Prev  

43. Surah Az-Zukhruf سورة الزخرف

  Next  



تفسير ابن كثير - الزخرف - Az-Zukhruf -
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بِسْم ِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
حم
    +/- -/+  
الأية
1
 
قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسـره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان. ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور. قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة { الم } السجدة و { هل أتى على الإنسان } وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال: الم وحم والمص وص. فواتح افتتح الله بها القرآن.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ
    +/- -/+  
الأية
2
 
أي البين الواضح الجلي المعاني والألفاظ لأنه نزل بلغة العرب التي هي أفصح اللغات للتخاطب بين الناس.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
    +/- -/+  
الأية
3
 
قال تعالى { إنا جعلناه } أي أنزلناه { قرآنا عربيا } أي بلغة العرب فصيحا واضحا { لعلكم تعقلون } أي تفهمونه وتتدبرونه كما قال عز وجل { بلسان عربي مبين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ
    +/- -/+  
الأية
4
 
قوله تعالى { وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم } بين شرفه في الملإ الأعلى ليشرفه ويعظمه ويطيعه أهل الأرض فقال تعالى { وإنه } أي القرآن } في أم الكتاب } أي اللوح المحفوظ قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد { لدينا } أي عندنا قاله قتادة وغيره { لعلي } أي ذو مكانة عظيمة وشرف وفضل قاله قتادة { حكيم } أي محكم برئ من اللبس والزيغ وهذا كله تنبيه على شرفه وفضله كما قال تبارك وتعالى { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين } وقال تعالى { كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة } ولهذا استنبط العلماء رضي الله عنهم من هاتين الآيتين أن المحدث لا يمس المصحف كما ورد به الحديث إن صح لأن الملائكة يعظمون المصاحف المشتملة على القرآن في الملإ الأعلى فأهل الأرض بذلك أولى وأحرى لأنه نزل عليهم وخطابه متوجه إليهم فهم أحق أن يقابلوه بالإكرام والتعظيم والانقياد له بالقبول والتسليم لقوله تعالى { وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ
    +/- -/+  
الأية
5
 
اختلف المفسرون فى معناها فقيل معناها أتحسبون أن نصفح عنكم فلا نعذبكم ولم تفعلوا ما أمرتم به قاله ابن عباس رضي الله عنهما وأبو صالح ومجاهد والسدي واختاره ابن جرير وقال قتادة في قوله تعالى { أفنضرب عنكم الذكر صفحا } والله لو أن هذا القرآن رفع حين ردته أوائل هذه الأمة لهلكوا ولكن الله تعالى عاد بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه عشرين سنة أو ما شاء الله من ذلك وقول قتادة لطيف المعنى جدا وحاصله أنه يقول في معناه أنه تعالى من لطفه ورحمته بخلقه لا يترك دعاءهم إلى الخير وإلى الذكر الحكيم وهو القرآن وإن كانوا مسرفين معرضين عنه بل أمر به ليهتدي به من قدر هدايته وتقوم الحجة على من كتب شقاوته ثم قال جل وعلا مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه وآمرا له بالصبر عليهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَىٰ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ
    +/- -/+  
الأية
8
 
أي فأهلكنا المكذبين بالرسل وقد كانوا أشد بطشا من هؤلاء المكذبين لك يا محمد كقوله عز وجل { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة } والآيات في ذلك كثيرة جدا.وقوله جل جلاله { ومضى مثل الأولين } قال مجاهد: سنتهم وقال قتادة: عقوبتهم وقال غيرهما: عبرتهم أي جعلناهم عبرة لمن بعدهم من المكذبين أن يصيبهم ما أصابهم كقوله تعالى في آخر هذه السورة { فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين } وكقوله جلت عظمته { سنة الله التي قد خلت في عباده } وقال عز وجل { ولن تجد لسنة الله تبديلا }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ
    +/- -/+  
الأية
9
 
يقول تعالى ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله العابدين معه غيره { من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } أي ليعترفن بأن الخالق لذلك هو الله وحده لا شريك له وهم مع هذا يعبدون معه غيره من الأصنام والأنداد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
    +/- -/+  
الأية
10
 
أي فراشا قرارا ثابتة تسيرون عليها وتقومون وتنامون وتنصرفون مع أنها مخلوقة على تيار الماء لكنه أرساها بالجبال لئلا تميد هكذا ولا هكذا { وجعل لكم فيها سبلا } أي طرقا بين الجبال والأودية { لعلكم تهتدون } أي في سيركم من بلد إلى بلد وقطر إلى قطر وإقليم إلى إقليم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ
    +/- -/+  
الأية
11
 
أي بحسب الكفاية لزروعكم وثماركم وشربكم لأنفسكم ولأنعامكم وقوله تبارك وتعالى { فأنشرنا به بلدة ميتا } أي أرضا ميتة فلما جاءها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ثم نبه تعالى بإحياء الأرض على إحياء الأجساد يوم المعاد بعد موتها فقال { كذلك تخرجون }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ
    +/- -/+  
الأية
12
 
أي مما تنبت الأرض من سائر الأصناف من نبات وزروع وثمار وأزاهير وغير ذلك ومن الحيوانات على اختلاف أجناسها وأصنافها { وجعل لكم من الفلك } أي السفن { والأنعام ما تركبون } أي ذللها لكم وسخرها ويسرها لأكلكم لحومها وشربكم ألبانها وركوبكم ظهورها.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
13
 
أي لتستووا متمكنين مرتفعين { على ظهوره } أي على ظهور هذا الجنس { ثم تذكروا نعمة ربكم } أي فيما سخر لكم { إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين } أي مقاومين ولولا تسخير الله لنا هذا ما قدرنا عليه قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والسدي وابن زيد: مقرنين أي مطيقين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
    +/- -/+  
الأية
14
 
أي لصائرون إليه بعد مماتنا وإليه سيرنا الأكبر وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد الأخروي في قوله تعالى { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى } وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى { وريشا ولباس التقوى ذلك خير }. { ذكر الأحاديث الواردة عند ركوب الدابة } { حديث أمير المؤمنين على بن أبي طالب } رضي الله عنه. قال الإمام حدثنا يزيد حدثنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن علي بن ربيعة قال رأيت عليا رضي الله عنه أتي بدابة فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله فلما استوى عليها قال: الحمد لله { سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون { ثم حمد الله تعالى ثلاثا وكبر ثلاثا ثم قال سبحانك لا إله إلا أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي ثم ضحك فقلت له مم ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ فقال رضي الله عنه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت ثم ضحك فقلت مم ضحكت يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم { يعجب الرب تبارك وتعالى من عبده إذا قال رب اغفر لي ويقول علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري. { وهكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي الأحوص زاد النسائي ومنصور عن أبي إسحاق السبيعي عن علي بن ربيعة الأسدي الوالي به وقال الترمذي حسن صحيح وقد قال عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة قلت لأبي إسحاق السبيعي ممن سمعت هذا الحديث ؟ قال من يونس بن خباب فلقيت يونس بن خباب فقلت ممن سمعته ؟ فقال من رجل سمعه من علي بن ربيعة ورواه بعضهم عن يونس بن خباب عن شقيق بن عقبة الأسدي عن علي بن ربيعة الوابي به { حديث عبدالله بن عباس } رضي الله عنهما قال الإمام أحمد حدثنا أبو المغيرة حدثنا أبو بكر بن عبدالله عن علي بن أبي طلحة عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال.إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وحمد ثلاثا وسبح ثلاثا وهلل الله واحدة ثم استلقى عليه وضحك ثم أقبل عليه فقال { ما من امرىء مسلم يركب دابة فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله عز وجل عليه فضحك إليه كما ضحكت إليك { تفرد به أحمد { حديث عبدالله بن عمر } رضي الله عنهما قال الإمام أحمد حدثنا أبو كامل حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن علي بن عبدالله البارقي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركب راحلته كبر ثلاثا ثم قال { سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون - ثم يقول- اللهم إنى أسألك في سفري هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا السفر واطو لنا البعيد اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا { وكان صلى الله عليه وسلم إذا رجع إلى أهله قال { آيبون تائبون إن شاء الله عابدون لربنا حامدون } وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي من حديث ابن جريج والترمذي من حديث حماد بن سلمة كلاهما عن أبي الزبير به { حديث آخر } قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن عمرو بن الحكم بن ثوبان عن أبي لاس الخزاعي قال حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل من إبل الصدقة إلى الحج فقلنا يا رسول الله ما نرى أن تحملنا هذه فقال صلى الله عليه وسلم { ما من بعير إلا في ذروته شيطان فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما آمركم ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله عز وجل { أبو لاس اسمه محمد بن الأسود بن خلف { حديث آخر } في معناه قال أحمد حدثنا عتاب أخبرنا عبدالله ح وعلي بن إسحاق أخبرنا عبدالله يعني ابن المبارك أخبرنا أسامة بن زيد أخبرني محمد بن حمزة أنه سمع أباه يقول سمعت رسـول الله صلى الله عليه وسلم يقول { على ظهـر كل بعير شيطان فإذا ركبتموها فسموا الله عز وجل ثم لا تقصروا عن حاجاتكم } .

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ۚ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ
    +/- -/+  
الأية
15
 
يقول تعالى مخبرا عن المشركين فيما افتروه وكذبوه في جعلهم بعض الأنعام لطواغيتهم وبعضها لله تعالى كما ذكر الله عز وجل عنهم في سورة الأنعام في قوله تبارك وتعالى { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون } وكذلك جعلوا له من قسمة البنات والبنين أخسهما وأردأهما وهو البنات كما قال تعالى { ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى } وقال جل وعلا ههنا { وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ
    +/- -/+  
الأية
17
 
ثم ذكر تمام الإنكار فقال جلت عظمته { وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم } أي إذا بشر أحد هؤلاء بما جعلوه لله من البنات يأنف من ذلك غاية الأنفة وتعلوه كآبة من سوء ما بشر به ويتوارى من القوم من خجله من ذلك يقول تبارك وتعالى فكيف تأنفون أنتم من ذلك وتنسبونه إلى الله عز وجل.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ
    +/- -/+  
الأية
18
 
أي المرأة ناقصة يكمل نقصهـا بلبس الحلي منذ تكون طفلة وإذا خاصمت فلا عبارة لها بل هي عاجزة عيية أو من يكون هكذا ينسب إلى جناب الله العظيم ؟ فالأنثى ناقصة الظاهر والباطن في الصورة والمعنى فيكمل نقص ظاهرها وصورتها بلبس الحلي وما في معناه ليجبر ما فيها من نقص كما قال بعض شعراء العرب وما الحلي إلا زينة من نقيصة يتمم من حسن إذا الحسن قصرا وأما إذا كان الجمال موفرا كحسنك لم يحتج إلى أن يزورا وأما نقص معناها فإنها ضعيفة عاجزة عن الانتصار عند الانتصار لا عبارة لها ولا همة كما قال بعض العرب وقد بشر ببنت ما هى بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
19
 
أي اعتقدوا فيهم ذلك فأنكر عليهم تعالى قولهم ذلك فقال { أشهدوا خلقهم } أي شاهدوه وقد خلقهم الله إناثا { ستكتب شهادتهم } أي بذلك { ويسئلون } عن ذلك يوم القيامة وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ۗ مَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ
    +/- -/+  
الأية
20
 
أي لو أراد الله لحال بيننا وبن عبادة الأصنام التي هى على صورة الملائكة التي هي بنات الله فإنه عالم بذلك وهو يقررنا عليه فجمعوا بين أنوع كثيرة من الخطأ { أحدها } جعلهم لله تعالى ولدا تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علوا كبيرا { الثاني } دعواهم أنه اصطفى البنات على البنين فجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا { الثالث } عبادتهم لهم مع ذلك كله بلا دليل ولا برهان ولا إذن من الله عز وجل بل بمجرد الآراء والأهواء والتقليد للأسلاف والكبراء والآباء والخبط في الجاهلية الجهلاء { الرابع } احتجاجهم بتقديرهم على ذلك قدرا وقد جهلوا في هذا الاحتجاج جهلا كبيرا فإنه تعالى قد أنكر ذلك عليهم أشد الإنكار فإنه منذ بعث الرسل وأنزل الكتب يأمر بعبادته وحده لا شريك له وينهى عن عبادة ما سواه قال تعالى { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حطت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين } وقال عز وجل { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } وقال جل وعلا في هذه الآية بعد أن ذكر حجتهم هذه { ما لهم بذلك من علم } أي بصحة ما قالوه واحتجوا به { إن هم إلا يخرصون } أي يكذبون ويتقولون وقال مجاهد في قوله تعالى { ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون } يعني ما يعلمون قدرة الله تبارك وتعالى على ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
    +/- -/+  
الأية
21
 
يقول تعالى منكرا على المشركين في عبادتهم غير الله بلا برهان ولا دليل ولا حجة { أم آتيناهم كتابا من قبله } أي من قبل شركهم { فهم به مستمسكون } أي فيما هم فيه أي ليس الأمر كذلك كقوله عز وجل { أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به مشركون } أي لم يكن ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ
    +/- -/+  
الأية
22
 
أي ليس لهم مستند فيما هم فيه من الشرك سوى تقليد الآباء والأجداد بأنهم كانوا على أمة والمراد بها الذين ههنا وفي قوله تبارك تعالى { إن هذه أمتكم أمة واحدة } وقولهم { وإنا على آثارهم } أي ورائهم { مهتدون } دعوى منهم بلا دليل ثم بين جل وعلا أن مقالة هؤلاء قد سبقهم إليها أشباههم ونظراؤهم من الأمم السالفة المكذبة للرسل تشابهت قلوبهم فقالوا مثل مقالتهم { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
24
 
قال عز وجل { قل } أي يا محمد لهؤلاء المشركين { أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون } أي ولو علموا وتيقنوا صحة ما جئتهم به لما انقادوا لذلك لسوء قصدهم ومكابرتهم للحق وأهله.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ ۖ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ
    +/- -/+  
الأية
25
 
قال تعالى { فانتقمنا منهم } أي من الأمم المكذبة بأنواع من العذاب كما فصله تبارك وتعالى في قصصهم { فانظر كيف كان عاقبة المكذبين } أي كيف بادوا وهلكوا وكيف نجى الله المؤمنين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ
    +/- -/+  
الأية
26
 
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وخليله إمام الحنفاء ووالد من بعث بعده من الأنبياء الذي تنتسب إليه قريش في نسبها ومذهبها أنه تبرأ من أبيه وقومه في عبادتهم الأوثان.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
    +/- -/+  
الأية
28
 
أي هذه الكلمة وهي عبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الأوثان وهي لا إله إلا الله أي جعلها دائمة في ذريته يقتدي به فيها من هداه الله تعالى من ذريه إبراهيم عليه الصلاة والسلام. { لعلهم يرجعون } أي إليها قال عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم في قوله عز وجل { وجعلها كلمة باقية في عقبه } يعني لا إله إلا الله لا يزال فى ذريته من يقولها وروي نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال ابن زيد كلمة الإسلام وهو يرجع إلى ما قاله الجماعة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بَلْ مَتَّعْتُ هَٰؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ
    +/- -/+  
الأية
29
 
قال جل وعلا { بل متعت هؤلاء } يعني المشركين { وآباءهم } أي فتطاول عليهم العمر في ضلالهم { حتى جاءهم الحق ورسول مبين } أي بين الرسالة والنذارة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
30
 
أي كابروه وعاندوه ودفعوا بالصدور والراح كفرا وحسدا وبغيا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
31
 
{ وقالوا } أي كالمعترضين على الذي أنزله تعالى وتقدس { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } أي هلا كان إنزال هذا القرآن على رجل عظيم كبير في أعينهم من القريتين ؟ يعنون مكة والطائف قاله ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي وقتادة والسدي وابن زيد وقد ذكر غير واحد منهم أنهم أرادوا بذلك الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي وقال مالك عن زيد بن أسلم والضحاك والسدي يعنون الوليد بن المغيرة ومسعود بن عمرو الثقفي وعن مجاهد يعنون عمير بن عمرو بن مسعود الثقفي وعنه أيضا أنهم يعنون عتبة بن ربيعة وعن ابن عباس رضي الله عنهما جبارا من جبابرة قريش وعنه رضي الله عنهما أنهم يعنون الوليد بن المغيرة وحبيب بن عمرو بن عمير الثقفي وعن مجاهد يعنون عتبة ابن ربيعة بمكة وابن عبداليل بالطائف وقال السدي عنوا بذلك الوليد بن المغيرة وكنانة بن عمرو بن عمير الثقفي والظاهر أن مرادهم رجل كبير من أي البلدتين كان.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
    +/- -/+  
الأية
32
 
أهم يقسمون رحمة ربك } أي ليس الأمر مردودا إليهم بل إلى الله عز وجل والله أعلم حيث يجعل رسالاته فإنه لا ينزلها إلا على أزكى الخلق قلبا ونفسا وأشرفهم بيتا وأطهرهم أصلا ثم قال عز وجل مبينا أنه قد فاوت بين خلقه فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والعقول والفهوم وغير ذلك من القوى الظاهرة والباطنة فقال { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا } الآية.وقوله جلت عظمته { ليتخذ بعضهم بعضا سخريا } قيل معناه ليسخر بعضهم بعضا في الأعمال لاحتياج هذا إلى هذا وهذا إلى هذا قاله السدي وغيره وقال قتادة والضحاك ليملك بعضهم بعضا وهو راجع إلى الأول ثم قال عز وجل { ورحمة ربك خير مما يجمعون } أي رحمة الله بخلقه خير لهم مما بأيديهم من الأموال ومتاع الحياة الدنيا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ
    +/- -/+  
الأية
33
 
أى لولا أن يعتقد كثير من الناس الجهلة أن إعطاءنا المال دليل على محبتنا لمن أعطيناه فيجتمعوا على الكفر لأجل المال هذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي وغيرهم { لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج } أي سلالم ودرجا من فضة.قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم { عليها يظهرون } أي يصعدون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ
    +/- -/+  
الأية
34
 
أي أغلاقا على أبـوابهم { وسررا عليها يتكئون } أي جميع ذلك يكون فضة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَزُخْرُفًا ۚ وَإِنْ كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ
    +/- -/+  
الأية
35
 
{ وزخرفا } أي وذهبا قاله ابن عباس وقتادة والسدي وابن زيد.ثم قال تبارك وتعالى { وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا } أي إنما ذلك من الدنيا الفانية الزائلة الحقيرة عند الله تعالى أي يعجل لهم بحسانهم التي يعملونها في الدنيا مآكل ومشارب ليوافوا الآخرة وليس لهم عند الله تبارك وتعالى حسنة يجزيهم بها كما ورد به الحديث الصحيح وورد في حديث آخر { لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منهـا كافرا شربة ماء } أسنده البغوي من رواية زكريا بن منظور عن أبى حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ورواه الطبراني من طريق زمعة بن صالح عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم { لو عدلت الدنيا عند الله جناح بعوضة ما أعطى كافرا منها شيئا } ثم قال سبحانه وتعالى { والآخرة عند ربك للمتقين } أي هي لهم خاصة لا يشاركهم فيها أحد غيرهم لهذا لما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين صعد إليه في تلك المشربة لما آلى صلى الله عليه وسلم من نسائه فرآه على رمال حصير قد أثر بجنبه فابتدرت عيناه بالبكاء وقال يا رسول الله هذا كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة الله من خلقه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس وقال { أو في شك أنت يا ابن الخطاب ؟ } ثم قال صلى الله عليه وسلم { أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا } وفى رواية { أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ { وفي الصحيح أيضا وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا تشربوا في آنية الذهب والفضة. ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة } وإنما خولهم الله تعالى في الدنيا لحقارتها كما روى الترمذي وابن ماجة من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء أبدا { قال الترمذي حسن صحيح.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ
    +/- -/+  
الأية
36
 
أي يتعامى ويتغافل ويعرض { عن ذكر الرحمن } والعشا في العين ضعف بصرها والمراد ههنا عشا البصيرة { نقيض له شيطانا فهو له قرين } كقوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى } الآية وكقوله { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } وكقوله جل جلاله { وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ
    +/- -/+  
الأية
37
 
أي هذا الذي تغافل عن الهدى نقيض له من الشياطين من يضله ويهديه إلى صراط الجحيم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
حَتَّىٰ إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ
    +/- -/+  
الأية
38
 
أي إذا وافى الله عز وجل يوم القيامة يتبرم من الشيطان الذي وكل به وقرأ بعضهم { حتى إذا جاءانا } يعني القرين والمقارن قال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سعيد الجريري قال: بلغنا أن الكافر إذا بعث من قبره يوم القيامة شفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصيرهما الله تبارك وتعالى إلى النار فذلك حين يقول { يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين } والمراد بالمشرقين ههنا هو ما بين المشرق والمغرب وإنما استعمل ههنا تغليبا كما يقال: القمران والعمران والأبوان قاله ابن جرير وغيره.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
    +/- -/+  
الأية
39
 
أي لا يغني عنكم اجتماعكم في النار واشتراككم في العذاب الأليم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
    +/- -/+  
الأية
40
 
أي ليس ذلك إليك إنما عليك البلاغ وليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الحكم العدل في ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
42
 
أي نحن قادرون على هذا وعلى هذا ولم يقبض الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أقر عينه من أعدائه وحكمه في نواصيهم وملكه ما تضمنته صياصيهم هذا معنى قول السدي واختاره ابن جرير وقال ابن جرير حدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا أبو ثور عن معمر قال تلا قتادة { فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون } فقال ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة ولم ير الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في أمته شيئا يكرهه حتى مضى ولم يكن نبي قط إلا وقد رأى العقوبة في أمته إلا نبيكم صلى الله عليه وسلم قال وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري ما يصيب أمته من بعده فما رئي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله عز وجل وذكر من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة نحوه ثم روى ابن جرير عن الحسن نحو ذلك أيضا وفي الحديث النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
43
 
أي خذ بالقرآن المنزل على قلبك فإنه هو الحق وما يهدي إليه هو الحق المفضي إلى صراط الله المستقيم الموصل إلى جنات النعيم والخير الدائم المقيم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ
    +/- -/+  
الأية
44
 
قيل معناه لشرف لك ولقومك قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد وقتادة والسدي. وابن زيد واختاره ابن جرير ولم يحك سواه وأورد الترمذي ههنا حديث الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين { رواه البخاري و معناه أنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم فهم أفهم الناس له فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخلص من المهاجرين والسابقين الأولين ومن شابههم وتابعهم وقيل معناه { وإنه لذكر لك ولقومك } أي لتذكير لك ولقومك وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم كقوله تعالى { لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون } وكقوله تبارك وتعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين } { وسوف تسئلون } أي عن هذا القرآن وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ
    +/- -/+  
الأية
45
 
وقوله سبحانه وتعالي { واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون } أي جميع الرسل دعوا إلى ما دعوت الناس إليه من عبادة الله وحده لا شريك له ونهوا عن عبادة الأصنام والأنداد كقوله جلت عظمته { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } قال مجـاهد في قراءة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه واسئل الذين أرسلنا إليهم قبلك رسلنا وهكذا حكاه قتادة والضحاك والسدي وابن مسعود رضي الله عنه وهذا كأنه تفسير لا تلاوة والله أعلم.وقال عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم واسألهم ليلة الإسراء فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جمعوا له واختار ابن جرير الأول والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ
    +/- -/+  
الأية
46
 
يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله موسى عليه الصلاة والسلام أنه ابتعثه إلى فرعون وملئِه من الأمراء والوزراء والقادة والأتباع والرعايا من القبط وبني إسرائيل يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وينهاهم عن عبادة ما سواه وأنه بعث معه آيات عظاما كيده وعصاه وما أرسل معه من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ومن نقص الزروع والأنفس والثمرات.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ
    +/- -/+  
الأية
47
 
ومع هذا كله استكبروا عن اتباعها والانقياد لها وكذبوها وسخروا منها وضحكوا ممن جاءهم بها.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ۖ وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ
    +/- -/+  
الأية
49
 
أي كلما جاءتهم آية من هذه الآيات يضرعون إلى موسى عليه الصلاة والسلام ويتلطفون له في العبارة بقولهم { يا أيها الساحر } أي العالم قاله ابن جرير وكان علماء زمانهم هم السحرة ولم يكن السحر في زمانهم مذموما عندهم فليس هذا منهم على سبيل الانتقاص منهم لأن الحال حال ضرورة منهم إليه لا تناسب ذلك وإنما هو تعظيم في زعمهم ففي كل مرة يعدون موسى عليه السلام إن كشف عنهم هذا أن يؤمنوا به ويرسلوا معه بني إسرائيل.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ
    +/- -/+  
الأية
50
 
أي في كل مرة ينكثون ما عاهدوا عليه وهذا كقوله تبارك وتعالى { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ
    +/- -/+  
الأية
51
 
يقول تعالى مخبرا عن فرعون وتمرده وعتوه وكفره وعناده أنه جمع قومه فنادى فيهم متبجحا مفتخرا بملك مصر وتصرفه فيها { أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي } قال قتادة قد كانت لهم جنات وأنهار ماء { أفلا تبصرون } أي أفلا ترون ما أنا فيه من العظمة والملك يعني وموسى وأتباعه فقراء ضعفاء وهذا كقوله تعالى { فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ
    +/- -/+  
الأية
52
 
قال السدي يقول بل أنا خير من هذا الذي هو مهين وهكذا قال بعض نحاة البصرة: إن أم ههنا بمعنى بل ويؤيد هذا ما حكاه الفراء عن بعض القراء أنه قرأها { أما أنا خير من هذا الذي هو مهين } قال ابن جرير ولو صحت هذه القراءة لكان معناها صحيحا واضحا ولكنها خلاف قراءة الأمصار فإنهم قرأوا { أم أنا خير من هذا الذي هو مهين } على الاستفهام { قلت } وعلى كل تقدير فإنما يعني فرعون لعنه الله بذلك أنه خير من موسى عليه الصلاة والسلام وقد كذب في قوله هذا كذبا بينا واضحا فعليه لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ويعني بقوله مهين كما قال سفيان حقير وقال قتادة والسدي يعني ضعيف وقال ابن جرير يعني لا ملك له ولا سلطان ولا مال { ولا يكاد يبين } يعني لا يكاد يفصح عن كلامه فهو عيي حصر قال السدي { لا يكاد يبين } أي لا يكاد يفهم وقال قتادة والسدي وابن جرير يعني عيي اللسان وقال سفيان يعني في لسانه شئ من الجمرة حين وضعها في فمه وهو صغير وهذا قاله فرعون لعنه الله كذب واختلاق وإنما حمله على هذا الكفر والعناد وهو ينظر إلى موسى عليه الصلاة والسلام بعين كافرة شقية وقد كان موسى عليه السلام من الجلالة والعظمة والبهاء فى صورة يبهر أبصار ذوي الألباب وقوله { مهين } كذب بل هو المهين الحقير خلقة وخلقا ودينا وموسى هو الشريف الرئيس الصادق البار الراشد وقوله { ولا يكاد يبين } افتراء أيضا فإنه وإن كان قد أصاب لسانه في حال صغره شئ من جهة تلك الجمرة فقد سأل الله عز وجل أن يحل عقدة من لسانه ليفقهوا قوله وقد استجاب الله تبارك تعالى له ذلك في قوله { قد أوتيت سؤلك يا موسى } وبتقدير أن يكون قد بقي شيء لم يسأل إزالته كما قاله الحسن البصري وإنما سأل زوال ما يحصل معه الإبلاغ والإفهام فالأشياء الخلقية التي ليست من فعل العبد لا يعاب بها ولا يذم عليها وفرعون وإن كان يفهم وله عقل فهـو يدري هذا وإنما أراد الترويج على رعيته فإنهم كانوا جهلة أغبياء.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ
    +/- -/+  
الأية
53
 
وهي ما يجعل في الأيدي من الحلى قاله ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة وغير واحد { أو جاء معه الملائكة مقترنين } أى يكنفونه خدمة له ويشهدون بتصديقه نظر إلى الشكل الظاهر ولم يفهم السر المعنوي الذي هو أظهر مما نظر إليه لو كان يفهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ
    +/- -/+  
الأية
55
 
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما آسفونا أسخطونا وقال الضحاك عنه أغضبونا وهكذا قال ابن عباس أيضا ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحد بن كعب القرظي وقتادة والسدي وغيرهم من المفسرين وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبيدالله بن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا ابن لهيعة عن عقبة بن مسلم التجيبي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إذا رأيت الله تبارك وتعالى يعطي العبد ما يشاء وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك استدراج منه له { ثم تلا صلى الله عليه وسلم { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين } وحدثنا أبي حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني حدثنا قيس بن الربيع عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال كنت عند عبدالله رضي الله عنه فذكر عنده موت الفجأة فقال تخفيف على المؤمن وحسرة على الكافر ثم قرأ رضي الله عنه { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين } وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وجدت النقمة مع الغفلة يعني قوله تبارك وتعالى { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ
    +/- -/+  
الأية
56
 
قال أبو مجلز سلفا لمثل من عمل بعملهم وقال هو ومجاهد ومثلا أي عبرة لمن بعدهم والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
    +/- -/+  
الأية
57
 
يقول تعالى مخبرا عن تعنت قريش فى كفرهم وتعمدهم العناد والجدل { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قال غير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة والسدي والضحاك يضحكون أي أعجبوا بذلك وقال قتادة يجزعون ويضحكون وقال إبراهيم النخعي يعرضون وكأن السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق فى السيرة حيث قال: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه ثم تلا عليه وعليهم { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } الآيات.ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبدالله بن الزبعري التميمي حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة له: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه.حصب جهنم فقال عبدالله بن الزبعري أما والله لو وجدته لخصمته سلوا محمدا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبدالله بن الزبعري ورأوا أنه قد احتج وخاصم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال { كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته { فأنزل الله عز وجل { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون } أي عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله عز وجل فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله ونزل فيما يذكر من أنهم يعبدون الملائكة وأنهم بنات الله { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون } الآيات ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه يعبد من دون الله وعجب الوليد ومن حضر من حجته وخصومته { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون{ أي يصدون عن أمرك بذلك من قوله.ثم ذكر عيسى عليه الصلاة والسلام فقال { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون وإنه لعلم للساعة } أي ما وضع على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام فكفى به دليلا على علم الساعة يقول { فلا تمترن بهل واتبعون هذا صراط مستقيم } وذكر ابن جرير من رواية العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قال يعني قريشا لما قيل لهم { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون } إلى آخر الآيات فقالت له قريش فما ابن مريم ؟ قال { ذاك عبدالله ورسوله } فقالوا والله ما يريد هذا إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى بن مريم ربا فقال الله عز وجل { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون }. وقال الإمام أحمد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا شيبان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن أبي يحيى مولى ابن عقيل الأنصاري قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قط ولا أدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها قال ثم طفق يحدثنا فلما قام تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها فقلت أنا لها إذا راح غدا فلما راح الغد قلت يا ابن عباس ذكرت أمس أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط فلا يدري أعلمها الناس أم لم يفطنوا لها فقلت أخبرني عنها وعن اللاتي قرأت قبلها قال رضي الله عنه نعم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش { يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير { وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام وما تقول في محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد ألست تزعم أن عيسى عليه الصلاة والسلام كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا فإن كنت صادقا كان آلهتهم كما تقولون قال فأنزل الله عز وجل { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قلت ما يصدون ؟ قال يضحكون { وإنه لعلم للساعة } قال هو خروج عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام قبل يوم القيامة وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن يعقوب الدمشقي حدثنا آدم حدثنا شيبان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي أحمد مولى الأنصار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير } فقالوا له ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا فقد كان يعبد من دون الله ؟ فأنزل الله عز وجل { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } وقال مجاهد في قوله تعالى { ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون } قالت قريش إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى عليه السلام ونحو هذا قال قتادة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
    +/- -/+  
الأية
58
 
قال قتادة يقولون آلهتنا خير منه وقال قتادة قرأ ابن مسعود رضي الله عنه وقولوا أآلهتنا خير أم هذا يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم.وقوله تبارك وتعالى { ما ضربوه لك إلا جدلا } أي مراء وهم يعلمون أنه ليس بوارد على الآية لأنها لما لا يعقل وهي قوله تعالى { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم { ثم هى خطاب لقريش وهم إنما كانوا يعبدون الأصنام والأنداد ولم يكونوا يعبدون المسيح حتى يوردوه فتعين أن مقالتهم إنما كانت جدلا منهم ليسوا يعتقدون صحتها وقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى حدثنا ابن نمير حدثنا حجاج بن دينار عن أبي غالب عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أورثوا الجدل { ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } وقد رواه الترمذي وابن ماجة وابن جرير من حديث حجاج بن دينار به ثم قال الترمذي حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديثه كذا قال وقد روي من وجه آخر عن أبي أمامة رضي الله عنه بزيادة فقال ابن أبي حاتم حدثنا حميد بن عياش الرملي حدثنا مؤمل حدثنا حماد أخبرنا ابن مخزوم عن القاسم بن أبي عبد الرحمن السامي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال حماد لا أدري رفعه أم لا ؟ قال: ما ضلت أمة بعد نبيها إلا كان أول ضـلالها التكذيب بالقدر وما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل ثم قرأ { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } وقال ابن جرير أيضا حدثنا أبو كريب حدثنا أحمد بن عبد الرحمن عن عبادة بن عباد عن جعفر عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن فغضب غضبا شديدا حتى كأنما صب على وجهه الخل ثم قال صلى الله عليه وسلم { لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل { ثم تلا صلى الله عليه وسلم { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ
    +/- -/+  
الأية
59
 
قوله تعالى { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه } يعني عيسى عليه الصلاة والسلام ما هو إلا عبد من عباد الله عز وجل أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة { وجعلناه مثلا لبني إسرائيل } أي دلالة وحجة وبرهانا على قدرتنا على ما نشاء.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ
    +/- -/+  
الأية
60
 
وقوله عز وجل { ولو نشاء لجعلنا منكم } أي بدلكم { ملائكة في الأرض يخلفون } قال السدي يخلفونك فيها وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة يخلف بعضهم بعضا كما يخلف بعضكم بعضا وهذا القول يستلزم الأول وقال مجاهد يعمرون الأرض بدلكم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ
    +/- -/+  
الأية
61
 
قوله سبحانه وتعالى { وإنه لعلم للساعة } تقدم تفسير ابن إسحاق أن المراد من ذلك ما بعث به عيسى عليه الصلاة والسلام من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من الأسقام وفي هذا نظر وأبعد منه ما حكاه قتادة عن الحسن البصري وسعيد بن جبير أن الضمير في وإنه عائد على القرآن بل الصحيح أنه عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام فإن السياق في ذكره ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال تبارك وتعالى { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } أي قبل موت عيسى عليه الصلاة والسلام { ثم يوم القيامة يكون عليهم شهيدا } ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى { وإنه لعلم للساعة } أي أمارة ودليل على وقوع الساعة قال مجاهد { وإنه لعلم للساعة } أي آية للساعة خروج عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبي مالك وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا. وقوله تعالى { فلا تمترون بها } أي لا تشكوا فيها إنها واقعة وكائنة لا محالة { واتبعون } أي فيما أخبركم به.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ
    +/- -/+  
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَمَّا جَاءَ عِيسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ۖ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ
    +/- -/+  
الأية
63
 
{ و لما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة } أي بالنبوة { ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه } قال ابن جرير يعني من الأمور الدينية لا الدنيوية وهذا الذي قاله حسن جيد ثم رد قول من زعم أن بعض ههنا بمعنى كل واستشهد بقول لبيد الشاعر حيث قال: تزال أمكنة إذا لم أرضهـا أو يتعلق بعض النفوس حمامهـا وأولوه علي أنه أراد جميع النفوس; قال ابن جرير وإنما أراد نفسه فقط وعبر بالبعض عنها وهذا الذي قاله محتمل.وقوله عز وجل { فاتقوا الله } أي فيما أمركم به { وأطيعون } فيما جئتكم به.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ
    +/- -/+  
الأية
64
 
أي أنا وأنتم عبيد له فقراء إليه مشتركون في عبادته وحده لا شريك له { هذا صراط مستقيم } أي هذا الذي جئتكم به هو الصراط المستقيم وهو عبادة الرب جل وعلا وحده.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ
    +/- -/+  
الأية
65
 
أي اختلفت الفرق وصاروا شيعا فيه منهم من يقر بأنه عبدالله ورسوله وهو الحق ومنهم من يدعي أنه ولد الله ومنهم من يقول إنه الله تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.ولهذا قال تعالى { فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
    +/- -/+  
الأية
66
 
يقول تعالى هل ينتظر هؤلاء المشركون المكذبون للرسل { إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون } أي فإنها كائنة لا محاله وواقعة وهؤلاء غافلون عنها غير مستعدين فإذا جاءت إنما تجيء وهم لا يشعرون بها فحينئذ يندمون كل الندم حيث لا ينفعهم ولا يدفع عنهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ
    +/- -/+