ووصينا الإنسان بوالديه حسناً ← أي إيصاء ذات حسن بأن يبرهما وإن جاهداك لتشرك
بي ما ليس لك به ← بإشراكه علم ← موافقة للواقع فلا مفهوم له فلا تطعهما ← في
الإشراك إليَّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ← فأجازيكم به.
ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس ← أي أذاهم له كعذاب الله ← في الخوف منه فيطيعهم فينافق ولئن ← لام قسم جاء نصرٌ ← للمؤمنين
من ربك ← فغنموا ليقولنَّ ← حذفت منه نون الرفع لتوالي النونات والواو ضمير
الجمع لالتقاء الساكنين إنا كنا معكم ← في الإيمان فأشركونا في الغنيمة قال
تعالى: أوَ ليس الله بأعلم ← أي بعالم بما في صدور العالمين ← بقلوبهم من
الإيمان والنفاق؟ بلى.
وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ← ديننا ولنحمل خطاياكم ← في
اتباعنا إن كانت والأمر بمعنى الخبر، قال تعالى: وما هم بحاملين من خطاياهم من
شيءٍ إنهم لكاذبون ← في ذلك.
ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه ← وعمره أربعون سنة أو أكثر فلبس فيهم ألف سنة إلا
خمسين عاماً ← يدعوهم إلى توحيد الله فكذبوه فأخذهم الطوفان ← أي الماء الكثير
طاف بهم وعلاهم فغرقوا وهم ظالمون ← مشركون.
فأنجيناه ← أي نوحا وأصحاب السفينة ← الذين كانوا معه فيها وجعلناها آية ← عبرة للعالمين ← لمن بعدهم من الناس إن عصوا رسلهم وعاش نوح بعد الطوفان ستين سنة
أو أكثر حتى كثر الناس.
إنما تعبدون من دون الله ← أي غيره أوثاناً وتخلقون إفكا← تقولون كذباً إن
الأوثان شركاء الله إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا ← لا يقدرون
أن يرزقوكم فابتغوا عند الله الرزق ← اطلبوه منه واعبدوه واشكروا له إليه
ترجعون } .
إنما تعبدون من دون الله ← أي غيره أوثانا وتخلقون إفكا← تقولون كذبا إن
الأوثان شركاء الله إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا ← لا يقدرون
أن يرزقوكم فابتغوا عند الله الرزق ← اطلبوه منه واعبدوه واشكروا له إليه
ترجعون } .
أَو لم يروْا ← بالياء والتاء ينظروا كيف يُبدئ الله الخلق ← هو بضم أوله وقرأ
بفتحة من بدأ وأبدأ بمعنى أي يخلقهم ابتداءً ثم← هو يعيده← أي الخلق كما بدأه إن
ذلك← المذكور من الخلق الأول والثاني على الله يسير ← فكيف ينكرون الثاني.
قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ← لمن كان قبلكم وأماتهم ثم الله ينشئ
النَّشأةَ الآخرة ← مداً وقصراً مع سكون الشين إن الله على كل شيءٍ قدير ← ومنه
البدء والإعادة.
وما أنتم بمعجزين ← ربكم عن إدراككم في الأرض ولا في السماء ← لو كنتم فيها: أي
لا تفوتونه وما لكم من دون الله ← أي غيره من ولي ← يمنعكم منه ولا نصير ← ينصركم من عذابه.
قال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو
حرّقوه فأنجاه الله من النار ← التي قذفوه فيها بأن جعلها برداً وسلاماً إن في
ذلك ← أي إنجائه منها لآيات ← هي عدم تأثيرها فيه مع عظمها وإخمادها وإنشاء روض
مكانها في زمن يسير لقوم يؤمنون ← يصدقون بتوحيد الله وقدرته لأنهم المنتفعون
بها.
وقال ← إبراهيم إنما اتخذتم من دون الله أوثانا← تعبدونها وما مصدرية مودةُ
بينكم ← خبر إن، وعلى قراءة النصب مفعول له وما كافة المعنى تواددتم على عبادتها في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ← يتبرأ القادة من الأتباع ويلعن بعضكم بعضاً ← يلعن الأتباع القادة ومأواكم ← مصيركم جميعاً النار وما
لكم من ناصرين ← مانعين منها.
فآمن له ← صدق إبراهيم لوط ← وهو ابن أخيه هاران وقال ← إبراهيم إني مهاجر
← من قومي إلى ربي ← إلى حيث أمرني ربي وهجر قومه وهاجر من سواد العراق إلى الشام
إنه هو العزيز ← في ملكه الحكيم ← في صنعه.
ووهبنا له ← بعد إسماعيل إسحاق ويعقوب ← بعد إسحاق وجعلنا في ذريته النبوة ← فكل الأنبياء بعد إبراهيم من ذريته والكتاب ← بمعنى الكتب أي التوراة والإنجيل،
والزبور والفرقان وآتيناه أجره في الدنيا ← وهو الثناء الحسن في كل أهل الأديان وإنه في الآخرة لمن الصالحين ← الذين لهم الدرجات العلى.
و ← اذكر لوطاً إذ قال لقومه أإنكم ← بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال
ألف بينهما على الوجهين في الموضعين لتأتون الفاحشة ← أي: أدبار الرجال ما
سبقكم بها من أحد من العالمين ← الإنس والجن.
أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل ← طريق المارة بفعلكم الفاحشة بمن يمر بكم
فترك الناس الممر بكم وتأتون في ناديكم ← أي متحدَّثِكم المنكر ← فعل الفاحشة
بعضكم ببعض فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين
← في استقباح ذلك وأن العذاب نازل بفاعليه.
ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم ← حزن بسببهم وضاق بهم ذرعا ← صدرا لأنهم حسان
الوجوه في صورة أضياف فخاف عليهم قومه فأعلموه أنهم رسل ربه وقالوا لا تخف ولا
تحزن إنا منجُّوك ← بالتشديد والتخفيف وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين ← ونصب
أهلك عطف على محل الكاف.
و ← أَرسلنا إلى مدْين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر
← اخشوه، هو يوم القيامة ولا تعثوْا في الأرض مفسدين ← حال مؤكدة لعاملها من عثي
بكسر المثلثة أفسد.
و ← أهلكنا عادا وثمودا ← بالصرف وتركه بمعنى الحي والقبيلة وقد تبيّن لكم ← إهلاكهم من مساكنهم ← بالحجر واليمن وزيَّن لهم الشيطان أعمالهم ← من الكفر
والمعاصي فصدهم عن السبيل ← سبيل الحق وكانوا مستبصرين ← ذوي بصائر.
فكلا← من المذكورين أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا← ريحاً عاصفة فيها
حصباء كقوم لوط ومنهم من أخذته الصيحة ← كثمود ومنهم من خسفنا به الأرض ← كقارون ومنهم من أغرقنا ← كقوم نوح وفرعون وقومه وما كان الله ليظلمهم ← فيعذبهم بغير ذنب ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ← بارتكاب الذنب.
مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء ← أي أصناماً يرجون نفعها كمثل العنكبوت
اتخذت بيتاً ← لنفسها تأوي إليه وإن أوهن ← أضعف البيوت لبيت العنكبوت ← لا
يدفع عنها حراً ولا برداً كذلك الأصنام لا تنفع عابديها لو كانوا يعلمون ← ذلك ما
عبدوها.
خلقَ الله السماوات والأرض بالحق ← أي محقا إن في ذلك لآيةً ← دالة على قدرته
تعالى للمؤمنين ← خصّوا بالذكر لأنهم المنتفعون بها في الإيمان بخلاف الكافرين.
اتل ما أوحي إليك من الكتاب ← القرآن وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء
والمنكر ← شرعا أي من شأنها ذلك ما دام المرء فيها ولذكر الله أكبر ← من غيره من
الطاعات والله يعلم ما تصنعون ← فيجازيكم به.
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي ← أي: المجادلة التي هي أحسن ← كالدعاء إلى
الله بآياته والتنبيه على حججه إلا الذين ظلموا منهم ← بأن حاربوا وأبوا أن
يقرّوا بالجزية فجادلوهم بالسيف حتى يسلموا أو يعطوا الجزية وقولوا ← لمن قبل
الإقرار بالجزية إذا أخبروكم بشيء مما في كتبهم آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل
إليكم ← ولا تصدقوهم ولا تكذبوهم في ذلك وإلهنا وإلهكم واحدٌ ونحن مسلمون ← مطيعون.
وكذلك أنزلنا إليك الكتاب ← القرآن كما أنزلنا إليهم التوراة وغيرها فالذين
آتيناهم الكتاب ← التوراة كعبد الله بن سلام وغيره يؤمنون به ← بالقرآن ومن
هؤلاء ← أهل مكة من يؤمن به وما يجحد بآياتنا ← بعد ظهورها إلا الكافرون ← أي
اليهود وظهر لهم أن القرآن حق والجائي به محق وجحدوا ذلك.
وما كنت تتلوا من قبله ← أي القرآن من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا ← أي لو كنت
قارئا كتابا لارتاب ← شك المبطلون ← اليهود فيك وقالوا الذي في التوراة أنه أمي
لا يقرأ ولا يكتب.
بل هو ← أي القرآن الذي جئت به آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ← أي
المؤمنون يحفظونه وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون ← أي: اليهود وجحدوها بعد ظهورها
لهم.
وقالوا ← أي كفار مكة لولا ← هلا أنزل عليه ← أي محمد آية من ربه ← وفي
قراءة آيات كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى قل ← لهم إنما الآيات عند الله ← ينزلها كيف يشاء وإنما أنا نذير مبين ← مظهر إنذاري بالنار أهل المعصية.
أو لم يكفهم ← فيما طلبوا أنَّا أنزلنا عليك الكتاب ← القرآن يتلى عليهم ← فهو آية مستمرة لا انقضاء لها بخلاف ما ذكر من الآيات إن في ذلك ← الكتاب لرحمةً وذكرى ← عظة لقوم يؤمنون } .
قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا ← بصدقي يعلم ما في السماوات والأرض ← ومنه
حالي وحالكم والذين آمنوا بالباطل ← وهو ما يعبد من دون الله وكفروا بالله ← منكم أولئك هم الخاسرون ← في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان.
يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ونقول← فيه بالنون أي نأمر بالقول،
وبالياء يقول أي الموكل بالعذاب ذوقوا ما كنتم تعلمون← أي جزاءه فلا تفوتوننا.
يا عباديَ الذين آمنوا إنَّ أرضي واسعة فإياي فاعبدون ← في أي أرض تيسَّرت فيها
العبادة، بأن تهاجروا إليها من أرض لم تتيسر فيها نزل في ضعفاء مسلمي مكة كانوا في
ضيق من إظهار الإسلام بها.
والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنُبوئنَّهم ← ننزلنهم، وفي قراءة بالمثلثة بعد
النون من الثواء: الإقامة وتعديته إلى غرفا بحذف في من الجنة غرفا تجري من تحتها
الأنهار خالدين ← مقدّرين الخلود فيها نِعم أجر العاملين ← هذا الأجر.
ولئن ← لام قسم سألتهم من نزَّل من السماء ماءً فأحيا به الأرض من بعد موتها
ليقولنَّ الله ← فكيف يشركون به قل ← لهم الحمد لله ← على ثبوت الحجة عليكم بل أكثرهم لا يعقلون ← تناقضهم في ذلك.
وما هذه الحياة الدنيا إلا لهوٌ ولعب ← وأما القرَب فمن أمور الآخرة لظهور ثمرتها
فيها وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ← بمعنى الحياة لو كانوا يعلمون ← ذلك ما
آثروا الدنيا عليها.
فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ← أي الدعاء، أي: لا يدعون معه
غيره لأنهم في شدة لا يكشفها إلا هو فلما نجّاهم إلى البر إذا هم يشركون ← به.
ومن ← أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا← بأن أشرك به أو كذب بالحق ← النبي أو الكتاب لما جاءَه أَليس في جهنم مثوىّ ← مأوى للكافرين ← أي فيها ذلك
وهو منهم.