الحمد لله← حمد تعالى نفسه بذلك، والمراد به الثناء بمضمونه من ثبوت الحمد وهو
الوصف بالجميل لله تعالى الذي له ما في السماوات وما في الأرض← ملكا وخلقا وله
الحمد في الآخرة← كالدنيا يحمده أولياؤه إذا دخلوا الجنة وهو الحكيم← في فعله
{الخبير← في خلقه.
يعلم ما يلج← يدخل في الأرض← كماء وغيره وما يخرج منها← كنبات وغيره وما ينزل
من السماء← من رزق وغيره وما يعرج← يصعد فيها← من عمل وغيره وهو الرحيم← بأوليائه الغفور← لهم.
وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة ← القيامة قل ← لهم بلى وربي لتأتينكم
عالم الغيب ← بالجر صفة والرفع خبر مبتدأ وعلام بالجر لا يعزب ← يغيب عنه مثقال
← وزن ذرة ← أصغر نملة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا
في كتاب مبين ← بيَّن وهو اللوح المحفوظ .
والذين سعوا في ← إبطال آياتنا ← القرآن معجزين ← وفي قراءة هنا وفيما يأتي
معاجزين، أي مقدرين عجزنا أو مسابقين لنا فيفوتونا لظنهم أن لا بعث ولا عقاب أولئك لهم عذاب من رجز ← سيء العذاب أليم ← مؤلم بالجر والرفع صفة لرجز أو عذاب .
ويرى ← يعلم الذين أوتوا العلم ← مؤمنوا أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه
الذي أنزل إليك من ربك ← أي القرآن هو ← فصل الحق ويهدي إلى صراط ← طريق العزيز الحميد ← أي الله ذي العزة المحمود .
وقال الذين كفروا ← أي قال بعضهم على جهة التعجب لبعض هل ندلكم على رجل ← هو
محمد ينبئكم ← يخبركم أنكم إذا مزقتم ← قطعتم كل ممزق ← بمعنى تمزيق إنكم
لفي خلق جديد } .
أفترى ← بفتح الهمزة للاستفهام واستغني بها عن همزة الوصل على الله كذبا← في
ذلك أم به جنة← جنون تخيل به ذلك قال تعالى: بل الذين لا يؤمنون بالآخرة ← المشتملة على البعث والعذاب في العذاب ← فيها والضلال البعيد ← عن الحق في
الدنيا .
أفلم يروا ← ينظروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ← ما فوقهم وما تحتهم من
السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسْفا← بسكون السين وفتحها
قِطَعَا من السماء ← وفي قراءة في الأفعال الثلاثة بالياء إن في ذلك ← المرئي لآيه لكل عبد منيب ← راجع إلى ربه تدل على قدرة الله على البعث وما يشاء.
ولقد آتينا داود منا فضلا ← نبوة وكتابا وقلنا يا جبال أوّبي ← رجعي معه ← بالتسبيح والطير ← بالنصب عطفا على محل الجبال، أي ودعوناها تسبح معه وألنا له
الحديد ← فكان في يده كالعجين.
وقلنا أن اعمل ← منه سابغات ← دروعا كوامل يجرها لابسها على الأرض وقدر في
السرد ← أي نسج الدروع قيل لصانعها سراد، أي اجعله بحيث تتناسب حلقه واعملوا ← أي
آل داود معه صالحا إني بما تعملون بصير ← فأجازيكم به .
و ← سخرنا لسليمان الريح ← وقراءة الرفع بتقدير تسخير غدوها ← مسيرها من
الغدوة بمعنى الصباح إلى الزوال شهر ورواحها ← سيرها من الزوال إلى الغروب شهر
← أي مسيرته وأسلنا ← أذبنا له عين القطر ← أي النحاس فأجريت ثلاثة أيام
بلياليهن كجري الماء وعمل الناس إلى اليوم مما أعطي سليمان ومن الجن من يعمل بين
يديه بإذن ← بأمر ربه ومن يزغ ← يعدل منهم عن أمرنا ← له بطاعته نذقه من عذاب
السعير ← النار في الآخرة، وقيل في الدنيا بأن يضربه ملك بسوط منها ضربة تحرقه.
يعملون له ما يشاء من محاريب ← أبنية مرتفعة يصعد اليها بدرج وتماثيل ← جمع
تمثال وهو كل شيء مثلته بشيء، أي صور من نحاس وزجاج ورخام، ولم يكن اتخاذ الصور
حراما في شريعته وجفان ← جمع جفنه كالجوابـ ← ـي جمع جابية وهو حوض كبير، يجتمع
على الجفنة ألف رجل يأكلون منها وقدور راسيات ← ثابتات لها قوائم لا تتحرك عن
أماكنها تتخذ من الجبال باليمن يصعد إليها بالسلالم وقلنا اعملوا ← يا آل داود
← بطاعة الله شكرا ← له على ما أتاكم وقليل من عبادي الشكور ← العامل بطاعتي
شكرا لنعمتي .
فلما قضينا عليه ← على سليمان الموت ← أي مات ومكث قائما على عصاه حولا ميتا
والجن تعمل تلك الأعمال الشاقة على عادتها لا تشعر بموته حتى أكلت الأرضة عصاه فخرّ
ميتا ما دلهم على موته إلا دابة الأرض← مصدر أرضت الخشبة بالبناء للمفعول أكلتها
الأرضه تأكل منسأته ← بالهمز وتركه بألف عصاه لأنها ينسأ يطرد ويزجر بها فلما
خرَّ ← ميتا تبينت الجن ← انكشف لهم أن ← مخففة أي أنهم لو كانوا يعلمون
الغيب ← ومنه ما غاب عنهم من موت سليمان ما لبثوا في العذاب المهين ← العمل الشاق
لهم لظنهم حياته خلاف ظنهم علم الغيب وعلم كونه سنة بحساب ما أكلته الأرضة من العصا
بعد موته يوما وليلة مثلا .
لقد كان لسبأ ← بالصرف وعدمه قبيلة سميت باسم جد لهم من العرب في مسكنهم ← باليمن آية ← دالة على قدرة الله تعالى جنتان ← بدل عن يمين وشمال ← من يمين
واديهم وشماله وقيل لهم: كلوا من رزق ربكم واشكروا له ← على ما رزقكم من النعمة
في أرض سبأ بلدة طيبة ← ليس فيها سباخ ولا بعوضة ولا ذبابة ولا برغوث ولا عقرب
ولا حية ويمر الغريب فيها وفي ثيابه قمل فيموت لطيب هوائها و ← الله رب غفور }
.
فأعرضوا ← عن شكره وكفروا فأرسلنا عليهم سيل العرم ← جمع عرمة وهو ما يمسك
الماء من بناء وغيره إلى وقت حاجته، أي سيل واديهم الممسوك بما ذكر فأغرق جنتيهم
وأموالهم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي ← تثنية ذوات مفرد على الأصل أُكُلٍ
خَمْطِ ← مرِّ بشع بإضافة أكل بمعنى مأكول وتركها ويعطف عليه وأثل وشيء من سدر
قليل } .
وجعلنا بينهم ← بين سبأ، وهم باليمن وبين القرى التي باركنا فيها ← بالماء
والشجر وهي قرى الشام التي يسيرون إليها للتجارة قرى ظاهرة ← متواصلة من اليمن
إلى الشام وقدرنا فيها السير ← بحيث يقيلون في واحدة ويبيتون في أخرى إلى انتهاء
سفرهم ولا يحتاجون فيه إلى حمل زاد وماء أي وقلنا سيروا فيها ليالي وأياما آمنين
← لا تخافون في ليل ولا في نهار .
فقالوا ربنا بَعِّدْ ← وفي قراءة باعد بين أسفارنا ← إلى الشام اجعلها مفاوز
ليتطاولوا على الفقراء بركوب الرواحل وحمل الزاد والماء فبطروا النعمة وظلموا
أنفسهم ← بالكفر فجعلناهم أحاديث ← لمن بعدهم في ذلك ومزقناهم كل ممزق ← فرقناهم في البلاد كل التفريق إن في ذلك ← المذكور لآيات ← عبر لكل صبَّار ← عن المعاصي شكور ← على النعم.
ولقد صدق ← بالتخفيف والتشديد عليهم ← أي الكفار منهم سبأ إبليس ظنه ← أنهم
بإغوائه يتبعونه فاتبعوه ← فصدق بالتخفيف في ظنه أو صدق بالشديد ظنه أي وجده
صادقا إلا ← بمعنى لكن فريقا من المؤمنين ← لبيان أي هم المؤمنون لم يتبعوه.
قل ← يا محمد لكفار مكة ادعوا الذين زعمتم ← أي زعمتموهم آلهة من دون الله ← أي غيره لينفعوكم بزعمكم قال تعالى فيهم: لا يملكون مثقال ← وزن ذرة ← من خير
أو شر في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك ← شركة وما له ← تعالى منهم ← من الآلهة من ظهير ← معين .
ولا تنفع الشفاعة عنده ← تعالى ردا لقولهم إن آلهتهم تشفع عنده إلا لمن أذن ← بفتح الهمزة وضمها له ← فيها حتى إذا فَزَّع ← بالبناء والمفعول عن قلوبهم ← كشف عنها الفزع بالإذن فيها قالوا ← قال بعضهم لبعض استبشارا ماذا قال ربكم ← فيها قالوا ← القول الحق ← أي قد أذن فيها وهو العليّ ← فوق خلقه بالقهر الكبير ← العظيم .
قل من يرزقكم من السماوات ← المطر والأرض ← النبات قل الله ← إن لم يقولوه،
لا جواب غيره وإنا أو إياكم ← أي أحد الفريقين لعلى هدى أو في ضلال مبين ← بين،
في الإبهام إذا وفقوا له .
قل أروني← أعلموني الذين ألحقتم به شركاء ← في العبادة كلا ← ردع لهم عن
اعتقاد شريك له بل هو الله العزيز ← الغالب على أمره الحكيم ← في تدبيره لخلقه
فلا يكون له شريك في ملكه.
وما أرسلناك إلا كافة ← حال من الناس قدم للاهتمام للناس بشيرا← مبشرا للمؤمنين
بالجنة ونذيرا← منذرا للكافرين بالعذاب ولكن أكثر الناس ← أي كفار مكة لا
يعلمون ← ذلك.
وقال الذين كفروا ← من أهل مكة لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ← أي
تقدمه كالتوراة والإنجيل الدالين على البعث لإنكارهم له قال تعالى فيهم ولو ترى ← يا محمد إذ الظالمون ← الكافرون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول
يقول الذين استضعفوا ← الأتباع للذين استكبروا ← الرؤساء لولا أنتم ← صددتمونا
عن الإيمان لكنا مؤمنين ← بالنبي.
وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار ← أي مكر فيهما منكم
بنا إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا← شركاء وأسرُّوا ← أي الفريقين
الندامة ← على ترك الإيمان به لما رأوا العذاب ← أي أخفاها كل عن رفيقه مخافة
التعيير وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا ← في النار هل ← ما يجزون إلا ← جزاء ما كانوا يعملون ← في الدنيا .
وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ← قربى، أي تقريبا إلا ← لكن
من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاءُ الضعف بما عملوا ← أي جزاء العمل: الحسنة
مثلا بعشر فأكثر وهم في الغرفات ← من الجنة آمنون ← من الموت وغيره، وفي قراءة
الغرفة بمعنى الجمع .
قل إن ربي يبسط الرزق ← يوسعه لمن يشاء من عباده ← امتحانا ويقدر ← يضيقه له ← بعد البسط أو لمن يشاء ابتلاءً وما أنفقتم من شيء ← في الخير فهو يخلفه
وهو خير الرازقين ← يقال: كل إنسان يرزق عائلته، أي من رزق الله .
قالوا سبحانك ← تنزيها لك عن الشريك أنت ولينا من دونهم ← أي لا موالاة بيننا
وبينهم من جهتنا بل ← للانتقال كانوا يعبدون الجن ← الشياطين، أي يطيعونهم في
عبادتهم إيانا أكثرهم بهم مؤمنون ← مصدقون فيما يقولون لهم .
قال تعالى: فاليوم لا يملك بعضكم لبعض ← أي بعض المعبودين لبعض العابدين نفعا ← شفاعة ولاضرا ← تعذيبا ونقول للذين ظلموا ← كفروا ذوقوا عذاب النار التي كنتم
بها تكذبون } .
وإذا تتلى عليهم آياتنا ← القرآن بيّنات ← واضحات بلسان نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم ← من الأصنام
وقالوا ما هذا ← القرآن إلا إفك ← كذب مفترى ← على الله وقال الذين كفروا
للحق ← القرآن لما جاءهم إن ← ما هذا إلا سحرٌ مبين ← بيّن .
وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا ← أي هؤلاء معشار ما آتيناهم ← من القوة وطول
العمر وكثرة المال فكذبوا رسلي ← إليهم فكيف كان نكير ← إنكاري عليهم العقوبة
والإهلاك، أي هو واقع موقعه .
قل إنما أعظكم بواحدة ← هي أن تقوموا لله ← أي لأجله مثنى ← أي اثنين اثنين وفرادى ← واحدا واحدا ثم تتفكروا ← فتعلموا ما بصاحبكم ← محمد من جنة ← جنون
إن ← ما هو إلا نذير لكم بين يدي ← أي قبل عذاب شديد ← في الآخرة إن عصيتموه.
قل ← لهم ما سألتكم ← على الإنذار والتبليغ من أجر فهو لكم ← أي لا أسألكم
عليه أجرا إن أجري ← ما ثوابي إلا على الله وهو على كل شيء شهيد ← مطلع يعلم
صدقي .
وقد كفروا به من قبل ← في الدنيا ويقذفون ← يرمون بالغيب من مكان بعيد ← أي
بما غاب علمه عنهم غيبة بعيدة حيث قالوا في النبي ساحر، شاعر، كاهن، وفي القرآن
سحر، شعر، كهانة .
وحيلَ بينهم وبين ما يشتهون ← من الإيمان، أي قبوله كما فُعل بأشياعهم ← أشباههم في الكفر من قبل ← أي قبلهم إنهم كانوا في شك مريب ← موقع في الريبة
لهم فيما آمنوا به الآن ولم يعتدوّا بدلائله في الدنيا .