Prev  

97. Surah Al-Qadr سورة القدر

  Next  



تفسير القرطبي - القدر - Al-Qadr -
 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
بِسْم ِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
    +/- -/+  
الأية
1
 
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ يعني القرآن , وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة ; لأن المعنى معلوم , والقرآن كله كالسورة الواحدة . وقد قال : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " [ البقرة : 185 ] وقال : { حم . والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة } , [ الدخان : 1 - 3 ] يريد : في ليلة القدر . وقال الشعبي : المعنى إنا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر . وقيل : بل نزل به جبريل عليه السلام جملة واحدة في ليلة القدر , من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا , إلى بيت العزة , وأملاه جبريل على السفرة , ثم كان جبريل ينزله على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما نجوما . وكان بين أوله وآخره ثلاث وعشرون سنة ; قاله ابن عباس , وقد تقدم في سورة }{ البقرة } . وحكى الماوردي عن ابن عباس قال : نزل القرآن في شهر رمضان , وفي ليلة القدر , في ليلة مباركة , جملة واحدة من عند الله , من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ; فنجمته السفرة الكرام الكاتبون على جبريل عشرين سنة , ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة . قال ابن العربي : { وهذا باطل ; ليس بين جبريل وبين الله واسطة , ولا بين جبريل ومحمد عليهما السلام واسطة } . فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قال مجاهد : في ليلة الحكم .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ
    +/- -/+  
الأية
2
 
قال : ليلة الحكم . والمعنى ليلة التقدير ; سميت بذلك لأن الله تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره , إلى مثلها من السنة القابلة ; من أمر الموت والأجل والرزق وغيره . ويسلمه إلى مدبرات الأمور , وهم أربعة من الملائكة : إسرافيل , وميكائيل , وعزرائيل , وجبريل . عليهم السلام . وعن ابن عباس قال : يكتب من أم الكتاب ما يكون في السنة من رزق ومطر وحياة وموت , حتى الحاج . قال عكرمة : يكتب حاج بيت الله تعالى في ليلة القدر بأسمائهم وأسماء أبائهم , ما يغادر منهم أحد , ولا يزاد فيهم . وقاله سعيد بن جبير . وقد مضى في أول سورة }{ الدخان }{ هذا المعنى . وعن ابن عباس أيضا : أن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة نصف شعبان , ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر . وقيل : إنما سميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها , من قولهم : لفلان قدر ; أي شرف ومنزلة . قاله الزهري وغيره . وقيل : سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدرا عظيما , وثوابا جزيلا . وقال أبو بكر الوراق : سميت بذلك لأن من لم يكن له قدر ولا خطر يصير في هذه الليلة ذا قدر إذا أحياها . وقيل : سميت بذلك لأنه أنزل فيها كتابا ذا قدر , على رسول ذي قدر , على أمة ذات قدر . وقيل : لأنه ينزل فيها ملائكة ذوو قدر وخطر . وقيل : لأن الله تعالى ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة . وقال سهل : سميت بذلك لأن الله تعالى قدر فيها الرحمة على المؤمنين . وقال : الخليل : لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة ; كقوله تعالى : { ومن قدر عليه رزقه } [ الطلاق : 7 ] أي ضيق . قال الفراء : كل ما في القرآن من قوله تعالى : { وما أدراك }{ فقد أدراه . وما كان من قوله : { وما يدريك } [ الأحزاب : 63 ] فلم يدره . وقاله سفيان , وقد تقدم .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ
    +/- -/+  
الأية
3
 
بين فضلها وعظمها . وفضيلة الزمان إنما تكون بكثرة ما يقع فيه من الفضائل . وفي تلك الليلة يقسم الخير الكثير الذي لا يوجد مثله في ألف شهر . والله أعلم . وقال كثير من المفسرين : أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . وقال أبو العالية : ليلة القدر خير من ألف شهر لا تكون فيه ليلة القدر . وقيل : عنى بألف شهر جميع الدهر ; لأن العرب تذكر الألف في غاية الأشياء ; كما قال تعالى : { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } [ البقرة : 96 ] يعني جميع الدهر . وقيل : إن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابدا حتى يعبد الله ألف شهر , ثلاثا وثمانين سنة وأربعة أشهر , فجعل الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عبادة ليلة خيرا من ألف شهر كانوا يعبدونها . وقال أبو بكر الوراق : كان ملك سليمان خمسمائة شهر , وملك ذي القرنين خمسمائة شهر فصار ملكهما ألف شهر ; فجعل الله تعالى العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما . وقال ابن مسعود : إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر ; فعجب المسلمون من ذلك ; فنزلت }{ إنا أنزلناه }{ الآية .{ خير من ألف شهر } , التي لبس فيها الرجل سلاحه في سبيل الله . ونحوه عن ابن عباس . وهب بن منبه : إن ذلك الرجل كان مسلما , وإن أمه جعلته نذرا لله , وكان من قرية قوم يعبدون الأصنام , وكان سكن قريبا منها ; فجعل يغزوهم وحده , ويقتل ويسبي ويجاهد , وكان لا يلقاهم إلا بلحيي بعير , وكان إذا قاتلهم وقاتلوه وعطش , انفجر له من اللحيين ماء عذب , فيشرب منه , وكان قد أعطي قوة في البطش , لا يوجعه حديد ولا غيره : وكان اسمه شمسون . وقال كعب الأحبار : كان رجلا ملكا في بني إسرائيل , فعل خصلة واحدة , فأوحى الله إلى نبي زمانهم : قل لفلان يتمنى . فقال : يا رب أتمنى أن أجاهد بمالي وولدي ونفسي , فرزقه الله ألف ولد , فكان يجهز الولد بماله في عسكر , ويخرجه مجاهدا في سبيل , الله , فيقوم شهرا ويقتل ذلك الولد , ثم يجهز آخر في عسكر , فكان كل ولد يقتل في الشهر , والملك مع ذلك قائم الليل , صائم النهار ; فقتل الألف ولد في ألف شهر , ثم تقدم فقاتل فقتل . فقال الناس : لا أحد يدرك منزلة هذا الملك ; فأنزل الله تعالى : { ليلة القدر خير من ألف شهر }{ من شهور ذلك الملك , في القيام والصيام والجهاد بالمال والنفس والأولاد في سبيل الله . وقال علي وعروة : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أربعة من بني إسرائيل , فقال ( عبدوا الله ثمانين سنة , لم يعصوا طرفة عين )  ; فذكر أيوب وزكريا , وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون ; فعجب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك . فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوا الله طرفة عين , فقد أنزل الله عليك خيرا من ذلك ; ثم قرأ : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } . فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال مالك في الموطأ من رواية ابن القاسم وغيره : سمعت من أثق به يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الأمم قبله , فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ; فأعطاه الله تعالى ليلة القدر , وجعلها خيرا من ألف شهر . وفي الترمذي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري بني أمية على منبره , فساءه ذلك ; فنزلت }{ إنا أعطيناك الكوثر } [ الكوثر : 1 ] , يعني نهرا في الجنة . ونزلت }{ إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر }{ يملكها بعدك بنو أمية . قال القاسم بن الفضل الحداني : فعددناها , فإذا هي ألف شهر , لا تزيد يوما , ولا تنقص يوما . قال : حديث غريب .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
    +/- -/+  
الأية
4
 
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ أي تهبط من كل سماء , ومن سدرة المنتهى ; ومسكن جبريل على وسطها . فينزلون إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس , إلى وقت طلوع الفجر ; فذلك قوله تعالى : { تنزل الملائكة } . وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أي جبريل عليه السلام . وحكى القشيري : أن الروح صنف من الملائكة , جعلوا حفظة على سائرهم , وأن الملائكة لا يرونهم , كما لا نرى نحن الملائكة . وقال مقاتل : هم أشرف الملائكة . وأقربهم من الله تعالى . وقيل : إنهم جند من جند الله عز وجل من غير الملائكة . رواه مجاهد عن ابن عباس مرفوعا ; ذكره الماوردي وحكى القشيري : قيل هم صنف من خلق الله يأكلون الطعام , ولهم أيد وأرجل ; وليسوا ملائكة . وقيل : { الروح }{ خلق عظيم يقوم صفا , والملائكة كلهم صفا . وقيل : { الروح }{ الرحمة ينزل بها جبريل عليه السلام مع الملائكة في هذه الليلة على أهلها ; دليله : { ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده } [ النحل : 2 ] , أي بالرحمة .{ فيها }{ أي في ليلة القدر .{ بإذن ربهم }{ أي بأمره . مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أمر بكل أمر قدره الله وقضاه في تلك السنة إلى قابل ; قاله ابن عباس ; كقوله تعالى : { يحفظونه من أمر الله } [ الرعد : 11 ] أي بأمر الله . وقراءة العامة }{ تنزل }{ بفتح التاء ; إلا أن البزي شدد التاء . وقرأ طلحة بن مصرف وابن السميقع , بضم التاء على الفعل المجهول . وقرأ علي وابن عباس وعكرمة والكلبي }{ من كل امرئ } . وروي عن ابن عباس أن معناه : من كل ملك ; وتأولها الكلبي على أن جبريل ينزل فيها مع الملائكة , فيسلمون على كل امرئ مسلم . ف }{ من }{ بمعنى على . وعن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة , يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله تعالى .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ
    +/- -/+  
الأية
5
 
قيل : إن تمام الكلام }{ من كل أمر }{ ثم قال }{ سلام } . روي ذلك عن نافع وغيره ; أي ليلة القدر سلامة وخير كلها لا شر فيها .{ حتى مطلع الفجر }{ أي إلى طلوع الفجر . قال الضحاك : لا يقدر الله في تلك الليلة إلا السلامة , وفي سائر الليالي يقضي بالبلايا والسلامة وقيل : أي هي سلام ; أي ذات سلامة من أن يؤثر فيها شيطان في مؤمن ومؤمنة . وكذا قال مجاهد : هي ليلة سالمة , لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أذى . وروي مرفوعا . وقال الشعبي : هو تسليم الملائكة على أهل المساجد , من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر ; يمرون على كل مؤمن , ويقولون : السلام عليك أيها المؤمن . وقيل : يعني سلام الملائكة بعضهم على بعض فيها . وقال قتادة : { سلام هي } : خير هي .{ حتى مطلع الفجر }{ أي إلى مطلع الفجر . وقرأ الكسائي وابن محيصن }{ مطلع }{ بكسر اللام , الباقون بالفتح . والفتح والكسر : لغتان في المصدر . والفتح الأصل في فعل يفعل ; نحو المقتل والمخرج . والكسر على أنه مما شذ عن قياسه ; نحو المشرق والمغرب والمنبت والمسكن والمنسك والمحشر والمسقط والمجزر . حكي في ذلك كله الفتح والكسر , على أن يراد به المصدر لا الاسم . وهنا ثلاث مسائل : الأولى : في تعيين ليلة القدر ; وقد اختلف العلماء في ذلك . والذي عليه المعظم أنها ليلة سبع وعشرين ; لحديث زر بن حبيش قال : قلت لأبي بن كعب : إن أخاك عبد الله بن مسعود يقول : من يقم الحول يصب ليلة القدر . فقال : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ! لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان , وأنها ليلة سبع وعشرين ; ولكنه أراد ألا يتكل الناس ; ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين . قال قلت : بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر ؟ قال : بالآية التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو بالعلامة أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وخرجه مسلم . وقيل : هي في شهر رمضان دون سائر العام ; قاله أبو هريرة وغيره . وقيل : هي في ليالي السنة كلها . فمن علق طلاق امرأته أو عتق عبده بليلة القدر , لم يقع العتق والطلاق إلا بعد مضي سنة من يوم حلف ; لأنه لا يجوز إيقاع الطلاق بالشك , ولم يثبت اختصاصها بوقت ; فلا ينبغي وقوع الطلاق إلا بمضي حول . وكذلك العتق ; وما كان مثله من يمين أو غيره . وقال ابن مسعود : من يقم الحول يصبها ; فبلغ ذلك ابن عمر , فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن ! أما إنه علم أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان ; ولكنه أراد ألا يتكل الناس . وإلى هذا القول ذهب أبو حنيفة أنها في جميع السنة . وقيل عنه : إنها رفعت - يعني ليلة القدر - وأنها إنما كانت مرة واحدة ; والصحيح أنها باقية . وروي عن ابن مسعود أيضا : أنها إذا كانت في يوم من هذه السنة , كانت في العام المقبل في يوم آخر . والجمهور على أنها في كل عام من رمضان . ثم قيل : إنها الليلة الأولى من الشهر ; قاله أبو رزين العقيلي . وقال الحسن وابن إسحاق وعبد الله بن الزبير : هي ليلة سبع عشرة من رمضان , وهي الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر كأنهم نزعوا بقوله تعالى : { وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان } [ الأنفال : 41 ] , وكان ذلك ليلة سبع عشرة , وقيل هي ليلة التاسع عشر . والصحيح المشهور : أنها في العشر الأواخر من رمضان ; وهو قول مالك والشافعي والأوزاعي وأبي ثور وأحمد . ثم قال قوم : هي ليلة الحادي والعشرين . ومال إليه الشافعي رضي الله عنه ; لحديث الماء والطين ورواه أبو سعيد الخدري , خرجه مالك وغيره . وقيل ليلة الثالث والعشرين ; لما رواه ابن عمر أن رجلا قال : يا رسول الله إني رأيت ليلة القدر في سابعة تبقى . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت على ثلاث وعشرين , فمن أراد أن يقوم من الشهر شيئا فليقم ليلة ثلاث وعشرين )  . قال معمر : فكان أيوب يغتسل ليلة ثلاث وعشرين ويمس طيبا . وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إني رأيت أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين )  . قال عبد الله بن أنيس : فرأيته في صبيحة ليلة ثلاث وعشرين في الماء والطين , كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : ليلة خمس وعشرين ; لحديث أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر في تاسعة تبقى , في سابعه تبقى , في خامسة تبقى )  . رواه مسلم , قال مالك : يريد بالتاسعة ليلة إحدى وعشرين , والسابعة ليلة ثلاث وعشرين , والخامسة ليلة خمس وعشرين . وقيل : ليلة سبع وعشرين . وقد مضى دليله , وهو قول علي رضي الله عنه وعائشة ومعاوية وأبي بن كعب . وروى ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان متحريا ليلة القدر , فليتحرها ليلة سبع وعشرين )  . وقال أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين )  . وقال أبو بكر الوراق : إن الله تعالى قسم ليالي هذا الشهر - شهر رمضان - على كلمات هذه السورة , فلما بلغ السابعة والعشرين أشار إليها فقال : هي . وأيضا فإن ليلة القدر كرر ذكرها ثلاث مرات , وهي تسعة أحرف , فتجيء سبعا وعشرين . وقيل : هي ليلة تسع وعشرين ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ليلة القدر التاسعة والعشرون - أو السابعة والعشرون - وأن الملائكة في تلك الليلة بعدد الحصى } . وقد قيل : إنها في الأشفاع . قال الحسن : ارتقبت الشمس ليلة أربع وعشرين عشرين سنة , فرأيتها تطلع بيضاء لا شعاع لها . يعني من كثرة الأنوار في تلك الليلة . وقيل إنها مستورة في جميع السنة , ليجتهد المرء في إحياء جميع الليالي . وقيل : أخفاها في جميع شهر رمضان , ليجتهدوا في العمل والعبادة ليالي شهر رمضان , طمعا في إدراكها , كما أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات , واسمه الأعظم في أسمائه الحسنى , وساعة الإجابة في ساعات الجمعة وساعات الليل , وغضبه في المعاصي , ورضاه في الطاعات , وقيام الساعة في الأوقات , والعبد الصالح بين العباد ; رحمة منه وحكمة . الثانية : في علاماتها : منها أن الشمس , تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها . وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر : ( إن من أماراتها : أنها ليلة سمحة بلجة , لا حارة ولا باردة , تطلع الشمس صبيحتها ليس لها شعاع )  . وقال عبيد بن عمير : كنت ليلة السابع والعشرين في البحر , فأخذت من مائه , فوجدته عذبا سلسا . الثالثة : في فضائلها . وحسبك بقوله تعالى : { ليلة القدر خير من ألف شهر }{ وقوله تعالى : { تنزل الملائكة والروح فيها " . وفي الصحيحين : ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه )  رواه أبو هريرة . وقال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان ليلة القدر , تنزل الملائكة الذين هم سكان سدرة المنتهى , منهم جبريل , ومعهم ألوية ينصب منها لواء على قبري , ولواء على بيت المقدس , ولواء على المسجد الحرام , ولواء على طور سيناء , ولا تدع فيها مؤمنا ولا مؤمنة إلا تسلم عليه , إلا مدمن الخمر , وآكل الخنزير , والمتضمخ بالزعفران )  : وفي الحديث : ( إن الشيطان لا يخرج في هذه الليلة حتى يضيء فجرها , ولا يستطيع أن يصيب فيها أحدا بخبل ولا شيء من الفساد , ولا ينفذ فيها سحر ساحر } . وقال الشعبي : وليلها كيومها , ويومها كليلها . وقال الفراء : لا يقدر الله في ليلة القدر إلا السعادة والنعم , ويقدر في غيرها البلايا والنقم ; وقد تقدم عن الضحاك . ومثله لا يقال من جهة الرأي , فهو مرفوع . والله أعلم . وقال سعيد بن المسيب في الموطأ : [ من شهد العشاء من ليلة القدر , فقد أخذ بحظه منها ] , ومثله لا يدرك بالرأي . وقد روى عبيد الله بن عامر بن ربيعة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى صلاة المغرب والعشاء الآخرة من ليلة القدر في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر )  ذكره الثعلبي في تفسيره . وقالت عائشة رضي الله عنها : قلت : يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أقول ؟ قال : ( قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .

نهاية تفسير السورة - تفسير القرآن الكريم
End of Tafseer of The Surah - The Holy Quran Tafseer








© EsinIslam.Com Designed & produced by The Awqaf London. Please pray for us