعيد الخدري: فإنْ لم تُصَدِّقوني فاقرءوا: {إنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} واستشهاد أبي سعيد بالآية ظاهر في أن العبد إذا كان معه مثقال ذرة من إيمان، فإن الله يضاعفه له، فينجيه بسببه.
ثم قال: «فيشفع النبيون، والملائكة، والمؤمنون» وهذا صريح في أن هؤلاء الأقسام الثلاثة يشفعون، ولكن يجب أن يُعلم أن شفاعة أي شافع، لا تقع إلا بعد أن يأذن الله فيها، كما تقدم في مناشدتهم ربهم وسؤالهم إياه، ثم يأذن لهم فيقول: اذهبوا فمن وجدتم، إلى آخره.
قوله: «فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار، فيخرج أقواماً قد امتحشوا» والمراد بشفاعته تعالى رحمته لهؤلاء المعذبين، فيخرجهم من النار. قوله: «فيقبض قبضة» فيه إثبات القبض لله تعالى، وكم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من نص يثبت اليد والقبضة، ولكن أهل التأويل الفاسد المحرِّفين يأبون قبول ذلك، والإيمان به، وسوف يعلمون أن الحق ما قاله الله وقاله رسوله، وأنهم قد ضلوا السبيل في هذا الباب.
فيقبض سبحانه قبضة من النار، فيخرج أقواماً قد احترقوا وصاروا فحما، قوله: «فيُلْقَوْن في نهرٍ بأفواه الجنة، يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه» أي: فيُطرحون في نهر بأطراف الجنة يُعرف بماء الحياة، أي الماء الذي يحيي من انغمس فيه، وعند ذلك تنبت لحومهم وأبصارهم وعظامهم التي احترقت في النار بجانب هذا النهر، قوله: «كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، وإلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان إلى الظل كان أبيض» يعني بذلك: سرعة خروج لحومهم؛ لأن النبت في حميل السيل - كما ذكر - يخرج بسرعة، ولهذا يكون من جانب الظل أبيض، ومن جانب الشمس أخضر، وذلك لضعفه ورقته، ولا يلزم أن يكون نبتهم كذلك - كما قاله بعضهم: بأن الذي من جانب الجنة يكون أبيض، والذي من جانب النار يكون أخضر - بل المراد تشبيههم بالنبت المذكور في سرعة خروجه، ورقته، ولذلك قال: «فيخرجون كأنهم اللؤلؤ» يعني: في صفاء بشرتهم، وحسنها.
قوله: «فيجعل في رقابهم الخواتيم» وهذه الخواتيم يكتب فيها: «عتقاء الرحمن من النار» كما ذكر في الرواية الأخرى.
قوله: «فيدخلون الجنة، فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الجنة، بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه» يعني: أنهم لم يعملوا صالحاً في الدنيا، وإنما معهم أصل الإيمان، الذي هو شهادة أن لا إله إلا الله والإيمان برسولهم.
قوله: فيقال لهم: «لكم ما رأيتم، ومثله معه» يظهر أنهم يدخلون أماكن من الجنة خالية، ولهذا قيل لهم ذلك.

 

Hadith Lexico Arabic

 
لا تُضَارُّون : أي لا تضرون أحدًا، ولا يضركم أحد بمنازعة ولا مجادلة ولا مضايقة ولا مزاحمة.
صحوًا : في وقت خُلُوِّ السماء من السحاب والغيم.
الأوثان : كل ما عُبِد من دون الله -تعالى-.
بر : هو الذي يأتي بالخير ويطيع ربه.
فاجر : هو المنهمك في المعاصي والمحارم.
غُبَّرات : بقايا.
أهل الكتاب : اليهود والنصارى الذين لهم كتاب مُنَزَّل.
سراب : هو الذي تراه نصف النهار في الأرض الخالية المستوية في الحر الشديد لامعًا مثل الماء يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا.
صاحبة : زوجة.
رياء : ليراه الناس.
سُمْعة : ليسمعه الناس.
طبقًا : الطَّبَق فِقَار الظهر.
ظَهْرَي : وسط.
مدحضة : لا يثبت فيه قدم.
مزلة : موضع زلل الأقدام.
كلاليب : آلة حديدية معوجة الرأس يعلق بها الشيء.
خطاطيف : هو الحديدة المعقوفة المحددة.
حَسَكة : شوكة صلبة.
مفلطحة : واسعة.
عُقَيْفاء : منعطفة معوجة.
السَّعْدان : نبت ذو شوكة.
الطرف : لمح البصر.
البرق : ضوء قوي يلمع في السماء.
أجاويد : جمع جواد، وهو الفرس السابق الجيد.
الركاب : الإبل.
مُسَلَّم : محفوظ.
مخدوش : مُمَزَّق أو مجروح.
مكدوس : مصروع.
مناشدة : مطالبة.
مثقال : مقدار.
ذَرَّة : الذرة ليس لها وزن، ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة.
امتَحَشُوا : احترقوا.
أفواه الجنة : مفتتح مسالك قصور الجنة.
ماء الحياة : هو الماء الذي يُحيى من انغمس فيه.
حافتيه : جانبيه.
الحِبَّة : الحبة -بكسر الحاء- بذور النبات.
حَميل السَّيل : هو ما يحمله السيل من طين ونحوه.
الخواتيم : أشياء من الذهب تُعَلَّق في أعناقهم كالخواتيم علامة يعرفون بها.

 

Hadith Applications Arabic

 
إثبات النداء لله تعالى، ومعلوم أن النداء هو رفع الصوت بالكلام، فهذا دليل قوي على إثبات تكلم الله تعالى حقيقة.
فيه إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين.
فيه دليل على أن الناس في ذلك اليوم يكونون على عقائدهم في الدنيا؛ لأن هؤلاء اليهود والنصارى لما سُئلوا عما كانوا يعبدون قالوا: عزيزاً ابن الله، والمسيح ابن الله. فهم لا يزالون يعتقدون أن عزيز ابن الله، وكذلك النصارى يظنون ذلك في المسيح.
إثبات الإتيان والمجيء    لله عز وجل وهما صفتان خبريتان - من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
إثبات الصورة لله تعالى وهي صفة ذاتية خبرية - من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
إثبات الساق لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
الجبار من الأسماء الحسنى.
هذا الحديث نصٌّ في أن الإيمان في القلوب يتفاضل.
فيه حجة لأهل السنة على المرجئة حيث عُلم منه دخول طائفة من عصاة المؤمنين النار؛ إذ مذهب المرجئة أنه لا يضر مع الإيمان معصية، فلا يدخل العاصي النار.
فيه حجة على المعتزلة حيث دل على عدم تخليد العاصي في النار.
إثبات شفاعة النبيين، والملائكة، والمؤمنين، ولكن يجب أن يُعلم أن شفاعة أي شافع، لا تقع إلا بعد أن يأذن الله فيها.
فيه إثبات القبض لله تعالى   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8301

 
 
Hadith   1484   الحديث
الأهمية: إن الله يصنع كل صانع وصنعته

عن حذيفة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إنَّ اللهَ يصنعُ كلَّ صانعٍ وصنعَتَه».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
إن الله خلق كل صانع وما يصنعه من الصناعات، وفي هذا دليل على أن أفعال العباد مخلوقة، فالله خلق العباد وخلق أعمالهم، قال ابن تيمية -رحمه الله-: (فما من مخلوق في الأرض ولا في السماء إلا الله خالقه سبحانه، لا خالق غيره ولا رب سواه، ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم عن معصيته، وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين ويرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا يحب الكافرين ولا يرضى عن القوم الفاسقين ولا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد، والعباد فاعلون حقيقة والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم كما قال تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم} {وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين}).

Esin Hadith Mutaradifaat


 

 

Hadith Applications Arabic

 
أفعال العباد مخلوقة.
إثبات صفة الصنع لله تعالى، وهو صنع كامل لا عيب فيه وبحكمة تامة ولا يشبه صنع المخلوقين   --  صحيح.   →   رواه البخاري في خلق أفعال العباد وابن أبي عاصم في السنة وابن منده في كتاب التوحيد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8302

 
 
Hadith   1485   الحديث
الأهمية: الله الطبيب، بل أنت رجل رفيق، طبيبها الذي خلقها

عن أبي رَمْثة -رضي الله عنه- أنَّه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أَرِني هذا الذي بظهرك، فإنِّي رجلٌ طبيبٌ، قال: «اللهُ الطبيبُ، بل أنت رجلٌ رَفِيقٌ، طبيبُها الذي خلقَها».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كان أبو رمثة طبيبًا، فرأى خاتم النبوة ظاهرًا ناتئًا بين كتفي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فظنه سلعة تولدت من الفضلات أو مرضًا جلديًّا، فطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعالجه، فرد المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كلامه بأن «الله الطبيب» أي: هو المداوي الحقيقي بالدواء الشافي من الداء «بل أنت رجل رفيق» ترفق بالمريض وتتلطف به، وذلك لأن الطبيب هو العالم بحقيقة الدواء والداء، والقادر على الصحة والشفاء، وليس ذلك إلا الله.

 

Hadith Lexico Arabic

 
رفيق : ترفق بالمريض.

 

Hadith Applications Arabic

 
خاتم النبوة كان ظاهرًا بين كتفي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
جواز إطلاق «الطبيب» عليه -تعالى-.

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   رواه أبو داود وأحمد.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8303

 
 
Hadith   1486   الحديث
الأهمية: قصة موسى -عليه السلام- مع الخضر

عن سعيد بن جُبير، قال: قلتُ لابن عباس: إنَّ نَوْفًا البَكالي يزعم أنَّ موسى ليس بموسى بني إسرائيل، إنما هو موسَى آخر؟ فقال: كذبَ عدوُّ الله، حدثنا أُبَي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: «قام موسى النبيُّ خطيبًا في بني إسرائيل، فسُئل أيُّ الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم، فعتب الله عليه، إذ لم يَرُدَّ العلم إليه، فأوحى الله إليه: أنَّ عبدًا من عبادي بمَجْمَع البحرين، هو أعلم منك. قال: يا رب، وكيف به؟ فقيل له: احمل حوتًا في مِكْتَل، فإذا فقدتَه فهو ثَمَّ، فانطلق وانطلق بفتاه يُوشِع بن نُون، وحملا حوتًا في مِكْتَل، حتى كانا عند الصخرة وضعا رءوسهما وناما، فانسلَّ الحوتُ من المِكْتَل فاتخذ سبيله في البحر سَرَبًا، وكان لموسى وفتاه عَجَبًا، فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما، فلما أصبح قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا، لقد لَقِينا من سفرنا هذا نَصَبًا، ولم يجد موسى مسًّا من النَّصَب حتى جاوز المكان الذي أُمِر به، فقال له فتاه: أرأيتَ إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيتُ الحوتَ، وما أنسانيهُ إلا الشيطانُ. قال موسى: ذلك ما كنا نَبْغي فارتدَّا على آثارِهما قصصًا. فلما انتهيا إلى الصخرة، إذا رجل مُسَجًّى بثوب، أو قال تَسَجَّى بثوبه، فسلَّم موسى، فقال الخَضِر: وأنَّى بأرضك السلام؟ فقال: أنا موسى، فقال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، قال: هل أتَّبِعُك على أن تُعَلِّمَني مما عُلِّمْتَ رُشْدًا قال: إنَّك لن تستطيع معيَ صبرا، يا موسى إني على علم من علم الله علَّمَنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علَّمَكَه لا أعلمه، قال: ستجدني إن شاء الله صابرا، ولا أعصي لك أمرا، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، ليس لهما سفينة، فمرَّت بهما سفينة، فكلَّموهم أن يحملوهما، فعرف الخَضِر فحملوهما بغير نَوْل، فجاء عصفور، فوقع على حرف السفينة، فنقر نقرة أو نقرتين في البحر، فقال الخضر: يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر، فعَمَد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة، فنزعه، فقال موسى: قوم حملونا بغير نَوْل عَمَدتَ إلى سفينتهم فخرقتها لتُغْرِق أهلها؟ قال: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا؟ قال: لا تؤاخذني بما نسيتُ ولا تُرْهِقْني من أمري عُسْرًا -فكانت الأولى من موسى نسياناً-، فانطلقا، فإذا غُلام يلعب مع الغِلمان، فأخذ الخَضِر برأسه من أعلاه فاقتلع رأسه بيده، فقال موسى: أقتلتَ نفسا زكِيَّة بغير نفس؟ قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا؟ -قال ابن عيينة: وهذا أوكد- فانطلقا، حتى إذا أتيا أهل قرية استَطْعما أهلَها، فأَبَوْا أن يُضَيِّفوهما، فوجدا فيها جدارًا يريد أن يَنْقَضَّ فأقامه، قال الخضر: بيده فأقامه، فقال له موسى: لو شئتَ لاتخذتَ عليه أجرا، قال: هذا فِراق بيني وبينك». قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يرحمُ اللهُ موسى، لوَدِدْنا لو صبر حتى يُقَصَّ علينا من أمرهما».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يقول سعيد بن جُبير إنه أخبر ابن عباس أن رجلًا يُسمى نَوْفًا البَكالي زعم أنَّ موسى الذي كان مع الخضر ليس بموسى المرسَل لبني إسرائيل، إنما هو موسى آخر؟ فقال ابن عباس: (كذب عدوّ الله) وهذا خرج منه مخرج الزجر والتحذير لا القدح في نوف، لأن ابن عباس قال ذلك في حال غضبه وألفاظ الغضب تقع على غير الحقيقة غالبًا وتكذيبه له لكونه قال غير الواقع ولا يلزم منه تعمده.
ثم استدل على كذب نوف بأن أبي بن كعب حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن موسى قام خطيبًا في بني إسرائيل فسأله رجل: من أعلم الناس؟ فقال: أنا أعلم الناس. وهذا قاله موسى عليه السلام بحسب اعتقاده، فعاتبه الله عز وجل حيث لم يرد العلم إليه، ولم يقل: الله أعلم. فأوحى الله تعالى إليه أنه يوجد عبد من عبادي يسمى الخضر عند ملتقى البحرين هو أعلم منك فقال: يا رب، كيف الطريق إلى لقائه؟ فقال له: احمل حوتًا في وعاء من خوص فإذا فقدت الحوت، فستجد الخضر هناك فانطلق موسى بخادم له يُسمَّى يوشع بن نون، وحملا حوتًا في وعاء من خوص كما أمره الله به، حتى إذا كانا عند صخرة عند ساحل البحر وضعا رؤوسهما على الأرض وناما، فخرج الحوت من الوعاء، واتخذ طريقا إلى البحر وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، وكان إحياء الحوت وإمساك جرية الماء حتى صار مسلكًا بعد ذلك عجبًا لموسى وخادمه، فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما فلما أصبح قال موسى لخادمه: آتنا غداءنا لقد تعبنا من سفرنا هذا، ولم يجد موسى عليه السلام تعبًا حتى جاوز المكان الذي أُمر به فأُلقي عليه الجوع والتعب، فقال له خادمه: إننا عندما كنا عند الصخرة فإني فقدت الحوت. فقال موسى: هذا الذي كنا نطلب لأنه علامة وجدان الخضر، فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه يتبعان آثارهما اتباعًا، فلما أتيا إلى الصخرة إذا رجل مغطًّى كله بثوب، فسلم موسى عليه، فقال الخضر: (وأنَّى بأرضك السلام) أي: وهل بأرضي من سلام؟ وهو استفهام استبعاد، يدل على أن أهل تلك الأرض لم يكونوا إذ ذاك مسلمين.
فقال موسى للخضر: أنا موسى. فقال له الخضر: أنت موسى الذي أُرسل إلى بني اسرائيل؟ فقال موسى: نعم. وهذا يدل على أن الأنبياء ومن دونهم لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله تعالى، لأن الخضر لو كان يعلم كل غيب لعرف موسى قبل أن يسأله، وهذا محل الشاهد الذي لأجله ذكر ابن عباس الحديث، ثم قال له موسى: هل أتبعك على أن تعلمني من الذي علمك الله علمًا، ولا ينافي نبوّته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من غيره ما لم يكن شرطًا في أبواب الدين، فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن أُرسل إليه فيما بُعث به من أصول الدين وفروعه لا مطلقًا. فأجابه الخضر بقوله: إنك لن تستطيع معي صبرًا؛ فإني أفعل أمورًا ظاهرها مناكير وباطنها لم تُحط به. ثم قال له: يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله إياه لا أعلمه. فقال له موسى: ستجدني إن شاء الله صابرًا معك غير منكر عليك، ولن أعصي لك أمرًا. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر ليس لهما سفينة، فمرت بهما سفينة فكلموا أصحاب السفينة أن يحملوهما فعرف أصحابُ السفينة الخضر فحملوهما بغير أُجرة، فجاء عصفور فوقف على حرف السفينة فنقر نقرة أو نقرتين في البحر، فقال الخضر: يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر. فقصد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه بفأس فانخرقت السفينة ودخل الماء، فقال له موسى عليه السلام: هؤلاء قوم حملونا بغير أجر قصدت إلى سفينتهم فخرقتها لتُغرق أهلها. قال الخضر مذكِّرًا له بما قال له من قبل: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرًا. قال موسى: لا تؤاخذني بنسياني ولا تضيق عليَّ، فإن ذلك يُعَسِّر علي متابعتك. فكانت المسألة الأولى من موسى عليه السلام نسيانًا.
فانطلقا بعد خروجهما من السفينة، فإذا هم بغلام يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر برأس الغلام فاقتلع رأسه بيده، فقال موسى للخضر عليه السلام: أقتلت نفسًا طاهرة من الذنوب، لم نرها أذنبت ذنبًا يقتضي قتلها، أو قتلت نفسًا فتُقتل به. فقال الخضر لموسى عليهما السلام: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا. بزيادة «لك» في هذه المرة زيادة في العتاب، ولذلك قال سفيان بن عيينة أحد رواة الحديث: وهذا أوكد. واستدل عليه بزيادة «لك» في هذه المرة. فانطلقا حتى مرَّا بأهل قرية فطلبا منهم الطعام فامتنعوا أن يضيفوهما، ولم يجدوا في تلك القرية ضيافة ولا مأوى، فوجدا فيها جدارًا قد أوشك على السقوط والانهيار فأشار الخضر بيده فأقامه، فقال موسى للخضر: لو شئت لأخذت عليه أجرًا فيكون لنا عونا على سفرنا. فقال الخضر لموسى عليه السلام: هذا الاعتراض الثالث سبب للفراق بيني وبينك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: يرحم الله موسى لقد أحببنا وتمنينا أن لو صبر حتى نستزيد مما دار بينهما من العلم والحكمة.

 

Hadith Lexico Arabic

 
عتب : لام برفق.
مَجْمَع البحرين : ملتقى البحرين.
مِكْتَل : وعاء يُعمل من الخوص يُحمل فيه التمر وغيره.
فتاه : خادمه.
ثَمَّ : هناك.
انسلَّ : خرج.
سبيله : طريقه.
سَرَبًا : مسلكًا.
نَصَبًا : تعبًا.
أوينا : نزلنا.
نبغي : نطلب.
ارتدَّا : رجعا.
قصصًا : رجعا في الطريق الذي جاءا فيه.
مُسَجًّى : مغطى.
رُشْدًا : الرشد: الاستقامة على طريق الحق.
نَوْل : أجرة.
نقر : وضع منقاره ورفعه، يقال: نقر الطائر الحبة، أي: التقطها.
عمد : قصد.
نزعه : قلعه.
خرق : ثقب.
تُرْهِقْني : تحملني ما لا أطيقه.
اقتلع : انتزع.
زكية : طاهرة من الذنوب.
استَطْعما : طلبا منهم طعاما.
أبوا : امتنعوا.
يَنْقَضَّ : يسقط.
وَدِدْنا : أحببنا.
يقص : يحكي.

 

Hadith Applications Arabic

 
للعالم أن يكذب ويخطئ من يذكر شيئا بغير علم.
صحة الاحتجاج بخبر الواحد.
استحباب الحرص على الازدياد من العلم والرحلة فيه ولقاء المشايخ وتحمُّل المشاق في ذلك.
الخضر فيه قولان: الأول أنه نبي مرسل، وهو الراجح، والثاني أنه ولي.
ينبغي اعتقاد كون الخضر نبيا لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم أن الولي أفضل من النبي، مع أنه لو كان وليا لما كان فيه دلالة على التفضيل المطلق.
أن الأنبياء ومن دونهم لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله -تعالى-، إذ لو كان الخضر يعلم كل غيب لعرف موسى قبل أن يسأله، قال -تعالى-: (عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحدا، إلا من ارتضى من رسول).
الله يفعل في ملكه ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء مما ينفع أو يضر فلا مدخل للعقل في أفعاله ولا معارضة لأحكامه بل يجب على الخلق الرضا والتسليم.
لا حجة في هذه القصة على أن الخضر أفضل من موسى، بل موسى أفضل من الخضر.
أحكام الله تعالى لا تُعلم إلا بواسطة رسله السفراء بينه وبين خلقه.
في هذه القصة حجة على صحة الاعتراض بالشرع على ما لا يسوغ فيه، ولو كان مستقيمًا في باطن الأمر.
جواز دفع أغلظ الضررين بأخفهما.
الإغضاء على بعض المنكرات مخافة أن يتولد منه ما هو أشد.
إفساد بعض المال لإصلاح معظمه.
جواز طلب القوت وطلب الضيافة.
قيام العذر بالمرة الواحدة وقيام الحجة بالثانية   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8304

 
 
Hadith   1487   الحديث
الأهمية: إن الشيطان قال: وعزتك يا رب، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، قال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إنَّ الشيطانَ قال: وعِزَّتِك يا رب، لا أَبرحُ أُغوي عبادَك ما دامت أرواحُهم في أجسادهم، قال الربُّ: وعِزَّتي وجَلالي لا أزال أغفرُ لهم ما استغفروني».

Esin Hadith Explanation Arabic


«إن الشيطان قال: وعزتك يا رب، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم» أي: أقسم الشيطان بعزة الله أنه لا يزال يضل العباد طيلة حياتهم «قال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» أي: فقال الرب عز وجل ردًّا عليه: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما داموا يطلبون مني مغفرة ذنوبهم.,«إن الشيطان قال: وعزتك يا رب، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم» أي: أقسم الشيطان بعزة الله أنه لا يزال يضل العباد طيلة حياتهم «قال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» أي: فقال الرب عز وجل ردًّا عليه: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما داموا يطلبون مني مغفرة ذنوبهم.

 

Hadith Lexico Arabic

 
لا أبرح : لا أزال.
أغوي : أضل.

 

Hadith Applications Arabic

 
فيه حث على الاستغفار.
في الحديث دليل على أن الاستغفار يدفع ما وقع من الذنوب بإغواء الشيطان وتزيينه، وإنها لا تزال المغفرة كائنة ما داموا يستغفرون.
من صفات الله تعالى أنه يغفر لعباده ذنوبهم إذا استغفروه   --  حسن   →   رواه الإمام أحمد
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8305

 
 
Hadith   1488   الحديث
الأهمية: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: بعَث عليُّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِن اليَمَن بذُهَيْبة في أدِيمٍ مَقْرُوظ، لم تُحَصَّل من تُرَابِها، قال: فقَسَّمها بين أَربعَة نَفَر، بين عُيَيْنة بن بدر، وأقْرَع بنِ حَابِس، وزَيدِ الخَيل، والرابع: إِمَّا عَلقَمَة وإمَّا عَامِر بنُ الطُّفَيل، فقال رجل مِن أَصحَابه: كُنَّا نحْن أحق بهذا من هؤلاء، قال: فبلغ ذلك النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: «ألا تَأْمَنُونِي وأنا أمينُ مَن في السَّماءِ، يَأْتِينِي خبرُ السماءِ صباحًا ومساءً»، قال: فقام رجلٌ غائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرفُ الوَجْنَتين، ناشِزُ الجَبْهة، كَثُّ اللِّحيَة، مَحْلُوقُ الرَّأس، مُشَمَّر الإزار، فقال يا رسولَ الله اتَّق الله، قال: «وَيْلَك، أَوَلَسْتُ أحقَّ أهلِ الأرض أن يتَّقِيَ الله» قال: ثم ولَّى الرَّجلُ، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرِبُ عُنُقَه؟ قال: «لا، لَعَلَّه أنْ يكون يُصَلِّي» فقال خالد: وكَم مِن مُصَلٍّ يقول بلسانِه ما ليس في قلبِه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لم أومَرْ أنْ أُنَقِّبَ عن قلوب الناس ولا أَشُقَّ بطونَهم» قال: ثم نظر إليه وهو مُقْفٍ، فقال: «إنه يخرج من ضِئضِئ هذا قومٌ يتلونَ كتابَ اللهِ رَطْبًا، لا يُجَاوِز حَنَاجِرَهم، يَمْرُقون من الدِّين كما يَمْرُق السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّة»، وأظنه قال: «لئن أدركتُهم لأَقْتُلَنَّهُم قَتْلَ ثمودَ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب إلى اليمن، يدعو إلى الله -تعالى- ويقبض الزكاة من أصحابها، ويقضي في المنازعات، وكان ذلك قبل حجة الوداع، ثم إن علياً رجع من اليمن، وقابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة، في حجة الوداع، وكان قد أرسل بقطعة من الذهب لم تخلص من ترابها، فليست ذهباً خالصاً؛ لأنها مختلطة بالتراب، فقسمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين هؤلاء الأربعة المذكورين رجاء إسلامهم، وكانوا رؤساء قبائلهم، فإذا أسلموا أسلم تبعاً لهم خلق كثير، ولهذا أعطاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- المال ترغيباً لهم في الإسلام، وتأليفاً لقلوبهم عليه، ومن كان منهم مسلمًا فيعطى لتقوية إيمانه وتثبيته، وكانت هذه القطعة الذهبية من الخمس، واستبعد أهل العلم أن تكون من أصل الغنيمة، ويمكن أن تكون زكاة.
فلما أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- هؤلاء الأربعة المذكورين قام رجل من المسلمين، فقال: كنا نحن أحق أن نُعطى من هذا المال من هؤلاء الأربعة؟ فعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك فقال: «ألا تأمنوني وأنا أمينُ مَن في السماءِ، يأتيني خبرُ السماءِ صباحًا ومساءً» أي: يأمنني الله -تعالى- على الرسالة التي أرسلني بها إلى الأرض، ولا تأمنني أنت أيها المعترض، ومَن على شاكلتك ممن ضل طريق الرشد، لا تأمنوني على حُطام الدنيا أن أضعه حيث يجب أن يوضع، على وفق أمر الله -تعالى-، وقوله: «مَن في السماءِ» من أدلة علو الله -تعالى- على خلقه، ومعناه: الله الذي في السماء، و"في" هنا بمعنى "على" لأن العرب قد تضع "في" بموضع "على" قال الله -تعالى-: {فسيحوا في الأرض}، وقال: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه: على الأرض، وعلى جذوع النخل، فكذلك قوله: «في السماء» أي: على العرش، فوق السماء، وهذا الحديث مثل قول الله -تعالى-: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ {16} أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ً}.
وبينما هم كذلك قام رجل من صفته أن عينيه داخلتين في محاجرهما لاصقتين بقعر الحدقة، وعظما خديه بارزان، مرتفع الجبهة، ضخم اللحية، رأسه محلوق، ثوبه مرتفع أعلى من الكعبين، فقال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اتق الله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَيْلَك، أَوَلَسْتُ أحقَّ أهل الأرض أن يتقيَ الله» يعني: أنه -صلى الله عليه وسلم- هو أحق الناس وأولاهم بطاعة الله -تعالى- وتقواه، ومن الضلال المبين أن يتصور الإنسان الطاعة معصية، فهذا الرجل المعترض تصور أن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معصية، وأنه من الظلم، فنصب نفسه آمراً بتقوى الله، فقال للرسول -صلى الله عليه وسلم-: «اتق الله» مع أن فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو التقوى، ومن أعظم الطاعات، فهو يعطي لله، ولنصر دينه، وهداية عباده.
فلما ذهب الرجلُ، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، دعني أقتله؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا، لعلَّه أنْ يكون يصلي» فقال خالد: وكم مِن مُصَلٍّ يقول بلسانِه ما ليس في قلبِه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لم أومَرْ أنْ أُنَقِّبَ عن قلوب الناس ولا أَشُقَّ بطونَهم» أي: إنما أعامل الناس بما ظهر منهم، وأترك بواطنهم لله هو أعلم بها، فيحاسبهم عليها سبحانه، وفي رواية أن القائل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
ثم نظر النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا    الرجل وهو ذاهب فقال: «إنه يخرج من ضِئضِئ هذا قومٌ يتلونَ كتابَ اللهِ رَطْبًا، لا يجاوز حناجرَهم، يَمْرُقون من الدين كما يَمْرُق السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّة، لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قَتْلَ ثمودَ» والمقصود: الإخبار بأنه يأتي من جنس هذا الرجل الضال، قوم يسلكون مسلكه، يقرؤون القرآن سهلًا لكثرة قراءتهم وحفظهم له، ولكن لا يصل إلى قلوبهم، فهم لا يفهمونه على ما أريد، بل يضعونه في غير موضعه؛ لأنهم ضالون وجاهلون، ولهذا يخرجون من الإسلام بسرعة وسهولة، غير متأثرين به، كأنهم لم يدخلوه، وهذا يدل على أنهم دخلوا في الإسلام، ولكن لم يتمكن الإيمان في قلوبهم، ولم يفهموه على وجهه، ولهذا صار من أوصافهم: أنهم يقتلون أهل الإسلام، ويدعون الكفار عباد الأوثان، ومن أجل ذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: «لئن أدركتهم، لأقتلنهم قتل ثمود» أي: لأقتلنهم القتل الشديد القوي، فلا أبقي منهم أحداً.

 

Hadith Lexico Arabic

 
ذُهَيبة : تصغير: ذهبة، والمعنى: قطعة من ذهب.
أديم : الجلد المدبوغ.
مقروظ : مدبوغ بالقرظ, وهُوَ شجر يدبغ بورقه ولونه يميل إِلَى الصُّفْرَة.
لم تحصَّل : لم تخلَّص من تراب المعدن.
غائر العينين : عيناه داخلتان في محاجرهما.
مشرف : بارز.
الوجنتان : العظمان المشرفان على الخدين.
ناشز : مرتفع.
الجبهة : ما بين الحاجبين ومقدم الرأس.
كَثُّ اللِّحية : كثير شعرها.
مُشَمَّر الإزار : تشميره رفعه عن الكعب.
ويلك : الويل: الشر والفضيحة والبلية.
أُنَقِّبَ : مِن نقبت الحائط نقبا، إذا فتحت فيه فتحا.
مُقْفٍ : مُوَلٍّ للناس قفاه، أي ذهب وتركهم خلفه.
ضِئضِئ : نسل أو شبه وجنس.
رطبًا : سهلا لكثرة حفظهم له.
يمرقون : يخرجون.
الرمية : الصيد الذي ترميه فتقصده وينقذف فيه سهمك وهو كل دابة مرمية.

 

Hadith Applications Arabic

 
علو الله تعالى على خلقه وأنه في السماء، بمعنى أنه فوقها.
إعطاء بعض الكفار من أموال المسلمين لتأليفهم وتحبيبهم في الإسلام.
معاملة الناس بما ظهر منهم، والله يتولى سرائرهم.
تعظيم قدر الصلاة، وأن أهل الصلاة لا يُقتلون.
خطر الخوارج، وأنهم إذا قاتلوا يشرع قتالهم لدفع أذاهم   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8307

 
 
Hadith   1489   الحديث
الأهمية: اتق الله، وأمسك عليك زوجك

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاء زيدُ بنُ حارثة يشكو، فجعل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اتَّقِ اللهَ، وأمسِكْ عليك زوجَك»، قال أنس: لو كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- كاتمًا شيئًا لكتم هذه، قال: فكانت زينبُ تَفْخرُ على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: زوَّجَكنَّ أهاليكنَّ، وزوَّجني اللهُ -تعالى- من فوق سبع سموات، وعن ثابت: {وتُخفي في نفسِك ما اللهُ مُبْدِيهِ وتخشى الناسَ} [الأحزاب: 37]، «نزلت في شأن زينبَ وزيد بن حارثة».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
جاء زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو زوجه زينب بنت جحش رضي الله عنها ويستشيره في طلاقها؛ وقد أوحى الله تعالى إلى رسوله بأنه سوف يتزوج زينب، أوحى الله بذلك إليه قبل أن يطلقها زيد، فلما جاء يشكوها إليه، ويستشيره في طلاقها، قال له: «اتق الله يا زيد، وأمسك عليك زوجك» فعاتبه الله تعالى بقوله: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الآية.
والذي كان صلى الله عليه وسلم يخفيه، هو كراهيته لزواجها؛ خوفاً من كلام الناس أنه تزوج زوجة ابنه بالتبني
قوله: «قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه» أي: لو قُدِّر على سبيل الفرض الممتنع شرعا كتم شيء من الوحي، لكان في هذه الآية، ولكنه غير واقع بل ممتنع شرعا. وهذه الآية من أعظم الأدلة لمن تأملها على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فالله    تعالى يخبر عما وقع في نفسه من خشية الناس، فبلَّغه كما قال الله تعالى مع ما تضمنه من لومه، بخلاف حال الكذاب، فإنه يتجنب كل ما يمكن أن يكون فيه عليه غضاضة، ومثل ذلك قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} إلى آخر الآيات ونظائرها في القرآن.
وقوله: «فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» فزينب رضي الله عنها تعتد بأن زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم كان بأمر الله له بذلك، وأنه من أعظم فضائلها، وأنه لا يساويها في ذلك من أزواجه أحد، فكانت تقول: «زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات»
وهذا القدر من الحديث فيه ثبوت علو الله تعالى وتقرُّره لدى المؤمنين، فهو أمر مسلَّم به بين عموم المسلمين، بل بين عموم الخلق إلا من غُيِّرت فطرته، فهو من الصفات المعلومة بالسمع، والعقل، والفطرة، عند كل من لم تنحرف فطرته. ومعنى قولها: «وزوجني الله» أي: أمر رسوله بأن يتزوجها بقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا} وتولى تعالى عقد زواجها عليه.

 

Hadith Lexico Arabic

 
تفخر : تذكر محاسنها، وتعدها، مباهاة بها غيرها.

 

Hadith Applications Arabic

 
ثبوت علو الله تعالى وتقرُّره لدى المؤمنين، فهو أمر مسلَّم به بين عموم المسلمين، بل بين عموم الخلق إلا من غُيرت فطرته.
يمتنع شرعا أن يكتم النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من الوحي.
تزويج الله عز وجل لزينب من رسول الله صلى الله عليه وسلم منقبة عظيمة لها   --  صحيح.   →   رواه البخاري.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8308

 
 
Hadith   1490   الحديث
الأهمية: اتقوا دعوات المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرار

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً: «اتَّقُوا دَعَوَاتِ المظلومِ؛ فإنَّها تصعد إلى السماء كأنَّها شَرارٌ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
اجتنبوا الظلم، وخافوا من دعوة المظلوم؛ فإنها تصعد إلى الله في السماء كأنها شرار، وشبهها بالشرار في سرعة صعودها، أو لأنَّها خرجت من قلب يلهب بنار القهر والظُّلم، وأنها في خرقها للحُجب كأَنَّها شرارة في أثرها.

 

Hadith Lexico Arabic

 
شرار : أجزاء صغيرة متوهِّجة تتطاير عادة عن نار أو جسم يحترق.

 

Hadith Applications Arabic

 
دعوة المظلوم مستجابة.
الجزاء من جنس العمل، كما جرت به سنته تعالى، فمن ألهب قلب المظلوم وملأه بالقهر وظلمه، فليرتقب لنار الجزاء في الدارين.
إثبات العلو لله تعالى   --  صحيح.   →   رواه الحاكم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8309

 
 
Hadith   1491   الحديث
الأهمية: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه

عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة -رضي الله عنه- ، قال: سمعتُ أبا هريرة يقرأ هذه الآية {إنَّ اللهَ يأمركم أن تؤدُّوا الأماناتِ إلى أهلها} [النساء: 58] إلى قوله تعالى {سميعًا بصيرًا} [النساء: 58] قال: «رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يضع إبهامَه على أُذُنِه، والتي تليها على عينِه»، قال أبو هريرة: «رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤها ويضعُ إصبعيه».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقرأ هذه الآية: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: 58] إلى قوله تعالى {سميعًا بصيرًا} [النساء: 58]، ويذكر أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤها ويضع إصبعه الغليظة الخامسة على أذنه، والتي بجوارها على عينه، تأكيدًا لإثبات صفة السمع والبصر لله -تعالى-، ودفعًا لتأويلات المحرفين، وليس فيه تشبيهًا بالمخلوق؛ لقوله -تعالى-: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) فالإيمان بالنصوص كلها يقتضي ما ذكر.

 

Hadith Lexico Arabic

 
الإبهام : الإصبع الغليظة الخامسة من أصابع اليد.

 

Hadith Applications Arabic

 
إثبات صفة السمع والبصر لله -سبحانه-.

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   رواه أبو داود.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8310

 
 
Hadith   1492   الحديث
الأهمية: اللهم رب جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم

عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن بن عَوْف، قال: سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنين -رضي الله عنها-، بأيِّ شيء كان نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يفتَتِح صلاتَه إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاتَه: «اللهمَّ ربَّ جِبرائيل، ومِيكائيل، وإسرافيل، فاطرَ السماوات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك، إنَّك تهدي مَن تشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
سأل أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عائشةَ أم المؤمنين عن الدعاء الذي كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح به صلاته إذا صلى قيام الليل؟ فقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قيام الليل قال هذا الدعاء: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل» وتخصيص هؤلاء الملائكة الثلاثة بالإضافة، مع أنه تعالى رب كل شيء؛ لتشريفهم وتفضيلهم على غيرهم، وكأنه قدم جبريل؛ لأنه أمين الكتب السماوية، فسائر الأمور الدينية راجعة إليه، وأخَّر إسرافيل؛ لأنه النافخ في الصور، وبه قيام الساعة، ووسَّط ميكائيل؛ لأنه أمين القطر والنبات ونحوهما مما يتعلق بالأرزاق المقوِّمة في الدنيا، «فاطر السماوات والأرض» ، أي: مبدعهما ومخترعهما «عالم الغيب والشهادة» ، أي: عالم بما غاب عن العباد وما شاهدوه «أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا يختلفون» أي: تحكم بين العباد فيما كانوا يختلفون فيه من أمر الدين في أيام الدنيا «اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك» أي: اهدني إلى الحق والصواب في هذا الاختلاف الذي اختلف الناس فيه من أمور الدين والدنيا بتوفيقك وتيسيرك «إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» أي: فإنك تهدي من تشاء إلى طريق الحق والصواب.

 

Hadith Lexico Arabic

 
فاطر : مُبدِع ومُخترع.
الغيب : ما غاب عن العباد.
الشهادة : ما شاهده العباد.
صراط : طريق.
اهدني لما اختلف فيه من الحق : ثبتني عليه كقوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم.

 

Hadith Applications Arabic

 
استحباب قول هذا الدعاء في افتتاح الصلاة وبخاصة قيام الليل.
جبريل وميكائيل وإسرافيل هم أفضل الملائكة.
سؤال الهداية فيه رد على القدرية   --  صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8311

 
 
Hadith   1493   الحديث
الأهمية: لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول: قط قط وعزتك، ويزوى بعضها إلى بعض

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- مرفوعاً: «لا تزالُ جهنَّمُ تقول: هل مِن مَزِيد، حتى يضعَ ربُّ العِزَّةِ فيها قَدَمُه، فتقولُ: قَطٍ قَطٍ وعِزَّتِك، ويُزوَى بعضُها إلى بعضٍ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يخبر الله تعالى أنه يقول لجهنم: هل امتلأت؟ وذلك أنه وعدها أن سيملؤها من الجِنة والناس أجمعين، فهو سبحانه يأمر بمن يأمر به إليها، ويلقى فيها وهي تقول: هل من مزيد؟ أي: هل بقي شيء تزيدني؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها، فتقول: هذا يكفيني وتُقبض ويُجمع بعضها إلى بعض. ولا يجوز تأويل صفة القدم إلى من قدَّمهم الله إلى النار ولا غير ذلك من التأويلات الباطلة، بل يجب إثبات القدم صفة لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.

 

Hadith Lexico Arabic

 
قَط قَط : يكفيني.
يُزوى : يُجمع ويُقبض.

 

Hadith Applications Arabic

 
القدم صفة لله تعالى حقيقة على ما يليق بعظمته.
إثبات العزة لله تعالى   --  صحيح   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8312

 
 
Hadith   1494   الحديث
الأهمية: تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين، والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وغرتهم

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «تَحَاجَّتِ الجنةُ والنارُ، فقالت النارُ: أوثِرتُ بالمُتَكَبِّرين، والمُتَجَبِّرين، وقالت الجنةُ: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاءُ الناس وسَقَطُهم وغِرَّتُهم؟ قال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحمُ بك مَن أشاءُ من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أُعذِّب بك مَن أشاء من عبادي، ولكل واحدةٍ منكما مِلْؤها، فأما النارُ فلا تمتلئُ حتى يضعَ الله تبارك وتعالى رِجْلَه، تقول: قَط قَط قَط، فهنالك تمتلئ، ويَزْوِى بعضُها إلى بعض، ولا يظلم اللهُ من خلقه أحدا، وأما الجنةُ فإنَّ اللهَ يُنشئ لها خَلْقًا».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
افتخرت النار على الجنة بأنها محل انتقام الله تعالى من الطغاة والمتكبرين والمجرمين الذين عصوا الله وكذَّبوا رسله، وأما الجنة فإنها اشتكت لكون من يدخلها الضعفاء والفقراء وأهل المسكنة غالباً،    بل هم متواضعون لله خاضعون له، وهذا القول قالته الجنة والنار حقيقة، وقد جعل الله لهما شعوراً وتمييزاً، وعقلاً ونطقاً، والله لا يعجزه شيء.
فقال الله للجنة: «إنما أنت رحمتي أرحمُ بك مَن أشاءُ من عبادي»، وقال للنار: «إنما أنت عذابي أُعذِّب بك مَن أشاء من عبادي» هذا هو حكم الله بينهما، يعني: أن الله تعالى خلق الجنة ليرحم بدخولها من شاء من عباده، من يتفضل عليه ويجعله مؤهَّلاً لذلك، وأما النار فخلقها لمن عصاه وكفر به وبرسله، يعذبهم بها، وذلك كله ملكه يتصرف فيه كيف يشاء، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، ولكن لا يدخل النار إلا من استوجبها بعمله.
ثم قال: «ولكل واحدة منكما ملؤها» وهذا وعد من الله تعالى لهما بأن يملأهما بمن يسكنهما، وقد جاء الطلب من النار صريحًا، كما قال تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} ، وأقسم الله تعالى ليملأن جهنم من الجِنَّةِ والناس أجمعين، فالجنة والنار دار بني آدم والجن بعد الحساب، فمن آمن وعبد الله وحده، واتبع رسله، فمصيره إلى الجنة، ومن عصى وكفر وتكبر فمصيره إلى النار.
قال: «فأما النارُ فلا تمتلئُ حتى يضعَ الله تبارك وتعالى رِجْلَه، تقول: قَطِ قَطِ قَطِ، فهنالك تمتلئ، ويَزْوِى بعضُها إلى بعض، ولا يظلم اللهُ من خلقه أحدا» فالنار لا تمتلئ حتى يضع الله تعالى عليها رجله فتنضم ويجتمع بعضها إلى بعض، وتتضايق على من فيها، وبذلك تمتلئ ولا يظلم ربك أحداً. ويجب إثبات الرِّجل لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، ثم قال: «وأما الجنةُ فإنَّ اللهَ يُنشئ لها خَلْقًا» أما الجنة فلا تمتلئ حتى يخلق الله تعالى لها خلقًا آخرين، فبهم تمتلئ.

 

Hadith Lexico Arabic

 
تحاجت : أظهرتا حجج التفضيل، فكل واحدة تدعي الفضل على الأخرى.
أُوثرت : اِخْتَصَصْتُ.
المتكبرين : المتعظِّمين بما ليس فيهم.
المتجبِّرين : المتسلطين على الخلق بالقهر.
سَقَطهم : ضعفاؤهم والمتحقرون منهم.
غِرَّتهم : البله الغافلون عن الحذق في أمور الدنيا.
قَط : يكفيني.
يزوي : يُضم بعضها إلى بعض فتجتمع وتلتقي على من فيها.

 

Hadith Applications Arabic

 
هذا الحديث على ظاهره وأن الله تعالى جعل في النار والجنة تمييزا تدركان به فتحاجتا ولايلزم من هذا أن يكون ذلك التمييز فيهما دائمًا.
في الحديث دلالة على اتساع الجنة والنار، بحيث تسع كل من كان، ومن يكون إلى يوم القيامة، وتحتاج إلى زيادة.
إثبات الرجل لله تعالى، وجاء في رواية أخرى لهذا الحديث (القدم) مكان (الرجل) وهي صفة لله تعالى حقيقة على ما يليق بعظمته دون    تأويلها أو تشبيهها أو خوض في تكييفها   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8313

 
 
Hadith   1495   الحديث
الأهمية: يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة، فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «يقول اللهُ: إذا أراد عبدي أنْ يعملَ سيئةً، فلا تكتبوها عليه حتى يعملَها، فإنْ عَمِلها فاكتبوها بمثلِها، وإنْ تركها مِن أجلي فاكتبوها له حسنةً، وإذا أراد أنْ يعملَ حسنةً فلم يعملها فاكتبوها له حسنةً، فإنْ عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعِ مائة ضِعْفٍ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
هذا الخطاب من الله تعالى للملائكة الموكَّلين بحفظ عمل الإنسان وكتابته، وهو يدل على فضل الله على الإنسان، وتجاوزه عنه. قوله: «إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة، فلا تكتبوها عليه حتى يعلمها» والعمل قد يراد به عمل القلب والجوارح، وهو الظاهر؛ لأنه قد جاء ما يدل على أن عمل القلب يؤاخذ به، ويجزي عليه، قال الله تعالى: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، وفي الحديث الصحيح: «إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار» ، قالوا: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصاً على قتل أخيه»، فهذه النصوص تصلح لتخصيص عموم قوله: «إذا أراد أن يعمل سيئة فلا تكتبوها حتى يعملها» وهذا لا يخالف قوله في السيئة: «لم تكتب عليه»؛ لأن عزم القلب وتصميمه عمل.
قوله: «فإن علمها فاكتبوها بمثلها»، يعني: سيئة واحدة، قال الله تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
قوله: «فإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة» قيَّد تركها بأنه من أجل الله تعالى، أي: خوفاً منه، وحياءً، أما إذا تركها عاجزاً، أو خوفاً من الخلق، أو لعارض آخر، فإنها لا تُكتب له حسنة، بل ربما كُتبت عليه سيئة.
قوله: «وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة» إلى آخره، وهذا تفضُّل من الله تعالى الكريم المنان على عباده، فله الحمد والمنة، فأي كرم أعظم من هذا، الهم بالحسنة يكتب الله به حسنة كاملة، وعمل الحسنة يكتب به عشر حسنات إلى سبعمائة حسنة.
وفي هذا الحديث أسند النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول إلى الله تعالى بقوله: «يقول الله: إذا أراد عبدي» واصفاً له بذلك، وهذا القول من شرعه الذي فيه وعده لعباده، وتفضُّله عليهم، وهو غير القرآن، وليس مخلوقاً، فقوله تعالى غير خلقه.

Esin Hadith Mutaradifaat


 

 

Hadith Applications Arabic

 
الحديث دليل على إثبات كلام الله تعالى ومخاطبته للملائكة.
هذا الحديث يدل على فضل الله على الإنسان، وتجاوزه عنه.
الإيمان بالملائكة الموكَّلين بحفظ عمل الإنسان وكتابته.
من ترك سيئة من أجل الله تعالى أي: خوفاً منه، وحياءً، فإنها تكتب له حسنة، أما إذا تركها عاجزاً، أو خوفاً من الخلق، أو لعارض آخر، فإنها لا تكتب له حسنة، بل ربما كتبت عليه سيئة   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8314

 
 
Hadith   1496   الحديث
الأهمية: إن الله يقول لأهون أهل النار عذابًا: لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم، أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إنَّ اللهَ يقول لأهونِ أهلِ النارِ عذابًا: لو أنَّ لك ما في الأرضِ من شيءٍ كنتَ تفتدِي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتُك ما هو أهونُ مِن هذا وأنت في صُلْبِ آدمَ، أنْ لا تُشْرِكْ بي، فأبيتَ إلَّا الشِّركَ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
إن الله تعالى يقول لأقل أهل النار عذابًا يوم القيامة: لو أنك تملك كل ما في الأرض، أكنت تدفعه لتتخلص من هذا العذاب؟ فيقول: نعم. فيقول الله تعالى: لقد طلبتُ منك شيئا هو أيسر عليك من ذلك، وأنت في ظهر أبيك، حيث أخذتُ عليك العهد والميثاق أن لا تشرك بي شيئا، ولكنك امتنعت وأشركت بي، قال الله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين).

 

Hadith Lexico Arabic

 
أهون : أيسر.
تفتدي : من الافتداء، وهو خلاص نفسه من الذي وقع فيه بدفع ما يملكه.
صُلب : عَظْم في أسفل الظهر.
أبيت : امتنعت.

 

Hadith Applications Arabic

 
إثبات الكلام لله تعالى.
أخذ الله الميثاق على بني آدم وهم في ظهر أبيهم آدم بعدم الشرك   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8315

 
 
Hadith   1497   الحديث
الأهمية: جنتان من فضة آنيتهما، وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما، وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن

عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعاً: «جَنَّتانِ مِن فِضَّةٍ آنِيَتُهما، وما فيهما، وجَنَّتانِ مِن ذَهَبٍ آنِيَتُهما، وما فيهما، وما بين القومِ وبين أنْ ينظروا إلى ربِّهم إلَّا رِداءُ الكِبْرِياءُ على وجهِه في جَنَّة عَدْنٍ».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
الحديث يدل على تفاوت منازل الجنة ودرجاتها، فبعضها أعلى من بعض حسًّا ومعنى، حيث يكون بناؤها من الذهب، وأوانيها من الذهب، وبعضها يكون بناؤها من الفضة، وأوانيها من الفضة، ومعلوم أن الذهب هو أغلى المعادن وأنفسها لدى المخاطبين بالقرآن عند نزوله، ويجوز أن يكون فيها ما هو أعلى من الذهب وأرفع؛ لأن الله    تعالى أخبر أن فيها ما لا عين رأته، ولا أُذن سمعته، ولا خطر على قلب بشر، وقع في أول بعض روايات هذا الحديث: «جِنان الفردوس أربع، ثنتان من ذهب ...» الحديث
قوله: «وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» فيه التصريح بقرب نظرهم إلى ربهم، فإذا أراد تعالى أن يُنَعِّمَهم ويزيد في كرامتهم رفع رداء الكبرياء عن وجهه فنظروا إليه.
وأهل السنة يثبتون رداء الكبرياء لله تعالى، ورؤية المؤمنين لربهم في الجنة، من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل، كما يثبتون له وجهًا يليق بجلاله، ولا يجوز تأويل شيء من ذلك وصرفه عن ظاهره، كما هو مذهب السلف الصالح.

 

Hadith Lexico Arabic

 
آنيتهما : مفردها: إناء، وهو وعاء للطعام أو الشراب.
جنة عدن : عدن أي إقامة، وهو اسم من أسماء الجنة ومنازلها.

 

Hadith Applications Arabic

 
تفاوت منازل الجنة ودرجاتها.
فيه وصفُ الله تعالى بأن الكبرياء رداؤه، وهي كسائر صفاته، تثبت على ما يليق به، ويجب أن يؤمَن بها على ما أفاده النص دون تحريف ولا تعطيل.
فيه دليل على فضل جنة عدن، وعلوها، ومن لازم ذلك علو الله تعالى؛ لأنهم ينظرون إليه تعالى من فوقهم.
إثبات الوجه لله تعالى من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الجنة.
إثبات صفة الكبر والكبرياء لله تعالى    وهي صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8316

 
 
Hadith   1498   الحديث
الأهمية: احتج آدم وموسى، فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى، فحج آدم موسى

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «احتجَّ آدمُ وموسى، فقال له موسى: يا آدمُ أنت أبونا خَيَّبتنا وأخرجتَنا من الجنة، قال له آدمُ: يا موسى اصطفاك اللهُ بكلامِه، وخطَّ لك بيدِه، أتلومُني على أمرٍ قَدَّره اللهُ عليَّ قبل أنْ يخلُقَني بأربعين سنةً؟ فحَجَّ آدمُ موسى، فحَجَّ آدمُ موسى».

Esin Hadith Explanation Arabic


«احتجَّ آدم وموسى» عليهما السلام أي: كل واحد منهما ذكر حُجَّته أمام الآخر، وهذا يجوز أن يكون بعد وفاة موسى، أو أنه في الرؤيا، فإن رؤيا الأنبياء وحي، ومثل هذا يجب فيه التسليم، ولا نستطيع الوقوف على حقيقته
«فقال له موسى: يا آدمُ أنت أبونا خَيَّبتنا وأخرجتَنا من الجنة» أي: كنت سبب خيبتنا وإغوائنا بالخطيئة التي ترتَّب عليها إخراجك من الجنة، ثم تَعَرضنا نحن لإغواء الشياطين.
   «قال له آدمُ: يا موسى اصطفاك اللهُ بكلامِه» أي: اختارك الله تعالى بأن أسمعك كلامه، وهذا الذي اختص به موسى من بين الرسل، بأن الله تعالى كلمه بدون واسطة، بل أسمعه كلامه منه إليه.
   «وخطَّ لك بيدِه» أي: كتب لك التوراة بيده، ويجب علينا أن نؤمن بهذا من غير تكييف ولا تعطيل ومن غير تحريف ولا تمثيل.
   «أتلومُني على أمرٍ قَدَّره اللهُ عليَّ قبل أنْ يخلُقَني بأربعين سنةً؟» أي: كيف تلومني على أمر كتبه الله عليَّ في اللوح المحفوظ وفي صحف التوراة وألواحها قبل خلقي بأربعين سنة.
«فحَجَّ آدمُ موسى» أي: غلبه بالحجة، وإنما كان موضع الحجة لآدم على موسى -صلوات الله وسلامه عليهما- أن الله سبحانه إذا كان قد علم من آدم أنه سيخرج من الجنة وينزل للأرض فكيف يمكنه أن يرد علم الله فيه، فحجة آدم عليه السلام ظهرت؛ لأن ما قُدِّر عليه أمر لا يمكن تغييره ولا رده، بل هو قدر قدره العليم القدير، فلا يمكن دفعه، ولا رفعه بعد وقوعه، فليس أمامه إلا التسليم، ومع ذلك لا يكون القدر حجة فيما لم يقع؛ لأن الإنسان مأمور بفعل الطاعة، واجتناب المعصية، وهو لا يعلم ما هو المقدر عليه حتى يقع، فإذا وقع الأمر وتعذر دفعه هناك يسلم للقدر، ويقول: قدر الله وما شاء فعل، ويستغفر من ذنبه ويتوب إلى ربه.
فتبين أن آدم حج موسى لما قصد موسى لوم آدم على ما كان سبباً في مصيبة أبنائه، وأن آدم احتج بأن هذه المصيبة سبق بها القدر، ولا بد من وقوعها، وسواء في ذلك المصائب التي تحصل بأفعال العباد، أو غيرها، فإن على العبد الصبر والتسليم، ولا يسقط بذلك لوم الجاني وعقابه.

 

Hadith Lexico Arabic

 
احتج : ذكر حجَّته.
اصطفاك : اختارك وفضَّلك.
خطَّ : كتب.
حَجَّ : غلبه بالحجة.

 

Hadith Applications Arabic

 
من عمل الخطايا ولم تأته المغفرة، فإن العلماء مجمعون أنه لا يجوز له أن يحتج بمثل حجة آدم.
الأمة مجمعة على جواز حمد المحسن على إحسانه، ولوم المسئ على إساءته وتعديد ذنوبه عليه.
الجنة موجودة من قبل آدم، وهذا مذهب أهل الحق.
إثبات الكلام لله تعالى، وأنه كلَّم موسى.
إثبات اليد لله تعالى.
كتب الله تعالى التوراة لموسى بيده.
هذا الحديث أصل في إثبات القدر، وأن الله قضى أعمال العباد، فكل أحد يصير لما قُدِّر له بما سبق في علم الله تعالى، وليس فيه حجة للجبرية   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8317

 
 
Hadith   1499   الحديث
الأهمية: أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل، سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنَّه ذكر رجلًا من بني إسرائيل، سأل بعضَ بني إسرائيل أن يُسْلِفَه ألفَ دينار، فقال: ائْتِنِي بالشهداء أُشْهِدُهم، فقال: كفى بالله شهيدًا، قال:    فَأْتِنِي بالكَفِيل، قال: كَفَى بالله كفيلًا، قال: صَدَقتَ، فَدَفَعَها إِليه إلى أجل مُسَمَّى، فخرج في البحر فقَضَى حَاجَتَه، ثُمَّ التَمَسَ مركَبًا يَرْكَبُها يَقْدَم عليه لِلأَجَل الذي أجَّله، فلم يجِد مركَبًا، فأَخَذَ خَشَبَة فَنَقَرَها، فَأَدْخَل فِيهَا أَلفَ دِينَار وصَحِيفَة مِنْه إلى صاحبه، ثم زَجَّجَ مَوضِعَها، ثمَّ أَتَى بِهَا إِلَى البحر، فقال: اللَّهُمَّ إنَّك تعلم أنِّي كنتُ تَسَلَّفتُ فلانًا ألف دِينَار، فَسَأَلَنِي كفيلًا، فقلتُ: كفى بالله كفيلًا، فَرَضِيَ بك، وسأَلَنِي شهيدًا، فقلتُ: كفى بالله شهيدًا، فرضِي بك، وأنِّي جَهَدتُ أنْ أَجِدَ مَركَبا أَبعث إليه الذي لَه فَلَم أَقدِر، وإنِّي أسْتَوْدِعُكَها. فرمى بها في البحر حتَّى وَلَجِت فيه، ثم انْصَرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه، ينظُر لعلَّ مَركَبًا قد جاء بماله، فَإِذا بِالخَشَبَة التي فيها المال، فأَخَذَها لِأهله حَطَبًا، فلمَّا نَشَرَها وجَد المالَ والصحِيفة، ثمَّ قدِم الذي كان أسلفه، فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زلتُ جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدتُ مركبا قبل الذي أتيتُ فيه، قال: هل كنتَ بعثتَ إليَّ بشيء؟ قال: أُخبِرك أنِّي لم أجِد مركبا قبل الذي جئتُ فيه، قال: فإنَّ الله قد أدَّى عنك الذي بعثتَ في الخشبة، فانصرِف بالألف الدينار راشدًا».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً من بني اسرائيل طلب من رجل آخر من بني إسرائيل أن يُسلفه ألف دينار، فقال له الرجل: ائتني بشهيد يشهد أنك أخذت مني ألف دينار. فقال له الرجل الذي يريد السلف: «كفى بالله شهيدًا» أي: يكفيك ويكفيني أن يكون الله شهيدًا علينا. فقال الرجل له: فائتني بضامن يضمنك. فقال: «كفى بالله كفيلاً» أي: يكفيك أن يكون الله هو الضامن. فقال له: صدقت. فأعطاه الألف دينار إلى وقت محدد. فخرج الذي استلف فركب البحر بالمال يتجر فيه، فلما جاء الموعد المحدَّد لسداد الدَّين بحث عن مركب يركبها حتى يقدم على الذي أسلفه، فلم يجد مركبًا، فأخذ خشبة فحفرها وأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه وكتب إليه: من فلان إلى فلان، إني دفعت مالك إلى وكيل توكل بي. ثم سوَّى موضع الحفر وأصلحه، ثم أتى بالخشبة إلى البحر فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت من فلان ألف دينار فسألني كفيلاً فقلت: كفى بالله كفيلاً، فرضي بك، وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدًا، فرضي بك، وإني اجتهدت أن أجد مركبًا أبعث إليه الذي له في ذمتي فلم أقدر على تحصيلها، وإني أتركها عندك وديعة وأمانة. ثم رمى بها في البحر حتى دخلت فيه، ثم انصرف ولكنه ظل أيضًا يبحث عن مركب ليذهب إلى بلد الذي أسلفه بألف دينار أخرى؛ ظنا منه أن فعله الأول غير كاف، أما الرجل صاحب المال فخرج في الموعد ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله الذي أسلفه للرجل، كأن يكون أرسله مع شخص أو جاء به بنفسه، فلم يجد مركبًا، فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله يجعلها حطبًا للإيقاد، وهو لا يعلم أن المال فيها، فلما قطعها بالمنشار، وجد المال الذي له والصحيفة التي كتبها الرجل إليه بذلك، ثم جاء الرجل الذي استلف فأتى بالألف دينار الأخرى، فقال للذي أسلفه: والله لقد اجتهدت في البحث عن مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبًا قبل الذي أتيت فيه. قال الذي أسلفه: هل كنت بعثت إليّ بشيء؟ فقال: أُخبرك أني لم أجد مركبًا قبل الذي جئتُ فيه. قال الرجل الذي أسلفه: إن الله قد أدَّى عنك الألف دينار التي بعثت بها في الخشبة. فانصرف بالألف الدينار الأخرى التي أتيت بها راشدًا.

 

Hadith Lexico Arabic

 
كفيل : ضامن.
الأجل : وقت يحدد لانتهاء الشيء أو حلوله.
التَمَس : طلب.
زجَّج موضعها : أصلح موضع النقرة وسواه.
جهدت : تحملت المشقة.
أستودعكها : أتركها عندك وديعة، أي: أمانة.
ولجت : دخلت.
نشرها : قطعها بالمنشار.

 

Hadith Applications Arabic

 
جواز أن يقرض الرجلُ الرجل الفقير بغير كفيل ولا شاهد؛ اكتفاًء بشهادة الله -عز وجل-، واتكالاً عليه، ولا يكون ذلك مفرطًا ولا مضيعًا.
جواز أن يقترض الفقير المال الكثير توكلاً على أن الله -سبحانه وتعالى- يُثَمِّره في يده، ويسهل له سداد دينه من ربحه.
جواز الاستسلاف، وشغل الذمة بما يتخذه الرجل بضاعة يسعى فيها.
من توكل على الله فإنه ينصره، فالذي نقر الخشبة وتوكل حفظ الله -تعالى- ماله، والذي أسلفه وقنع بالله كفيلا أوصل الله -تعالى- ماله إليه.
أن الله -تعالى- متكفل بعون من أراد أداء الأمانة، وأن الله يجازي أهل الإرفاق بالمال بحفظه عليهم مع أجر الآخرة، كما حفظه على المسلف.
جواز دخول الآجال في القرض.
جواز ركوب البحر بأموال الناس والتجارة.
الكفيل والشهيد من الأسماء الحسنى.
فيه إثبات كرامات الأولياء   --  صحيح.   →   رواه البخاري.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8318

 
 
Hadith   1500   الحديث
الأهمية: يحشر الناس يوم القيامة -أو قال: العباد- عُرَاةً غُرْلًا بهما

عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: بلغني حديثٌ عن رجل سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاشتريتُ بعيرًا، ثم شَدَدْتُ عليه رَحْلي، فَسِرْتُ إليه شهرا، حتَى قَدِمتُ عليه الشَّام فإذا عبد الله بن أُنيس، فقُلت للبوَّاب: قل له: جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يَطَأُ ثوبه فَاعْتَنَقَنِي، وَاعْتَنَقْتُهُ، فقلت: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سمعتَه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القِصَاص، فخشيتُ أن تموت، أو أموت قبل أنْ أسْمَعَه، قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يُحْشَرُ الناسُ يوم القيامة -أو قال: العباد- عُراةً غُرْلًا بُهْمًا» قال: قلنا: وما بُهْمًا؟ قال: «ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يَسْمَعُه مَن بَعُدَ كما يسمعه مَن قَرُبَ: أنَا الملك، أنا الدَيَّان، ولا ينبغي لأحد من أهل النار، أن يدخل النارَ، وله عِنْد أحد من أهل الجنة حقٌّ، حتى أَقُصَّه منه، ولا ينبغي لأحد مِنْ أهل الجنَّة أَن يَدْخُل الجنَّةَ، وِلَأحَد مِن أهْل النَّار عِنْدَه حقٌّ، حتى أقصَّه منه، حتَّى اللَّطْمَة» قال: قلنا: كيف، وإِنَّا إِنَّما نَأْتِي اللهَ عزَّ وجّلَّ عُراةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قال: «بِالحَسَنَات والسيِّئَات».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يخبر جابر بن عبد الله الأنصاري أنه علم أن عبد الله بن أُنيس سمع حديثًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يسمعه، فاشترى جملًا ووضع عليه أمتعته، ثم سافر شهرا، حتى قَدِم الشام فدخل على عبد الله بن أُنيس، فقال للبوَّاب: قل له: جابر على الباب، فقال عبد الله بن أُنيس: ابن عبد الله؟ قال جابر: نعم، فخرج إليه مسرعًا يدوس على ثوبه من سرعته، واعتنقا، فقال له جابر: إني علمت أنك سمعتَ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثًا في القَصَاص، فخفت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه، فقال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يُحْشَرُ الناسُ يوم القيامة عُراةً غُرْلًا بُهْمًا» قال: قلنا: وما بُهْمًا؟ قال: «ليس معهم شيء» أي: يجمع الله الناس يوم القيامة في مكان واحد ليحاسبهم، ويجزيهم بعملهم، ويكونون حينذاك عراة وغير مختونين، كما ولدتهم أمهاتهم، ليس معهم شيء من الدنيا.
ثم قال: «ثم يناديهم بصوت» فالنداء لا يكون إلا بصوت، ولا يعرف الناس نداء بدون صوت، فذكر الصوت هنا لتأكيد النداء، وهذا في غاية الصراحة والوضوح في أن الله يتكلم بكلام يُسمع منه تعالى، وأن له صوتاً، ولكن صوته لا يشبه أصوات خلقه، ولهذا قال: «يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب» فهذه الصفة تختص بصوته تعالى، وأما أصوات خلقه فيسمعها القريب منها فقط، حسب قوة الصوت وضعفه، وقد كثرت النصوص المثبتة لذلك، منها قوله تعالى: {ِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا}، وقوله: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، وقوله: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
ثم قال: «أنا الملك أنا الديان» يعني: أن النداء الذي يسمعه أهل الموقف كلهم يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، هو بقوله: «أنا الملك أنا الديان ...»، فهو تعالى الملك الذي بيده ملك السماوات والأرض، ومن فيهن، وهو الديان الذي يجازي عباده بعملهم، من عمل خيراً جازاه بأفضل مما عمل، ومن عمل شراً جازاه بما يستحق.
ثم يقول تعالى: «ولا ينبغي لأحد من أهل النار، أن يدخل النارَ، وله عند أحد من أهل الجنة حقٌّ، حتى أقصَّه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنةَ، ولأحد من أهل النار عنده حقٌّ، حتى أقصَّه منه، حتى اللطمة» أي: أن الله عز وجل يحكم بين عباده بالعدل، فيأخذ من الظالم حق المظلوم، فلا يدخل أحد من أهل النار النارَ وله عند أهل الجنة حق، حتى يمكنه من أخذ حقه، وهذا من تمام العدل فإن الكافر والظالم مع أنهما سيدخلان النار إلا أنهم لن يُظلموا، فإذا كان لهم حق عند أحد من أهل الجنة أخذوه منه، وكذلك الحال في أهل الجنة.
فقال الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم-: قلنا: كيف سيوفي الناس الحقوق وليس معهم شيء من الدنيا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بالحسنات والسيئات» أي: إنما يحدث توفية الحقوق بأن يأخذ المظلوم من حسنات الظالم، فإذا فنيت حسنات الظالم أُخذ من سيئات المظلوم فوُضعت على سيئات الظالم ثم طُرح في النار، كما جاء في الحديث.

 

Hadith Lexico Arabic

 
بعير : الجمل أو الناقة.
رحلي : الرحل: سرج يوضع على ظهر الدواب للحمل أو الركوب.
يطأ : يدوس.
اعتنق : أدنى عنقه من عنقه وضمه إلى صدره حبًّا فيه.
خشيت : الخشية هي الخوف المقرون بالعلم.
يُحشر : الحشر: الإخراج والجمع.
غُرلا : غير مختونين.
بُهمًا : ليس معهم شيء من أعراض الدنيا.
الديَّان : مِن دان الناس: أي قهرهم على الطاعة، أو من الدين: أي حاسبهم وجازاهم بالعدل.
أقص : أُمكِّنه من أخذ حقه.
اللطمة : الضرب على الوجه بباطن الكف.

 

Hadith Applications Arabic

 
الرحلة في طلب العلم وسماع الحديث.
شدة حرص الصحابة على سماع الأحاديث.
أن بعض أهل الموقف أقرب إلى الله -تعالى- من بعض.
إثبات النداء والصوت لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
الملك والديان من الأسماء الحسنى.
القصاص يوم القيامة يكون بالحسنات والسيئات   --  حسن.   →   رواه أحمد
تنبيه:
روى البخاري تعليقًا جملة من هذا الحديث، فقال: ويذكر عن جابر، عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يحشر الله العباد، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان».
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8319

 
 
Hadith   1501   الحديث
الأهمية: إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد: إن لكم أن تحيوا، فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تصحوا، فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا، فلا تبأسوا أبدًا

عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة -رضي الله عنهما- مرفوعاً: «إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ يُنَادِي مُنادٍ: إن لكم أن تَحْيوا، فلا تَموتُوا أبداً، وإن لكم أن تَصِحُّوا، فلا تَسقَمُوا أبداً، وإن لكم أن تَشِبُّوا فلا تَهرَمُوا أبداً، وإن لكم أن تَنعَمُوا، فلا تَبْأسُوا أبداً».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
من نعيم الجنة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن أهل الجنة ينادي فيهم مناد: "إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً" وذكر الحديث، أي: أنهم في نعيم دائم لا يخافون الموت ولا المرض ولا كبر السن الموجب للضعف، ولا انقطاع ما هم فيه من النعيم، فهذا الحديث وغيره يوجب للإنسان الرغبة في العمل الصالح الذي يتوصل به إلى هذه الدار.

 

Hadith Lexico Arabic

 
فلا تسقموا : فلا تمرضوا.
أن تشبوا : أي تظلوا شباباً.
فلا تهرموا : الهرم الحالة الحاصلة عند الكبر (الشيخوخة)، وهو    داء طبيعي لا دواء له كالموت.
تنعموا : أي تجدوا النعيم والسعادة.
لا تبأسوا : من البؤس وهو الضر والشقاء.

 

Hadith Applications Arabic

 
نعيم الجنة دائم لا يبيد ولا يفنى ولا ينقطع.
اختلاف نعيم الجنة عما في الدنيا من النعيم؛ لأن نعيم الجنة لا خوف فيه، وأما نعيم الدنيا لا يدوم ويعتريه آلام وأسقام.
أهل الجنة يتقلبون في نعم ليس فيها مرض ولا هرم ولا عيب ولا نقص   --  صحيح.   →   رواه مسلم، وفي لفظه تقديم وتأخير.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8341

 
 
Hadith   1502   الحديث
الأهمية: إن أدنى مقعد أحدكم من الجنة أن يقول له: تمن، فيتمنى ويتمنى فيقول له: هل تمنيت؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنيت ومثله معه

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ أدنى مَقْعَدِ أحدِكم من الجنة أن يقول له: تَمَنَّ، فيتمنَّى ويتمنَّى فيقول له: هل تمنَّيتَ؟ فيقول: نعم، فيقول له: فإن لك ما تمنَّيتَ ومثله معه».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
إن أقل أهل الجنة ملكًا وأنزلهم مرتبة مَن ينال أمانيه كلها بحيث لا تبقى له أمنية إلا تحققت، حيث يقول الله له: «تمن» فيتمنى ما يشاء، حتى إذا تمنى جميع أمانيه، قال الله تعالى له: «فإن لك ما تمنيت ومثله معه» زيادة وفضلًا وإكرامًا من الله -تعالى-.

 

Hadith Lexico Arabic

 
أدنى : أقل.
مقعد أحدكم : منزلته في الجنة.
هل تمنيت : هل استوفيت ما تشتهيه وتحبه؟

 

Hadith Applications Arabic

 
أن الله تعالى يعطي عباده في الجنة ما يتمنون، ويزيدهم من فضله.
إثبات صفة الكلام لله -تعالى-.
منازل أهل الجنة متفاوتة الدرجات.
أدنى أهل الجنة منزلة له أضعاف مُلك ملوك الدنيا.
بيان عظم كرم الله - سبحانه وتعالى-، وأن خزائنه ملأى لا تنفذ.
لا ينحصر نعيم الجنة على شيء معين، بل يجد فيها المؤمن كل ما يتمناه وتشتهيه نفسه فضلا وجودا وكرما من عند الله - تعالى-.

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   رواه مسلم.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8342

 
 
Hadith   1503   الحديث
الأهمية: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟! فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: «إنَّ الله -عزَّ وجل- يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنَّة، فيقولون: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، والخير في يَدَيْكَ، فيقول: هل رَضِيتُمْ؟ فيقولون: وما لنَا لا نَرضَى يا ربَّنَا وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا ما لم تُعْطَ أحدا من خلقك؟! فيقول: ألاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ من ذلك؟ فيقولون: وأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ من ذلك؟ فيقول: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلاَ أَسْخَطُ عليكم بعده أبدًا».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يصوِّر لنا الحديث الشريف حوارًا سيكون في الجنة يوم القيامة بين الله -تعالى- والمؤمنين، وهو أن الله -تعالى- ينادي على المؤمنين ويسألهم    بعد دخولهم إياها:
(يا أهل الجنة، فيقولون لبيك) أي: إجابة بعد إجابة.
(يا ربنا وسعديك) بمعنى الإسعاد، وهو الإعانة، أي: نطلب منك إسعادا بعد إسعاد.
(والخير في يديك) أي: في قدرتك، ولم يذكر الشر؛ لأن الأدب عدم ذكره صريحا.
فيقول -تعالى- لهم:
(هل رضيتم؟) بما صرتم إليه من النعيم المقيم.
(فيقولون وما لنا لا نرضى) الاستفهام لتقرير رضاهم، أي نعم قد رضينا، (وقد أعطيتنا) وفي رواية وهل شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا (ما لم تعط أحدا من خلقك) الذين لم تدخلهم الجنة.
فيقول -تعالى-: (ألاَ أُعطِيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك، فيقول أُحِل عليكم رِضْوَاني) أي: رضائي.
(فلا أسخط عليكم بعده أبدا) فالله -تعالى- لا يسخط على أهل الجنة.

 

Hadith Lexico Arabic

 
لبيك ربنا وسعديك : أي: إجابة بعد إجابة، ومساعدة بعد مساعدة، وهما مثنيان للتكثير والتعدد.
أُحِلُّ : أُنْزِل.
فلا أسخط : لا أغضب.

 

Hadith Applications Arabic

 
أن النعيم الذي حصل لأهل الجنة لا مزيد عليه.
رضوان الله أعظم نعيم يحل على أهل الجنة بعد دخولهم لها.
تبشير الله لأهل الجنة برضاه عنهم، وإحلال رضوانه عليهم وعدم سخطه أبداً   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8343

 
 
Hadith   1504   الحديث
الأهمية: إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله -تبارك وتعالى-: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم

عن صهيب بن سنان -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله -تبارك وتعالى-: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبُيِّضْ وُجُوهنا؟ ألم تُدْخِلْنَا الجنة وتُنَجِّنَا من النار؟ فيكشف الحِجَاب، فما أُعْطُوا شيئا أحَبَّ إليهم من النظر إلى ربهم».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
يبين لنا الحديث الشريف جانباً من النعيم الذي يكون للمؤمنين يوم القيامة في الجنة، وهو حوار بينهم وبين الله -عزوجل- بعد دخولهم الجنة بأن يسألهم -تعالى- عما يتمنون زيادته لنعيمهم، فيُجيبون بأنهم في أنواع النعيم من تبييض الوجوه وإدخالهم الجنة ونجاتهم من النار، فيعطيهم الله النعيم الذي ليس بعده نعيم وهو كشف الحجاب الذي بينهم وبين الله -تعالى- فينظرون لوجهه الكريم ويكون أفضل ما ينعم به عليهم في الجنة.

 

Hadith Lexico Arabic

 
تريدون : بتقدير همزة الاستفهام أي: أتريدون.
فيكشف الحجاب : وهو حجاب منه تعالى للعباد حتى لا يروه، أما في الآخرة فيرفعه عنه ليروه.

 

Hadith Applications Arabic

 
أهل الجنة في نعيم عظيم من رب كريم .
كشف الحجاب عن أهل الجنة فيرون ربهم، وأما الكفار؛ فمحرومون منها.
تعظيم شأن رؤية المؤمنين لربهم، وأنها خاتمة الكرامة التي يمنحها لأوليائه المتقين.
شكر المؤمنين لله تعالى على تبييض وجوههم ودخولهم الجنة ونجاتهم من النار.
أهمية المسارعة إلى الجنة بالأعمال الصالحة وطاعة الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

Grade And Record التعديل والتخريج
 
صحيح.   →   رواه مسلم .
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8344

 
 
Hadith   1505   الحديث
الأهمية: أنا سيد الناس يوم القيامة، هل تدرون مم ذاك؟

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في دعوة، فَرُفِعَ إليه الذِّرَاعُ، وكانت تعجبه، فَنَهَسَ منها نَهْسَةً وقال: «أنا سَيِّدُ الناس يوم القيامة، هل تدرون مِمَّ ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صَعِيدٍ واحد، فيُبْصرُهُم الناظر، يُسْمِعُهُمُ الداعي، وتَدْنُو منهم الشمس، فيبلغ الناس من الغَمِّ والكَرْبِ ما لا يُطيقُون ولا يحتملون، فيقول الناس: ألا ترون ما أنتم فيه إلى ما بَلَغَكُم، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم. فيأتونه فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، وأسكنك الجنة، ألا تشفع لنا إلى ربك؟ ألا ترى إلى ما نحن فيه وما بلغنا؟ فقال: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيتُ، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدًا شكورًا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك؟ فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتُ بها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشْفَعْ لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث    كَذَبَات؛ نفسي نفسي نفسي، اذْهَبُوا إلى غيري، اذْهَبُوا إلى موسى، فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس، اشْفَعْ لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسًا لم أُومَرْ بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري؛ اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وَكَلَّمْتَ الناس في المهد، اشْفَعْ لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر ذنبًا، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-».
وفي رواية: «فيأتوني فيقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشْفَعْ لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنْطَلِقُ فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتح الله عليَّ من مَحَامِدِه وحُسْنِ الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب. فيقال: يا محمد أدخلْ من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب». ثم قال: «والذي نفسي بيده، إن ما بين الْمِصْرَاعَيْنِ من مصاريع الجنة كما بين مكة وهَجَر، أو كما بين مكة وبُصْرَى».

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
أخبر أبو هريرة -رضي الله عنه- أنهم كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوة طعام فقدمت إليه الذراع فقضم منها قضمة بأسنانه وكانت تعجبه ذراع الشاة؛ لأن لحمها أطيب ما في الجسم من لحم لين وسريع الهضم ومفيد، وكانت تعجب النبي -صلى الله عليه وسلم- فنهس منها نهسة ثم حدثهم هذا الحديث العجيب الطويل، فقال: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا شك أنه -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم وأشرف بني الإنسان عند الله -تبارك وتعالى-.
ثم قال لهم: أتدرون مم ذاك؟ قالوا: لا يا رسول الله.
فساق لهم بيان شرفه وفضله -صلى الله عليه وسلم- على جميع بني آدم؛    فذكر أن الناس يحشرون يوم القيامة في أرض واسعة مستوية أولهم وآخرهم، كما قال -عز وجل-: (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) يجمعون في أرض واحدة، والأرض يومئذ ممدودة ليست كهيئتها اليوم كروية، إذا مددت بصرك لا ترى إلا ما يواجهك من ظهرها فقط، أما يوم القيامة فإن الأرض تمد مد الجلد وليس فيها جبال ولا أودية ولا أنهار ولا بحار تمد مدًّا واحدًا. والذين فيها يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، يعني لو تكلم الإنسان يسمعهم آخر واحد، والبصر يراهم؛ لأنه ليس بها تكور حتى يغيب بعض عن بعض، ولكن كلهم في صعيد واحد.
   في ذلك اليوم تدنو الشمس من الخلائق على قدر ميل، ويلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون؛ فتضيق بهم الأرض ويطلبون الشفاعة لعل أحدا يشفع فيهم عند الله -جل وعلا-، ينقذهم من هذا الموقف العظيم على الأقل.
   فيلهمهم الله -عز وجل- أن يأتوا إلى آدم أبي البشر؛ فيأتون إليه ويبينون فضله، لعله يشفع لهم عند الله -عز وجل- يقولون له: أنت آدم أبو البشر كل البشر من بني آدم الذكور والإناث إلى يوم القيامة، خلقك الله بيده كما قال -تعالى- منكرًا على إبليس: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}، وأسجد لك ملائكته، قال الله -تعالى-: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا} وعلمك أسماء كل شيء، قال الله -تعالى-: {وعلم آدم الأسماء كلها} ونفخ فيك من روحه، قال الله -تعالى-: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}.
كل هذا يعلمه الخلق، ولاسيما أمة محمد الذين أعطاهم الله -تعالى- من العلوم ما لم يُعطِ أحدًا من الأمم، فيعتذر ويقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله قط ثم يذكر خطيئته، وهي أن الله -سبحانه وتعالى- نهاه أن يأكل من شجرة فأكل، قال الله -تعالى-: {ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}، فعوقب بأن أخرج من الجنة إلى الأرض لحكمة يريدها الله -عز وجل- فيذكر معصيته، ويقول: نفسي نفسي نفسي. يعني عسى أن أنقذ نفسي ويؤكد ذلك ويكرره ثلاث مرات، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح، ونوح هو الأب الثاني للبشرية؛ لأن الله أغرق جميع أهل الأرض الذين كذبوا نوحًا {وما آمن معه إلا قليل}، ولم يستمر عقب غيره، فيقولون: اذهبوا إلى نوح فيأتون إلى نوح؛ لأنهم في شدة وضيق فيأتونه ويذكرون نعم الله عليه، وأنه أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، وأن الله سماه عبدًا شكورًا، ولكنه يقول كما قال آدم بأن الله -عز وجل- غضب اليوم غضبًا لم يغضب مثله قط، ولن يغضب مثله ثم ذكر دعوته التي دعا بها على قومه: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا} وفي رواية أنه يذكر دعوته التي دعا بها لابنه {فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين}، يذكر ذنبه والشافع لا يشفع إلا إذا كان ليس بينه وبين المشفوع عنده ما يوجب الوحشة، والمعصية بين العبد وربه توجب الوحشة بينهما وخجله منه، فيذكر معصيته فيقول نفسي نفسي نفسي، ويحيلهم إلى إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، فيأتي الناس إليه ويقولون: أنت خليل الله في الأرض. ويذكرون من صفاته، ويطلبون منه أن يشفع لهم عند ربه، فيعتذر ويقول إنه كذب ثلاث كذبات، ويقول: نفسي نفسي نفسي.
والكذبات هي قوله: إني سقيم. وهو ليس بسقيم لكنه قال متحديا لقومه الذين يعبدون الكواكب.
والثانية قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} أي الأصنام، وهو ما فعل وإنما الذي فعله هو إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- لكن ذكر ذلك على سبيل التحدي لهؤلاء الذين يعبدون الأوثان.
والثالثة قوله للملك الكافر: هذه أختي يعني زوجته ليسلم من شره، وهي ليست كذلك.
هذه كذبات في ظاهر الأمر؛ لكنها في الحقيقة وبمناسبة تأويله -صلى الله عليه وسلم- لم تكن كذبات؛ لكنه لشدة ورعه وحيائه من الله -تبارك وتعالى- اعتذر بهذا، ويقول: نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى، فيأتون إلى موسى ويذكرون صفاته، وأن الله -تعالى- كلمه تكليمًا واصطفاه على أهل الأرض برسالاته وكلامه، فيذكر ذنبًا ويعتذر بأنه قتل نفسًا قبل أن يؤذن له في قتلها، وهو القبطي الذي كان في خصام مع رجل من بني إسرائيل، وموسى من بني إسرائيل -صلى الله عليه وسلم- والقبطي من أهل فرعون {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه} دون أن يؤمر بقتله، فرأى -صلى الله عليه وسلم- أن هذا مما يحول بينه وبين الشفاعة للخلق حيث قتل نفسا لم يؤمر بقتلها، وقال: نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى. فيأتون إلى عيسى ويذكرون من منة الله عليه أنه نفخ فيه من روحه وأنه كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه؛ لأنه خلق بلا أب، فلا يذكر ذنبًا ولكنه يحيلهم إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهذا شرف عظيم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان أربعة من الأنبياء يعتذرون بذكر ما فعلوه وواحد لا يعتذر بشيء، ولكن يرى أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- أولى منه.
فيأتون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقبل ذلك، ويسجد تحت العرش ويفتح الله عليه من المحامد والثناء على الله ما لم يفتحه على أحد غيره، ثم يقال له: ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع. فيشفع -صلى الله عليه وسلم- ويقول: يا رب أمتي أمتي. فيتقبل الله شفاعته، ويقال له أدخل أمتك من الباب الأيمن من الجنة وهم شركاء مع الناس في بقية الأبواب.
وهذه فيها دلالة ظاهرة على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أشرف الرسل، والرسل هم أفضل الخلق.

 

Hadith Lexico Arabic

 
صعيد : الأرض الواسعة المستوية.
ثلاث كذبات : أما اثنان منها ففي الله -تعالى-، وهي قوله: {إني سقيم} [الصافات (89) ] ، وقوله: {بل فعله كبيرهم هذا} [الأنبياء (63) ] . وأما الثالثة فهي قوله لسارة: أختي، يعني في الإسلام، وليست بكذب حقيقة، لكن لما كانت بصورة الكذب سماها كذبًا.
نَهَس : النَّهْس: قضم الشيء بمقدم الأسنان.
المِصراعين : جانبي الباب.
هَجَر : هي قاعدة البحرين، وهي الأحساء.
بُصْرى : مدينة معروفة، بينها وبين مكة شهر.
دَعْوة : دعوة إلى طعام.
فسجدوا لك : أي سجود شكر لا عبادة.
المهد : الصغر.
العَرْشِ : سرير الملك وهو مخلوق عظيم لا يعلم عظمته إلا الله.
يشفع لكم : يتوسط لكم بجلب نفع أو دفع ضر.
سيد ولد آدم : السيد الذي يفوق قومه والذي يفزع إليه في الشدائد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- سيدهم في الدنيا والآخرة، وإنما خص يوم القيامة لارتفاع السؤدد فيه وتسليم جميعهم له ولكون آدم وجميع أولاده يومئذٍ تحت لوائه -صلى الله عليه وسلم-.
نفسي نفسي : أي: نفسي هي التي تستحق أن يشفع لها.

 

Hadith Applications Arabic

 
تفضيل نبينا -صلى الله عليه وسلم- على جميع المخلوقين.
تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- وتلبيته للدعوة، والأكل مع عامة أصحابه.
أحب الطعام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذراع    لنضجها، وسرعة استمرائها، وزيادة لذتها.
الحكمة في أن الله -تعالى- ألهمهم سؤال آدم، ومن بعده في الابتداء، ولم يلهموا سؤال نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- لإظهار فضيلته، فهو النهاية في ارتفاع المنزلة، وكمال القرب.
عدم البحث فيما لم يذكر وأبهم في النصوص مثل الشجرة التي أكل منها آدم -عليه السلام-.
الحذر من الشيطان حيث أغوى آدم وحواء -عليهما السلام-.
يشرع لمن أراد من عبد حاجة أن يقدم ين يديه وصف المسئول بأحسن صفاته؛ ليكون أدعى للإجابة.
يجوز لمن سئل عن أمر لايقدر عليه أن يعتذر بما يقبل منه، ويستحب أن يرشد لمن يظن أنه أقدر على ذلك.
بيان هول الموقف واشتداد المحشر على العباد يوم القيامة.
إثبات صفة الغضب لله -عز وجل-.
تواضع الأنبياء حيث تذكروا ما مضى منهم؛ ليشعروا بأنهم دون هذا الموقف.
بيان أفضلية أولي العزم من الرسل -عليهم السلام-.
أن نوحًا -عليه السلام- أول الرسل إلى الناس.
إثبات الوسيلة والمقام المحمود لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
محامد الله -تعالى- لاتنتهي؛ ولذلك يفتح الله على رسوله في هذا المقام من حسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه لأحد قبله.
بيان أن أمة محمد خير الأمم، فلهم خصائص في دخول الجنة حيث يدخلون من باب خاص بهم، ويشاركون الناس في بقية الأبواب   --  صحيح.   →   متفق عليه.
 
Reference: Hadeeth Encyclopaedia @ 8345

 
 
Hadith   1506   الحديث
الأهمية: جاء إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- بأم إسماعيل وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- بأم إسماعيل وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند البيت، عند دَوْحَة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هناك، ووضع عندهما جِرَابًا فيه تمر، وسِقاء فيه ماء، ثم قَفَّى إبراهيم منطلقا، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مِرارا، وجعل لا يلتفت إليها، قالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذا لا يُضَيِّعُنَا؛ ثم رجعت، فانطلق إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان عند الثَّنِيَّة حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهؤلاء الدَّعَوَات، فرفع يديه فقال: {رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زَرْعٍ} حتى بلغ {يشكرون} [إبراهيم: 37]. وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السِّقَاء عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى -أو قال يَتَلَبَّطُ- فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا. فَهَبَطَتْ من الصفا حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طَرَفَ دِرْعِهَا، ثم سعَت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها، فنظرت هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات. قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فلذلك سعى الناس بينهما»، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت: صَهْ -تريد نفسها- ثم تَسَمَّعَتْ، فسمعت أيضا، فقالت: قد أسمعت إن كان عندك غَوَاث، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم، فبحث بعقبه -أو قال بجناحه- حتى ظهر الماء، فجعلت تُحَوِّضُهُ وتقول بيدها هكذا، وجعلت تَغْرِفُ من الماء في سِقائها وهو يفور بعد ما تَغْرِفُ. وفي رواية: بقدر ما تَغْرِفُ. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال لو لم تَغْرِفُ من الماء - لكانت زمزم عَيْنًا مَعِينًا» قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضَّيْعَةَ فإن هاهنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا من الأرض كَالرَّابِيَةِ، تأتيه السيول، فتأخذ عن يمينه وعن شماله، فكانت كذلك حتى مرت بهم رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُم، أو أهل بيت من جُرْهُم مقبلين من طريق كَدَاءَ، فنزلوا في أسفل مكة؛ فرأوا طائرا عائِفًا، فقالوا: إنّ هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء. فأرسلوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْن، فإذا هم بالماء. فرجعوا فأخبروهم؛ فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء، فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم، ولكن لا حق لكم في الماء، قالوا: نعم. قال ابن عباس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فَألْفَى ذلك أم إسماعيل، وهي تحب الأنس» فنزلوا، فأرسلوا إلى أهلهم فنزلوا معهم، حتى إذا كانوا بها أهل أبيات، وشَبَّ الغلام وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شَبَّ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم: وماتت أم إسماعيل، فجاء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته، فلم يجد إسماعيل؛ فسأل امرأته عنه فقالت: خرج يبتغي لنا - وفي رواية: يصيد لنا - ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بشر، نحن في ضيق وشدة؛ وشكت إليه، قال: فإذا جاء زوجك اقرئي عليه السلام، وقولي له يغير عَتَبَةَ بابه. فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا، فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم، جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألنا عنك فأخبرته، فسألني: كيف عيشنا، فأخبرته أنا في جَهْد وشدة. قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم، أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول: غير عَتَبَةَ بابك، قال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك! الْحَقِي بأهلك. فطلقها وتزوج منهم أخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بعد فلم يجده، فدخل على امرأته فسأل عنه. قالت: خرج يبتغي لنا قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم، فقالت: نحن بخير وسَعَة، وأثنت على الله. فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم، قال: فما شرابكم؟ قالت: الماء، قال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء. قال النبي - صلى الله عليه وسلم: ولم يكن لهم يومئذ حَبّ، ولو كان لهم دعا لهم فيه، قال: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه.
وفي رواية: فجاء فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد؛ فقالت امرأته: ألا تنزل، فتطعم وتشرب؟ قال: وما طعامكم وما شرابكم؟ قالت: طعامنا اللحم وشرابنا الماء، قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم. قال: فقال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم: بركة دعوة إبراهيم. قال: فإذا جاء زوجك فَاقْرَئِي عليه السلام مُرِيِهِ يُثَبِّتُ عَتَبَةَ بابه. فلما جاء إسماعيل قال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير. قال: فأوصاك بشيء؟ قالت: نعم، يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تُثَبِّتَ عَتَبَةَ بابك. قال: ذاك أبي، وأنت العَتَبة، أمرني أن أُمْسِكَك. ثم لبث عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يَبْرِي نَبْلًا له تحت دَوْحَةٍ قريبا من زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد. قال: يا إسماعيل، إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ما أمرك ربك؟ قال: وَتُعِينُنِي، قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني بيتا هاهنا، وأشار إلى أكَمَة مرتفعة على ما حولها، فعند ذلك رفع القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء، جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: {ربنا تَقَبَّلْ منا إنك أنت السميع العليم} [البقرة: 127].
وفي رواية: إن إبراهيم خرج بإسماعيل وأم إسماعيل، معهم شَنَّةٌ فيها ماء، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشَّنَّة فَيَدِرُّ لبنها على صبيها، حتى قدم مكة، فوضعها تحت دَوْحَة، ثم رجع إبراهيم إلى أهله، فاتبعته أم إسماعيل حتى لما بلغوا كَدَاءَ نادته من ورائه: يا إبراهيم إلى من تتركنا؟ قال: إلى الله، قالت: رضيتُ بالله، فرجعتْ وجعلتْ تشرب من الشَّنَّة ويدر لبنها على صبيها، حتى لما فني الماء قالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا. قال: فذهبت فصعدت الصفا، فنظرت ونظرت هل تحس أحدا، فلم تحس أحدا، فلما بلغت الوادي سعت، وأتت المروة، وفعلت ذلك أشواطا، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل الصبي، فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله، كأنه يَنْشَغُ للموت، فلم تُقِرَّهَا نفسها فقالت: لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا، فذهبت فصعدت الصفا، فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا، حتى أتمت سبعا، ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل، فإذا هي بصوت، فقالت: أَغِثْ إنْ كان عندك خير، فإذا جبريل فقال بِعقِبِهِ هكذا، وغمز بِعقِبِهِ على الأرض، فانبثق الماء فدهشت أم إسماعيل، فجعلت تَحْفِنُ ... وذكر الحديث بطوله".

 
Hadiths Explanation بيان الحديث
 
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- بأم إسماعيل هاجر القبطية -التي وهبها ملك مصر لزوجته سارة- وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند الكعبة، عند شجرة كبيرة ثابتة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد من الإِنس، وليس بها ماء فوضعهما هناك، ووضع عندهما وعاء من جلد فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم ولّى منطلقًا إلى الشام، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء مما يؤكل ويشرب؟ فقالت له ذلك مرارًا، ولا يلتفت إليها، وانصرف إلى طريقه، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم قالت: إذًا لا يضيعنا.
ثم رجعت إلى ابنها؛ فانطلق إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان عند الثَّنِيَّة عند الحجون حيث لا يرونه استقبل بوجهه موضع البيت، ثم دعا بهؤلاء الدعوات فرفع يديه فقال: (رب إني أسكنت من ذريتي) بعضهم (بواد غير ذي زرع) وهو مكة، وكونها كذلك ليتم التفرغ فيها للعبادة، (عند بيتك المحرم) الذي حرم عنده الصيد وقطع الشجر والمقاتلة (ربنا ليقيموا الصلاة) بمكة (فاجعل أفئدة من الناس) أي: قلوبهم (تهوي) أي: تسرع (إليهم) شوقاً (وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) نعمتك، وقد استجاب الله دعاءه.
وجعلت أم إسماعيل ترضعه، وتشرب من ذلك الماء، وتأكل من ذلك الثمر؛ حتى إذا نفد وانتهى ما في السقاء من الماء؛ عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى أو يتمرّغ ويضرب بنفسه الأرض فانطلقت كراهية أن تنظر إليه وهو كذلك، فوجدت الصفا أقرب جبل إليها في الأرض؛ فقامت عليه، ثم استقبلت مكة تنظر هل ترى أحداً؟ فلما بلغت الوادي المسيل وفيه انخفاض امتنع به رؤيتها لولدها فخافت عليه فأسرعت وسعت سعي الذي أصابته المشقة، وأتت المروة أي: بعد تركها السعي وعودها لعادتها قبل وصولها الوادي، فنظرت هل ترى أحدًا؟ فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فلذلك سعى الناس بينهما»، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتًا، فقالت لنفسها: اسكتي، تريد من نفسها الإنصات، ثم تسمَّعت فسمعت أيضًا، فقالت: قد أسمعت فاغثني. فإذا هي بالملك جبريل عند موضع زمزم، فبحث بعقبه أي مؤخر قدمه، -أو قال بجناحه- حتى ظهر الماء، فجعلت تجعله مثل الحوض، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو ينبع بشدة بعد ما تغرف -وفي رواية: بقدر ما تغرف- قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: رحم الله أم إسماعيل لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا. يعني جاريًا على ظاهر الأرض.
   قال: فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الهلاك؛ فإن هاهنا بيتًا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله، وكان موضع البيت مرتفعًا من الأرض كالرابية، تأتيه السيول، فتأخذ عن يمينه وعن شماله؛ فلا تغرقه السيول، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من قبيلة جُرْهم، مقبلين من طريق كَدَاء، فنزلوا في أسفل مكة؛ فرأوا طائرًا يحوم في الجو، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء؛ فأرسلوا رسولًا أو رسولين يستطلعان، فإذا هم بالماء فرجعا فأخبروهم فأقبلوا، وأم إسماعيل عند الماء فقالوا: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟ قالت: نعم ولكن لاحق لكم في الماء. أي: بل الحق فيه مختص بي، فإن شئت منحت وإن شئت منعت. قالوا: نعم، فوافق ذلك أم إسماعيل، وهي تحب الأنس وتكره الوحشة.
فنزلوا فأرسلوا إلى أهليهم فجاءوا فنزلوا معهم؛ حتى اجتمعوا وكثروا وشبّ إسماعيل، وتعلم العربية منهم، و كثرت رغبتهم فيه، وأعجبهم حتى كبر ونشأ، فلما بلغ الحُلم زوجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يتفقد حال ما تركه؛ فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه أين هو؟ فقالت: خرج يطلب لنا رزقًا بالصيد، ثم سألها عن عيشهم من الطعام والشراب وعن حالتهم؟ فقالت: نحن بِشرٍّ، وفي ضيق من المعاش وشدة منه، وشكت إليه.
فلما رأى مزيد التبرم وشدة الضجر مما ابتلاها الله -تعالى- به زيادة في الدرجات خشي أن يسري حالها إلى ولده فيقع في مثل حالها فأمره بفراقها، فقال إبراهيم: فإذا جاء زوجك أبلغيه سلامي، وقولي له يغير عتبة بابه. كناية عن طلاق امرأته؛ لأن المرأة تلازم البيت كملازمة العتبة للبيت، فلما جاء إسماعيل من صيده كأنه أحس شيئاً؛ فقال: هل جاءكم من أحد؟ قالت: نعم جاءنا شيخ موصوف بكذا؛ فسألنا عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا في مشقة وشدة، قال: فهل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام، ويقول لك غير عتبة بابك. قال: ذاكِ أبي وقد أمرني بتغيير عتبة الباب: أن أفارقك، الحقي بأهلك. وهو من كنايات الطلاق، لكنه صرح به بقوله فطلقها، وتزوج منهم امرأة أخرى.
   فلبث إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد ذلك فلم يجد إسماعيل؛ فدخل على امرأته؛ فسأل عنه. قالت: خرج يبتغي لنا -وفي رواية فقالت امرأته: ألا تنزل فتطعم وتشرب- قال: كيف أنتم؟ وسألها عن عيشهم وحالهم فقالت: نحن بخير وسَعة. وحمدت الله -تعالى-. فقال: ما طعامكم؟ قالت اللحم. قال: فما شرابكم. قالت: ماء زمزم أوهو وغيره من باقي المياه كماء مطر. فقال: اللهم بارك لهم في اللحم والماء. قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن لهم يومئذ أي نوع من الحبوب، ولو كان لهم دعا لهم فيه؛ لتعمه البركة بدعائه.
قال ابن عباس -رضي الله عنه-: فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه مزاجه، ويشتكي من بطنه. قال إبراهيم: فإذا جاء زوجك من الصيد، فاقرئي عليه السلام، ومُرِيه يثبِّت عتبة بابه، فلما جاء إسماعيل من الصيد كأنه أحس شيئاً -كما جاء في رواية وجد ريح أبيه- فقال: هل أتاكم من أحد؟ قالت: نعم، شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه ذاكرة بعض أوصاف كماله، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنّا بخير. قال: فأوصاكِ بشيء؟ قالت: نعم، يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال: ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أديم عصمتك.
ثم لبث إبراهيم عنهم ما شاء الله، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يصلح سهما قبل أن يُركِّب فيه نصله وهو تحت شجرة بقرب زمزم، فلما رآه قام إليه، فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد من العناق والمصافحة.
قال إبراهيم: يا إسماعيل إن الله -تعالى- أمرني بأمر. قال: فاصنع ما أمرك ربك. قال وتعينني؟ قال: وأعينك. قال: فإن الله -تعالى- أمرني أن أبني بيتًا ها هنا، وأشار بقوله ها هنا إلى تل، وقيل شرفة مرتفعة على ما حولها من الأرض، وكانت السيول لا تعلوها، فعند ذلك رفع إبراهيم الأساس من البيت، ورفع البناء عليها، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم على المقام ينزل منه لأخذ الحجر من إسماعيل، ثم يعلو به فيضعه محله من البناء، حتى إذا ارتفع البناء جاء بحجر المقام؛ فلما بلغ الموضع الذي فيه الركن وضعه يومئذ موضعه، وأخذ المقام فجعله لاصقاً بالبيت، كان يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان (ربنا تقبل منا) بناء البيت (إنك أنت السميع) لدعائنا (العليم) ببناء البيت.
وفي قوله (تعلم العربية) دليل قوي على قدم اللغة العربية، وأنها قبل إبراهيم -عليه السلام- لكن إسماعيل أول من نطق باللغة العربية المبينة، كما في الحديث "أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل وهو ابن أربع عشرة سنة". رواه الشيرازي في الألقاب وصححه    الشيخ الألباني.

 

Hadith Lexico Arabic

 
بأم إسماعيل : اسمها هاجَر، وهي قبطية وهبها لسارة ملك مصر الذي أراد سارة فحفظها الله -تعالى- منه.
الدوحة : الشجرة الكبيرة.
البيت : الكعبة.
جرابًا : وعاء من الجلد.
السِقَاءُ : إناء يكون للماء واللبن.
قَفَّى : وَلَّى وذهب.
الثَّنِيَّة : الطريق في الجبل وكانت عند الحجون.
يَتَلَبَّط : يتمرغ ويضرب بنفسه الأرض.
أكَمَة : تل، وقيل: شرفة كالرابية وهو: ما اجتمع من الحجارة في مكان مرتفع واحد.
الشِّنَّة : هي الجلدة البالية، والمراد هنا السقاء.
يغيِّر عَتَبَة بابه : كناية عن طلاق امرأته، وكنى عن المرأة بعتبة الباب لما فيها من حفظ الباب وصون ما في داخله وكونها محل الوطء.
يَنْشَغُ : يَشْهَق.
زمزم : هي البئر المباركة المشهورة، تقع جنوب شرق الكعبة.
أشرفت : علت.
يدرّ لبنها : يكثر.
كَدَاء : العقبة الصغرى بأعلى مكة.
فبحث بعقبه : حفر بمؤخرة قدمه.
تَحْفِن : تملأ كفها.
درعها : قميصها.
الْجَرِيّ : الرّسول.
جَهْد : مشقة.
المجهود : الذي أصابه الجَهْد أي المشقة.
صه : اسكتي.
تُحَوِّضُهُ : تجعله مثل الحوض.
يَبْرِي نَبْلًا : يُصلِح سهمًا قبل أن يركِّب فيه نصله وريشه.
عَيْنًا مَعِينًا : ظاهرًا جاريًا على وجه الأرض.
الضَّيْعَةَ : الهلاك.
جُرْهُمٍ : قبيلة قحطانية، هاجرت من اليمن إلى الحجاز، وسكنت مكة.
طائرًا عائِفاً : الذي يحوم على الماء ويتردد ولا يمضي عنه.
أنْفَسَهُمْ : من النفاسة والجودة، أي: كثرت رغبتهم فيه.
ألْفَى : وجد.
شَبَّ : كبر ونشأ.
أدرك : بلغ الحلم.
يطالع تركته : يتفقد حال ما تركه.
آنس : أحسّ.

 

Hadith Applications Arabic

 
استحباب استقبال القبلة حال الدعاء؛ فقد استقبل إبراهيم -عليه السلام- البيت ودعا.
في قوله (ربنا ليقيموا الصلاة) تحريض للمقيم بمكة على عبادة المولى، والإِعراض عن أعراض الدنيا فإنها حينئذ تنقاد له.
الحث على التوكل على الله والتضرع إليه، ومن توكل على الله كفاه، ومن فوض إليه أمره وقاه.
مبادرة الأنبياء لطاعة ربهم، والتضحية من أجل مرضاته بأولادهم وأزواجهم.
أن ماء زمزم طعام طعم؛ حيث كان طعام أم إسماعيل وابنها.
فيه بيان لل