ثم خلقنا النطفة عَلَقَةٌ ← دماً جامداً فخلقنا العلقة مضغة ← لحمة قدر ما يمضغ
فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ← وفي قراءة عظماً في الموضعين، وخلقنا
في المواضع الثلاث بمعنى صيرنا ثم أنشأناه خلقاً أخر ← بنفخ الروح فيه فتبارك
الله أحسن الخالقين ← أي المقدرين ومميز أحسن محذوف للعلم به: أي خلقاُ .
ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق ← أي سماوات: جمع طريقة لأنها طرق الملائكة وما كنا
عن الخلق ← التي تحتها غافلين ← أن تسقط عليهم فتهلكهم بل نمسكها كآية (ويمسك
السماء أن تقع على الأَرض) .
و ← أنشأنا شجرةٌ تخرج من طور سيناء ← جبل بكسر السين وفتحها ومنع الصرف
للعلمية والتأنيث للبقعة تُنبت ← من الرباعي والثلاثي بالدهن ← الباء زائدة على
الأول ومعدية على الثاني وهي شجرة الزيتون وصبغ للآكلين ← عطف على الدهن أي إدام
يصبغ اللقمة بغمسها فيه وهو الزيت .
وإن لكم في الأنعام ← الإبل والبقر والغنم لعبرةٌ ← عظة تعتبرون بها نَسقيكم
← بفتح النون وضمها مما في بطونها ← اللبن ولكم فيها منافع كثيرة ← من الأصواف
والأوبار والأشعار وغير ذلك ومنها تأكلون } .
ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ← أطيعوا الله ووحدوه مالكم من إله غيره ← وهو اسم ما، وما قبله الخبر، ومن زائدة أفلا تتقون ← تخافون
عقوبته بعبادتكم غيره .
فقال الملأ الذين كفروا من قومه ← لأتباعهم ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يريد أن
يتفضَّل ← يتشرف عليكم ← بأن يكون متبوعاً وأنتم أتباعه ولو شاء الله ← أن لا
يعبد غيره لأنزل ملائكة ← بذلك لا بشراً ما سمعنا بهذا ← الذي دعا إليه نوح من
التوحيد في آبائنا الأولين ← الأمم الماضية .
فأوحينا إليه أن اصنع الفلك ← السفينة بأعيننا ← برأي منا وحفظنا ووحينا ← أمرنا فإذا جاء أمرنا ← بإهلاكهم وفار التنور ← للخباز بالماء وكان ذلك علامة
لنوح فاسلك فيها ← أي أدخِلْ في السفينة من كلِ زوجين ← ذكر وأنثى، أي من كل
أنواعهما اثنين ← ذكراً وأنثى وهو مفعول ومن متعلقة باسلك، ففي القصة أن الله
تعالى حشر لنوح السباع والطير وغيرهما، فجعل يضرب بيديه في كل نوع فتقع يده اليمنى
على الذكر واليسرى على الأنثى فيحملهما في السفينة، وفي قراءة كلِ بالتنوين فزوجين
مفعول واثنين تأكيد له وأهلك ← زوجته وأولاده إلا من سبق عليه القول منهم ← بالإهلاك وهو زوجته وولده كنعان بخلاف سام وحام ويافث فحملهم وزوجاتهم ثلاثة، وفي
سورة هود (ومن آمن وما آمن معه إلا قليل) قيل كانوا ستة رجال ونساؤهم وقبل جميع من
كان في السفينة ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء ولا تخاطبني في الذين ظلموا
← كفروا بترك إهلاكهم إنهم مغرقون } .
وقل ← عند نزولك رب أنزلني مُنزَلاً ← بضم الميم وفتح الزاي مصدراً واسم مكان
وبفتح الميم وكسر الزاي مكان النزول مُباركاً ← ذلك الإنزال أو المكان وأنت خير
المنزلين ← ما ذكر .
إن في ذلك ← المذكور من أمر نوح والسفينة وإهلاك الكفار لآيات ← دلالات على
قدرة الله تعالى وإن ← مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن كنا لمبتلين ← قوم
نوح بإرساله إليهم ووعظه .
وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة ← بالمصير إليها وأترفناهم
← نعمناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما
تشربون } .
ثم أرسلنا رسلنا تتراً ← بالتنوين وعدمه متتابعين بين كل اثنين زمان طويل كلما
جاء أمة ← بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الواو رسولها كذبوه فأتبعنا
بعضهم بعضاً ← في الهلاك وجعلناهم أحاديث فعبداً لقوم لا يؤمنون } .
وجعلنا ابن مريم ← عيسى وأمه آية ← لم يقل آيتين لأن الآية فيهما واحدة: ولادته
من غير فحل وآوينهما إلى ربوة ← مكان مرتفع وهو بيت المقدس أو دمشق أو فلسطين،
أقوال ذات قرار ← أي مستوية يستقر عليها ساكنوها ومعين ← وماء جار ظاهر تراه
العيون .
و ← اعلموا إنَّ هذه ← أي ملة الإسلام أمتكم ← دينكم أيها المخاطبون أي يجب
أن تكونوا عليها أمة واحدة ← حال لازمة وفي قراءة بتخفيف النون وفي أخرى بكسرها
مشددة استئنافا وأنا ربكم فاتقون ← فاحذرون .
فتقطعوا ← أي الأتباع أمرهم ← دينهم بينهم زبرا ← حال من فاعل تقطعوا أي
أحزابا متخالفين كاليهود والنصارى وغيرهم كل حزب بما لديهم ← أي عندهم من الدين فرحون ← مسرورون .
ولا نكلف نفسا إلا وسعها ← طاقتها فمن لم يستطع أن يصلي قائما فليصل جالسا، ومن
لم يستطع أن يصوم فليأكل ولدينا ← عندنا كتاب ينطق بالحق ← بما عملته وهو
واللوح المحفوظ تسطر فيه الأعمال وهم ← أي النفوس العاملة لا يظلمون ← شيئا
منها فلا ينقص من ثواب أعمال الخيرات ولا يزاد في السيئات .
مستكبرين ← عن الإيمان به ← أي بالبيت أو الحرم بأنهم أهله في أمن بخلاف سائر
الناس في مواطنهم سامرا ← حال أي جماعة يتحدثون بالليل حول البيت تهجرون ← من
الثلاثي تتركون القرآن، ومن الرباعي أي تقولن غير الحق في النبي والقرآن قال تعالى
.
أم يقولون به جنَّة ← الاستفهام للتقرير بالحق من صدق النبيّ ومجيء الرسل للأمم
الماضية ومعرفة رسولهم بالصدق والأمانة وأن لا جنون به بل ← للانتقال جاءهم
بالحق ← أي القرآن المشتمل على التوحيد وشرائع الإسلام وأكثرهم للحق كارهون } .
ولو اتبع الحق ← أي القرآن أهواءهم ← بأن جاء بما يهوونه من الشريك والولد لله،
تعالى الله عن ذلك: لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ← خرجت عن نظامها المشاهد
لوجود التمانع في الشيء عادة عند تعدد الحاكم بل أتيناهم بذكرهم ← أي القرآن الذي
فيه ذكرهم وشرفهم فهم عن ذكرهم معرضون } .
أم تسألهم خرجا ← أجرا على ما جئتهم به من الإيمان فخراج ربك ← أجره وثوابه
ورزقه خير ← وفي قراءة خرجا في الموضعين وفي قراءة أخرى خراجا فيهما وهو خير
الرازقين ← أفضل من أعطى وآجر .