Prev  

10. Surah Yûnus سورة يونس

  Next  



تفسير البغوي - يونس - Yunus -
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
بِسْم ِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ
    +/- -/+  
الأية
1
 
{ سورة يونس عليه الصلاة والسلام مكية إلا ثلاث آيات من قوله: '' فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ، { إلى آخرها بسم الله الرحمن الرحيم ، { الر تلك آيات الكتاب الحكيم } { الر ، { و آلمر قرأ أهل الحجاز والشام وحفص: بفتح الراء فيهما. وقرأ الآخرون: بالإمالة. قال ابن عباس والضحاك: آلر أنا الله أرى، وآلمر أنا الله أعلم وأرى. وقال سعيد بن جبير { الر ، { و { حم ، { و ، { ن ، { حروف اسم الرحمن وقد سبق الكلام في حروف التهجي. '' تلك آيات الكتاب الحكيم } ، أي: هذه، وأراد بالكتاب الحكيم القرآن، وقيل: أراد بها الآيات التى أنزلها من قبل ذلك، ولذلك قال: '' تلك } ، وتلك إشارى إلى غائب مؤنث، والحكيم: المحكم بالحلال والحرام، والحدود والأحكام، فعيل بمعنى مفعل، بدليل قوله: { كتاب أحكمت آياته } (هود-1). وقيل: هو بمعنى الحاكم، فعيل بمعنى فاعل، دليله قوله عز وجل: '' وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس } (البقرة-213). وقيل: هو بمعنى المحكوم، فعيل بمعنى المفعول، قال الحسن: حكم فيه بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وبالنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وحكم فيه بالجنة لمن أطاعه وبالنار لمن عصاه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ۗ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ
    +/- -/+  
الأية
2
 
{ قوله تعالى: '' أكان للناس عجبا } ، العجب: حالة تعتري الإنسان من رؤية شيء على خلاف العادة. وسبب نزول الآية: أن الله عز وجل لما بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا، قال المشركون: الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا، فقال تعالى: '' أكان للناس } ، يعني: أهل مكة، الألف فيه للتوبيخ، { عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم } ، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، { أن أنذر الناس } ، أي: أعلمهم مع التخويف، { وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم } ، واختلفوا فيه: قال ابن عباس: أجرا حسنا بما قدموا من أعمالهم. قال الضحاك: ثواب صدق. قال الحسن عمل صالح أسلفوه يقدمون عليه. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال: هو السعادة في الذكر الأول. وقال زيد بن أسلم: هو شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقال عطاء: مقام صدق لا زوال له، ولا بؤس فيه. وقيل: منزلة رفيعة. وأضيف القدم إلى الصدق وهو نعته، كقولهم مسجد الجامع، وحب الحصيد، وقال أبو عبيدة: كل سابق في خير أو شر فهو عند العرب قدم، يقال: لفلان قدم في الإسلام، وله عندي قدم صدق وقدم سوء، وهو يؤنث فيقال: قدم حسنة، وقدم صالحة. '' قال الكافرون إن هذا لساحر مبين }. قرأ نافع وأهل البصرة والشام: لسحر بغير ألف يعنون القرآن، وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة: '' لساحر ، { بالألف يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۖ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
    +/- -/+  
الأية
3
 
{ قوله عز وجل: '' إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر } ، يقضيه وحده، { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } ، معناه: أن الشفعاء لا يشفعون إلا بإذنه، وهذا رد عل النضر بن الحارث فإنه كان يقول: إذا كان يوم القيامة تشفعني اللات والعزى. قوله تعالى: '' ذلكم الله ربكم } ، يعنى: الذي فعل هذه الأشياء ربكم لا رب لكم غيره، { فاعبدوه أفلا تذكرون } ، تتعظون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا ۖ وَعْدَ اللهِ حَقًّا ۚ إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ ۚ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ
    +/- -/+  
الأية
4
 
{ إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا } ، صدقا لا خلف فيه. نصب على المصدر، أي: وعدكم وعدا حقا { إنه يبدأ الخلق ثم يعيده } ، أي: يحييهم ابتداء ثم يميتهم ثم يحييهم، قراءة العامة: '' إنه ، { بكسر الألف على الاستئناف، وقرأ أبو جعفر أنه بالفتح على معنى بأنه { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط } ، بالعدل { والذين كفروا لهم شراب من حميم } ، ماء حار انتهى حره، { وعذاب أليم بما كانوا يكفرون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
    +/- -/+  
الأية
5
 
{ هو الذي جعل الشمس ضياء } ، بالنهار، { والقمر نورا ، { بالليل. وقيل: جعل الشمس ذات ضياء، والقمر ذا نور، { وقدره منازل } ، أي: قدر له، يعنى هيأ له منازل لا يجاوزها ولا يقصر دونها، ولم يقل: قدرهما. قيل: تقدير المنازل ينصرف إليهما غير أنه اكتفى بذكر أحدهما، كما قال:'' والله ورسوله أحق أن يرضوه } (التوبة-62). وقيل: هو ينصرف إلى القمر خاصة لأن القمر يعرف به انقضاء الشهور والسنين، لا بالشمس. ومنازل القمر ثمانية وعشرون منزلا، وأسماؤها: الشرطين، والبطين، والثرياء، والدبران، والهقعة، والهنعة، والذراع، والنسر، والطوف، والجبهة، والزبرة، والصرفة، والعواء، والسماك، والغفر، والزباني، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعايم، والبلدة، وسعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود وسعد الأخبية، وفرع الدلو المقدم، وفرع الدلو المؤخر، وبطن الحوت. وهذه المنازل مقسومة على البروج، وهي اثنا عشر برجا: الحمل والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. ولكل برج منزلان وثلث منزل، فينزل القمر كل ليلة منزلا منها، ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين، وإن كان تسعا وعشرين فليلة واحدة، فيكون تلك المنازل ويكون مقام الشمس في كل منزلة ثلاثة عشر يوما، فيكون انقضاء السنة مع انقضائها. قوله تعالى: '' لتعلموا عدد السنين } ، أي: قدر المنازل { لتعلموا عدد السنين ، { دخولها وانقضاءها، { والحساب } ، يعني: حساب الشهور والأيام والساعات. '' ما خلق الله ذلك ، { رده إلى الخلق والتقدير، ولو رده الأعيان المذكورة لقال: تلك. '' إلا بالحق } ، أي: لم يخلقه باطلا بل إظهار الصنعة ودلالة على قدرته. '' يفصل الآيات لقوم يعلمون } ، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص ويعقوب: يفصل بالياء، لقوله: '' ما خلق ، { وقرأ الباقون: نفصل بالنون على التعظيم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ
    +/- -/+  
الأية
6
 
{ إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون ، { يؤمنون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ
    +/- -/+  
الأية
7
 
{ إن الذين لا يرجون لقاءنا } ، أي: لا يخافون عقابنا ولا يرجون ثوابنا. والرجاء يكون بمعنى الخوف والطمع، { ورضوا بالحياة الدنيا } ، فاختاروها وعملوا لها، { واطمأنوا بها }: سكنوا إليها. '' والذين هم عن آياتنا غافلون } ، أي: عن أدلتنا غافلون لا يعتبرون. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: عن آياتنا عن محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن غافلون معرضون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
    +/- -/+  
الأية
8
 
{ أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون } ، من الكفر والتكذيب.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
    +/- -/+  
الأية
9
 
قوله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم } ، فيه إضمار، أي: يرشدهم ربهم بإيمانهم إلى جنة، { تجري من تحتهم الأنهار }. قال مجاهد: يهديهم عل الصراط إلى الجنة، يجعل لهم نورا يمشون به. وقيل: '' يهديهم } ، معناه يثيبهم ويجزيهم. وقيل: معناه بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه، أي: بتصديقهم هداهم { تجري من تحتهم الأنهار } ، أي: بين أيديهم كقوله عز وجل: '' قد جعل ربك تحتك سرياً } (مريم-24) لم يرد به أنه تحتها وهي قاعدة عليه، بل أراد بين يديها. وقيل: تجري من تحتهم أي: بأمرهم، { في جنات النعيم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
    +/- -/+  
الأية
10
 
{ دعواهم } ، أي: قولهم وكلامهم. وقيل: دعاؤهم. '' فيها سبحانك اللهم } ، وهي كلمة تنزيه، تنزه الله من كل سوء. وروينا: '' أن أهل الجنة يلهمون الحمد والتسبيح، كما يلهمون النفس }. قال أهل التفسير: هذه الكلمة علامة بين أهل الجنة والخدم في الطعام، فإذا أرادوا الطعام قالوا: سبحانك اللهم، فأتوهم في الوقت بما يشتهون علىالموائد، كل مائدة ميل في ميل، على كل مائدة سبعون ألف صحفة، وفي كل صحفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا، فإذ فرغوا من الطعام حمدوا لله، فذلك قوله تعالى:'' وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين }. قوله تعالى: '' وتحيتهم فيها سلام } ، أي: يحي بعضهم بعضا بالسلام. وقيل: تحية الملائكة لهم بالسلام. وقيل: تأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام. '' وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } ، يريد: يفتتحون كلامهم بالتسبيح، ويختمونه بالتحميد.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ۖ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
    +/- -/+  
الأية
11
 
{ قوله عز وجل: '' ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير } ، قال ابن عباس: هذا في قول الرجل عند الغضب لأهله وولده: لعنكم الله، ولا بارك الله فيكم. قال قتادة: هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب. معناه: لو يعجل الله الناس إجابة دعائهم في الشر والمكروه استعجالهم بالخير، أي: كما يحبون استعجالهم بالخير، { لقضي إليهم أجلهم } ، قرأ ابن عامر ويعقوب: '' لقضي ، { بفتح القاف والضاد، { أجلهم ، { نصب، أي: لأهلك من دعا عليه وأماته. وقال الآخرون: '' لقضي ، { بضم القاف وكسر الضاد { أجلهم ، { رفع، أي: لفرغ من هلاكهم وماتوا جميعا. وقيل: إنها نزلت في النضر بن الحارث حين قال: '' اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، { الآية (الأنفال-32) يدل عليه قوله عز وجل } : فنذر الذين لا يرجون لقاءنا } ، لا يخافون البعث والحساب، { في طغيانهم يعمهون }. أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، أنبأنا أحمد بن منصور الزيادي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن همام بن منبه، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: '' اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر فيصدر مني ما يصدر من البشر فأي المؤمنين آذيته، أو شتمته، أو جلدته، أو لعنته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة، تقربه بها إليك يوم القيامة.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
12
 
{ قوله تعالى: '' وإذا مس الإنسان الضر } ، الجهد والشدة، { دعانا لجنبه } ، أي: على جنبه مضطجعا، { أو قاعدا أو قائما } ، يريد في جميع حالاته، لأن الإنسان لا يعدو إحدى هذه الحالات. '' فلما كشفنا } ، دفعنا ، { عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه } ، أي استمر على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء، كأنه لم يدعنا إلى ضر مسه أي: لم يطلب منا كشف ضر مسه. '' كذلك زين للمسرفين ، { المجاوزين الحد في الكفر والمعصية، { ما كانوا يعملون } ، من العصيان. قال ابن جريج: كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون من الدعاء عند البلاء وترك الشكر عند الرخاء. وقيل: معناه كما زين لكم أعمالكم زين للمسرفين الذين كانوا من قبلكم أعمالهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ
    +/- -/+  
الأية
13
 
{ قوله عز وجل: '' ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا ، { أشركوا، { وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك } ، أي: كما أهلكناهم بكفرهم ، { نجزي ، { نعاقب ونهلك، { القوم المجرمين } ، الكافرين بتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم يخوف كفار مكة بعذاب الأمم الخالية المكذبة.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
14
 
{ ثم جعلناكم خلائف } ، أي: خلفاء، { في الأرض من بعدهم } ، أي: من بعد القرون التي أهلكناهم، { لننظر كيف تعملون } ، وهو أعلم بهم. وروينا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: '' ألا إن هذه الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
15
 
{ قوله عز وجل: '' وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } ، قال قتادة: يعني مشركي مكة. وقال مقاتل : هم خمسة نفر: عبد الله بن أمية المخزومي، والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري، والعاص بن عامر بن هاشم. '' قال الذين لا يرجون لقاءنا } ، هم السابق ذكرهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت تريد أن تؤمن بك { ائت بقرآن غير هذا } ، ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة، وليس فيه عيبها، وإن لم ينزلها الله فقل أنت من عند نفسك، { أو بدله } ، فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة، أو مكان حرام حلالا، أو مكان حلال حراما، { قل ، { لهم يا محمد، { ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي } ، من قبل نفسي { إن أتبع إلا ما يوحى إلي } ، أي: ما أتبع إلا ما يوحى إلي فيما آمركم به وأنهاكم عنه، { إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
    +/- -/+  
الأية
16
 
{ قل لو شاء الله ما تلوته عليكم } ، يعني: لو شاء الله ما أنزل القرآن علي. '' ولا أدراكم به } ، أي: ولا أعلمكم الله. قرأ البزي عن ابن كثير: { ولا أدراكم به ، { بالقصر به على الإيجاب، يريد: ولا علمكم به من غير قراءتي عليكم. وقرأ ابن عباس } : لأنذركم به ، { من الإنذار. '' فقد لبثت فيكم عمرا } ، حينا وهو أربعون سنة، { من قبله } ، من قبل نزول القرآن ولم آتكم بشيء. '' أفلا تعقلون } ، أنه ليس من قبلي، ولبث النبي صلى الله عليه وسلم فيهم قبل الوحي أربعين سنة ثم أوحى الله إليه فأقام بمكة بعد الوحي ثلاث عشرة سنة ثم هاجر فأقام بالمدينة عشر سنين وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة. وروى أنس: أنه أقام بمكة بعد الوحي عشر سنين وبالمدينة عشر سنين، وتوفي وهو ابن ستين سنة. والأول أشهر وأظهر.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ
    +/- -/+  
الأية
17
 
{ قوله تعالى: '' فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } ، فزعم أن له شريكا أو ولدا { أو كذب بآياته } ، بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، { إنه لا يفلح المجرمون } ، لا ينجو المشركون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
    +/- -/+  
الأية
18
 
{ ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم } ، إن عصوه وتركوا عبادته، { ولا ينفعهم } ، إن عبدوه، يعني: الأصنام، { ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله ، { أتخبرون الله، { بما لا يعلم } ، الله صحته. ومعنى الآية: أتخبرون الله أن له شريكا، أو عنده شفيعا بغير إذنه، ولا يعلم الله لنفسه شريكا؟‍! '' في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون } ، قرأ حمزة والكسائي: تشركون بالتاء، هاهنا وفى سورة النحل موضعين، وفى سورة الروم، وقرأ الآخرون كلها بالياء.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
    +/- -/+  
الأية
19
 
{ قوله تعالى: '' وما كان الناس إلا أمة واحدة } ، أي: على الإسلام. وقد ذكرنا الاختلاف فيه في سورة البقرة. '' فاختلفوا } ، وتفرقوا إلى مؤمن وكافر، { ولولا كلمة سبقت من ربك } ، بأن جعل لكل أمة أجلا. وقال الكلبي: هي إمهال هذه الأمة وأنه لا يهلكهم بالعذاب في الدنيا، { لقضي بينهم } ، بنزول العذاب وتعجيل العقوبة للمكذبين، وكان ذلك فصلا بينهم، { فيما فيه يختلفون } ، وقال الحسن: ولولا كلمة سبقت من ربك، مضت في حكمه أنه: لا يقضي بينهم فيما اختلفوا فيه بالثواب والعقاب دون القيامة، لقضي بينهم في الدنيا فأدخل المؤمن الجنة والكافر النار، ولكنه سبق من الله الأجل فجعل موعدهم يوم القيامة.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ۖ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
20
 
{ ويقولون } ، يعني: أهل مكة، { لولا أنزل عليه } ، أي: عمل محمد صلى الله عليه وسلم { آية من ربه } ، على ما تقترحه، { فقل إنما الغيب لله } ، يعني: قل إنما سألتموني الغيب وإنما الغيب لله، لا يعلم أحد لم لم يفعل ذلك ولا يعلمه إلا هو. وقيل: الغيب نزول الآية لا يعلم متى ينزل أحد غيره، { فانتظروا ، { نزولها { إني معكم من المنتظرين } ، وقيل: فانتظروا قضاء الله بيننا بالحق بإظهار المحق على المبطل.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا ۚ قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْرًا ۚ إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ
    +/- -/+  
الأية
21
 
{ قوله عز وجل: '' وإذا أذقنا الناس } ، يعني: الكفار، { رحمة من بعد ضراء } ، أي: راحة ورخاء من بعد شدة وبلاء، وقيل: القطر بعد القحط، { مستهم } ، أي: أصابتهم، { إذا لهم مكر في آياتنا } ، قال مجاهد: تكذيب واستهزاء. وقال مقاتل بن حيان: لا يقولون: هذا رزق الله، إنما يقولون: سقينا بنوء كذا، وهو قوله: '' وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون } (الواقعة-82). '' قل الله أسرع مكرا } ، أعجل عقوبة وأشد أخذا وأقدر على الجزاء، يريد عذابه في إهلاككم أسرع إليكم مما يأتي منكم في دفع الحق، { إن رسلنا } ، حفظتنا، { يكتبون ما تمكرون } ، وقرأ يعقوب: يمكرون بالياء.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ ۙ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
22
 
{ قوله تعالى: '' هو الذي يسيركم } ، يجريكم ويحملكم، وقرأ أبو جعفر وابن عامر: ينشركم بالنون والشين من الشر وهو البسط والبث، { في البر } ، على ظهور الدواب، { و ، { في { البحر } ، على الفلك، { حتى إذا كنتم في الفلك } ، أي: في السفن، تكون واحدا وجمعا { وجرين بهم } ، يعني: جرت السفن بالناس، رجع من الخطاب إلى الخبر، { بريح طيبة ، { لينة، { وفرحوا بها } ، أي: بالريح، { جاءتها ريح } ، أي: جاءت الفلك ريح، { عاصف } ، شديدة الهبوب، ولم يقل ريح عاصفة، لاختصاص الريح بالعصوف. وقيل: الريح تذكر وتؤنث. '' وجاءهم } ، يعني: ركبان السفينة، { الموج } ، وهو حركة الماء واختلاطه، { من كل مكان وظنوا } ، أيقنوا { أنهم أحيط بهم } ، دنوا من الهكلة، أي: أحاط بهم الهلاك، { دعوا الله مخلصين له الدين } ، أي: أخلصوا في الدعاء لله ولم يدعوا أحدا سوى الله. وقالوا { لئن أنجيتنا } ، يا ربنا، { من هذه } ، الريح العاصف، { لنكونن من الشاكرين'' ،لك بالإيمان والطاعة.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ ۖ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
23
 
{ فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض } ، يظلمون ويتجاوزون إلى غير أمر الله عز وجل في الأرض، { بغير الحق } ، أي: بالفساد. '' يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم } ، لأن وباله راجع عليها، ثم ابتدأ فقال: '' متاع الحياة الدنيا } ، أي: هذا متاع الحياة الدنيا، خبر ابتداء مضمر، كقوله: '' لم يلبثوا إلا ساعةً من نهار بلاغ } (الأحقاف-35)، أي: هذا بلاغ. وقيل: هو كلام متصل، والبغي: ابتداء، ومتاع: خبره. ومعناه: إنما بغيكم متاع الحياة الدنيا، لا يصلح زادا لمعاد لأنكم تستوجبون به غضب الله. وقرأ حفص: '' متاع ، { بالنصب، أي تتمتعون متاع الحياة الدنيا، { ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
    +/- -/+  
الأية
24
 
{ قوله عز وجل: '' إنما مثل الحياة الدنيا } ، في فنائها وزوالها، { كماء أنزلناه من السماء فاختلط به } ، أي: بالمطر، { نبات الأرض } ، قال ابن عباس: نبت بالماء من كل لون، { مما يأكل الناس } ، من الحبوب والثمار، { والأنعام } ، من الحشيش، { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها } ، حسنها وبهجتها وظهر الزهر أخضر وأحمر وأصفر وأبيض { وازينت }. أي: تزينت، وكذلك هي في قراءة ابن مسعود: تزينت. '' وظن أهلها أنهم قادرون عليها } ، على جذاذها وقطافها وحصادها، رد الكناية إلى الأرض. والمراد: النبات إذ كان مفهوما، وقيل: ردها إلى الغلة. وقيل: إلى الزينة. '' أتاها أمرنا } ، قضاؤنا، بإهلاكها، { ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً } ، أي: محصودة مقطوعة، { كأن لم تغن بالأمس } ، كأن لم تكن بالأمس، وأصله من غني بالمكان إذا أقام به وقال قتادة: معناه إن المتشبث بالدنيا يأتيه أمر الله وعذابه أغفل ما يكون. '' كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَاللهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
25
 
{ قوله تعالى: '' والله يدعو إلى دار السلام } ، قال قتادة: السلام هو الله، وداره: الجنة. وقيل: السلام بمعنى السلامة، سميت الجنة دار السلام لأن من دخلها سلم من الآفات. وقيل المراد بالسلام التحية سميت الجنة دار السلام، لأن أهلها يحيي بعضهم بعضا بالسلام والملائكة تسلم عليهم. قال الله تعالى } : والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم } (الرعد- 23). وروينا عن جابر قال: { جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: إن لصاحبكم هذا مثلا. قال: فاضربوا له مثلا. فقال بعضهم: مثله كمثل رجل بنى دارا، وجعل فيها مأدبة، وبعث داعيا، فمن أجاب الداعي: دخل الدار، وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي: لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقالوا أولوها له يفقهها، قال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا:فالدار الجنة والداعي محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أطاع محمدا فقد أطاع الله، ومن عصى محمدا فقد عصى الله، ومحمد فرق بين الناس }. '' ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } ، فالصراط المستقيم هو الإسلام، عم بالدعوة لإظهار الحجة، وخص بالهداية استغناء عن الخلق.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
    +/- -/+  
الأية
26
 
{ قوله تعالى: '' للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، أي: للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى، وهي الجنة، وزيادة: وهي النظر إلى وجه الله، هذا قول جماعة من الصحابة، منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وحذيفة، وأبو موسى، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم، وهو قول الحسين، وعكرمة، وعطاء، ومقاتل، والضحاك، والسدي. أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن العباس الحميدي، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاء، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت - يعني البناني - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: '' للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، قال: '' إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه، قالوا: ما هذا الموعود؟ ألم يثقل موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنة، ويجرنا من النار؟ قال: فيرفع الحجاب فينظرون إلى وجه الله عز وجل. قال: فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إليه }. وروي عن ابن عباس: أن الحسنى هي: أن الحسنة بمثلها والزيادة هي التضعيف عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. وقال مجاهد: الحسنى: حسنة مثل حسنة، والزيادة المغفرة والرضوان. '' ولا يرهق } ، لا يغشى { وجوههم قتر } ، غبار، جمع قترة. قال ابن عباس وقتادة: سواد الوجه، { ولا ذلة } ، هوان. قال قتادة: كآبة. قال ابن أبي ليلى: هذا بعد نظرهم إلى ربهم. '' أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
    +/- -/+  
الأية
27
 
{ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها } ، أي: لهم مثلها، كما قال: '' ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها } (الأنعام-160). '' وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم } ، و'' من ، { صلة، أي: ما لهم من الله من عاصم، { كأنما أغشيت } ، ألبست، { وجوههم قطعاً } ، جمع قطعة، { من الليل مظلماً } ، نصبت على الحال دون النعت، ولذلك لم يقل: مظلمة، تقديره: قطعا من الليل في حال ظلمته، أو قطعا من الليل المظلم. وقرأ ابن كثير والكسائي ويعقوب: '' قطعاً ، { ساكنة الطاء، أي بعضا، كقوله: '' بقطع من الليل } (هود-81). '' أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ ۚ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ ۖ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ
    +/- -/+  
الأية
28
 
{ قوله تعالى: '' ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا مكانكم } ، أي: الزموا مانكم، { أنتم وشركاؤكم } ، يعني: الأوثان، معناه: ثم نقول للذين أشركوا: الزموا أنتم وشركاؤكم مكانكم، ولا تبرحوا. '' فزيلنا ، { ميزنا وفرقنا { بينهم } ، أي: بين المشركين وشركائهم، وقطعنا ما كان بينهم من التواصل في الدنيا، وذلك حين يتبرأ كل معبود من دون اله ممن عبده، { وقال شركاؤهم } ، يعني: الأصنام، { ما كنتم إيانا تعبدون } ، بطلبتنا فيقولون: بلى، كنا نعبدكم، فتقول الأصنام:

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَكَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ
    +/- -/+  
الأية
29
 
{ فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين } ، أي: ما كنا عن عبادتكم إيانا إلا غافلين، ما كنا نسمع ولا نبصر ولا نعقل.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ ۚ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ۖ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
    +/- -/+  
الأية
30
 
قال الله تعالى : { هنالك تبلو } ، أي: تختبر. وقيل: معناه: تعلم وتقف عليه، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب: تتلو بتاءين، أي: تقرأ، { كل نفس } ، صحيفتها. وقيل: معناه تتبع كل نفس { ما أسلفت } ، ما قدمت من خير أو شر. وقيل: معناه تعاين، { وردوا إلى الله } ، إلى حكمه فيتفرد فيهم بالحكم، { مولاهم الحق } ، الذي يتولى ويملك أمورهم: فإن قيل: أليس قد قال: '' وأن الكافرين لا مولى لهم } (محمد-11)؟ قيل: المولى هناك بمعنى الناصر، وهاهنا بمعنى: المالك، { وضل عنهم } ، زال عنهم وبطل، { ما كانوا يفترون } ، في الدنيا من التكذيب.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ
    +/- -/+  
الأية
31
 
{ قوله تعالى: '' قل من يرزقكم من السماء والأرض } ، أي: من السماء بالمطر، ومن الأرض بالنبات ، { أمن يملك السمع والأبصار } ، أي: من إعطائكم السمع والأبصار ، { ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ، { يخرج الحي من النطفة والنطفة من الحي، { ومن يدبر الأمر'' ؟ أي: يقضي الأمر، { فسيقولون الله } ، هو الذي يفعل هذه الأشياء، { فقل: أفلا تتقون'' ؟ أفلا تخافون عقابه في شرككم؟ وقيل: أفلا تتقون الشرك مع هذا الإقرار؟

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَذَٰلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ
    +/- -/+  
الأية
32
 
{ فذلكم الله ربكم } ، الذي يفعل هذه الأشياء هو ربكم، { الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون'' ؟ أي: فأين تصرفون عن عبادته وأنتم مقرون به؟

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
    +/- -/+  
الأية
33
 
{ كذلك }. قال الكلبي: هكذا، { حقت } ، وجبت، { كلمة ربك } ، حكمه السابق، { على الذين فسقوا } ، كفروا، { أنهم لا يؤمنون } ، قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامركلمات ربك بالجمع هاهنا موضعين، وفى المؤمن، والآخرون على التوحيد.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ قُلِ اللهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
    +/- -/+  
الأية
34
 
{ قل هل من شركائكم } ، أوثانكم ، { من يبدأ الخلق } ، ينشيء الخلق من غير أصل ولا مثال، { ثم يعيده } ، ثم يحييه من بعد الموت كهيئته، فإن أجابوك وإلا ف { قل ، { أنت } : الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون { ؟ أي: تصرفون عن قصد السبيل.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
    +/- -/+  
الأية
35
 
{ قل هل من شركائكم من يهدي } ، يرشد، { إلى الحق } ، فإذا قالوا: لا - ولا بد لهم من ذلك - '' قل الله يهدي للحق } ، أي إلى الحق. '' أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي } ، قرأ حمزة والكسائي: ساكنة الهاء، خفيفة الدال، وقرأ الآخرون: بتشديد الدال، ثم قرأ أبو جعفر، وقالون: بسكون الهاء، وأبو عمرو بروم الهاء بين الفتح والسكون، وقرأ حفص: بفتح الياء وكسر الهاء، وأبو بكر بكسرهما، والباقون بفتحهما، ومعناه: يهتدي- في جميعها - فمن خفف الدال، قال: يقال: هديته فهدى، أي: اهتدى، ومن شدد الدال أدغم التاء في الدال، ثم أبو عمرو يروم عل مذهبه في إيثار التخفيف، ومن سكن الهاء تركها على حالتها كما فعل فى تعدوا و يخصمون، ومن فتح الهاء نقل فتحة التاء المدغمة إلى الهاء، ومن كسر الهاء فلالتقاء الساكنين، قوال الجزم يحرك إلى الكسر، ومن كسر الياء، مع الهاء أتبع الكسرة الكسرة. قوله تعالى: '' إلا أن يهدى } ، معنى الآية: الله الذي يهدي إلى الحق أحق بالاتباع أم الصنم الذي لا يهتدي إلا أن يهدى؟. فإن قيل: كيف قال: '' إلا أن يهدى } ، والصنم لا يتصور أن يهتدي ولا أن يهدى؟. قيل: معنى الهداية في حق الأصنام الانتقال، أي: أنها لا تنتقل من كانت إلى مكان إلا أن تحمل وتنقل، يتبين به عجز الأصنام. وجواب آخر وهو: أن ذكر الهداية على وجه المجاز، وذلك أن المشركين لما اتخذوا الأصنام آلهة وأنزلوها منزلة من يسمع ويعقل عبر عنها بما يعبر عمن يعلم ويعقل، ووصفت بصفة من يعقل. '' فما لكم كيف تحكمون } ، كيف تقضون حين زعمتم أن لله شريكا.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
36
 
قوله تعالى : { وما يتبع أكثرهم إلا ظناً } ، منهم يقولون: إن الأصنام آلهة، وإنها تشفع لهم في الآخرة ظنا منهم، لم يرد به كتاب ولا رسول، وأراد بالأكثر: جميع من يقول ذلك، { إن الظن لا يغني من الحق شيئاً } ، أي: لا يدفع عنهم من عذاب الله شيئا. وقيل: لا يقوم مقام العلم، { إن الله عليم بما يفعلون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَىٰ مِنْ دُونِ اللهِ وَلَٰكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ
    +/- -/+  
الأية
37
 
{ قوله تعالى: '' وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله } ، قال الفراء: معناه: وما ينبغي لمثل هذا القرآن أن يفترى من دون الله، كقوله تعالى: '' وما كان لنبي أن يغل } (آل عمران-161). وقيل: '' أن } ، بمعنى اللام، أي: وما كان هذا القرآن ليفترى من دون الله. قوله: '' ولكن تصديق الذي بين يديه } ، أي: بين يدي القرآن من التوراة والإنجيل. وقيل: تصديق الذي بين يدي القرآن من القيامة والبعث، { وتفصيل الكتاب } ، تبين ما في الكتاب من الحلال والحرام والفرائض والأحكام، { لا ريب فيه من رب العالمين.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
    +/- -/+  
الأية
38
 
{ أم يقولون } ، قال أبو عبيدة: '' أم } ، بمعنى الواو، أي: ويقولون، { افتراه } ، اختلق محمد القرآن من قبل نفسه ، { قل فاتوا بسورة مثله } ، شبه القرآن ، { وادعوا من استطعتم } ، ممن تعبدون، { من دون الله } ، ليعينوكم على ذلك، { إن كنتم صادقين } ، أن محمداً افتراه ثم قال:

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ
    +/- -/+  
الأية
39
 
{ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } ، يعني: القرآن، كذبوا به ولم يحيطوا بعلمه، { ولما يأتهم تأويله } ، أي: عاقبة ما وعد الله في القرآن، أنه يؤول إليه أمرهم من العقوبة، يريد: أنهم لم يعلموا ما يؤول إليه عاقبة أمرهم. '' كذلك كذب الذين من قبلهم } ، أي: كما كذب هؤلاء الكفار بالقرآن كذلك كذب الذين من قبلهم من كفار الأمم الخالية، { فانظر كيف كان عاقبة الظالمين } ، آخر أمر المشركين بالهلاك.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ
    +/- -/+  
الأية
40
 
{ ومنهم من يؤمن به } ، أي: من قومك من يؤمن بالقرآن، { ومنهم من لا يؤمن به } ، لعلم الله السابق فيهم، { وربك أعلم بالمفسدين } ، الذين لا يؤمنون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ۖ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
41
 
{ وإن كذبوك'' ن يا محمد، { فقل لي عملي } ، وجزاؤه، { ولكم عملكم } ، وجزاؤه، { أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون } ، هذا كقوله تعالى: '' لنا أعمالنا ولكم أعمالكم } (القصص-55)، { لكم دينكم ولي دين } (الكافرون-6). قال الكلبي ومقاتل: هذه الآية منسوخة بآية الجهاد. ثم أخبر أن التوفيق للإيمان به لا بغيره:

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ
    +/- -/+  
الأية
42
 
{ فقال: '' ومنهم من يستمعون إليك ، { بأسماعهم الظاهرة فلا ينفعهم، { أفأنت تسمع الصم } ، يريد: سمع القلب، { ولو كانوا لا يعقلون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
43
 
{ ومنهم من ينظر إليك } ، بأبصارهم الظاهرة، { أفأنت تهدي العمي } ، يريد عمى القلب، { ولو كانوا لا يبصرون } ، وهذا تسلية من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، يقول: إنك لا تقدر أن تسمع من سلبته السمع، ولا أن تهدي من سلبته البصر، ولا أن توفق للإيمان من حكمت عليه أن لا يؤمن.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
    +/- -/+  
الأية
44
 
{ إن الله لا يظلم الناس شيئاً } ، لأنه في جميع أفعاله متفضل عادل، { ولكن الناس أنفسهم يظلمون } ، بالكفر والمعصية.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ ۚ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ
    +/- -/+  
الأية
45
 
{ قوله تعالى: '' ويوم يحشرهم } ، قرأ حفص بالياء، والآخرون بالنون، { كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار } ، قال الضحاك: كأن لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من النهار. وقال ابن عباس: كأن لم يلبثوا في قبورهم إلا قدر ساعة من النهار، { يتعارفون بينهم } ، يعرف بعضهم بعضا حين بعثوا من القبور كمعرفتهم في الدنيا، ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال القيامة. وفى بعض الآثار: أن الإنسان يعرف يوم القيامة من بجنبه ولا يكلمه هيبة وخشية. { قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين } ، والمراد من الخسران: خسران النفس، ولا شيء أعظم منه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
46
 
{ قوله تعالى: '' وإما نرينك ، { يا محمد، { بعض الذي نعدهم ، { في حياتك من العذاب، { أو نتوفينك } ، قيل تعذيبهم، { فإلينا مرجعهم ، { في الآخرة، { ثم الله شهيد على ما يفعلون } ، فيجزيهم به { ثم } ، بمعنى الواو، تقديره: والله شهيد. قال مجاهد: فكان البعض الذى أراه فتلهم ببدر، وسائر أنواع العذاب بعد موتهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
    +/- -/+  
الأية
47
 
{ قوله عز وجل: '' ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم } ، وكذبوه، { قضي بينهم بالقسط } ، أي عذبوا في الدنيا وأهلكوا بالعذاب، يعني: قبل مجيء الرسول، لا ثواب ولا عقاب. وقال مجاهد ومقاتل: فإذا جاء رسولهم الذي أرسل إليهم يوم القيامة قضي بينه وبينهم بالقسط، { وهم لا يظلمون } ، لا يعذبون بغير ذنب ولا يؤاخذون بغير حجة ولا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
    +/- -/+  
الأية
48
 
{ ويقولون } ، أي: ويقول المشركون: '' متى هذا الوعد ، { الذي تعدنا يا محمد من العذاب. وقيل: قيام الساعة، { إن كنتم صادقين } ، أنت يا محمد وأتباعك.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ ۗ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۚ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ
    +/- -/+  
الأية
49
 
{ قل لا أملك لنفسي } ، لا أقدر لها على شيء ، { ضرا ولا نفعا } ، أي: دفع ضر ولا جلب نفع، { إلا ما شاء الله } ، أن أملكه، { لكل أمة أجل } ، مدة مضروبة، { إذا جاء أجلهم } ، وقت فناء أعمارهم، { فلا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون } ، أي: لا يتأخرون ولا يتقدمون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ
    +/- -/+  
الأية
50
 
{ قوله تعالى: '' قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً'' ن ليلا، { أو نهاراً ماذا يستعجل منه المجرمون } ، أي: ماذا يستعجل من الله المشركون. وقيل: ماذا يستعجل من العذاب المجرمون، وقد وقعوا فيه. وحقيقة المعنى: أنهم كانوا يستعجلون العذاب، فيقولون: '' اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } (الأنفال-32). فيقول الله تعالى: '' ماذا يستعجل } ، يعني: أيش يعلم المجرمون ماذا يستعجلون ويطلبون، كالرجل يقول لغيره وقد فعل قبيحا ماذا جنيت على نفسك.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ
    +/- -/+  
الأية
51
 
{ أثم إذا ما وقع } ، قيل: معناه أهنالك؟ وحينئذ، وليس بحرف عطف، { إذا ما وقع ، { نزل العذاب، { آمنتم به } ، أي بالله في وقت اليأس. وقيل: آمنتم به أي صدقتم بالعذاب وقت نزوله، { آلآن } ، فيه إضمار، أي: يقال لكم: آلآن تؤمنون حين وقع العذاب؟ { وقد كنتم به تستعجلون } ، تكذيباً واستهزاء.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ
    +/- -/+  
الأية
52
 
{ ثم قيل للذين ظلموا } ، أشركوا، { ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون } ، في الدنيا.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ۖ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ۖ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ
    +/- -/+  
الأية
53
 
{ ويستنبئونك } ، أي: يستخبرونك يا محمد، { أحق هو } ، أي ما تعدنا من العذاب وقيام الساعة، { قل إي وربي } ، أي: نعم وربي، { إنه لحق } ، لا شك فيه، { وما أنتم بمعجزين } ، أي: بفائتين من العذاب، لأن من عجز عن شيء فقد فاته.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
    +/- -/+  
الأية
54
 
{ ولو أن لكل نفس ظلمت } ، أي: أشركت، { ما في الأرض لافتدت به } ، يوم القيامة، والافتداء هاهنا: بذل ما ينجو به من العذاب. '' وأسروا الندامة } ، قال أبو عبيدة: معناه: أظهروا الندامة، لأنه ليس ذلك اليوم يوم تصبر وتصنع. وقيل: معناه أخفوا أي أخفى الرؤساء الندامة من الضعفاء، خوفا من ملامتهم وتعبيرهم، { لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط } ، فرغ من عذابهم، { وهم لا يظلمون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
    +/- -/+  
الأية
55
 
{ ألا إن لله ما في السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون }.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
57
 
{ قوله تعالى: '' يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة } ، تذكرة، { من ربكم وشفاء لما في الصدور } ، أي: دواء للجهل، لما في الصدور. أي: شفاء لعمى القلوب، والصدر: موضع القلب، وهو أعز موضع في الإنسان لجوار القلب، { وهدىً } ، من الضلالة، { ورحمة للمؤمنين } ، والرحمة هي النعمة على المحتاج، فإنه لو أهدى ملك إلى ملك شيئا لا يقال قد رحمه، وإن كان بذلك نعمة لأنه لم يضعها في محتاج.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
    +/- -/+  
الأية
58
 
{ قوله تعالى:'' قل بفضل الله وبرحمته } ، قال مجاهد وقتادة: فضل الله: الإيمان، ورحمته: القرآن. وقال أبو سعيد الخدري: فضل الله القرآن، ورحمته أن جعلنا من أهله. وقال ابن عمر: فضل الله: الإسلام، ورحمته: تزيينه في القلب. وقال خالد بن معدان: فضل الله: الإسلام، ورحمته: السنن. وقيل: فضل الله: الإيمان، ورحمته: الجنة. '' فبذلك فليفرحوا } ، أي: ليفرح المؤمنون أن جعلهم الله من أهله، { هو خير مما يجمعون } ، أي: مما يجمعه الكفار من الأموال. وقيل: كلاهما خبر عن الكفار. وقرأ أبو جعفر وابن عامر: '' فليفرحوا ، { بالياء، و تجمعون بالتاء، وقرأ يعقوب كلاهما بالتاء مختلف عنه خطابا للمؤمنين.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ
    +/- -/+  
الأية
59
 
{ قل ، { يا محمد لكفار مكة، { أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق } ، عبر عن الخلق بالإنزال، لأن ما في الأرض من خير، فمما أنزل من السماء من رزق، من زرع وضرع، { فجعلتم منه حراما وحلالا } ، هو ما حرموا من الحرث ومن الأنعام كالبحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام. قال الضحاك: هو قوله تعالى: '' وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً } (الإنعام-136). '' قل آلله أذن لكم } ، في هذا التحريم والتحليل، { أم ، { بل، { على الله تفترون } ، وهو قولهم: '' والله أمرنا بها.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ
    +/- -/+  
الأية
60
 
{ وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة } ، أيحسبون أن الله لا يؤاخذهم به ولا يعاقبهم عليه، { إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
    +/- -/+  
الأية
61
 
{ قوله عز وجل: '' وما تكون }. يا محمد، { في شأن } ، عمل من الأعمال، وجمعه شؤون، { وما تتلوا منه } ، من الله، { من قرآن'' ،نازل، وقيل: منه أي من الشأن من قرآن، نزل فيه ثم خاطبه وأمته فقال: '' ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه } ، أي: تدخلون وتخوضون فيه، الهاء عائدة إلى العمل، والإضافة: الدخول في العمل. وقال ابن الأنباري: تندفعون فيه. وقيل: تكثرون فيه. والإضافة: الدفع بكثرة. '' وما يعزب عن ربك } ، يغيب عن ربك، وقرأ الكسائي { يعزب ، { بكسر الزاي، وقرأ الآخرون بضمها، وهما لغتان. '' من مثقال ذرة } ، أي: مثقال ذرة، و'' من ، { صلة، والذرة هي: النملة الحميراء الصغيرة. '' في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك } ، أي: من الذرة، { ولا أكبر ، { قرأ حمزة ويعقوب: برفع الراء فيهما، عطفا على موضع المثقال قبل دخول { من } ، وقرأ الآخرون: بنصبها، إرادة للكسرة، عطفا على الذرة في الكسر. '' إلا في كتاب مبين }. وهو اللوح المحفوظ.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
    +/- -/+  
الأية
62
 
{ قوله تعالى: '' ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، { واختلفوا فيمن يستحق هذا الاسم. قال بعضهم: هم الذين ذكرهم الله تعالى فقال:

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ
    +/- -/+  
الأية
63
 
{ الذين آمنوا وكانوا يتقون } ، وقال قوم: هم المتحابون في الله عز وجل. أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: '' إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء لقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة، قال: وفي ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه ورمى بيديه ثم قال: حدثنا يا رسول الله عنهم من هم؟ قال: فرأيت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم البشر، فقال: هم عباد من عباد الله من بلدان شتى وقبائل، لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتباذلون بها، يتحابون بروح الله، يجعل الله وجوههم نورا، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن، يفزع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون }. ورواه عبد الله بن المبارك عن عبد الحميد بن بهرام قال: حدثنا شهر بن حوشب، حدثني عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، { سئل! من أولياء الله؟ فقال: الذين إذا رؤوا ذكر الله }. ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: '' قال الله تعالى: إن أوليائي من عبادي الذين يذكرون بذكري وأذكر بذكرهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
    +/- -/+  
الأية
64
 
{ لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } ، اختلفوا في هذه البشرى: روي عن عبادة بن الصامت قال } : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: '' لهم البشرى في الحياة الدنيا } ، قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له }. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد ابن إسماعيل، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، حدثني سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: '' لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرا