Prev  

15. Surah Al-Hijr سورة الحجر

  Next  



تفسير البغوي - الحجر - Al-Hijr -
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
بِسْم ِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ
    +/- -/+  
الأية
1
 
{ مكية { الر ، { قيل: معناه: أنا الله أرى، { تلك آيات الكتاب } ، أي: هذه آيات الكتاب ، { وقرآن } ، أي: وآيات قرآن، { مبين } ، أي: بين الحلال من الحرام والحق من الباطل. فإن قيل: لم ذكر الكتاب ثم قال { وقرآن مبين ، { وكلاهما واحد؟ قلنا: قد قيل كل واحد يفيد فائدة أخرى، فإن الكتاب: ما يكتب، والقرآن: ما يجمع بعضه إلى بعض. وقيل: المراد بالكتاب: التوراة والإنجيل، وبالقرآن هذا الكتاب.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ
    +/- -/+  
الأية
2
 
{ ربما ، { قرأ أبو جعفر ونافع وعاصم بتخفيف الباء والباقون بتشديدها، وهما لغتان، ورب للتقليل وكم للتكثير، ورب تدخل على الاسم، وربما على الفعل، يقال: رب رجل جاءني، وربما جاءني رجل، وأدخل ما هاهنا للفعل بعدها. '' يود } ، يتمنى، { الذين كفروا لو كانوا مسلمين }. واختلفوا في الحال التي يتمنى الكافر فيها الإسلام. قال الضحاك: حالة المعاينة. وقيل: يوم القيامة. والمشهور أنه حين يخرج الله المؤمنين من النار. وروي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: '' إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة: ألستم مسلمين؟ قالوا بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها، فيغضب الله تعالى لهم [بفضل رحمته]، فيأمر بكل من كان من أهل القبلة في النار فيخرجون منها، فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }. فإن قيل: كيف قال ربما وهي للتقليل وهذا التمني يكثر من الكفار؟ قلنا: قد تذكر ربما للتكثير، أو أراد: أن شغلهم بالعذاب لا يفرغهم للندامة إنما يخطر ذلك ببالهم أحيانا.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ ۖ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
    +/- -/+  
الأية
3
 
{ ذرهم } ، يا محمد، يعني: الذين كفروا، { يأكلوا ، { في الدنيا، { ويتمتعوا } ، من لذاتهم { ويلههم } ، يشغلهم، { الأمل } ، عن الأخذ بحظهم من الإيمان والطاعة، { فسوف يعلمون } ، إذا وردوا القيامة وذاقوا وبال ما صنعوا، وهذا تهديد ووعيد. وقال بعض أهل العلم: '' ذرهم ، { تهديد، وقوله: '' فسوف يعلمون ، { تهديد آخر، فمتى يهنأ العيش بين تهديدين. والآية نسختها آية القتال.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ
    +/- -/+  
الأية
4
 
{ وما أهلكنا من قرية } ، أي: من أهل قرية، { إلا ولها كتاب معلوم } ، أي: أجل مضروب لا يتقدم عليه، ولا يأتيهم العذاب حتى يبلغوه، ولا يتأخر عنهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
5
 
{ ما تسبق من أمة أجلها ، { من صلة، { وما يستأخرون } ، أي: الموت لا يتقدم ولا يتأخر، وقيل: العذاب المضروب.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ
    +/- -/+  
الأية
6
 
{ وقالوا } ، يعني: مشركي مكة، { يا أيها الذي نزل عليه الذكر } ، أي: القرآن، وأرادوا به محمدا صلى الله عليه وسلم، { إنك لمجنون } ، وذكروا تنزيل الذكر على سبيل الاستهزاء.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
    +/- -/+  
الأية
7
 
{ لو ما } ، هلا { تأتينا بالملائكة } ، شاهدين لك بالصدق على ما تقول، { إن كنت من الصادقين } ، إنك نبي.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ
    +/- -/+  
الأية
8
 
{ ما ننزل الملائكة } ، قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر بنونين { الملائكة ، { نصب، وقرأ أبو بكر بالتاء وضمها وفتح الزاي { الملائكة ، { رفع وقرا الباقون بالتاء وفتحها وفتح الزاي { الملائكة ، { رفع. '' إلا بالحق } ، أي: بالعذاب ولو نزلت يعني الملائكة لعجلوا بالعذاب، { وما كانوا إذاً منظرين } ، أي: مؤخرين، وقد كان الكفار يطلبون إنزال الملائكة عيانا فأجابهم الله تعالى بهذا. ومعناه: إنهم لو نزلوا عيانا لزال عن الكفار الإمهال وعذبوا في الحال.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
    +/- -/+  
الأية
9
 
{ إنا نحن نزلنا الذكر } ، يعني القرآن، { وإنا له لحافظون } ، أي: تحفظ القرآن من الشياطين أن يزيدوا فيه، أو ينقصوا منه، أو يبدلوا، قال الله تعالى: '' لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } (فصلت-42) والباطل: هو إبليس، لا يقدر أن يزيد فيه ما ليس منه ولا أن ينقص منه ما هو منه. وقيل الهاء في له راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم أي: إنا لمحمد لحافظون ممن أراده بسوء كما قال جل ذكره: '' والله يعصمك من الناس } (المائدة-67).

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ
    +/- -/+  
الأية
10
 
{ قوله تعالى: '' ولقد أرسلنا من قبلك } ، أي: رسلا، { في شيع الأولين } ، أي: في الأمم والقرون الماضية. والشيعة: هم القوم المجتمعون المتفقه كلمتهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
    +/- -/+  
الأية
11
 
{ وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } ، كما فعلوا بك، ذكره تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ
    +/- -/+  
الأية
12
 
{ كذلك نسلكه } ، أي: كما سلكنا الكفر والتكذيب والاستهزاء بالرسل في قلوب شيع الأولين، كذلك نسلكه: ندخله، { في قلوب المجرمين } ، يعني: مشركي مكة قومك. وفيه رد على القدرية.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ
    +/- -/+  
الأية
13
 
{ لا يؤمنون به } ، يعني: لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، { وقد خلت } ، مضت، { سنة الأولين } ، أي: وقائع الله تعالى بالإهلاك فيمن كذب الرسل من الأمم الخالية يخوف أهل مكة.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ
    +/- -/+  
الأية
14
 
{ ولو فتحنا عليهم } ، يعني: على الذين يقولون لو ما تأتينا بالملائكة، { باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون } ، أي: فظلت الملائكة يعرجون فيها، وهم يرونها عيانا، هذا قول الأكثرين. وقال الحسن: معناه فظل هؤلاء الكفار يعرجون فيها أي: يصعدون. والأول أصح.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ
    +/- -/+  
الأية
15
 
{ لقالوا إنما سكرت } ، سدت، { أبصارنا } ، قاله ابن عباس. وقال الحسن: سحرت. وقال قتادة: أخذت. وقال الكلبي: عميت. وقرأ ابن كثير { سكرت'' بالتخفيف، أي: حبست ومنعت النظر كما يسكر النهر لحبس الماء. '' بل نحن قوم مسحورون } ، أي: عمل فينا السحر فسحرنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
16
 
{ قوله عز وجل: '' ولقد جعلنا في السماء بروجا } ، والبروج: هي النجوم الكبار، مأخوذة من الظهور، يقال: تبرجت المرأة أي: ظهرت. وأراد بها: المنازل التى تنزلها الشمس، والقمر، والكواكب السيارة، وهى اثنا عشر برجا: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. وقال عطية: هي قصور في السماء عليها الحرس. '' وزيناها } ، أي:السماء بالشمس والقمر والنجوم { للناظرين.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
17
 
{ وحفظناها من كل شيطان رجيم } ، مرجوم. وقيل: ملعون. قال ابن عباس: كانت الشياطين لا يحجبون عن السموات وكانوا يدخلونها، ويأتون بأخبارها فيلقون على الكهنة، فلما ولد عيسى عليه السلام منعوا من ثلاث سموات، فلما ولد محمد صلى الله عليه وسلم منعوا من السموات أجمع، فما منهم من أحد يريد استراق السمع إلا رمي بشهاب، فلما منعوا من تلك المقاعد ذكروا ذلك لإبليس فقال: لقد حدث في الأرض حدث، قال: فبعثهم فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن، فقالوا: هذا والله ما حدث.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ
    +/- -/+  
الأية
18
 
{ إلا من استرق السمع } ، لكم من استراق السمع، { فأتبعه شهاب مبين } ، والشهاب: الشعلة من النار. وذلك أن الشياطين يركب بعضهم بعضا إلى السماء الدنيا، ويسترقون السمع من الملائكة، فيرمون بالكواكب فلا تخطئ أبدا، فمنهم من تقتله ومنهم من تحرق وجهه أو جنبه أو يده أو حيث يشاء الله، ومنهم من تخبله فيصير غولا يضل الناس في البوادي. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو، قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: '' إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض - ووصف سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه - فيسمع أحدهم الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبه فقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا، فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء }. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن أبي مريم، حدثنا الليث، حدثنا ابن جعفر، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: '' إن الملائكة تنزل في العنان، وهو السحاب، فتذكر الأمر الذى قضى في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم }. وقال يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق: إن أول من فزع للرمي بالنجوم هذا الحي من ثقيف وإنهم جاؤوا إلى رجل منهم يقال له عمرو بن أمية أحد بني علاج، وكان أهدى العرب، فقالوا له: ألم تر ما حدث في السماء من القذف بالنجوم؟ قال: بلى، فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر وتعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس من معايشهم هي التي يرمى بها فهي - طي الدنيا وهلاك الخلق الذي فيها، وإن كانت نجوما غيرها وهي الله ثابتة على حالها فهذا الأمر أراده الله تعالى بهذا الخلق. قال معمر قلت للزهري: أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية؟ قال: نعم، قلت: أفرأيت قوله تعالى: '' وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ، { الآية. (الجن -6)؟ قال: غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن قتيبة: إن الرجم كان قبل مبعثه - صلى الله عليه وسلم - ولكن لم يكن مثله في شدة الحراسة بعد مبعثه. وقيل: إن النجم يتقض فيرمي الشياطين ثم يعود إلى مكانه، والله أعلم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ
    +/- -/+  
الأية
19
 
{ قوله تعالى: '' والأرض مددناها } ، بسطناها على وجه الماء، يقال: إنها مسيرة خمسمائة سنة في مثلها دحيت من تحت الكعبة، { وألقينا فيها رواسي } ، جبالا ثوابت، وقد كانت الأرض تميد إلى أن أرساها الله بالجبال، { وأنبتنا فيها } ، أي: في الأرض، { من كل شيء موزون } ، مقدر معلوم. وقيل: يعني في الجبال، وهي جواهر من الذهب والفضة والحديد والنحاس وغيرها، حتى الزرنيخ والكحل كل ذلك يوزن وزنا. وقال ابن زيد: هي الأشياء التي توزن وزناً.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ
    +/- -/+  
الأية
20
 
{ وجعلنا لكم فيها معايش } ، جمع معيشة، قيل: أراد بها المطاعم والمشارب والملابس وهي ما يعيش به الآدمي في الدنيا، { ومن لستم له برازقين } ، أي: جعلنا فيها من لستم له برازقين من الدواب والأنعام، أي: جعلناها لكم وكفيناكم رزقها و'' من ، { في الآية بمعنى ما كقوله تعالى: '' فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين } (النور-45). وقيل: '' من ، { في موضعها، لأنه أراد المماليك مع الدواب. وقيل: '' من ، { في محل الخفض عطفا على الكاف والميم في { لكم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ
    +/- -/+  
الأية
21
 
{ وإن من شيء } ، أي: وما من شيء، { إلا عندنا خزائنه } ، أي مفاتيح خزائنه. وقيل: أرد به المطر. '' وما ننزله إلا بقدر معلوم } ، لكل أرض حد مقدر، ويقال: لا تنزل من السماء قطرة إلا ومعها ملك يسوقها حيث يريد الله عز وجل ويشاء. وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال: في العرش مثال جميع ما خلق الله في البر والبحر، وهو تأويل قوله تعالى: '' وإن من شيء إلا عندنا خزائنه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
22
 
{ وأرسلنا الرياح لواقح } ، أي: حوامل، لأنها تحمل الماء إلى السحاب، وهو جمع لاقحة، يقال: ناقة لاقحة إذا حملت الولد. قال ابن مسعود: يرسل الله الريح فتحل الماء فيمر به السحاب، فيدر كما تدر اللقحة ثم تمطر. وقال أبو عبيدة: أراد باللواقح الملاقح واحدتها ملقحة، لأنها تلقح الأشجار. قال عبيد بن عمير: يبعث الله الريح المبشرة فتقم الأرض قما، ثم يبعث الله المثيرة فتثير السحاب، ثم يبعث الله المؤلفة السحاب بعضه إلى بعض فتجعله ركاما، ثم يبعث اللواقح فتلقح الشجر. وقال أبو بكر بن عياش: لا تقطر قطرة من السحاب إلا بعد أن تعمل الرياح الأربع فيه، فالصبا تهيجه، والشمال تجمعه، والجنوب تذره، والدبور تفرقه. وفى الخبر أن: اللقح رياح الجنوب. وفى بعض الآثار: ما هبت ريح الجنوب إلا وبعث عينا غدقة. وأما الريح العقيم: فإنها تأتي بالعذاب ولا تلقح. أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا من لا أتهم بحديثه، حدثنا العلاء بن راشد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا، اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا، قال ابن عباس: في كتاب الله عز وجل: '' إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } (القمر-19) '' إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم } (الذاريات-41)، وقال: '' وأرسلنا الرياح لواقح } (الحجر-22)، وقال: '' أن يرسل الرياح مبشرات } (الروم-46) قوله: '' فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه } ، أي:جعلنا المطر لكم سقيا، يقال: أسقى فلان فلانا: إذا جعل له سقيا، وسقاه: إذا أعطاه ما يشرب. وتقول العرب: سقيت الرجل ماء ولبنا إذا كان لسقيه فإذا جعلوا له ماء لشرب أرضه ودوابه تقول: أسقيته. '' وما أنتم له بخازنين } ، يعني المطر في خزائننا لا في خزائنكم. وقال سفيان: بمانعين.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ
    +/- -/+  
الأية
23
 
{ وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون } ، بأن نميت جميع الخلائق. فلا يبقى حي سوانا. والوارث من صفات الله عز وجل. قيل: الباقي بعد فناء الخلق. وقيل: معناه إن مصير الخلق إليه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
24
 
{ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين } ، قال ابن عباس: أراد بالمستقدمين الأموات وبالمستأخرين الأحياء. قال الشعبي: الأولين والآخرين. وقال عكرمة: المستقدمون من خلق الله والمستأخرين من لم يخلق الله. قال مجاهد: المستقدمون القرون الأولى والمستأخرين أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقال الحسن: المستقدمون في الطاعة والخير، والمستأخرون المبطئون عنها. وقيل: المستقدمون في الصفوف في الصلاة والمستأخرون فيها. وذلك أن النساء كن يخرجن إلى صلاة الجماعة فيقفن خلف الرجال، فربما كان من الرجال من في قلبه ريبة فيتأخر إلى آخر صفوف الرجال، ومن النساء من كانت في قلبها ريبة فتتقدم إلى أول صفوف النساء لتقرب من الرجال. فنزلت هذه الآية. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: '' خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها }. وقال الأوزاعي: أراد المصلين في أول الوقت والمؤخرين إلى آخره. وقال مقاتل: أراد بالمستقدمين والمستأخرين في صف القتال. وقال ابن عيينة: أراد من يسلم ومن لا يسلم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ ۚ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
    +/- -/+  
الأية
25
 
{ وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم } ، على ما علم منهم. وقيل: يميت الكل، ثم يحشرهم، الأولين والآخرين. أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، أخبرنا أبو سعيد الصيرفي، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: '' من مات على شيء بعثه الله عليه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
    +/- -/+  
الأية
26
 
{ قوله تعالى: '' ولقد خلقنا الإنسان } ، يعني: آدم عليه السلام، سمي إنسانا لظهوره وإدراك البصر إياه. وقيل: من النسيان لأنه عهد إليه فنسي. '' من صلصال } ، وهو الطين اليابس الذي إذا نقرته سمعت له صلصلة، أي: صوتا. قال ابن عباس: هو الطين الحر، الذي نضب عنه الماء تشقق، فإذا حرك تقعقع. وقال مجاهد: هو الطين المنتن. واختاره الكسائي، وقال: هو من صل اللحم وأصل، إذا أنتن. '' من حمإ } ، والحمأ: الطين الأسود، { مسنون } ، أي: متغير. قال مجاهد وقتادة: هو المنتن المتغير. وقال أبو عبيدة: هو المصبوب. تقول العرب: سننت الماء أي صببته. قال ابن عباس: هو التراب المبتل المنتن، جعل صلصالا كالفخار. وفي بعض الآثار: إن الله عز وجل خمر طينة آدم وتركه حتى صار متغيرا أسود، ثم خلق منه آدم عليه السلام.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ
    +/- -/+  
الأية
27
 
{ والجان خلقناه من قبل } ، قال ابن عباس: هو أبو الجن كما أن آدم أبو البشر. وقال قتادة: هو إبليس خلق قبل آدم. ويقال: الجان: أو الجن، وإبليس أبو الشياطين. وفى الجن مسلمون وكافرون، ويحيون ويموتون، وأما الشياطين، فليس منهم مسلمون، ويموتون إذا مات إبليس. وذكر وهب: إن من الجن من يولد لهم ويأكلون ويشربون بمنزلة الآدميين، ومن الجن من هم بمنزلة الريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يتوالدون. '' من نار السموم } ، والسموم ريح حارة تدخل مسام الإنسان فتقتله. ويقال: السموم بالنهار والحرور بالليل. وعن الكلبي عن أبي صالح : السموم نار لا دخان لها، والصواعق تكوم منها وهي نار بين السماء وبين الحجاب، فإذا أحدث الله أمر أخرقت الحجاب فهوت إلى ما أمرت، فالهدة التي تسمعون فى خرق ذلك الحجاب. وقيل: نار السموم لهب النار. وقيل: من نار السموم أي: من نار جهنم. وعن الضحاك عن ابن عباس قال: كان إبليس من حي الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم، وخلقت الجن كذلك ذكروا في القرآن من مارج من نار، فأما الملائكة فإنهم خلقوا من النور.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
    +/- -/+  
الأية
28
 
قوله تعالى : { وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا } ، أي: سأخلق بشرا، { من صلصال من حمإ مسنون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ
    +/- -/+  
الأية
29
 
{ فإذا سويته } ، عدلت صورته، وأتممت خلقه، { ونفخت فيه من روحي } ، فصار بشرا حيا، والروح جسم لطيف يحيا به الإنسان، وأضافه إلى نفسه تشريفا، { فقعوا له ساجدين } ، سجود تحية لا سجود عبادة.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
    +/- -/+  
الأية
30
 
{ فسجد الملائكة } ، الذين أمروا بالسجود، { كلهم أجمعون }. فإن قيل: لم قال { كلهم أجمعون ، { وقد حصل المقصود بقوله فسجد الملائكة؟ قلنا: زعم الخليل وسيبويه أنه ذكر ذلك تأكيدا. وذكر المبرد: أن قوله { فسجد الملائكة ، { كان من المحتمل أنه سجد بعضهم فذكر { كلهم ، { ليزول هذا الإشكال، ثم كان يحتمل أنهم سجدوا في أوقات مختلفة فزال ذلك الإشكال بقوله { أجمعون } ، وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه: إن الله عز وجل قال لجماعة من الملائكة: اسجدوا لآدم فلم يفعلوا فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم، ثم قال لجماعة أخرى: اسجدوا لآدم فسجدوا.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ
    +/- -/+  
الأية
33
 
{ قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون } ، أراد: أنا أفضل منه لأنه طيني، وأنا ناري، والنار تأكل الطين.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ
    +/- -/+  
الأية
35
 
3 5-'' وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين } ، قيل: إن أهل السموات يلعنون إبليس كما يلعنه أهل الأرض، فهو ملعون في السماء والأرض.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
    +/- -/+  
الأية
36
 
{ قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون } ، أراد الخبيث أن لا يموت.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ
    +/- -/+  
الأية
38
 
{ قال فإنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم } ، أي: الوقت الذى يموت فيه الخلائق، وهو النفخة الأولى. ويقال: إن مدة موت إبليس أربعون سنة وهي ما بين النفختين. ويقال: لم تكن إجابة الله تعالى إياه في الإمهال إكراما له، بل كانت زيادة في بلائه وشقائه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
    +/- -/+  
الأية
39
 
{ قال رب بما أغويتني } ، أضللتني. وقيل: خيبتني من رحمتك، { لأزينن لهم في الأرض } ، حب الدنيا ومعاصيك، { ولأغوينهم } ، أي: لأضلنهم، { أجمعين.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ
    +/- -/+  
الأية
40
 
{ إلا عبادك منهم المخلصين } ، المؤمنين الذى أخلصوا لك الطاعة والتوحيد، ومن فتح اللام، أي: من أخلصته بتوحيدك واصطفيته.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ
    +/- -/+  
الأية
41
 
{ قال } ، الله تعالى، { هذا صراط علي مستقيم } ، قال الحسن: معناه صراط إلي مستقيم. وقال مجاهد: الحق يرجع إلى الله تعالى، وعليه طريقه، ولا يعوج عليه شيء. وقال الأخفش: يعني: علي الدلالة على الصراط المستقيم. قال الكسائي: هذا على التهديد والوعيد كما يقول الرجل لمن يخاصمه: طريقك علي، أي: لا تفلت مني، كما قال عز وجل: '' إن ربك لبالمرصاد } (الفجر-14). وقيل: معناه على استقامة بالبيان والبرهان والتوفيق والهداية. وقرأ ابن سيرين، وقتادة، ويعقوب: علي، من العلو أي: رفيع، وعبر بعضهم عنه: رفيع أن ينال مستقيم أن يمال.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ
    +/- -/+  
الأية
42
 
{ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ، { ، أي: قوة. قال أهل المعاني: يعني على قلوبهم. وسئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية فقال: معناه ليس لك عليهم سلطان تلقيهم في ذنب يضيق عنه عفوي، وهؤلاء ثنية الله الذين هداهم واجتباهم. '' إلا من اتبعك من الغاوين.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ
    +/- -/+  
الأية
44
 
{ لها سبعة أبواب } ، أطباق. قال علي رضي الله عنه: تدرون كيف أبواب النار؟ هكذا، ووضع [شعبة] إحدى يديه على الأخرى، أي: سبعة أبواب بعضها فوق بعض وإن الله وضع الجنان على العرض ووضع النيران بعضها فوق بعض. قال ابن جريج: النار سبع دركات: أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية. '' لكل باب منهم جزء مقسوم } ، أي: لكل دركة قوم يسكنونها. وقال الضحاك: في الدركة الأولى أهل التوحيد الذين أدخلوا النار، يعذبون بقدر ذنوبهم ثم يخرجون، وفى الثانية النصارى، وفى الثالثة اليهود، وفى الرابعة الصابئون، وفى الخامسة المجوس، وفى السادسة أهل الشرك، وفى السابعة المنافقون، فذلك قوله تعالى: '' إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } (النساء-145). وروي عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال } : لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل السيف على أمتي أو قال على أمة محمد.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
    +/- -/+  
الأية
45
 
{ قوله تعالى: '' إن المتقين في جنات وعيون } ، أي: في بساتين وأنهار.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
46
 
{ ادخلوها } ، أي: يقال لهم ادخلوا الجنة، { بسلام } ، أي: بسلامة { آمنين } ، من الموت والخروج والآفات.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ
    +/- -/+  
الأية
47
 
{ ونزعنا } ، أخرجنا ، { ما في صدورهم من غل } ، هو الشحناء والعداوة والحقد والحسد، { إخواناً } ، نصب على الحال، { على سرر ، { جمع سرير { متقابلين } ، يقابل بعضهم بعضا، لا ينظر أحد منهم إلى قفا صاحبه. وفى بعض الأخبار: إن المؤمن في الجنة إذا ود أني يلقى أخاه المؤمن سار سرير كل واحد منها إلى صاحبه فيلتقيان ويتحدثان.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ
    +/- -/+  
الأية
48
 
{ لا يمسهم } ، لا يصيبهم، { فيها نصب } ، أي: تعب، { وما هم منها بمخرجين } ، هذه أنص آية في القرآن على الخلود.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
    +/- -/+  
الأية
49
 
{ قوله تعالى: '' نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم } ، قال ابن عباس: يعني لمن تاب منهم. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ، { خرج يوما على نفر من أصحابه وهم يضحكون، فقال:أتضحكون وبين أيديكم النار، فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية، وقال: يقول لك ربك يا محمد لم تقنط عبادي من رحمتي.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ
    +/- -/+  
الأية
50
 
{ وأن عذابي هو العذاب الأليم ، { قال قتادة: بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: '' لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع عن حرام، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه }. أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمروا بن أبي عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: '' إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ
    +/- -/+  
الأية
51
 
{ ونبئهم عن ضيف إبراهيم } ، أي: عن أضيافه. والضيف: اسم يقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث، وهم الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى ليبشروا إبراهيم عليه السلام بالولد، ويهلكوا قوم لوط.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ
    +/- -/+  
الأية
52
 
{ إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال } ، إبراهيم: '' إنا منكم وجلون } ، خائفون لأنهم لم يأكلوا طعامه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
53
 
{ قالوا لا توجل ، { لا تخف، { إنا نبشرك بغلام عليم } ، أي: غلام في صغره، عليم في كبره، يعني: إسحاق، فتعجب إبراهيم عليه السلام من كبره وكبر امرأته.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ
    +/- -/+  
الأية
54
 
{ قال أبشرتموني } ، أي: بالولد { على أن مسني الكبر } ، أي: على حال الكبر، قاله على طريق التعجب، { فبم تبشرون } ، فبأي شيء تبشرون؟ قرأ نافع بكسر النون وتخفيفها أي: تبشرون، وقرأ ابن كثير بتشديد النون أي: تبشرونني، أدغمت نون الجمع في نون الإضافة، وقرأ الآخرون بفتح النون وتخفيفها.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ
    +/- -/+  
الأية
56
 
{ قال ومن يقنط } ، قرأ أبو عمروو الكسائي ويعقوب: بكسر النون، والآخرون بفتحها، وهما لغتان: قنط يقنط، وقنط يقنط، أي: من ييأس، { من رحمة ربه إلا الضالون } ، أي: الخاسرون، والقنوط من رحمة الله كبيرة كالأمن من مكره.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
57
 
{ قال ، { إبراهيم لهم: '' فما خطبكم } ، ما شأنكم، { أيها المرسلون'' ؟

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ
    +/- -/+  
الأية
59
 
{ إلا آل لوط } ، أتباعه وأهل دينه، { إنا لمنجوهم أجمعين } ، خفف الجيم حمزة و الكسائي، وشدد الباقون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا ۙ إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
60
 
{ إلا امرأته } ، أي: امرأة لوط، { قدرنا } ، قضينا، { إنها لمن الغابرين } ، الباقين في العذاب، والاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات نفي، فاستثنى امرأة لوط من الناجين فكانت ملحقة بالهالكين. قرأ أبو بكر { قدرنا ، { هاهنا وفى سورة النمل بتخفيف الدال، والباقون بتشديدها.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ
    +/- -/+  
الأية
63
 
{ قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون } ، أي: يشكون أنه نازل بهم، وهو العذاب، لأنه كان يوعدهم بالعذاب ولا يصدقونه.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
    +/- -/+  
الأية
64
 
{ وأتيناك بالحق } ، باليقين. وقيل: بالعذاب، { وإنا لصادقون.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ
    +/- -/+  
الأية
65
 
{ فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم } ، أي: سر خلفهم، { ولا يلتفت منكم أحد } ، حتى لا يرتاعوا من العذاب إذا نزل بقومهم. وقيل جعل الله ذلك علامة لمن ينجو من آل لوط. '' وامضوا حيث تؤمرون } ، قال ابن عباس: يعني الشام، وقال مقاتل: يعني زغر. وقيل: الأردن.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ
    +/- -/+  
الأية
66
 
{ وقضينا إليه ذلك الأمر } ، أي: فرغنا إلى آل لوط من ذلك الأمر، أي: أحكمنا الأمر الذي أمرنا في قوم لوط، وأخبرناه: '' أن دابر هؤلاء } ، يدل عليه قراءة عبد الله: وقلنا له إن دابر هؤلاء، يعني: أصلهم، { مقطوع } ، مستأصل، { مصبحين } ، إذا دخلوا في الصبح.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
67
 
{ وجاء أهل المدينة } ، يعني سدوم، { يستبشرون } ، بأضياف لوط، أي: يبشر بعضهم بعضا، طمعا في ركوب الفاحشة منهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ إِنَّ هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ
    +/- -/+  
الأية
68
 
{ قال } ، لوط لقومه، { إن هؤلاء ضيفي } ، وحق على الرجل إكرام ضيفه، { فلا تفضحون ، { فيهم.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
وَاتَّقُوا اللهَ وَلَا تُخْزُونِ
    +/- -/+  
 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ
    +/- -/+  
الأية
70
 
{ قالوا أولم ننهك عن العالمين } ، أي: ألم ننهك عن أن تضيف أحدا من العالمين. وقيل: ألم ننهك أن تدخل الغرباء المدينة، فإنا نركب منهم الفاحشة.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ
    +/- -/+  
الأية
71
 
{ قال هؤلاء بناتي ، { أزوجهن إياكم إن أسلمتم، فأتوا الحلال ودعوا الحرام، { إن كنتم فاعلين } ، ما آمركم به. وقيل: أراد بالبنات نساء قومه لأن النبي كالوالد لأمته.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ
    +/- -/+  
الأية
72
 
{ قال الله تعالى: '' لعمرك } ، يا محمد أي وحياتك، { إنهم لفي سكرتهم } ، حيرتهم وضلالتهم، { يعمهون } ، يترددون. قال قتادة: يلعبون. روي عن أبي الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما خلق الله نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما أقسم الله تعالى بحياة أحد إلا بحياته.

 
Tafseer Al-Baghawiy  تفسير البغوي
فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ
    +/- -/+