{ والسماء والطارق } ، قال الكلبي: نزلت في أبي طالب، وذلك أنه { أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأتحفه بخبز ولبن، فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأ ماءً ثم ناراً، ففزع أبو طالب وقال: أي شيء هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا نجم رمي به، وهو آية من آيات الله عز وجل فعجب أبو طالب فأنزل الله عز وجل: '' والسماء والطارق }'' ، وهذا قسم، و الطارق النجم يظهر بالليل، وما أتاك ليلاً فهو طارق.
{ ثم فسره فقال: '' النجم الثاقب } ، أي المضيء المنير، قال مجاهد: المتوهج، قال ابن زيد: أراد به الثريا، والعرب تسميه النجم. وقيل: هو زحل، سمي بذلك لارتفاعه، تقول العرب للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعاً: قد ثقب.
{ إن كل نفس } ، جواب القسم، { لما عليها حافظ } ، قرأ أبو جعفر، وابن عامر، وعاصم، وحمزة: لما بالتشديد، يعنون: ما كل نفس إلا عليها حافظ، وهي لغة هذيل يجعلون لما بمعنى إلا يقولون: نشدتك الله لما قمت، أي إلا قمت. وقرأ الآخرون بالتخفيف، جعلوا ما صلة، مجازه: إن كل نفس لعليها حافظ من ربها وتأويل الآية: كل نفس عليها حافظ من ربها يحفظ عملها ويحصي عليها ما تكتسب من خير وشر. قال ابن عباس: هم الحفظة من الملائكة. قال الكلبي: حافظ من الله يحفظها ويحفظ قولها وفعلها حتى يدفعها ويسلمها إلى المقادير، ثم يخلي عنها.
{ ثم بين فقال: '' خلق من ماء دافق } ، مدفوق أي مصبوب في الرحم، وهي المني، فاعل بمعنى مفعول كقوله: '' عيشة راضية } (الحاقة- 21) أي مرضية، والدفق: الصب، وأراد ماء الرجل وماء المرأة، لأن الولد مخلوق منهما، وجعله واحداً لامتزاجهما.
{ يخرج من بين الصلب والترائب } ، يعني صلب الرجل وترائب المرأة، و الترائب: جمع التربية، وهي عظام الصدر والنحر. قال ابن عباس: هي موضع القلادة من الصدر. وروى الوالبي عنه: بين ثديي المرأة. وقال قتادة: النحر. وقال ابن زيد: الصدر.
{ إنه على رجعه لقادر } ، قال مجاهد: على رد النطفة في الإحليل. وقال عكرمة: على رد الماء في الصلب الذي خرج منه. وقال الضحاك: إنه على رد الإنسان ماءً كما كان من قبل لقادر. وقال مقاتل بن حيان: إن شاء رده من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبا، ومن الصبا إلى النطفة، وقال ابن زيد: إنه على حبس ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج وقال قتادة: إن الله تعالى على بعث الإنسان وإعادته قادر.
{ وهذا أولى الأقاويل لقوله: '' يوم تبلى السرائر ، { وذلك يوم القيامة تبلى السرائر، تظهر الخفايا قال قتادة ومقاتل: تختبر الأعمال، قال عطاء بن أبي رباح: السرائر فرائض الأعمال، كالصوم والصلاة والوضوء والاغتسال من الجنابة، فإنها سرائر بين الله تعالى وبين العبد، فلو شاء العبد لقال: صمت / ولم يصم، وصليت ولم يصل، واغتسلت ولم يغتسل، فيختبر حتى يظهر من أداها ممن ضيعها. قال ابن عمر: بيدي الله عز وجل يوم القيامة كل سر، فيكون زيناً في وجوه وشيناً في وجوه، يعني: من أداها كان وجهه مشرقاً، ومن ضيعها كان وجهه أغبر.
{ فمهل الكافرين } ، قال ابن عباس: هذا وعيد من الله عز وجل لهم، { أمهلهم رويداً } ، قليلاً، ومعنى مهل وأمهل: أنظر ولا تعجل، فأخذهم الله يوم بدر، ونسخ الإمهال بآية السيف. .
نهاية تفسير السورة - تفسير القرآن الكريم
End of Tafseer of The Surah - The Holy Quran Tafseer