Prev  

26. Surah Ash-Shu'arâ' سورة الشعراء

  Next  



تفسير ابن كثير - الشعراء - Ash-Shu`ara -
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بِسْم ِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
طسم
    +/- -/+  
الأية
1
 
سورة الشعراء: { ووقع في تفسير مالك المروي عنه تسميتها سورة الجامعة } قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسـره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان. ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور. قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة { الم } السجدة و { هل أتى على الإنسان } وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: الم وحم والمص وص. فواتح افتتح الله بها القرآن وكذا قال غيره عن مجاهد وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود عن شبل عن ابن أبي نجيح عنه أنه قال الم اسم من أسماء القرآن وهكذا وقال قتادة وزيد بن أسلم ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبدالرحمن بن زيد بن أسلم أنه اسم من أسماء السور فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن فإنه يبعد أن يكون المص اسما للقرآن كله لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول قرأت المص إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف لا لمجموع القرآن والله أعلم. وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى فقال عنها في فواتح السور من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبدالله وإسماعيل بن عبدالرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال الم اسم من أسماء الله الأعظم. هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن حم وطس والم فقال قال ابن عباس هي اسم الله الأعظم وقال ابن جرير وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمذاني قال: قال عبدالله فذكر نحوه. وحُكي مثله عن علي وابن عباس وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس هو قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله تعالى وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال الم قسم. وروينا أيضا من حديث شريك بن عبدالله بن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس: الم قال أنا الله أعلم وكذا قال سعيد بن جبير وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الم قال أما الم فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى. قال وأبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى الم قال هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلألائه ليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم. قال عيسى ابن مريم عليه السلام وعجب: فقال أعجب أنهم يظنون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به فالألف مفتاح الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله والألف سنة واللام ثلاثون سنة والميم أربعون سنة. هذا لفظ ابن أبي حاتم ونحوه رواه ابن جرير ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر وأن الجمع ممكن فهي أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه قال ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله وعلى صفة من صفاته وعلى مدة وغير ذلك كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية لأن الكلمة الواحدة تطلق على معاني كثيرة كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين كقوله تعالى { إنا وجدنا آباءنا على أمة } وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله كقوله تعالى { إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين } وتطلق ويراد بها الجماعة كقوله تعالى { وجد عليه أمة من الناس يسقون } وقوله تعالى { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا } وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله تعالى { وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة } أي بعد حين على أصح القولين قال فكذلك هذا. هذا حاصل كلامه موجها ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية فإن أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا وعلى هذا وعلى هذا معا ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ليس هذا موضع البحث فيها والله أعلم. ثم إن لفظة الأمة تدل على كل من معانيها في سياق الكلام بدلالة الوضع فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف والمسألة مختلف فيها وليس فيها إجماع حتى يحكم به وما أنشدوه من الشواهد على صحة إطلاق الحرف الواحد على بقية الكلمة فإن في السياق ما يدل على ما حذف بخلاف هذا كما قال الشاعر: قلنا قفي لنا فقالت قاف لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف تعني وقفت. وقال الآخر: ما للظليم عال كيف لا يـ ينقد عنه جلده إذا يـ فقال ابن جرير كأنه أراد أن يقول إذا يفعل كذا وكذا فاكتفى بالياء من يفعل وقال الآخر: بالخير خيرات وان شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تـ يقول وإن شرا فشرا ولا أريد الشر إلا أن تشاء فاكتفى بالفاء والتاء من الكلمتين عن بقيتهما ولكن هذا ظاهر من سياق الكلام والله أعلم. قال القرطبي وفي الحديث { من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة } الحديث قال سفيان هو أن يقول في اقتل{ ا قـ } وقال خصيف عن مجاهد أنه قال فواتح السور كلها{ ق وص وحم وطسم والر } وغير ذلك هجاء موضوع وقال بعض أهل العربية هي حروف من حروف المعجم استغنى بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تتمة الثمانية والعشرين حرفا كما يقول القائل ابني يكتب في - ا ب ت ث - أي في حروف المعجم الثمانية والعشرين فيستغني بذكر بعضها عن مجموعها حكاه ابن جرير. قلت مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي - ال م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن- يجمعها قولك: نص حكيم قاطع له سر. وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف. قال الزمخشري وهذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة ومن الرخوة والشديدة ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف القلقلة. وقد سردها مفصلة ثم قال: فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته. وهذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله وههنا ههنا لخص بعضهم في هذا المقام كلاما فقال: لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها سبحانه وتعالى عبثا ولا سدى ومن قال من الجهلة إن في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلمة فقد أخطأ خطأ كبيرا فتعين أن لها معنى في نفس الأمر فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به وإلا وقفنا حيث وقفنا وقلنا { آمنا به كل من عند ربنا } ولم يجمع العلماء فيها على شيء معين وإنما اختلفوا فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا فالوقف حتى يتبين هذا المقام. المقام الآخر في الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ما هي مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها فقال بعضهم إنما ذكرت ليعرف بها أوائل السور حكاه ابن جرير وهذا ضعيف لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه وفيما ذكرت فيه البسملة تلاوة وكتابة وقال آخرون بل ابتدئ بها لتفتح لاستماعها أسماع المشركين إذ تواصوا بالإعراض عن القرآن حتى إذا استمعوا له تلا عليهم المؤلف منه حكاه ابن جرير أيضا وهو ضعيف أيضا لأنه لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور لا يكون في بعضها بل غالبها ليس كذلك ولو كـان كذلك أيضا لانبغى الابتداء بها في أوائل الكلام معهم سواء كان افتتاح سورة أو غير ذلك ثم إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وآل عمران مدنيتان ليستا خطابا للمشركين فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه. وقال آخرون بل إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بيانا لإعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله هذا مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها وقد حكى هذا المذهب الرازي في تفسيره عن المبرد وجمع من المحققين وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا وقرره الزمخشري في كشافه ونصره أتم نصر وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس ابن تيمية وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي وحكاه لي عن ابن تيمية. قال الزمخشري ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت كما كررت قصص كثيرة وكرر التحدي بالصريح في أماكن قال وجاء منها على حرف واحد كقوله - ص ن ق- وحرفين مثل { حم } وثلاثة مثل { الم } وأربعة مثل { المر } و { المص } وخمسة مثل { كهيعص- و- حم عسق } لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف وعلى حرفين وعلى ثلاثة وعلى أربعة وعلى خمسة لا أكثر من ذلك { قلت } ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسع وعشرين سورة ولهذا يقول تعالى { الم ذلك الكتاب لا ريب فيه } { الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه } { المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه } { الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم } { الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين } { حم تنزيل من الرحمن الرحيم } { حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم } وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم. وأما من زعم أنها دالة على معرفة المدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له وطار في غير مطاره وقد ورد في ذلك حديث ضعيف وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته وهو ما رواه محمد بن إسحق بن يسار صاحب المغازي حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبدالله بن رباب قال مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة { الم ذلك الكتاب لا ريب فيه } فأتى أخاه بن أخطب في رجال من اليهود فقال تعلمون والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل الله تعالى عليه { الم ذلك الكتاب لا ريب فيه } فقال أنت سمعته قال نعم قال فمشى حي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد ألم يذكر أنك تتلوا فيما أنزل الله عليك { الم ذلك الكتاب{ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { بلى } فقالوا جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ فقال { نعم } قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك. فقام حي بن أخطب وأقبل على من كان معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة؟ ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد هل مع هذا غيره فقال { نعم } قال ما ذاك؟ قال { المص } قال هذا أثقل وأطول الألف واحد واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة. هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال { نعم } قال ما ذاك؟ قال { الر } قال هذا أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة. فهل مع هذا يا محمد غيره؟ قال { نعم } قال ماذا قال { المر } قال هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومائتان ثم قال: لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا. ثم قال قوموا عنه ثم قال أبو ياسر لأخيه حي بن أخطب ولمن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا لمحمد كله إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع سنين؟ فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } فهذا الحديث مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج بما انفرد به ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرر فأطم وأعظم والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ
    +/- -/+  
الأية
2
 
وقوله تعالى { تلك آيات الكتاب المبين } أي هذه آيات القرآن المبين أي البين الواضح الجلي الذي يفصل بين الحق والباطل والغي والرشاد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
3
 
وقوله تعالى { لعلك باخع } أي مهلك { نفسك } أي مما تحرص وتحزن عليهم { أن لا يكونوا مؤمنين } وهذه تسلية من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في عدم إيمان من لم يؤمن به من الكفار كما قال تعالى { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } كقوله { فلعلك باخع نفسك على آثارهم } الآية قال مجاهد وعكرمة وقتادة وعطية والضحاك والحسن وغيرهم { لعلك باخع نفسك } أي قاتل نفسك قال الشاعر: ألا أيهذا الباخع الحزن نفسه لشيء نحته عن يديه المقادر .

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
    +/- -/+  
الأية
4
 
ثم قال تعالى { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين } أي لو نشاء لأنزلنا آية تضطرهم إلى الإيمان قهرا ولكن لا نفعل ذلك لأنا لا نريد من أحد إلا الإيمان الاختياري وقال تعالى { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } وقال تعالى { ولو شاء ربك لجعل الناس أمه واحدة } الآية فنفذ قدره ومضت حكمته وقامت حجته البالغة على خلقه بإرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَٰنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ
    +/- -/+  
الأية
5
 
ثم قال تعالى { وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين } أي كلما جاءهم كتاب من السماء أعرض عنه أكثر الناس كما قال تعالى { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } وقال تعالى { يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } وقال تعالى { ثم أرسلنا رسلنا تترى كلما جاء أمة رسولها كذبوه } الآية.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
    +/- -/+  
الأية
6
 
ولهذا قال تعالى ههنا { فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون } أي فقد كذبوا بما جاءهم من الحق فسيعلمون نبأ هذا التكذيب بعد حين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
7
 
{ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } ثم نبه تعالى على عظمة سلطانه وجلالة قدره وشأنه الذي اجترءوا على مخالفة رسوله وتكذيب كتابه وهو القاهر العظيم القادر الذي خلق الأرض وأنبت فيها من كل زوج كريم من زروع وثمار وحيوان قال سفيان الثوري عن رجل عن الشعبي: الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
8
 
{ إن في ذلك لآية } أي دلالة على قدرة الخالق للأشياء الذي بسط الأرض ورفع بناء السماء ومع هذا ما آمن أكثر الناس بل كذبوا به وبرسله وكتبه وخالفوا أمره وارتكبوا نهيه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
    +/- -/+  
الأية
9
 
وقوله { وإن ربك لهو العزيز } أي الذي عز كل شي وقهره وغلبه { الرحيم } أي بخلقه فلا يعجل على من عصاه بل يؤجله وينظره ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر قال أبو العالية وقتادة والربيع بن أنس وابن إسحاق: العزيز في نقمته وانتصاره ممن خالف أمره وعبد غيره وقال سعيد بن جبير: الرحيم بمن تاب إليه وأناب.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
    +/- -/+  
الأية
10
 
يخبر تعالى عما أمر به عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام { حين ناداه من جانب الطور الأيمن وكلمه وناجاه وأرسله واصطفاه وأمره بالذهاب إلى فرعون وملئه ولهذا قال تعالى { أن ائت القوم الظالمين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَوْمَ فِرْعَوْنَ ۚ أَلَا يَتَّقُونَ
    +/- -/+  
الأية
11
 
قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون } هذه أعذار سأل من الله إزاحتها عنه كما قال في سورة طه { قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري - إلى قوله - قد أوتيت سؤلك يا موسى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ
    +/- -/+  
الأية
12
 
قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون } هذه أعذار سأل من الله إزاحتها عنه كما قال في سورة طه { قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري - إلى قوله - قد أوتيت سؤلك يا موسى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ
    +/- -/+  
الأية
13
 
قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون } هذه أعذار سأل من الله إزاحتها عنه كما قال في سورة طه { قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري - إلى قوله - قد أوتيت سؤلك يا موسى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ
    +/- -/+  
الأية
14
 
وقوله تعالى { ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون } أي بسبب قتل القبطي الذي كان سبب خروجه من بلاد مصر.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ كَلَّا ۖ فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا ۖ إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ
    +/- -/+  
الأية
15
 
{ قال كلا } أي قال الله له لا تخف من شيء من ذلك كقوله { سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا - أي برهانا - فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون } { فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون } كقوله { إنني معكما أسمع وأرى } أي إنني معكما بحفظي وكلاءتي ونصري وتأييدي.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
    +/- -/+  
الأية
16
 
{ فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين } كقوله في الآية الأخرى { إنا رسولا ربك } أي كل منا أرسل إليك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
    +/- -/+  
الأية
17
 
{ أن أرسل معنا بني إسرائيل { أي أطلقهم من إسارك وقبضتك وقهرك وتعذيبك فإنهم عباد الله المؤمنون وحزبه المخلصون وهم معك في العذاب المهين; فلما قال له موسى ذلك أعرض فرعون هنالك بالكلية ونظر إليه بعين الإزدراء والغمص.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
18
 
فقال { ألم نربك فينا وليدا } الآية أي أما أنت الذي ربيناه فينا وفي بيتنا وعلى فراشنا وأنعمنا عليه مدة من السنين ثم بعد هذا قابلت ذلك الإحسان بتلك الفعلة أن قتلت منا رجلا وجحدت نعمتنا عليك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
19
 
ولهذا قال { وأنت من الكافرين } أي الجاحدين قاله ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم واختاره ابن جرير.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ
    +/- -/+  
الأية
20
 
{ قال فعلتها إذا } أي في تلك الحال { وأنا من الضالين } أي قبل أن يوحى إلي وينعم الله علي بالرسالة والنبوة قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم { وأنا من الضالين } أي الجاهلين قال ابن جريج وهو كذلك في قراءة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ
    +/- -/+  
الأية
21
 
{ ففررت منكم لما خفتكم }. الآية أي انفصل الحال الأول وجاء أمر آخر فقد أرسلني الله إليك فإن أطعته سلمت وإن خالفته عطبت.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ
    +/- -/+  
الأية
22
 
ثم قال موسى { وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل } أي وما أحسنت إلي وربيتني مقابل ما أسأت إلى بني إسرائيل فجعلتهم عبيدا وخدما تصرفهم في أعمالك ومشاق رعيتك أفيفي إحسانك إلى رجل واحد منهم بما أسأت إلى مجموعهم أي ليس ما ذكرته شيئا بالنسبة إلى ما فعلت بهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ
    +/- -/+  
الأية
23
 
يقول تعالى مخبرا عن كفر فرعون وتمرده وطغيانه وجحوده في قوله { وما رب العالمين } وذلك أنه كان يقول لقومه { ما علمت لكم من إله غيري } { فاستخف قومه فأطاعوه } وكانوا يجحدون الصانع جل وعلا ويعتقدون أنه لا رب لهم سوى فرعون فلما قال له موسى إني رسول رب العالمين قال له فرعون ومن هذا الذي تزعم أنه رب العالمين غيري؟ هكذا فسره علماء السلف وأئمة الخلف حتى قال السدي هذه الآية كقوله تعالى { قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } ومن زعم من أهل المنطق وغيرهم أن هذا سؤال عن الماهية فقد غلط فإنه لم يكن مقرا بالصانع حتى يسأل عن الماهية بل كان جاحدا له بالكلية فيما يظهر وإن كانت الحجج والبراهين قد قامت عليه فعند ذلك قال موسى لما سأله عن رب العالمين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
24
 
{ قال رب السموات والأرض وما بينهما } أي خالق جميع ذلك ومالكه والمتصرف فيه وإلهه لا شريك له هو الله الذي خلق الأشياء كلها العالم العلوي وما فيه من الكواكب الثوابت والسيارات النيرات والعالم السفلي وما فيه من بحار وقفار وجبال وأشجار وحيوانات ونبات وثمار وما بين ذلك من الهواء والطير وما يحتوي عليه الجو الجميع عبيد له خاضعون ذليلون { إن كنتم موقنين } أي إن كانت لكم قلوب موقنة وأبصار نافذة; فعند ذلك التفت فرعون إلى من حوله من ملئه ورؤساء دولته قائلا لهم على سبيل التهكم والاستهزاء والتكذيب لموسى.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ
    +/- -/+  
الأية
25
 
فيما قاله { ألا تستمعون } أي ألا تعجبون من هذا في زعمه أن لكم إلها غيري؟.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ
    +/- -/+  
الأية
26
 
فقال لهم موسى { ربكم ورب آبائكم الأولين } أي خالقكم وخالق آبائكم الأولين الذي كانوا قبل فرعون وزمانه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ
    +/- -/+  
الأية
27
 
{ قال } أي فرعون لقومه { إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون } أي ليس له عقل في دعواه أن ثم ربا غيري { قال } أي موسى لأولئك الذين أوعز إليهم فرعون ما أوعز من الشبهة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
    +/- -/+  
الأية
28
 
فأجاب موسى بقوله { رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون } أي هو الذي جعل المشرق مشرقا تطلع منه الكواكب والمغرب مغربا تغرب فيه الكواكب ثوابتها وسياراتها مع هذا النظام الذي سخرها فيه وقدرها فإن كان هذا الذي يزعم أنه ربكم وإلهكم صادقا فليعكس الأمر وليجعل المشرق مغربا والمغرب مشرقا كما قال تعالى عن { الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فائت بها من المغرب } الآية ولهذا لما غلب فرعون وانقطعت حجته عدل إلى استعمال جاهه وقوته وسلطانه واعتقد أن ذلك نافع له ونافذ في موسى عليه السلام فقال ما أخبر الله تعالى عنه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَٰهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ
    +/- -/+  
الأية
29
 
لما قامت الحجة على فرعون بالبيان والعقل عدل إلى أن يقهر موسى بيده وسلطانه فظن أنه ليس وراء هذا المقام مقال فقال { لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ
    +/- -/+  
الأية
30
 
فعند ذلك قال موسى { أولو جئتك بشيء مبين } أي ببرهان قاطع واضح.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
    +/- -/+  
الأية
31
 
{ قال فائت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } أي ظاهر واضح في غاية الجلاء والوضوح والعظمة ذات قوائم وفم كبير وشكل هائل مزعج.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ
    +/- -/+  
الأية
32
 
{ قال فائت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين } أي ظاهر واضح في غاية الجلاء والوضوح والعظمة ذات قوائم وفم كبير وشكل هائل مزعج.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
33
 
{ ونزع يده } أي من جيبه { فإذا هي بيضاء للناظرين } أي تتلألأ كقطعة من القمر فبادر فرعون بشقاوته إلى التكذيب والعناد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ
    +/- -/+  
الأية
34
 
فقال للملإ حوله { إن هذا لساحر عليم } أي فاضل بارع في السحر فروج عليهم فرعون أن هذا من قبيل السحر لا من قبيل المعجزة ثم هيجهم وحرضهم على مخالفته والكفر به.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
    +/- -/+  
الأية
35
 
فقال { يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره } الآية أي أراد أن يذهب بقلوب الناس معه بسبب هذا فيكثر أعوانه وأنصاره وأتباعه ويغلبكم على دولتكم فيأخذ البلاد منكم فأشيروا علي فيه ماذا أصنع به؟.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
36
 
{ قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم } أي أخره وأخاه حتى تجمع له من مدائن مملكتك وأقاليم دولتك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
37
 
كل سحار عليم يقابلونه ويأتون بنظير ما جاء به فتغلبه أنت وتكون لك النصرة والتأييد فأجابهم إلى ذلك وكان هذا من تسخير الله تعالى لهم في ذلك ليجتمع الناس في صعيد واحد وتظهر آيات الله وحججه وبراهينه على الناس في النهار جهرة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ
    +/- -/+  
الأية
38
 
ذكر الله تعالى هذه المناظر الفعلية بين موسى عليه السلام والقبط في سورة الأعراف وفي سورة طه وفي هذه السورة: وذلك أن القبط أرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم فأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون وهذا شأن الكفر والإيمان ما تواجها وتقابلا إلا غلبه الإيمان { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون } { وقل جاء الحق وزهق الباطل } الآية.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ
    +/- -/+  
الأية
39
 
ولهذا لما جاء السحرة وقد جمعوهم من أقاليم بلاد مصر وكانوا إذ ذاك أسحر الناس وأصنعهم وأشدهم تخييلا في ذلك وكان السحرة جمعا كثيرا وجما غفيرا قيل كانوا اثني عشر ألفا وقيل خمسة عشر ألفا وقيل سبعة عشر ألفا وقيل تسعة عشر ألفا وقيل بضعة وثلاثين ألفا وقيل ثمانين ألفا وقيل غير ذلك والله أعلم بعدتهم قال ابن إسحاق: وكان أمرهم راجعا إلى أربعة منهم وهم رؤساؤهم وهم: سابور وعاذور وحطحط ومصفى واجتهد الناس في الاجتماع ذلك اليوم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ
    +/- -/+  
الأية
40
 
وقال قائلهم { لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين } ولم يقولوا نتبع الحق سواء كان من السحرة أو من موسى بل الرعية على دين ملكهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ
    +/- -/+  
الأية
41
 
{ فلما جاء السحرة } أي إلى مجلس فرعون وقد ضربوا له وطاقا وجمع خدمه وحشمه ووزراءه ورؤساء دولته وجنود مملكته فقام السحرة بين يدي فرعون يطلبون منه الإحسان إليهم والتقرب إليه إن غلبوا أي هذا الذي جمعتنا من أجله.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
    +/- -/+  
الأية
42
 
فقالوا { أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين } أي وأخص مما تطلبون أجعلكم من المقربين عندي وجلسائي.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ لَهُمْ مُوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ
    +/- -/+  
الأية
43
 
فعادوا إلى مقام المناظرة { قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا } وقد اختصر هذا ههنا فقال لهم موسى.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ
    +/- -/+  
الأية
44
 
{ ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون } وهذا كما تقول الجهلة من العوام إذا فعلوا شيئا هذا بثواب فلان وقد ذكر الله تعالى في سورة الأعراف أنهم سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم وقال في سورة طه { فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى - إلى قوله - ولا يفلح الساحر حيث أتى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ
    +/- -/+  
الأية
45
 
وقال ههنا { فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون } أي تخطفه وتجمعه من كل بقعة وتبتلعه فلم تدع منه شيئا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ
    +/- -/+  
الأية
46
 
قال الله تعالى { فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون } - إلى قوله - { رب موسى وهارون } فكان هذا أمرا عظيما جدا وبرهانا قاطعا للعذر وحجة دامغة وذلك أن الذين استنصر بهم وطلب منهم أن يغلبوا غلبوا وخضعوا وآمنوا بموسى في الساعة الراهنة وسجدوا لله رب العالمين الذي أرسل موسى وهارون بالحق وبالمعجزة الباهرة فغلب فرعون غلبا لم يشاهد العالم مثله وكان وقحا جريئا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فعدل إلى المكابرة والعناد ودعوى الباطل فشرع يتهددهم ويتوعدهم ويقول { إنه لكبيركم الذي علمكم السحر } وقال { إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة } الآية.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ
    +/- -/+  
الأية
47
 
قال الله تعالى { فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون } - إلى قوله - { رب موسى وهارون } فكان هذا أمرا عظيما جدا وبرهانا قاطعا للعذر وحجة دامغة وذلك أن الذين استنصر بهم وطلب منهم أن يغلبوا غلبوا وخضعوا وآمنوا بموسى في الساعة الراهنة وسجدوا لله رب العالمين الذي أرسل موسى وهارون بالحق وبالمعجزة الباهرة فغلب فرعون غلبا لم يشاهد العالم مثله وكان وقحا جريئا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فعدل إلى المكابرة والعناد ودعوى الباطل فشرع يتهددهم ويتوعدهم ويقول { إنه لكبيركم الذي علمكم السحر } وقال { إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة } الآية.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ
    +/- -/+  
الأية
48
 
قال الله تعالى { فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون } - إلى قوله - { رب موسى وهارون } فكان هذا أمرا عظيما جدا وبرهانا قاطعا للعذر وحجة دامغة وذلك أن الذين استنصر بهم وطلب منهم أن يغلبوا غلبوا وخضعوا وآمنوا بموسى في الساعة الراهنة وسجدوا لله رب العالمين الذي أرسل موسى وهارون بالحق وبالمعجزة الباهرة فغلب فرعون غلبا لم يشاهد العالم مثله وكان وقحا جريئا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فعدل إلى المكابرة والعناد ودعوى الباطل فشرع يتهددهم ويتوعدهم ويقول { إنه لكبيركم الذي علمكم السحر } وقال { إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة } الآية.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ
    +/- -/+  
الأية
49
 
تهددهم فلم ينفع ذلك فيهم وتوعدهم فما زادهم إلا إيمانا وتسليما وذلك أنه قد كشف عن قلوبهم حجاب الكفر وظهر لهم الحق بعلمهم ما جهل قومهم من أن هذا الذي جاء به موسى لا يصدر عن بشر إلا أن يكون الله قد أيده به وجعله له حجة ودلالة على صدق ما جاء به من ربه ولهذا لما قال لهم فرعون { آمنتم له قبل أن آذن لكم } أي كان ينبغي أن تستأذنوني فيما فعلتم ولا تفتاتوا علي في ذلك فإن أذنت لكم فعلتم وإن منعتكم امتنعتم فإني أنا الحاكم المطاع { إنه لكبيركم الذي علمكم السحر } وهذه مكابرة يعلم كل أحد بطلانها فإنهم لم يجتمعوا بموسى قبل ذلك اليوم فكيف يكون كبيرهم الذي أفادهم صناعة السحر؟ هذا لا يقوله عاقل ثم توعدهم فرعون بقطع الأيدي والأرجل والصلب.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالُوا لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ
    +/- -/+  
الأية
50
 
فقالوا { لا ضير } أي لا حرج ولا يضرنا ذلك ولا نبالي به { إنا إلى ربنا منقلبون } أي المرجع إلى الله عز وجل وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا ولا يخفى عليه ما فعلت بنا وسيجزينا على ذلك أتم الجزاء.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
51
 
ولهذا قالوا { إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا } أي ما قارفناه من الذنوب وما أكرهتنا عليه من السحر { أن كنا أول المؤمنين } أي بسبب أنا بادرنا قومنا من القبط إلى الإيمان فقتلهم كلهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ
    +/- -/+  
الأية
52
 
لما طال مقام موسى عليه السلام ببلاد مصر وأقام بها حجج الله وبراهينه على فرعون وملئه وهم مع ذلك يكابرون ويعاندون لم يبق لهم إلا العذاب والنكال فأمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يخرج ببني إسرائيل ليلا من مصر وأن يمضي بهم حيث يؤمر ففعل موسى عليه السلام ما أمره ربه عز وجل خرج بهم بعدما استعاروا من قوم فرعون حليا كثيرا وكان خروجه بهم فيما ذكره غير واحد من المفسرين وقت طلوع القمر وذكر مجاهد رحمه الله أنه كسف القمر تلك الليلة فالله أعلم وأن موسى عليه السلام سأل عن قبر يوسف عليه السلام فدلته امرأة عجوز من بني إسرائيل عليه فاحتمل تابوته معهم ويقال إنه هو الذي حمله بنفسه عليهما السلام وكان يوسف عليه السلام قد أوصى بذلك إذا خرج بنو إسرائيل أن يحتملوه معهم وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم رحمه الله فقال: حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبدالله بن عمر بن أبان بن صالح حدثنا ابن فضيل عن يونس بن أبي إسحاق عن ابن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعرابي فأكرمه فقال له رسول الله { تعاهدنا } فأتاه الأعرابي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما حاجتك ؟ } قال ناقة برحلها وعنز يحتلبها أهلي فقال { أعجزت أن تكون مثل عجوز بني إسرائيل ؟ } فقال له أصحابه وما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله ؟ قال { إن موسى عليه السلام لما أراد أن يسير ببني إسرائيل أضل الطريق فقال لبني إسرائيل ما هذا ؟ فقال له علماء بني إسرائيل نحن نحدثك أن يوسف عليه السلام لما حضرته الوفاة أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا فقال لهم موسى فأيكم يدري أين قبر يوسف ؟ قالوا ما يعلمه إلا عجوز من بني إسرائيل فأرسل إليها فقال لها دليني على قبر يوسف فقالت والله لا أفعل حتى تعطيني حكمي فقال لها وما حكمك؟ قالت حكمي أن أكون معك في الجنة; فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له أعطها حكمها قال فانطلقت معهم إلى بحيرة- مستنقع ماء - فقالت لهم انضبوا هذا الماء فلما أنضبوه قالت احفروا فلما حفروا استخرجوا قبر يوسف فلما احتملوه إذا الطريق مثل ضوء النهار; وهذا حديث غريب جدا والأقرب أنه موقوف والله أعلم:.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
53
 
فلما أصبحوا وليس في ناديهم داع ولا مجيب غاظ ذلك فرعون واشتد غضبه على بني إسرائيل لما يريد الله به من الدمار فأرسل سريعا في بلاده حاشرين أي من يحشر الجند ويجمعه كالنقباء والحجاب ونادى فيهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ
    +/- -/+  
الأية
54
 
{ إن هؤلاء } يعني بني إسرائيل { لشرذمة قليلون } أي لطائفة قليلة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
56
 
{ وإنا لجميع حاذرون } أي نحن كل وقت نحذر من غائلتهم: وقرأ طائفة من السلف { وإنا لجميع حاذرون } أي مستعدون بالسلاح وإني أريد أن أستأصل شأفتهم وأبيد خضراءهم فجوزي في نفسه وجنده بما أراد لهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
    +/- -/+  
الأية
57
 
قال الله تعالى { فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم } أي فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق والملك والجاه الوافر في الدنيا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
58
 
قال الله تعالى { فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم } أي فخرجوا من هذا النعيم إلى الجحيم وتركوا تلك المنازل العالية والبساتين والأنهار والأموال والأرزاق والملك والجاه الوافر في الدنيا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ
    +/- -/+  
الأية
59
 
{ كذلك وأورثناها بني إسرائيل } كما قال تعالى { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها } الآية وقال تعالى { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين } الآيتين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ
    +/- -/+  
الأية
60
 
ذكر غير واحد من المفسرين أن فرعون خرج في محفل عظيم وجمع كبير هو عبارة عن مملكة الديار المصرية في زمانه أولي الحل والعقد والدول من الأمراء والوزراء والكبراء والرؤساء والجنود فأما ما ذكره غير واحد من الإسرائيليات من أنه خرج في ألف ألف وستمائة ألف فارس منها مائة ألف على خيل دهم ففيه نظر: وقال كعب الأحبار فيهم ثمانمائة ألف حصان أدهم وفي ذلك نظر والظاهر أن ذلك من مجازفات بني إسرائيل والله سبحانه وتعالى أعلم والذي أخبر به القرآن هو النافع ولم يعين عدتهم إذ لا فائدة تحته لأنهم خرجوا بأجمعهم { فأتبعوهم مشرقين } أي وصلوا إليهم عند شروق الشمس وهو طلوعها.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ
    +/- -/+  
الأية
61
 
{ فلما تراءى الجمعان } أي رأى كل من الفريقين صاحبه فعند ذلك { قال أصحاب موسى إنا لمدركون } وذلك أنهم انتهى بهم السير إلى سيف البحر وهو بحر القلزم فصار أمامهم البحر وقد أدركهم فرعون بجنوده.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ
    +/- -/+  
الأية
62
 
لهذا قالوا { إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين } أي لا يصل إليكم شيء مما تحذرون فإن الله سبحانه هو الذي أمرني أن أسير ههنا بكم وهو سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد وكان هارون عليه السلام في المقدمة ومعه يوشع بن نون ومؤمن آل فرعون وموسى عليه السلام في الساقة وقد ذكر غير واحد من المفسرين أنهم وقفوا لا يدرون ما يصنعون وجعل يوشع بن نون أو مؤمن آل فرعون يقول لموسى عليه السلام يا نبي الله ههنا أمرك ربك أن تسير؟ فيقول نعم فاقترب فرعون وجنوده ولم يبق إلا القليل فعند ذلك أمر الله نبييه موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر فضربه وقال انفلق بإذن الله وروى ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان بن صالح حدثنا الوليد حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف عن عبدالله بن سلام أن موسى عليه السلام لما انتهى إلى البحر قال: يا من كان قبل كل شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد كل شيء اجعل لنا مخرجا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
    +/- -/+  
الأية
63
 
فأوحى الله إليه { أن اضرب بعصاك البحر } وقال قتادة أوحى الله تلك الليلة إلى البحر أن إذا ضربك موسى بعصاه فاسمع له وأطع فبات البحر تلك الليلة وله اضطراب ولا يدري من أي جانب يضربه موسى فلما انتهى إليه موسى قال له فتاه يوشع بن نون يا نبي الله أين أمرك ربك عز وجل ؟ قال أمرني أن أضرب البحر قال فاضربه وقال محمد ابن إسحاق أوحى الله - فيما ذكر لي - إلى البحر أن إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له قال فبات البحر يضطرب ويضرب بعضه بعضا فرقا من الله تعالى وانتظارا لما أمره الله وأوحى الله إلى موسى { أن اضرب بعصاك البحر } فضربه بها ففيها سلطان الله الذي أعطاه فانفلق وذكر واحد أنه جاءه فكناه فقال: انفق علي أبا خالد بإذن الله قال الله تعالى { فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم } أي كالجبل الكبير قاله ابن مسعود وابن عباس ومحمد ابن كعب والضحاك وقتادة وغيرهم وقال عطاء الخراساني هو الفج بين الجبلين وقال ابن عباس صار البحر اثني عشر طريقا لكل سبط طريق وزاد السدي وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض وقام الماء على حيلة كالحيطان وبعث الله الريح إلى قعر البحر فلفحته فصار يبسا كوجه الأرض قال الله تعالى { فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ
    +/- -/+  
الأية
64
 
وقال في هذه القصة { وأزلفنا ثم الآخرين } أي هنالك قال ابن عباس وعطاء الخراساني وقتادة والسدي { وأزلفنا } أي قربنا من البحر فرعون وجنوده وأدنيناهم إليه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَأَنْجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ
    +/- -/+  
الأية
65
 
{ وأنجينا موسى ومن معه أجمعين } أي أنجينا موسى وبني إسرائيل ومن اتبعهم على دينهم فلم يهلك منهم أحد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ
    +/- -/+  
الأية
66
 
{ ثم أغرقنا الآخرين } وأغرق فرعون وجنوده فلم يبق منهم رجل إلا هلك; وروى ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا شبابة حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالله هو ابن مسعود أن موسى عليه السلام حين أسرى ببني إسرائيل بلغ فرعون ذلك فأمر بشاة فذبحت وقال لا والله لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع إلي ستمائة ألف من القبط فانطلق موسى حتى انتهى إلى البحر فقال له انفرق: فقال له البحر قد استكبرت يا موسى وهل انفرقت لأحد من ولد آدم فأنفرق لك ؟ قال ومع موسى رجل على حصان له فقال له ذلك الرجل أين أمرت يا نبي الله؟ قال: ما أمرت إلا بهذا الوجه يعني البحر فأقحم فرسه فسبح به فخرج فقال أين أمرت يا نبي الله قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذب ولا كذبت ثم اقتحم الثانية سبح ثم خرج فقال أين أمرت يا نبي الله؟ قال ما أمرت إلا بهذا الوجه قال والله ما كذب ولا كذبت قال فأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه موسى بعصاه فانفلق فكان فيه اثنا عشر سبطا لكل سبط طريق يتراءون فلما خرج أصحاب موسى وتتام أصحاب فرعون التقى البحر عليهم فأغرقهم وفي رواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو ابن ميمون عن عبدالله قال: فلما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل أصحاب فرعون انطم عليهم البحر فما رئي سواد أكثر من يومئذ وغرق فرعون لعنه الله:.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
67
 
ثم قال تعالى { إن في ذلك لآية } أي في هذه القصة وما فيها من العجائب والنصر والتأييد لعباد الله المؤمنين لدلالة وحجة قاطعة وحكمة بالغة { وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم } تقدم تفسيره.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
    +/- -/+