وأن استغفروا ربكم ← من الشرك ثم توبوا ← ارجعوا إليه ← بالطاعة يمتعكم ← في الدنيا متاعا حسنا ← بطيب عيش وسعة رزق إلى أجل مسمى ← هو الموت ويؤت ← في
الآخرة كل ذي فضل ← في العمل فضله ← جزاءه وإن تولّوا ← فيه حذف إحدى
التاءين، أي تُعرضوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ← هو يوم القيامة .
ونزل كما رواه البخاري عن ابن عباس فيمن كان يستحي أن يتخلى أو يجامع فيقبض إلى
السماء وقبل في المنافقين ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ← أي الله ألا
حين يستغشون ثيابهم ← يتغطون بها يعلم ← تعالى ما يُسرون وما يُعلنون ← فلا
يُغني استخفاؤهم إنه عليم بذات الصدور ← أي بما في القلوب .
وما من ← زائدة دابة في الأرض ← هي ما دبَّ عليها إلا على الله رزقها ← تكفل
به فضلا منه تعالى ويعلم مستقرها ← مسكنها في الدنيا أو الصُلب ومستودعها ← من
الموت أو في الرحم كل ← ما ذكر في كتاب مبين ← بيِّن هو اللوح المحفوظ .
وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ← أولها الأحد وآخرها الجمعة وكان
عرشه ← قبل خلقهما على الماء ← وهو على متن الريح ليبلوكم ← متعلق بخلق أي
خلقهما وما فيهما من منافع لكم ومصالح ليختبركم أيكم أحسن عملا ← أي أطوع لله ولئن قلت ← يا محمد لهم إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن ← ما هذا ← القرآن الناطق بالبعث أو الذي تقوله إلا سحر مبين ← بيَّن وفي قراءة ساحر :
والمشار إليه النبي.
ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى ← مجيء أمة ← أوقات معدودة ليقولن ← استهزاء ما
يحبسه ← ما يمنعه من النزول قال تعالى: ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا ← مدفوعا عنهم وحاق ← نزل بهم ما كانوا به يستهزئون ← من العذاب .
ولئن أذقناه نعماءَ بعد ضرَّاء ← فقر وشدة مَسَّته ليقولون ذهب السيئات ← المصائب عني ← ولم يتوقع زوالها ولا شكر عليها إنه لفرح ← بطر فخور ← على
الناس بما أوتي .
فلعلك ← يا محمد تارك بعض ما يوحى إليك ← فلا تبلغهم إياه لتهاونهم به وضائق
به صدرك ← بتلاوته عليهم لأجل أن يقولوا لوْلا ← هلا أنزل عليه كنز أو جاء معه
مَلَكٌ ← يصدقه كما اقترحنا إنما أنت نذير ← فما عليك إلا البلاغ لا الإتيان بما
اقترحوا والله على كل شيء وكيل ← حفيظ فيجازيهم .
أم ← بل أ يقولون افتراه ← أي القرآن قل فأتوا بعشر سور مثله ← في الفصاحة
والبلاغة مفتريات ← فإنكم عربيون فصحاء مثلي تحداهم بها أولا ثم بسورة وادعوا ← للمعاونة على ذلك من استطعتم من دون الله ← أي غيره إن كنتم صادقين ← في أنه
افتراء .
فإ ← ن لم يستجيبوا لكم ← أي من دعوتموهم للمعاونة فاعلموا ← خطاب للمشركين أنما أنزل ← ملتبسا بعلم الله ← وليس افتراء عليه وأن ← مخففة أي أنه لا إله
إلا هو فهل أنتم مسلمون ← بعد هذه الحجة القاطعة أي أسلموا .
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ← بأن أصَرَّ على الشرك، وقيل هي في المرائين
نوفِّ إليهم أعمالهم ← أي جزاء ما عملوه من خير كصدقة وصلة رحم فيها ← بأن نوسع
عليهم رزقهم وهم فيها ← أي الدنيا لا يبخسون ← ينقصون شيئا .
أفمن كان على بيِّنة← بيان من ربه ← وهو النبي أو المؤمنون، وهي القرآن ويتلوه ← يتبعه شاهد ← له بصدقه منه ← أي من الله وهو جبريل ومن قبله ← القرآن كتاب موسى ← التوراة شاهد له أيضا إماما ورحمة ← حال كمن ليس كذلك ؟ لا
أولئك ← أي من كان على بينة يؤمنون به ← أي بالقرآن فلهم الجنة ومن يكفر به
من الأحزاب ← جميع الكفار فالنار موعده فلا تَكُ في مِرْيَةِ ← شك منه ← من
القرآن إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس ← أي أهل مكة لا يؤمنون } .
ومن ← أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا ← بنسبة الشريك والولد إليه أولئك يُعرضون على ربهم ← يوم القيامة في جملة الخلق ويقول الأشهاد ← جمع شاهد،
وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكفار بالتكذيب هؤلاء الذين كذبوا على
ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ← المشركين .
أولئك لم يكونوا معجزين ← الله في الأرض وما كان لهم من دون الله ← أي غيره من أولياء ← أنصار يمنعونهم من عذابه يضاعف لهم العذاب ← بإضلالهم غيرهم وما
كانوا يستطيعون السمع ← للحق وما كانوا يبصرونـ ← ـه أي لفرط كراهتهم له كأنهم لم
يستطيعوا ذلك .
مثل ← صفة الفريقين ← الكفار والمؤمنين كالأعمى والأصم ← هذا مثل الكافر والبصير والسميع ← هذا مثل المؤمن هل يستويان مثلا ← لا أفلا تذَّكرون ← فيه
إدغام التاء في الأصل في الذال تتعظون .
فقال الملأ الذين كفروا من قومه ← وهم الأشراف ما نراك إلا بشرا مثلنا ← ولا
فضل لك علينا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا ← أسافلنا كالحاكة والأساكفة بادئ الرأي ← بالهمز وتركه أي ابتداء من غير تفكر فيك ونصبه على الظرف أي وقت حدوث
أول رأيهم وما نرى لكم علينا من فضل ← فتستحقون به الاتباع منا بل نظنكم كاذبين
← في دعوى الرسالة أدرجوا قومه معه في الخطاب .
قال يا قوم أرأيتم ← أخبروني إن كنت على بينة ← بيان من ربي وآتاني رحمة ← نبوة من عنده فَعَميتْ ← خفيت عليكم ← وفي قراءة بتشديد الميم والبناء للمفعول
أنُلزمُكُموها ← أنجبركم على قبولها وأنتم لها كارهون ← لا نقدر على ذلك .
ويا قوم لا أسألكم عليه ← على تبليغ الرسالة مالا ← تعطونيه إن ← ما أجري ← ثوابي إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا ← كما أمرتموني إنهم ملاقو ربهم
← بالبعث فيجازيهم ويأخذ لهم ممن ظلمهم وطردهم ولكني أراكم قوما تجهلون ← عاقبة
أمركم .
ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا ← إني أعلم الغيب ولا أقول إني مَلَكٌ ← بل
أنا بشر مثلكم ولا أقول للذين تزدري ← تحتقر أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله
أعلم بما في أنفسهم ← قلوبهم إني إذًا ← إن قلت ذلك لمن الظالمين } .
{( ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ) أي إغواءكم ،
وجواب الشرط دل عليه "" ولا ينفعكم نصحي "" ( هو ربكم وإليه ترجعون ) قال تعالى :
أم ← بل أ يقولون ← أي كفار مكة افتراه ← اختلق محمد القرآن قل إن افتريته
فعليَّ إجرامي ← إثمي، أي عقوبته وأنا بريء مما تجرمون ← من إجرامكم في نسبة
الافتراء إلي .
{( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس ) تحزن ( بما كانوا
يفعلون ) من الشرك فدعا عليهم بقوله ، "" رب لا تذر على الأرض "" إلخ ، فأجاب الله
دعاءه فقال :
ويصنع الفلك ← حكاية حال ماضية وكلما مرَّ عليه ملاٌ ← جماعة من قومه سخروا
منه ← استهزءوا به قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون ← إذا نجونا
وغرقتم .
حتى ← غاية للصنع إذا جاء أمرنا ← بإهلاكهم وفار التنور ← للخباز بالماء وكان
ذلك علامة لنوح قلنا احمل فيها ← في السفينة من كلِ زوجين ← ذكرا وأنثى، أي من
كل أنواعهما اثنين ← ذكرا وأنثى وهو مفعول وفي القصة أن الله حشر لنوح السباع
والطير وغيرها، فجعل يضرب بيديه في كل نوع فتقع يده اليمنى على الذكر واليسرى على
الأنثى فيحملهما في السفينة وأهلك ← أي زوجته وأولاده إلا من سبق عليه القول ← أي منهم بالإهلاك وهو زوجته وولده كنعان بخلاف سام وحام ويافث فحملهم وزوجاتهم
الثلاثة ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ← قيل كانوا ستة رجال ونساءهم وقيل : جميع
من كان في السفينة ثمانون نصفهم رجال ونصفهم نساء.
قال سآوي إلى جبل يعصمني ← يمنعني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله ← عذابه إلا ← لكن من رحم ← الله فهو المعصوم قال تعالى وحال بينهما الموج فكان
من المغرقين } .
وقيل يا أرض ابلعي ماءك ← الذي نبع منك فشربته دون ما نزل من السماء فصار أنهارا
وبحارا ويا سماء أقلعي ← أمسكي عن المطر فأمسكت وغيض ← نقص الماء وقضي الأمر
← تم أمر هلاك قوم نوح واستوت ← وقفت السفينة على الجودِي ← جبل بالجزيرة بقرب
الموصل وقيل بُعدا ← هلاكا للقوم الظالمين ← الكافرين .
قال ← تعالى يا نوح إنه ليس من أهلك ← الناجين أو من أهل دينك إنه ← أي سؤالك
إياي بنجاته عمل غير صالح ← فإنه كافر ولا نجاة للكافرين وفي قراءة بكسر ميم عمل
فعل ونصب غير فالضمير لابنه فلا تسألنّ ← بالتشديد والتخفيف وما ليس لك به علم
← من إنجاء ابنك إني أعظك أن تكون من الجاهلين ← بسؤالك ما لم تعلم .
قيل يا نوح اهبط ← انزل من السفينة بسلام ← بسلامة أو بتحية منا وبركات ← خيرات عليك وعلى أمم ممن معك ← في السفينة أي من أولادهم وذريتهم وهم المؤمنون وأمم ← بالرفع ممن معك سنمتعهم ← في الدنيا ثم يَمَسُّهم منا عذاب أليم ← في
الآخرة وهم الكفار .
تلك ← أي هذه الآيات المتضمنة قصة نوح من أنباء الغيب ← أخبار ما غاب عنك نوحيها إليك ← يا محمد ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ← القرآن فاصبر ← على التبليغ وأذى قومك كما صبر نوح إن العاقبة ← المحمودة للمتقين } .
و ← أرسلنا إلى عاد أخاهم ← من القبيلة هودا قال يا قوم اعبدوا الله ← وَحِّدوهُ ما لكم من ← زائدة إله غيره إن ← ما أنتم ← في عبادتكم الأوثان إلا مفترون ← كاذبون على الله .
ويا قوم استغفروا ربكم ← من الشرك ثم توبوا ← ارجعوا إليه ← بالطاعة يرسل
السماء ← المطر وكانوا قد منعوه عليكم مِدرارا ← كثير الدرور ويزدكم قوة إلى ← مع قوتكم ← بالمال والولد ولا تتولوا مجرمين ← مشركين .
إن ← ما نقول ← في شأنك إلا اعتراك ← أصابك بعض آلهتنا بسوءٍ ← فخبلك لسبك
إياها فأنت تهذي قال إني أشهد الله ← عليَّ واشهدوا أني بريء مما تشركونـ ← ـه
به .
إني توكلت على الله ربي وربكم ما من ← زائدة دابة ← نسمة تدب على الأرض إلا
هو آخذ بناصيتها ← أي مالكها وقاهرها فلا نفع ولا ضرر إلا بإذنه، وخص الناصية
بالذكر لأن من أخذ بناصيته يكون في غاية الذل إن ربي على صراط مستقيم ← أي طريق
الحق والعدل .
فإن تولوْا ← فيه حذف إحدى التاءين، أي تعرضوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم
ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا ← بإشراككم إن ربي على كل شيء حفيظ ← رقيب .
وَتِلْكَ عَادٌ ← إِشارة إلى آثارهم، أي فسيحوا في الأرض وانظروا إليها، ثم وصف
أحوالهم فقال جَحَدُواْ بِئَايَٰتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ ← جُمِعَ لأن
من عصى رسولاً عصى جميع الرسل لاشتراكهم في أصل ما جاؤوا به وهو التوحيد وَٱتَّبَعُواْ ← أي السفلة أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ← معاند للحق من
رؤسائهم.
و ← أرسلنا إلى ثمود أخاهم ← من القبيلة صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ← وحدوه ما لكم من إله غيره هو أنشأكم ← ابتدأ خلقكم من الأرض ← بخلق أبيكم آدم
منها واستعمركم فيها ← جعلكم عمارا تسكنون بها فاستغفروه ← من الشرك ثم توبوا
← ارجعوا إليه ← بالطاعة إن ربي قريب ← من خلقه بعلمه مجيب ← لمن سأله .
قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا ← نرجو أن تكون سيدا قبل هذا ← الذي صدر منك
أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ← من الأوثان وإننا لفي شك مما تدعونا إليه ← من التوحيد مريب ← موقع في الريب .
قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بيِّنة ← بيان من ربي وآتاني منه رحمة ← نبوة فمن ينصرني ← يمنعني من الله ← أي عذابه إن عصيته فما تزيدونني ← بأمركم لي
بذلك غير تخسير ← تضليل .
فلما جاء أمرنا ← بإهلاكهم نجَّينا صالحا والذين آمنوا معه ← وهم أربعة آلاف برحمة منا و ← نجيناهم من خزي يومِئذ ← بكسر الميم إعرابا وفتحها بناء لإضافته
إلى مبني وهو الأكثر إن ربك هو القوي العزيز ← الغالب .