ذلك ← أي هذا الكتاب ← الذي يقرؤه محمد لا ريب ← لا شك فيه ← أنه من عند
الله وجملة النفي خبر مبتدؤه ذلك والإشارة به للتعظيم هدىً ← خبر ثان أي هاد للمتقين ← الصائرين إلى التقوى بامتثال الأوامر واجتناب النواهي لاتقائهم بذلك
النار.
الذين يؤمنون ← يصدِّقون بالغيب ← بما غاب عنهم من البعث والجنة والنار ويقيمون الصلاة ← أي يأتون بها بحقوقها ومما رزقناهم ← أعطيناهم ينفقون ← في
طاعة الله.
إن الذين كفروا ← كأبي جهل وأبي لهب ونحوهما سواء عليهم أأنذرتهم ← بتحقيق
الهمزتين وإبدال الثانية ألفاً وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه أم
لم تنذرهم لا يؤمنون ← لعلم الله منهم ذلك فلا تطمع في إيمانهم، والإنذار إعلام مع
تخويف.
ختم الله على قلوبهم ← طبع عليها واستوثق فلا يدخلها خير وعلى سمعهم ← أي
مواضعه فلا ينتفعون بما يسمعونه من الحق وعلى أبصارهم غشاوة ← غطاء فلا يبصرون
الحق ولهم عذاب عظيم ← قوي دائم.
يخادعون الله والذين آمنوا ← بإظهار خلاف ما أبطنوه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه
الدنيوية وما يخدعون إلا أنفسهم ← لأن وبال خداعهم راجع إليهم فيفتضحون في الدنيا
بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة وما يشعرون ← يعلمون أن
خداعهم لأنفسهم، والمخادعة هنا من واحد كعاقبت اللص وذكر الله فيها تحسين، وفي
قراءة وما يخدعون.
في قلوبهم مرض ← شك ونفاق فهو يمرض قلوبهم أي يضعفها فزادهم الله مرضاً ← بما
أنزله من القرآن لكفرهم به ولهم عذاب أليم ← مؤلم بما كانوا يُكذّبوِن ← بالتشديد أي: نبي الله، وبالتخفيف أي قولهم آمنا.
وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس ← أصحاب النبي قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ← الجهال أي لا نفعل كفعلهم. قال تعالى ردا َعليهم: ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا
يعلمون ← ذلك.
وإذا لقوا ← أصله لقيوا حذفت الضمة للاستثقال ثم الياء لالتقائها ساكنة مع الواو
الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا ← منهم ورجعوا إلى شياطينهم ← رؤسائهم قالوا إنا معكم ← في الدين إِنَّما نحن مستهزئون ← بهم بإظهار الإيمان.
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ← أي استبدلوها به فما ربحت تجارتهم ← أي ما
ربحوا فيها بل خسروا لمصيرهم إلي النار المؤبدة عليهم وما كانوا مهتدين ← فيما
فعلوا.
مثلهم ← صفتهم في نفاقهم كمثل الذي استوقد ← أوقد ناراً ← في ظلمة فلما
أضاءت ← أنارت ما حوله ← فأبصر واستدفأ وأمن مما يخافه ذهب الله بنورهم ← أطفأه
وجُمع الضمير مراعاة لمعنى الذي وتركهم في ظلمات لا يبصرون ← ما حولهم متحيرين عن
الطريق خائفين فكذلك هؤلاء أمِنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ماتوا جاءهم الخوف
والعذاب.
أو ← مثلهم كصيِّب ← أي كأصحاب مطر وأصله صيوب من صاب يصوب أي ينزل من السماء
← السحاب فيه ← أي السحاب ظلمات ← متكاثفة ورعد ← هو الملك الموكَّل به وقيل
صوته وبرق ← لمعان صوته الذي يزجره به يجعلون ← أي أصحاب الصيِّب أصابعهم ← أي أناملها في آذانهم من ← أجل الصواعق ← شدة صوت الرعد لئلا يسمعوها حذر ← خوف الموت ← من سماعها. كذلك هؤلاء :إذا نزل القرآن وفيه ذكر الكفر المشبه
بالظلمات والوعيد عليه المشبه بالرعد والحجج البينة المشبهة بالبرق، يسدون آذانهم
لئلا يسمعوه فيميلوا إلى الإيمان وترك دينهم وهو عندهم موت والله محيط بالكافرين
← علماً وقدرة فلا يفوتونه.
يكاد ← يقرب البرق يخطف أبصارهم ← بأخذها بسرعة كلما أضاء لهم مشوا فيه ← أي
في ضوئه وإذا أظلم عليهم قاموا ← وقفوا، تمثيل لإزعاج ما في القرآن من الحجج
قلوبهم وتصديقهم لما سمعوا فيه مما يحبون ووقوفهم عما يكرهون. ولو شاء الله لذهب
بسمعهم ← بمعنى أسماعهم وأبصارهم ← الظاهرة كما ذهب بالباطنة إن الله على كل
شيء ← شاءه قدير ← ومنه إذهاب ما ذكر.
يا أيُّها الناس ← أي أهل مكة اعبدوا ← وحِّدوا ربَّكم الذي خلقكم ← أنشأكم
ولم تكونوا شيئاً و ← خلق الذين من قبلكم لعلكم تتقون ← بعبادته عقابَه، ولعل :
في الأصل للترجي، وفي كلامه تعالى للتحقيق.
الذي جعل ← خلق لكم الأرض فراشا ← حال بساطا يفترش لا غاية في الصلابة أو
الليونة فلا يمكن الاستقرار عليها والسماء بناءً ← سقفاً وأنزل من السماء ماءً
فأخرج به من ← أنواع الثمرات رزقاً لكم ← تأكلونه وتعلفون دوابكم فلا تجعلوا
لله أنداداً ← شركاء في العبادة وأنتم تعلمون ← أنه الخالق ولا تخلقون، ولا يكون
إلهاً إلا من يخلق.
وإن كنتم في ريب← شك مما نزلنا على عبدنا← محمد من القرآن أنه من عند الله فأتوا
بسورة من مثله← أي المنزل ومن للبيان أي هي مثله في البلاغة وحسن النظم والإخبار عن
الغيب . والسورة قطعة لها أول وآخر أقلها ثلاث آيات وادعوا شهداءكم" آلهتكم التي
تعبدونها }من دون الله← أي غيره لتعينكم إن كنتم صادقين← في أن محمدا قاله من عند
نفسه فافعلوا ذلك فإنكم عربيون فصحاء مثله ولما عجزوا عن ذلك قال تعالى :
فإن لم تفعلوا ← ما ذكر لعجزكم ولن تفعلوا ← ذلك أبداً لظهور إعجازه- اعتراض فاتقوا ← بالإيمان بالله وانه ليس من كلام البشر النارَ التي وقودها الناس ← الكفار والحجارة ← كأصنامهم منها، يعني أنها مفرطة الحرارة تتقد بما ذكر، لا كنار
الدنيا تتقد بالحطب ونحوه أعدَّت ← هُيئت للكافرين ← يعذَّبون بها، جملة
مستأنفة أو حال لازمة.
وَبَشِّر ← أخبر الذين آمنوا ← صَّدقوا بالله وعملوا الصالحات ← من الفروض
والنوافل أن ← أي بأن لهم جناتِ ← حدائق ذات أشجار ومساكن تجري من تحتها ← أي
تحت أشجارها وقصورها الأنهار ← أي المياه فيها، والنهر الموضع الذي يجري فيه
الماء لأن الماء ينهره أي يحفره وإسناد الجري إليه مجاز كلما رزقوا منها ← أطعموا
من تلك الجنات. من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي ← أي مثل ما رزقنا من قبل ← أي
قبله في الجنة لتشابه ثمارها بقرينة وأُتوا به ← أي جيئوا بالرزق متشابهاً ← يشبه بعضه بعضا لونا ويختلف طعما ولهم فيها أزواج ← من الحور وغيرها مطهَّرة ← من الحيض وكل قذر وهم فيها خالدون ← ماكثون أبداً لا يفنون ولا يخرجون. ونزل رداً
لقول اليهود لما ضرب الله المثل بالذباب في قوله:(وإن يسلبهم الذباب شيئاً)
والعنكبوت في قوله(كمثل العنكبوت) ما أراد الله بذكر هذه الأشياء ؟ الخسيسة فأنزل
الله.
إن الله لا يستحيي أن يضرب ← يجعل مثلا ← مفعول أول ما ← نكرة موصوفة بما
بعدها مفعول ثان أيَّ مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني بعوضة ← مفرد البعوض وهو صغار البق فما فوقها ← أي أكبر منها أي لا يترك بيانه
لما فيه من الحكم فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه ← أي المثل الحق ← الثابت
الواقع موقعه من ربِّهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً ← تمييز أي بهذا المثل ، وما استفهام إنكار مبتدأ، وذا بمعنى الذي بصلته خبره أي: أيّ
فائدة فيه قال الله تعالى في جوابهم يضل به ← أي بهذا المثل كثيراً ← عن الحق
لكفرهم به ويهدي به كثيراً ← من المؤمنين لتصديقهم به وما يضل به إلا الفاسقين
← الخارجين عن طاعته.
الذين ← نعت ينقضون عهد الله ← ما عهده إليهم في الكتب من الإيمان بمحمد * من
بعد ميثاقه ← توكيده عليهم ويقطعون ما أمر الله به أن يوُصل ← من الإيمان بالنبي
والرحم وغير ذلك وأن بدل من ضمير به ويفسدون في الأرض ← بالمعاصي والتعويق عن
الإيمان أولئك ← الموصوفون بما ذكر هم الخاسرون ← لمصيرهم إلى النار المؤبدة
عليهم.
كيف تكفرون ← يا أهل مكة بالله و ← قد كنتم أمواتاً ← نطفاً في الأصلاب فأحياكم ← في الأرحام والدنيا بنفخ الروح فيكم، والاستفهام للتعجيب من كفرهم مع
قيام البرهان أو للتوبيْخ ثم يميتكم ← عند انتهاء آجالكم ثم يحييكم ← بالبعث ثم إليه ترجعون ← تردون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم. وقال دليلا على البعث لما
أنكروه.
هو الذي خلق لكم ما في الأرض ← أي الأرض وما فيها جميعاً ← لتنتفعوا به
وتعتبروا ثم استوى ← بعد خلق الأرض أي قصد إلى السماء فسواهن ← الضمير يرجع إلى
السماء لأنها في معنى الجمع الآيلة إليه: أي صيَّرها كما في آية أخرى (فقضاهن) سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ← مجملا ومفصلا أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك
ابتداءً وهو أعظم منكم قادر على إعادتكم.
و ← اذكر يا محمد إذ قال ربُّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ← يخلفني في
تنفيذ أحكامي فيها وهو آدم قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ← بالمعاصي ويسفك
الدماء ← يريقها بالقتل كما فعل بنو الجان وكانوا فيها فلما أفسدوا أرسل الله عليهم
الملائكة فطردوهم إلى الجزائر والجبال ونحن نسبِّح ← متلبسين بحمدك ← أي نقول
سبحان الله وبحمده ونقِّدس لك ← ننزهك عمالا يليق بك فاللام زائدة والجملة حال أي
فنحن أحق بالاستخلاف قال ← تعالى إني أعلم ما لا تعلمون ← من المصلحة في
استخلاف آدم، وأن ذريته فيهم المطيع والعاصي فيظهر العدل بينهم فقالوا لن يخلق ربنا
خلقاً أكرم عليه منا ولا أعلم لسبقنا له ورؤيتنا ما لم يره فخلق الله تعالى آدم من
أديم الأرض أي وجهها، بأن قبض منها قبضة من جميع ألوانها وعجنت بالمياه المختلفة
وسوَّاهُ ونفخ فيه الروح فصار حيواناً حسَّاساً بعد أن كان جماداً.
وعلَّم آدم الأسماء ← أي أسماء المسميات كلها ← بأن ألقى في قلبه علمها ثم
عرضهم ← أي المسميات وفيه تغليب العقلاء على الملائكة فقال ← لهم تبكيتاً أنبئوني ← أخبروني بأسماء هؤلاء ← المسميات إن كنتم صادقين ← في أني لا أخلق
أعلم منكم أو أنكم أحق بالخلافة، وجواب الشرط دل عليه ما قبله.
قال ← تعالى يا آدم أنبئهم ← أي الملائكة بأسمائهم ← المسميات فسمى كل شيء
باسمه وذكر حكمته التي خلق لها فلما أنبأهم بأسمائهم قال ← تعالى لهم موبخاً ألم أقل لكم إنَّي أعلم غيب السماوات والأرض ← ما غاب فيهما وأعلم ما تبدون ← ما
تظهرون من قولكم أتجعل فيها الخ وما كنتم تكتمون ← تسرون من قولكم لن يخلق الله
أكرم عليه منا ولا أعلم .
و ← اذكر إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ← سجود تحية بالانحناء فسجدوا إلا
إبليس ← هو أبو الجن كان بين الملائكة أبى ← امتنع من السجود واستكبر ← تكبَّر
عنه وقال: أنا خير منه وكان من الكافرين ← في علم الله.
وقلنا يا آدم اسكن أنت ← تأكيد للضمير المستتر ليعطف عليه وزوجك ← حواء بالمد
وكان خلقها من ضلعه الأيسر الجنة وكلا منها ← أكلاً رغداً ← واسعا لاحجر فيه حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ← بالأكل منها وهى الحنطة أو الكرم أو غيرهما فتكونا ← فتصيرا من الظالمين ← العاصين.
فأزلَّهما الشيطان ← إبليس أذهبهما، وفي قراءة ـ فأزالهما ـ نحَّاهما عنها ← أي
الجنة بأن قال لهما : هل أدلُّكما على شجرة الخلد وقاسمهما بالله إنه لهما لمن
الناصحين فأكلا منها فأخرجهما مما كانا فيه ← من النعيم وقلنا اهبطوا ← إلى
الأرض أي أنتما بما اشتملتما عليه من ذريتكما بعضكم ← بعض الذرية لبعض عدوُّ ← من ظلم بعضكم بعضاً ولكم في الأرض مستقرُّ ← موضع قرار ومتاع ← ما تتمتعون به
من نباتها إلى حين ← وقت انقضاء آجالكم.
فتلقى آدمُ من ربِّه كلماتٍ ← ألهمه إياها وفي قراءة بنصب آدم ورفع كلمات، أي
جاءه وهى (ربَّنا ظلمنا أنفسا) الآية فدعا بها فتاب عليه ← قبل توبته إنه هو
التواب ← على عباده الرحيم ← بهم.
قلنا اهبطوا منها ← من الجنة جميعاً ← كرره ليعطف عليه فإما ← فيه إدغام نون
إن الشرطية في ما الزائدة يأتينكم مني هدىً ← كتاب ورسول فمن تبع هداي ← فآمن
بي وعمل بطاعتي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ← في الآخرة بأن يدخلوا الجنة .
يا بنى إسرائيل ← أولاد يعقوب اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ← أي على آبائكم
من الإنجاء من فرعون وفلق البحر وتظليل الغمام وغير ذلك بأن تشكروها بطاعتي وأوفوا بعهدي ← الذي عهدته إليكم من الإيمان بمحمد أوف بعهدكم ← الذي عهدت إليكم
من الثواب عليه بدخول الجنة وإياي فارهبون ← خافونِ في ترك الوفاء به دون غيري.
وآمنوا بما أنزلت ← من القرآن مصدِّقاً لما معكم ← من التوراة بموافقته له في
التوحيد والنبوة ولا تكونوا أوَّل كافر به ← من أهل الكتاب لأنَّ خلفكم تبع لكم
فإثمهم عليكم ولا تشتروا ← تستبدلوا بآياتي ← التي في كتابكم من نعت محمد ثمناً قليلا ← عوضاً يسيرا من الدنيا أي لا تكتموها خوف فوات ما تأخذونه من سفلتكم
وإياي فاتقون ← خافون في ذلك دون غيري .
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ← صلوا مع المصلين محمد
وأصحابه، ونزل في علمائهم وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين اثبتوا على دين محمد
فإنه الحق .
أتأمرون الناس بالبر ← بالإيمان بمحمد وتنسون أنفسكم ← تتركونها فلا تأمرونها
به وأنتم تتلون الكتاب ← التوراة وفيها الوعيد على مخالفة القول العمل أفلا
تعقلون ← سوء فعلكم فترجعون، فجملة النسيان محل الاستفهام الإنكاري .
واستعينوا← اطلبوا المعونة على أموركم بالصبر← الحبس للنفس على ما تكره والصلاة← أفردها بالذكر تعظيما لشأنها وفي الحديث (كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر بادر
إلى الصلاة) وقيل الخطاب لليهود لما عاقهم عن الإيمان الشره وحب الرياسة فأمروا
بالصبر وهو الصوم لأنه يكسر الشهوة والصلاة لأنها تورث الخشوع وتنفي الكبر وإنها← أي الصلاة لكبيرة← ثقيلة إلا على الخاشعين← الساكنين إلى الطاعة.
واتقوا ← خافوا يوما لا تجزي ← فيه نفس عن نفسٍ شيئاً ← وهو يوم القيامة ولا تُقبل ← بالتاء والياء منها شفاعة ← أي ليس لها شفاعة فتقبل (فما لنا من
شافعين) ولا يؤخذ منها عدل ← فداء ولا هم ينصرون ← يمنعون من عذاب الله.
و ← اذكروا إذ نجيناكم ← أي آباءكم، والخطاب به وبما بعده للموجودين في زمن
نبينا بما أنعم الله على آبائهم تذكيراً لهم بنعمة الله تعالى ليؤمنوا من آل
فرعون يسومونكم ← يذيقونكم سوء العذاب ← أشده والجملة حال من ضمير نجيناكم يُذبّحون ← بيان لما قبله أبناءكم ← المولودين ويستحيون ← يستبقون نساءكم ← لقول بعض الكهنة له إن مولوداً يولد في بني إسرائيل يكون سبباً لذهاب ملكك وفي
ذلكم ← العذاب أو الإنجاء بلاء ← ابتلاء أو إنعام من ربكم عظيمْ } .
و ← اذكروا إذا فرقنا ← فلقنا بكم ← بسببكم البحر ← حتى دخلتموه هاربين من
عدوكم فأنجيناكم ← من الغرق وأغرقنا آل فرعون ← قومه معه وأنتم تنظرون ← إلى
انطباق البحر عليهم
وإذا واعدنا ← بألف ودونها موسى أربعين ليلة ← نعطيه عند انقضائها التوراة
لتعلموا بها ثم اتخذتم العجل ← الذي صاغه لكم السامري إلهاً من بعده ← أي بعد
ذهابه إلى ميعادنا وأنتم ظالمون ← باتخاذه لوضعكم العبادة في غير محلها .
وإذ قال موسى لقومه ← الذين عبدوا العجل يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم
العجل ← إلهاً فتوبوا إلى بارئكم ← خالقكم من عبادته فاقتلوا أنفسكم ← أي ليقتل
البريءُ منكم المجرم ذلكم ← القتل خير لكم عند بارئكم ← فوفقكم لفعل ذلك وأرسل
عليكم سحابة سوداء لئلا يبصر بعضكم بعضا فيرحمه حتى قتل منكم نحو سبعين ألفا فتاب
عليكم ← قبل توبتكم أنه هو التواب الرحيم } .
وإذ قلتم ← وقد خرجتم مع موسى لتعتذروا إلى الله من عبادة العجل وسمعتم كلامه يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ← عيانا فأخذتكم الصاعقة ← الصيحة فمتم وأنتم تنظرون ← ما حل بكم .
وظلَّلنا عليكم الغمام ← سترناكم بالسحاب الرقيق من حر الشمس في التيه وأنزلنا
عليكم ← فيه المن والسلوى ← هما الترنجبين والطير السماني بتخفيف الميم والقصر،
وقلنا : كلوا من طيبات ما رزقناكم ← ولا تدَّخروا، فكفروا النعمة وادخروا فقطع
عنهم وما ظلمونا ← بذلك ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ← لأن وباله عليهم .
وإذ قلنا ← لهم بعد خروجهم من التيه ادخلوا هذه القرية ← بيت المقدس أو أريحا فكلوا منها حيث شئتم رغدا ← واسعا لاَ حَجْرَ فيه وادخلوا الباب ← أي بابها سجداً ← منحنين وقولوا ← مسألتنا حطة ← أي أن تحط عنا خطايانا نغفر ← وفي
قراءة بالياء والتاء مبنياً للمفعول فيهما لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين ← بالطاعة
ثواباً.
فبدل الذين ظلموا ← منهم قولا غير الذي قيل لهم ← فقالوا : حبة في شعرة ودخلوا
يزحفون على أستاههم فأنزلنا على الذين ظلموا ← فيه وضع الظاهر موضع المضمر مبالغة
في تقبيح شأنهم رجزاً ← عذاباً طاعوناً من السماء بما كانوا يفسقون ← بسب فسقهم
أي خروجهم عن الطاعة فهلك منهم في ساعة سبعون ألفاً أو أقل .
و ← اذكر إذ استسقى موسى ← أي طلب السقيا لقومه ← وقد عطشوا في التيه فقلنا
اضرب بعصاك الحجر ← وهو الذي فر بثوبه خفيف مربع كرأس الرجل رخام أو كذان فضربه فانفجرت ← انشقت وسالت منه اثنتا عشرة عيناً ← بعدد الأسباط قد علم كل أناس ← سبط منهم مشربهم ← موضع شربهم فلا يشركهم فيه غيرهم وقلنا لهم كلوا واشربوا من
رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين ← حال مؤكدة لعاملها من عثى بكسر المثلثة أفسد
.
وإذا قلتم يا موسى لن نصبر على طعام ← أي نوع منه واحد ← وهو المن والسلوى فادع لنا ربَّك يُخرج لنا ← شيئاً مما تنبت الأرض من ← للبيان بقلها وقثائها
وفومها ← حنطتها وعدسها وبصلها قال ← لهم موسى أتستبدلون الذي هو أدنى ← أخس بالذي هو خير ← أشرف أي أتأخذونه بدله، والهمزة للإنكار فأبوا أن يرجعوا فدعا الله
تعالى فقال تعالى اهبطوا ← انزلوا مصراً ← من الأمصار فإن لكم ← فيه ما
سألتم ← من النبات وضُربت ← جعلت عليهم الذلة ← الذل والهوان والمسكنة ← أي
أثر الفقر من السكون والخزي فهي لازمة لهم، وإن كانوا أغنياء لزوم الدرهم المضروب
لسكته وباءُوا ← رجعوا بغضب من الله ذلك ← أي الضرب والغضب بأنهم ← أي بسبب
أنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين ← كزكريا ويحيى بغير الحق ← أي
ظلماً ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ← يتجاوزون الحد في المعاصي وكرره للتأكيد .
إن الذين آمنوا ← بالأنبياء من قبل والذين هادوا ← هم اليهود والنصارى
والصابئين ← طائفة من اليهود أو النصارى من آمن ← منهم بالله واليوم الآخر ← في
زمن نبينا وعمل صالحاً ← بشريعته فلهم أجرهم ← أي ثواب أعمالهم عند ربهم ولا
خوف عليهم ولا هم يحزنون ← رُوعي في ضمير آمن وعمل لفظ من وفيما بعده معناها .
و ← اذكر إذ أخذنا ميثاقكم ← عهدكم بالعمل بما في التوراة و ← قد رفعنا
فوقكم الطور ← الجبل اقتلعناه من أصله عليكم لما أبيتم قبولها وقلنا خذوا ما
آتيناكم بقوة ← بجد واجتهاد واذكروا ما فيه ← بالعمل به لعلكم تتقون ← النار أو
المعاصي .
ولقد ← لام قسم علمتم ← عرفتم الذين اعتدوا ← تجاوزوا الحد منكم في السبت ← بصيد السمك وقد نهيناهم عنه وهم أهل آيلة فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ← مبعدين
فكانوا وهلكوا بعد ثلاثة أيام .
فجعلناها ← أي تلك العقوبة نكالاً ← عبرة مانعة من ارتكاب مثل ما عملوا لما
بين يديها وما خلفها ← أي للأمم التي في زمانها وبعدها وموعظة للمتقين ← الله
وخصوا بالذكر لأنهم المنتفعون بخلاف غيرهم .
و ← اذكر إذ قال موسى لقومه ← وقد قُتل لهم قتيل لا يُدرى قاتله وسألوه أن يدعو
الله أن يبينه لهم فدعاه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً ← مهزوءاً بنا حيث تجيبنا بمثل ذلك قال أعوذ ← أمتنع بالله أن أكون من الجاهلين ← المستهزئين .
فلما علموا أنه عزم قالوا ادع لنا ربك يبيّن لنا ما هي ← أي ما سنها قال ← موسى
إنه ← أي الله يقول إنها بقرة لا فارضٌ ← مسنة ولا بكرٌ ← صغيرة عوانٌ ← نصف بين ذلك ← المذكور من السنين فافعلوا ما تؤمرون ← به من ذبحها .