نزَّل عليك ← يا محمد الكتاب ← القرآن ملتبسا بالحق ← بالصدق في أخباره مصدقا لما بين يديه ← قبله من الكتب وأنزل التوراة والإنجيل من قبل ← أي قبل
تنزيله هدّى ← حال بمعني هادين من الضلالة للناس ← ممن تبعهما وعبر فيهما بأنزل
وفي القرآن ينزل المقتضي للتكرير لأنهما أنزلا دفعة واحدة بخلافة وأنزل الفرقان ← بمعني الكتب الفارقة بين الحق والباطل وذكره بعد ذكر الثلاثة ليعم ما عداها .
إن الذين كفروا بآيات الله ← القرآن وغيره لهم عذاب شديد والله عزيز ← غالب على
أمره فلا يمنعه شيء من إنجاز وعده ووعيده ذو انتقام ← عقوبة شديدة ممن عصاه لا
يقدر على مثلها أحد
{( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ) واضحات الدلالة ( هن أم الكتاب )
أصله المعتمد عليه في الأحكام ( و أخر متشابهات ) لا تفهم معانيها كأوائل السور
وجعله كله محكما في قوله "" أحكمت آياته "" بمعنى أنه ليس فيه عيب ، ومتشابهًا في
قوله ( كتابا متشابهًا ) بمعنى أنه يشبه بعضه بعضا في الحسن والصدق ( فأما الذين في
قلوبهم زيغ ) ميل عن الحق ( فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء ) طلب ( الفتنة ) لجهالهم
بوقوعهم في الشبهات واللبس ( وابتغاء تأويله ) تفسيره ( وما يعلم تأويله ) تفسيره (
إلا الله ) وحده ( والراسخون ) الثابتون المتمكنون ( في العلم ) مبتدأ خبره (
يقولون آمنا به ) أي بالمتشابه أنه من عند الله ولا نعلم معناه ( كل ) من المحكم
والمتشابه ( من عند ربنا وما يذكر ) بادغام التاء في الأصل في الذال أي يتعظ ( إلا
أولوا الألباب ) أصحاب العقول ويقولون أيضا إذا رأوا من يتبعه .
ربنا لا تُزغ قلوبنا ← تملها عن الحق بابتغاء تأويله الذي لا يليق بنا كما أزغت
قلوب أولئك بعد إذ هديتنا ← أرشدتنا إليه وهب لنا من لَدنك ← من عندك رحمة ← تثبيتا إنك أنت الوهاب } .
يا ربنا إنك جامع الناس← تجمعهم ليوم← أي في يوم لا ريب← لا شك فيه← هو يوم
القيامة فتجازيهم بأعمالهم كما وعدت بذلك إن الله لا يخلف الميعاد← موعده بالبعث
فيه التفات عن الخطاب ويحتمل أن يكون من كلامه تعالى والغرض من الدعاء بذلك بيان أن
همهم أمر الآخرة ولذلك سألوا الثبات على الهداية لينالوا ثوابها روى الشيخان عن
عائشة رضي الله عنها قالت : (تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية هو الذي
أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات إلى آخرها وقال : فإذا رأيت الذين يتبعون ما
تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) وروى الطبراني في الكبير عن أبي موسى
الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (ما أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال
وذكر منها أن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وليس يعلم تأويله إلا
الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب
) الحديث .
دأبُهم كدأب ← كعادة آل فرعون والذين من قبلهم ← من الأمم كعاد وثمود كذبوا
بآياتنا فأخذهم الله ← أهلكم بذنوبهم ← والجملة مفسرة لما قبلها والله شديد
العقاب ← ونزل لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم اليهودَ بالإسلام بعد مرجعه من بدر
فقالوا لا يغرنك أن قتلت نفراً من قريش أغمارا لا يعرفون القتال .
قل ← يا محمد للذين كفروا ← من اليهود ستُغلبون ← بالتاء والياء في الدنيا
بالقتل والأسر وضرب الجزية وقد وقع ذلك وتُحشرون ← بالوجهين في الآخرة إلى جهنم
← فتدخلونها وبئس المهاد ← الفراش هي .
قد كان لكم آية ← عبرة وذكر الفعل للفصل في فئتين ← فرقتين التقتا ← يوم بدر
للقتال فئة تقاتل في سبيل الله ← أي طاعته، وهم النبي وأصحابه وكانوا ثلاثمائة
وثلاثة عشر رجلا معهم فرسَان وست أذرع وثمانية سيوف وأكثرهم رجالة وأخرى كافرة
يرونهم ← أي الكفار مثليهم ← أي المسلمين أي أكثر منهم وكانوا نحو ألف رأي
العين ← أي رؤية ظاهرة معاينة وقد نصرهم الله مع قلتهم والله يؤيد ← يقِّوي بنصره من يشاء ← نصره إن في ذلك ← المذكور لعبرة لأولي الأبصار ← لذوى البصائر
أفلا تعتبرون بذلك فتؤمنون .
زُيَّن للناس حبُّ الشهوات ← ما تشتهيه النفس وتدعوا إليه زينها الله ابتلاءً أو
الشيطانُ من النساء والبنين والقناطير ← الأموال الكثيرة المقنطرة ← المجمعة من الذهب والفضة والخيل المسومة ← الحسان والأنعام ← أي الإبل والبقر والغنم والحرث ← الزرع ذلك ← المذكور متاع الحياة الدنيا ← يتمتع به فيها ثم يفنى والله عنده حسن المآب ← المرجع وهو الجنة فينبغي الرغبة فيه دون غيره .
قل ← يا محمد لقومك أؤنبِّئكم ← أخبركم بخير من ذلكم ← المذكور من الشهوات
استفهام تقرير للذين اتقوا ← الشرك عند ربهم ← خبر مبتدأُه جنات تجري من
تحتها الأنهار خالدين ← أي مقدرين الخلود فيها ← إذا دخلوها وأزواج مطهرة ← من
الحيض وغيره مما يستقذر ورضوان ← بكسر أوله وضمه لغتان أي رضا كثير من الله
والله بصير ← عالم بالعباد ← فيجازي كلاً منهم بعمله .
الصابرين ← على الطاعة وعن المعصية نعت والصادقين ← في الإيمان والقانتين ← المطيعين لله والمنفقين ← المتصدقين والمستغفرين ← الله بأن يقولوا اللهم اغفر
لنا بالأسحار ← أواخر الليل خُصت بالذكر لأنها وقت الغفلة ولذة النوم .
شهد الله ← بيَّن لخلقه بالدلائل والآيات أنه لا إله ← أي لا معبود في الوجود
بحق إلا هو و ← شهد بذلك الملائكةُ ← بالإقرار وأولوا العلم ← من الأنبياء
والمؤمنين بالاعتقاد واللفظ قائماً ← بتدبير مصنوعاته ونصبه على الحال والعامل
فيها معنى الجملة أي تفرد بالقسط ← بالعدل لا إله إلا هو ← كرره تأكيدا العزيز ← في ملكه الحكيم ← في صنعه .
إن الدين ← المرضي عند الله ← هو الإسلام ← أي الشرع المبعوث به الرسل المبنى
على التوحيد وفي قراءة بفتح أن بدل من أنه الخ بدل اشتمال وما اختلف الذين أوتوا
الكتاب ← اليهود والنصارى في الدين بأن وحَّد بعضٌ وكفر بعضٌ إلا من بعد ما جاءهم
العلم ← بالتوحيد بغيا ← من الكافرين بينهم ومن يكفر بآيات الله } فإن الله
سريع الحساب ← أي المجازاة له .
فإن حاجوك ← خاصمك الكفار يا محمد في الدين فقل ← لهم أسلمت وجهي لله ← أنقدت
له أنا ومن اتبعن ← وخص الوجه بالذكر لشرفه فغيره أولى وقل للذين أوتوا الكتاب
← اليهود والنصارى و الأميين ← مشركي العرب أأسلمتم ← أي أسلموا فإن أسلموا
فقد اهتدوا ← من الضلال وإن تولوا ← عن الإسلام فإنما عليك البلاغ ← أي التبليغ
للرسالة والله بصير بالعباد ← فيجازيهم بأعمالهم وهذا قبل الأمر بالقتال
إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون ← وفي قراءة يقاتلون النبيين بغير حق
ويقتلون الذين يأمرون بالقسط ← بالعدل من الناس ← وهم اليهود رُوى أنهم قتلوا
ثلاثة وأربعين نبياً فنهاهم مائة وسبعون من عبَّادهم فقتلوهم من يومهم فبشِّرهم ← أعلمهم بعذاب اليم ← مؤلم وذكر البشارة تهكم بهم ودخلت الفاء في خبر إن لشبه
اسمها الموصول بالشرط .
ألم تر ← تنظر إلى الذين أوتوا نصيبا ← حظاً من الكتاب ← التوراة يُدْعَوْنَ ← حال إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ← عن
قبول حكمه نزلت في اليهود زنى منهم اثنان فتحاكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فحكم عليهما بالرجم فغضبوا فجيء بالتوراة فوجدا فيها فرجما.
ذلك ← التولي والإعراض بأنهم قالوا ← أي بسبب قولهم لن تمسنا النار إلا أياما
معدودات ← أربعين يوما مدة عبادة آبائهم العجل ثم تزول عنهم وغرَّهم في دينهم ← متعلق بقوله ما كانوا يفترون ← من قولهم ذلك .
فكيف ← حالهم إذا جمعناهم ليوم ← أي في يوم لا ريب ← لا شك فيه ← هو يوم
القيامة ووفِّيت كل نفس ← من أهل الكتاب وغيرهم جزاء ما كسبت ← عملت من خير وشر
وهم ← أي الناس لا يُظلمون ← بنقص حسنة أو زيادة سيئة .
ونزلت لما وعد صلى الله عليه وسلم أمته مُلك فارس والروم فقال المنافقون هيهات: قل اللهم ← يا الله مالك الملك تؤتي ← تعطي الملك من تشاء ← من خلقك وتنزع
الملك ممن تشاء وتعز من تشاء ← بإيتائه وتذل من تشاء ← بنزعه منه بيدك ← بقدرتك
الخير ← أي والشر إنك على كل شيء قدير } .
تولج ← تدخل الليل في النهار وتولج النهار ← تدخله في الليل ← فيزيد كل منهما
مما نقص من الآخر وتخرج الحيَّ من الميت ← كالإنسان والطائر من النطفة والبيضة وتخرج الميت ← كالنطفة والبيضة من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ← أي رزقا واسعا
.
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء ← يوالونهم من دون ← أي غير المؤمنين ومن
يفعل ذلك ← أي يواليهم فليس من ← دين الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ← مصدر تقيته أي تخافوا مخافة فلكم موالاتهم باللسان دون القلب وهذا قبل عزَّة
الإسلام ويجري فيمن هو في بلد ليس قويا فيها ويحذركم ← يخوفكم الله نفسه ← أن
يغضب عليكم إن واليتموهم وإلى الله المصير ← المرجع فيجازيكم .
قل ← لهم إن تخفوا ما في صدوركم ← قلوبكم من موالاتهم أو تبدوه ← تظهروه يعلمْه الله و ← هو يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير ← ومنه تعذيب من والاهم .0 الأية
اذكر يوم تجد كل نفس ما عملتـ ← ـهُ من خير محضرا وما عملتـ ← ـهُ من سوءٍ ← مبتدأ خبره تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ← غاية في نهاية البعد فلا يصل
إليها ويحذركم الله نفسه ← كرر للتأكيد والله رؤوف بالعباد } .1 الأية
ونزل لما قالوا ما نعبد الأصنام إلا حبّا لله ليقربونا إليه قل ← لهم يا محمد إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ← بمعنى يثيبكم ويغفر لكم ذنوبكم والله
غفور ← لمن اتبعني ما سلف من قبل ذلك رحيم ← به .2 الأية
قل ← لهم أطيعوا الله والرسول ← فيما يأمركم به من التوحيد فإن تولَّوا ← أعرضوا عن الطاعة فان الله لا يحب الكافرين ← فيه إقامة الظاهر مقام المضمر أي لا
يحبهم بمعني أنه يعاقبهم .3 الأية
اذكر إذ قالت امرأة عمران ← حنة لما أسنت واشتاقت للولد فدعت الله وأحست بالحمل
يا رب إني نذرت ← أن أجعل لك ما في بطني محرَّرا ← عتيقا خالصا من شواغل الدنيا
لخدمة بيتك المقدس فتقبَّل مني إنك أنت السميع ← للدعاء العليم ← بالنيات، وهلك
عمران وهي حامل .6 الأية
{( فلما وضعتها ) ولدتها جارية وكانت ترجو أن يكون غلامًا إذ لم يكن يحرر إلا
الغلمان ( قالت ) معتذرة يا ( رب إني وضعتها أنثى والله أعلم ) أي عالم ( بما وضعت
) جملة اعتراض من كلامه تعالى وفي قراءة بضم التاء ( وليس الذكر ) الذي طلبت (
كالأنثى ) التي وهبت لأنه يقصد للخدمة وهي لا تصلح لضعفها وعورتها وما يعتريها من
الحيض ونحوه ( وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها ) أولادها ( من الشيطان
الرجيم ) المطرود في الحديث "" ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان حين يولد فيستهل
صارخًا إلا مريم وابنها "" رواه الشيخان .7 الأية
فتقبلها ربها ← أي قبل مريم من أمها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا ← أنشأها
بخلق حسن فكانت تنبت في اليوم كما ينبت المولود في العام وآتت بها أمها الأحبار
سدنة بيت المقدس فقالت: دونكم هذه النذيرة فتنافسوا فيها أنها بنت إمامهم فقال
زكريا أنا أحق بها لأن خالتها عندي فقالوا لا حتى نقترع فانطلقوا وهم تسعة وعشرون
إلى نهر الأردن وألقوا أقلامهم على أن من ثبت قلمه في الماء وصعد فهو أولى بها فثبت
قلم زكريا فأخذها وبنى لها غرفة في المسجد بسلم لا يصعد إليها غيره وكان يأتيها
بأكلها وشربها ودهنها فيجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف كما
قال تعالى وَكَفَلَهَا زَكَريَّاُ ← ضمها إليه وفي قراءة بالتشديد ونصب زكريا
ممدودا ومقصورا والفاعل الله كلما دخل عليها زكريا المحراب ← الغرفة وهي أشرف
المجالس وجد عندها رزقا قال يا مريم أنَّى ← من أين لك هذا قالت ← وهي صغيرة هو من عند الله ← يأتيني به من الجنة إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ← رزقا
واسعا بلا تبعة .8 الأية
هنالك ← أي لما رأى زكريَّا ذلك وعلم أن القادر على الإتيان بالشيء في غير حينه
قادر على الإتيان بالولد على الكبر وكان أهل بيته انقرضوا دعا زَكَريَّاُ ربَّه ← لما دخل المحراب للصلاة جوف الليل قال ربِّ هب لي من لدنك ← من عندك ذرية طيبة
← ولدا صالحا إنك سميع ← مجيب الدعاء } .9 الأية
فنادته الملائكة ← أي جبريل وهو قائم يصلي في المحراب ← أي المسجد أنَّ ← أي
بأن وفي قراءة بالكسر بتقدير القول الله يُبشِّرك ← مثقلا ومخففا بيحيى
مصدِّقاً بكلمة ← كائنة من الله ← أي بعيسى أنه روح الله وسُمي كلمة لأنه خلق
بكلمة كن وسيِّدا ← متبوعا وحصورا ← ممنوعا من النساء ونبيا من الصالحين ← رُوي أنه لم يعمل خطيئة ولم يهم بها .
قال ربِّ أنَّى ← كيف يكون لي غلام ← ولد وقد بلغني الكبر ← أي بلغت نهاية
السن مائة وعشرين سنة وامرأتي عاقر ← بلغت ثمانية وتسعين سنة قال ← الأمر كذلك ← من خلق الله غلاما منكما الله يفعل ما يشاء ← لا يعجزه منه شيء ولإظهار
هذه القدرة العظيمة ألهمه السؤال ليجاب بها ولما تاقت نفسه إلى سرعة المبشَر به .
قال رب اجعل لي آية ← أي علامة على حمل امرأتي قال آيتك ← علية أ ← ن لا
تكلم الناس ← أي تمتنع من كلامهم بخلاف ذكر الله تعالى ثلاثة أيام ← أي بلياليها
إلا رمزا ← إشارة واذكر ربَّك كثيرا وسبِّح ← صلِّ بالعشي والإبكار ← أواخر
النهار وأوائله .
ذلك ← المذكور من أمر زكريا ومريم من أنباء الغيب ← أخبار ما غاب عنك نوحيه
إليك ← يا محمد وما كنت لديهم إذ يُلْقُون أقلامهم ← في الماء يقترعون ليطهر لهم
أيهم يكْفُلُ ← يربي مريم وما كنت لديهم إذ يختصون ← في كفالتها فتعرف ذلك
فتخبر به وإنما عرفته من جهة الوحي .
اذكر إذ قالت الملائكة ← أي جبريل يا مريم أن الله يبشرك بكلمة منه ← أي ولد اسمه المسيح عيسى بن مريم ← خاطبها بنسبته إليها تنبيها على أنها تلده بلا أب إذ
عادة الرجال نسبتهم إلى آبائهم وجيها ← ذا جاه في الدنيا ← بالنبوة والآخرة ← بالشفاعة والدرجات العُلا ومن المقرَّبين ← عند الله .
قالت ربِّ أنَّى ← كيف يكون لي ولد ولم يمسني بشر ← بتزوج ولا غيره قال ← الأمر كذلك ← من خلق ولد منك بلا أب الله يخلق ما يشاء إذا قضي أمرا ← أراد
خلقه فإنما يقول له كن فيكون ← أي فهو يكون .
و ← يجعله رسولا إلى بنى إسرائيل ← في الصبا أو بعد البلوغ فنفخ جبريل في جيب
درعها فحملت، وكان من أمرها ما ذكر في سورة مريم فلما بعثه الله إلى بني إسرائيل
قال لهم إني رسول الله إليكم إني ← أي بأني قد جئتكم بآية ← علامة على صدقي من ربكم ← هي أنِّي ← وفي قراءة بالكسر استئنافا أخلق ← أصوِّر لكم من الطين
كهيئة الطير ← مثل صورته فالكاف اسم مفعول فأنفخ فيه ← الضمير للكاف فيكون طيرا
← وفي قراءة طائرا بإذن الله ← بإرادته فخلق لهم الخفاش لأنه أكمل الطير خلقا
فكان يطير وهم ينظرونه فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتا وأبرئ ← أشفي الأكمه ← الذي
وُلد أعمى والأبرص ← وخصا بالذكر لأنهما ذا إعياء وكان بعثه في زمن الطب فأبرأ في
يوم خمسين ألفا بالدعاء بشرط الإيمان وأحيي الموتى بإذن الله ← كرره لنفي توهم
الألوهية فيه فأحيا عازر صديقا له وابن العجوز وابنة العاشر فعاشوا وولد لهم، وسام
بن نوح ومات في الحال وأنبئكم بما تأكلون وما تدَّخرون ← تخبئون في بيوتكم ← مما لم أعانيه فكان يخبر الشخص بما أكل وبما يأكل وبما يأكل بعد إن في ذلك ← المذكور لآية لكم إن كنتم مؤمنين } .
و ← جئتكم مصدقاً لما بين يدي ← قبلي من التوراة ولأحلَّ لكم بعض الذي حرم
عليكم ← فيها فأحل لهم من السمك والطير مالا صيصة له وقيل أحل الجميع فبعض بمعنى كل
وجئتكم بآية من ربكم ← كرره تأكيدا وليبنى عليه فاتقوا الله وأطيعون ← فيما
آمركم به توحيد الله وطاعته .
فلمّا أحس ← علم عيسى منهم الكفر ← وأرادوا قتله قال مَنْ أنصاري ← أعواني
ذاهبا إلى الله ← لأنصر دينه قال الحواريون نحن أنصار الله ← أعوان دينه وهم
أصفياء عيسى أول من آمن به وكانوا اثني عشر رجلا من الحور وهو البياض الخالص وقيل
كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها آمنّا ← صدقنا بالله واشهد ← يا عيسى بأنّا مسلمون } .
قال تعالى: ومكروا ← أي كفار بني إسرائيل بعيسى إذ وكلوا به من يقتله غيلة ومكر
الله ← بهم بأن ألقى شبه عيسى على من قصد قتله فقتلوه ورفُع عيسى إلى السماء والله خير الماكرين ← أعلمهم به .
اذكر إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ← قابضك ورافعك إليَّ ← من الدنيا من غير
موت ومطهرك ← مبعدك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك ← صدقوا بنبوتك من
المسلمين والنصارى فوق الذين كفروا ← بك وهم اليهود يعلونهم بالحجة والسيف إلى
يوم القيامة ثم إليَّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون ← من أمر الدين .
{( وأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم ) بالياء والنون ( أجورهم والله لا يحب
الظالمين ) أي يعاقبهم ، روي أن الله تعالى أرسل إليه سحابة فرفعته فتعلقت به أمه
وبكت فقال لها إن القيامة تجمعنا وكان ذلك ليلة القدر ببيت المقدس وله ثلاث وثلاثون
سنة وعاشت أمه بعده ست سنين وروى الشيخان حديث "" أنه ينزل قرب الساعة ويحكم بشريعة
نبينا ويقتل الدجال والخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية "" وفي حديث مسلم أنه يمكث
سبع سنين وفي حديث عن أبي دواد الطيالسي أربعين سنة ويتوفى ويصلى عليه فيحتمل أن
المراد مجموع لبثه في الأرض قبل الرفع وبعده .
ذلك ← المذكور من أمر عيسى نتلوه ← نقصه عليك ← يا محمد من الآيات ← حال من
الهاء في نتلوه وعامله ما في ذلك من معنى الإشارة والذكر الحكيم ← المحكم أي
القرآن .
إن مثل عيسى ← شأنه الغريب عند الله كمثل آدم ← كشأنه في خلقه من غير أب وهو من
تشبيه الغريب بالأغرب ليكون أقطع للخصم وأوقع في النفس خلقه ← أي آدم أي قالبه من تراب ثم قال له كن ← بشرا فيكون ← أي فكان وكذلك عيسى قال له كن من غير أب
فكان .
فمن حاجَّك ← جادلك من النصارى فيه من بعد ما جاءك من العلم ← بأمره فقل ← لهم تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ← فنجمعهم ثم
نبتهل ← نتضرع في الدعاء فنجعل لعنة الله على الكاذبين ← بأن نقول : اللهم العن
الكاذب في شأن عيسى وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم وفد نجران لذلك لما حاجُّوه
به فقالوا : حتى ننظر في أمرنا ثم نأتيك فقال ذو رأيهم : لقد عرفتم نبوته وأنه ما
بأهل قوم نبيا إلا هلكوا فودعوا الرجل وانصرفوا فأتوا الرسول صلى الله عليه وسلم
وقد خرج معه الحسن والحسين وفاطمة وعلي وقال لهم: إذا دعوت فأمِّنوا فأبوا أن
يلاعنوا وصالحوه على الجزية رواه أبو نُعَيْم، وعن ابن عباس: قال : لو خرج الذين
يباهلون لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا، ورُوي: لو خرجوا لاحترقوا .
قل يا أهل الكتاب ← اليهود والنصارى تعالوا إلى كلمة سواءٍ ← مصدر بمعنى مستو
أمرها بيننا وبينكم ← هي أ ← ن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ
بعضنا أربابا من دون الله ← كما اتخذتم الأحبار والرهبان فإن تولَّوْا ← أعرضوا
عن التوحيد فقولوا ← أنتم لهم اشهدوا بأنا مسلمون ← موحدون .
ونزل لما قال اليهود: إبراهيم يهودي ونحن على دينه، وقالت النصارى كذلك: يا أهل
الكتاب لِمَ تُحَاجُّونَ ← تخاصمون في إبراهيم ← بزعمكم أنه على دينكم وما
أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده ← بزمن طويل وبعد نزولها حدثت اليهودية
والنصرانية أفلا تعقلون ← بطلان قولكم .
ها ← للتنبيه أنتم ← مبتدأ هؤلاء ← والخبرُ حاججتم فيما لكم به علم ← من
أمر موسى وعيسى وزعمكم أنكم على دينهما فلمَا تُحاجُّون فيما ليس لكم به علم ← من
شأن إبراهيم والله يعلم ← شأنه وأنتم لا تعلمون ← قال تعالى تبرئة لإبراهيم .
إنَّ أولى الناس ← أحقهم بإبراهيم للَّذِينَ اتبعوه ← في زمانه وهذا النبي ← محمد لموافقته له في أكثر شرعه والذين آمنوا ← من أمته فهم الذين ينبغي أن يقولوا
نحن على دينه لا أنتم والله ولي المؤمنين ← ناصرهم وحافظهم .
ونزل لما دعا اليهود معاذا وحذيفة وعمارا إلى دينهم : ودَّت طائفة من أهل الكتاب
لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم ← لأن إثم إضلالهم عليهم والمؤمنون لا يطيعونهم
فيه وما يشعرون ← بذلك .
وقالت طائفة من أهل الكتاب ← اليهود لبعضهم آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا ← أي القرآن وجه النهار ← أوله واكفروا ← به آخره لعلهم ← أي المؤمنين يرجعون
← عن دينهم إذ يقولون ما رجع هؤلاء عنه بعد دخولهم فيه وهم أولو علم إلا لعلمهم
بطلانه .
وقالوا أيضاً ولا تؤمنوا ← تصدَّقوا إلا لمن تبع ← وافق دينكم ← قال تعالى: قل ← لهم يا محمد إن الهدى هدى الله ← الذي هو الإسلام وما عداه ضلال، والجملةُ
اعتراض أن ← أي بأن يؤتى أحدّ مثل ما أوتيتم ← من الكتاب والحكمة والفصائل وأن
مفعول تؤمنوا، والمستثنى منه أحد قدم عليه المستثنى المعنى: لا تقروا بأن أحدا يؤتى
ذلك إلا لمن اتبع دينكم أو ← بأن يحاجوكم ← أي المؤمنون يغلبوكم عند ربكم ← يوم القيامة لأنكم أصح دينا، وفي قراءة: أأن بهمزة التوبيخ أي إيتاء أحد مثله تقرون
به قال تعالى قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ← فمن أين لكم أنه لا يؤتى أحد
مثل ما أوتيتم والله واسع ← كثير الفضل عليم ← بمن هو أهله .
ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار ← أي بمال كثير يؤدَّه إليك ← لأمانته كعبد
الله بن سلام أودعه رجل ألفا ومائتي أوقية ذهبا فأعادها إليه ومنهم من إن تأمنه
بدينار لا يؤده إليك ← لخيانته إلا ما دمت عليه قائما ← لا تفارقه فمتى فارقته
أنكره ككعب بن الأشرف استودعه قرشي دينارا فجحده ذلك ← أي ترك الأداء بأنهم
قالوا ← بسبب قولهم ليس علينا في الأميين ← أي العرب سبيل ← أي إثم لاستحلالهم
ظلم من خالف دينهم ونسبوه إليه تعالى، قال تعالى ويقولون على الله الكذب ← في
نسبة ذلك إليه وهم يعلمون ← أنهم كاذبون .
بلى ← عليهم فيهم سبيل من أوفى بعهده ← الذي عاهد الله عليه أو بعهد الله إليه
من أداء الأمانة وغيره واتقى ← الله بترك المعاصي وعمل الطاعات فإن الله يحب
المتقين ← فيه وضع الظاهر موضع المضمر أي يحبهم بمعنى يثيبهم .
ونزل في اليهود لما بدلوا نعت النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الله إليهم في التوراة
وفيمن حلف كاذبا في دعوى أو في بيع سلعة: إن الذين يشترون ← يستبدلون بعهد الله
← إليهم في الإيمان بالنبي وأداء الأمانة وأيمانهم ← حلفهم به تعالى كاذبين ثمنا قليلا ← من الدنيا أولئك لا خَلاق ← نصيب لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ← غضبا عليهم ولا ينظر إليهم ← يرحمهم يوم القيامة ولا يزكِّيهم ← يطهرهم ولهم
عذاب أليم ← مؤلم .
وإنَّ منهم ← أي أهل الكتاب لفريقا ← طائفة ككعب بن الأشرف يلوون ألسنتهم
بالكتاب ← أي يعطفونها بقراءته عن المنزل إلى ما حرفوه من نعت النبي صلى الله عليه
وسلم ونحو لتحسبوه ← أي المحرف من الكتاب ← الذي أنزله الله وما هو من الكتاب
ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ← أنهم كاذبون .
ونزل لما قال نصارى نجران إن عيسى أمرهم أن يتخذوه ربا ولما طلب بعض المسلمين
السجود له صلى الله عليه وسلم ما كان ← ينبغي لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم
← أي الفهم للشريعة والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن ← يقول كونوا ربانيين ← علماء عاملين منسوبين إلى الرب بزيادة ألف ونون تفخيما بما كنتم تَعْلمُونَ ← بالتخفيف والتشديد الكتاب وبما كنتم تدرسون ← أي بسبب ذلك
فإن فائدته أن تعملوا .
وَلا يأمُرُكُمْ ← بالرفع استئنافا أي الله والنصب عطفا على يقول أي البشر أن
تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ← كما اتخذت الصابئة الملائكة واليهود عُزيرا
والنصارى عيسى أيأمُرُكم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ← لا ينبغي له هذا .
و ← اذكر إذا ← حين أخذ الله ميثاق النبيين ← عهدهم لما ← بفتح اللام
للابتداء وتوكيد معنى القسم الذي في أخذ الميثاق وكسرها متعلقة بأخذ وما موصولة على
الوجهين أي للذي آتيتكم ← إياه، وفي قراءة آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول
مصدق لما معكم ← من الكتاب والحكمة وهو محمد صلى الله عليه وسلم لتؤمنن به
ولتنصرنه ← جواب القسم إن أدركتموه وأممهم تبع لهم في ذلك قال ← تعالى لهم أأقررتم ← بذلك وأخذتم ← قبلتم على ذلكم إصري ← عهدي قالوا أقررنا قال
فاشهدوا ← على أنفسكم وأتباعكم بذلك وأنا معكم من الشاهدين ← عليكم وعليهم.
أفغير دين الله يبغون ← بالياء والتاء أي المتولون وله أسلم ← إنقاذ من في
السماوات والأرض طوعا ← بلا إباء وكرها ← بالسيف بمعاينة ما يلجأ إليه وإليه
يُرْجَعُون ← بالتاء والياء والهمزة في أول الآية للإنكار .
قل ← لهم يا محمد آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب والأسباط ← أولاده وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق
بين أحد منهم ← بالتصديق والتكذيب ونحن له مسلمون ← مخلصون في العبادة ونزل فيمن
ارتد ولحق بالكفار .
كيف ← أي لا يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا ← أي شهادتهم أن الرسول
حق و ← قد جاءهم البينات ← الحجج الظاهرات على صدق النبي والله لا يهدي القوم
الظالمين ← أي الكافرين .
إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ← مقدار ما يملؤها ذهبا ولو افتدى به ← أدخل الفاء في خبر إن لشبه بالشرط وإيذانا بتسبب عدم القبول عن
الموت على الكفر أولئك لهم عذاب أليم ← مؤلم وما لهم من ناصرين ← مانعين منه .