Prev  

100. Surah Al-'Adiyât سورة العاديات

  Next  



تفسير القرطبي - العاديات - Al-Adiyat -
 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
بِسْم ِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا
    +/- -/+  
الأية
1
 
أي الأفراس تدو . كذا قال عامة المفسرين وأهل اللغة ; أي تعدو في سبيل الله فتضبح . قال قتادة : تضبح إذا عدت ; أي تحمحم . وقال الفراء : الضبح : صوت أنفاس الخيل إذا عدون . ابن عباس : ليس شيء من الدواب يضبح غير الفرس والكلب والثعلب . وقيل : كانت تكعم لئلا تصهل , فيعلم العدو بهم فكانت تتنفس في هذه الحال بقوة . قال ابن العربي : أقسم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال : { يس . والقرآن الحكيم } [ يس : 1 - 2 ] , وأقسم بحياته فقال : { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } [ الحجر : 72 ] , وأقسم بخيله وصهيلها وغبارها , وقدح حوافرها النار من الحجر , فقال : { والعاديات ضبحا } .. . الآيات الخمس . وقال أهل اللغة : وطعنة ذات رشاش واهيه طعنتها عند صدور العاديه يعني الخيل . وقال آخر : والعاديات أسابي الدماء بها كأن أعناقها أنصاب ترجيب يعني الخيل . وقال عنترة : والخيل تعلم حين تض بح في حياض الموت ضبحا وقال آخر : لست بالتبع اليماني إن لم تضبح الخيل في سواد العراق وقال أهل اللغة : وأصل الضبح والضباح للثعالب ; فاستعير للخيل . وهو من قول العرب : ضبحته النار : إذا غيرت لونه ولم تبالغ فيه . وقال الشاعر : فلما أن تلهوجنا شواء به اللهبان مقهورا ضبيحا وانضبح لونه : إذا تغير إلى السواد قليلا . وقال : علقتها قبل انضباح لوني وإنما تضبح هذه الحيوانات إذا تغيرت حالها من فزع وتعب أو طمع . ونصب }{ ضبحا }{ على المصدر ; أي والعاديات تضبح ضبحا . والضبح أيضا الرماد . وقال البصريون : { ضبحا }{ نصب على الحال . وقيل : مصدر في موضع الحال . قال أبو عبيدة : ضبحت الخيل ضبحا مثل ضبعت ; وهو السير . وقال أبو عبيدة : الضبح والضبع : بمعنى العدو والسير . وكذا قال المبرد : الضبح مد أضباعها في السير . وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى أناس من بني كنانة , فأبطأ عليه خبرها , وكان استعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري , وكان أحد النقباء ; فقال المنافقون : إنهم قتلوا ; فنزلت هذه السورة إخبارا للنبي صلى الله عليه وسلم بسلامتها , وبشارة له بإغارتها على القوم الذين بعث إليهم . وممن قال : إن المراد بالعاديات الخيل , ابن عباس وأنس والحسن ومجاهد . والمراد الخيل التي يغزو عليها المؤمنون . وفي الخبر : ( من لم يعرف حرمة فرس الغازي , ففيه شعبة من النفاق )  . وقول ثان : أنها الإبل ; قال مسلم : نازعت فيها عكرمة فقال عكرمة : قال ابن عباس هي الخيل . وقلت : قال علي هي الإبل في الحج , ومولاي أعلم من مولاك . وقال الشعبي : تمارى علي وابن عباس في }{ العاديات } , فقال علي : هي الإبل تعدو في الحج . وقال ابن عباس : هي الخيل ; ألا تراه يقول }{ فأثرن به نقعا } [ العاديات : 4 ] فهل تثير إلا بحوافرها ! وهل تضبح الإبل ! فقال علي : ليس كما قلت , لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلا فرس أبلق للمقداد , وفرس لمرثد بن أبي مرثد ; ثم قال له علي : أتفتي الناس بما لا تعلم ! والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام وما معنا إلا فرسان : فرس للمقداد , وفرس للزبير ; فكيف تكون العاديات ضبحا ! إنما العاديات الإبل من عرفة إلى المزدلفة , ومن المزدلفة إلى عرفة . قال ابن عباس : فرجعت إلى قول علي , وبه قال ابن مسعود وعبيد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي . ومنه قول صفية بنت عبد المطلب : فلا والعاديات غداة جمع بأيديها إذا سطع الغبار يعني الإبل . وسميت العاديات لاشتقاقها من العدو , وهو تباعد الأرجل في سرعة المشي . وقال آخر : رأى صاحبي في العاديات نجيبة وأمثالها في الواضعات القوامس ومن قال هي الإبل فقوله }{ ضبحا }{ بمعنى ضبعا ; فالحاء عنده مبدلة من العين ; لأنه يقال : ضبعت الإبل وهو أن تمد أعناقها في السير . وقال المبرد : الضبع مد أضباعها في السير . والضبح أكثرها ما يستعمل في الخيل . والضبع في الإبل . وقد تبدل الحاء من العين . أبو صالح : الضبح من الخيل : الحمحمة , ومن الإبل التنفس . وقال عطاء : ليس شيء من الدواب يضبح إلا الفرس والثعلب والكلب ; وروي عن ابن عباس . وقد تقدم عن أهل اللغة أن العرب تقول : ضبح الثعلب ; وضبح في غير ذلك أيضا . قال توبة : ولو أن ليلى الأخيلية سلمت علي ودوني تربة وصفائح لسلمت تسليم البشاشة أو زقا /و إليها صدى من جانب القبر ضابح زقا الصدى يزقو زقاء : أي صاح . وكل زاق صائح . والزقية : الصيحة .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا
    +/- -/+  
الأية
2
 
قال عكرمة وعطاء والضحاك : هي الخيل حين توري النار بحوافرها , وهي سنابكها ; وروي عن ابن عباس . وعنه أيضا : أورت بحوافرها غبارا . وهذا يخالف سائر ما روي عنه في قدح النار ; وإنما هذا في الإبل . وروى ابن نجيح عن مجاهد }{ والعاديات ضبحا . فالموريات قدحا }{ قال قال ابن عباس : هو في القتال وهو في الحج . ابن مسعود : هي الإبل تطأ الحصى , فتخرج منها النار . وأصل القدح الاستخراج ; ومنه قدحت العين : إذا أخرجت منها الماء الفاسد . واقتدحت بالزند . واقتدحت المرق : غرفته . وركي قدوح : تغترف باليد . والقديح : ما يبقى في أسفل القدر , فيغرف بجهد . والمقدحة : ما تقدح به النار . والقداحة والقداح : الحجر الذي يوري النار . يقال : ورى الزند ( بالفتح )  يري وريا : إذا خرجت ناره . وفيه لغة أخرى : وري الزند ( بالكسر )  يري فيهما . وقد مضى هذا في سورة }{ الواقعة } . و }{ قدحا }{ انتصب بما انتصب به }{ ضبحا } . وقيل : هذه الآيات في الخيل ; ولكن إيراءها : أن تهيج الحرب بين أصحابها وبين عدوهم . ومنه يقال للحرب إذا التحمت : حمي الوطيس . ومنه قوله تعالى : { كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله } [ المائدة : 64 ] . وروي معناه عن ابن عباس أيضا , وقاله قتادة . وعن ابن عباس أيضا , وقاله قتادة . وعن ابن عباس أيضا : أن المراد بالموريات قدحا : مكر الرجال في الحرب ; وقاله مجاهد وزيد بن أسلم . والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه : والله لأمكرن بك , ثم لأورين لك . وعن ابن عباس أيضا : هم الذين يغزون فيورون نيرانهم بالليل , لحاجتهم وطعامهم . وعنه أيضا : أنها نيران المجاهدين إذا كثرت نارها إرهابا . وكل من قرب من العدو يوقد نيرانا كثيرة ليظنهم العدو كثيرا . فهذا إقسام بذلك . قال محمد بن كعب : هي النار تجمع . وقيل هي أفكار الرجال توري نار المكر والخديعة . وقال عكرمة : هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلم به , ويظهر بها من إقامة الحجج , وإقامة الدلائل , وإيضاح الحق , وإبطال الباطل . وروى ابن جريح عن بعضهم قال : فالمنجحات أمرا وعملا , كنجاح الزند إذا أوري . قلت : هذه الأقوال مجاز ; ومنه قولهم : فلان يوري زناد الضلالة . والأول : الحقيقة , وأن الخيل من شدة عدوها تقدح النار بحوافرها . قال مقاتل : العرب تسمي تلك النار نار أبي حباحب , وكان أبو حباحب شيخا من مضر في الجاهلية , من أبخل الناس , وكان لا يوقد نارا لخبز ولا غيره حتى تنام العيون , فيوقد نويرة تقد مرة وتخمد أخرى ; فإن استيقظ لها أحد أطفأها , كراهية أن ينتفع بها أحد . فشبهت العرب هذه النار بناره ; لأنه لا ينتقع بها . وكذلك إذا وقع السيف على البيضة فاقتدحت نارا , فكذلك يسمونها . قال النابغة : ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب تقد السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نارا لحباحب .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا
    +/- -/+  
الأية
3
 
الخيل تغير على العدو عند الصبح ; عن ابن عباس وأكثر المفسرين . وكانوا إذا أرادوا الغارة سروا ليلا , ويأتون العدو صبحا ; لأن ذلك وقت غفلة الناس . ومنه قوله تعالى : { فساء صباح المنذرين } [ الصافات : 177 ] . وقيل : لعزهم أغاروا نهارا , و }{ صبحا } على هذا , أي علانية , تشبيها بظهور الصبح . وقال ابن مسعود وعلي رضي الله عنهما : هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من منى إلى جمع . والسنة ألا تدفع حتى تصبح ; وقاله القرطبي . والإغارة : سرعة السير ; ومنه قولهم : أشرق ثبير , كيما نغير .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا
    +/- -/+  
الأية
4
 
أي غبارا ; يعني الخيل تثير الغبار بشدة العدو في المكان الذي أغارت به . قال عبد الله بن رواحة : عدمت بنيتي إن لم تروها تثير النقع من كنفي كداء والكناية في }{ به { ترجع إلى المكان أو إلى الموضع الذي تقع فيه الإغارة . وإذا علم المعنى جاز أن يكنى عما لم يجر له ذكر بالتصريح ; كما قال }{ حتى توارت بالحجاب } [ ص : 32 ] . وقيل : { فأثرن به } , أي بالعدو }{ نقعا } . وقد تقدم ذكر العدو . وقيل : النقع : ما بين مزدلفة إلى منى ; قاله محمد بن كعب القرظي . وقيل : إنه طريق الوادي ; ولعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع . وفي الصحاح : النقع : الغبار , والجمع : نقاع . والنقع : محبس الماء , وكذلك ما اجتمع في البئر منه . وفي الحديث : أنه نهى أن يمنع نقع البئر . والنقع الأرض الحرة الطين يستنقع فيها الماء ; والجمع : نقاع وأنقع ; مثل بحر وبحار وأبحر . قلت : وقد يكون النقع رفع الصوت , ومنه حديث عمر حين قيل له : إن النساء قد اجتمعن يبكين على خالد بن الوليد ; فقال : وما على نساء بني المغيرة أن يسفكن من دموعهن وهن جلوس على أبي سليمان , ما لم يكن نقع , ولا لقلقة . قال أبو عبيد : يعني بالنقع رفع الصوت ; على هذا رأيت قول الأكثرين من أهل العلم ; ومنه قول لبيد : فمتى ينقع صراخ صادق يحلبوها ذات جرس وزجل ويروى }{ يحلبوها }{ أيضا . يقول : متى سمعوا صراخا أحلبوا الحرب , أي جمعوا لها . وقوله }{ ينقع صراخ } : يعني رفع الصوت . وقال الكسائي : قوله }{ نقع ولا لقلقة }{ النقع : صنعة الطعام ; يعني في المأتم . يقال منه : نقعت أنقع نقعا . قال أبو عبيد : ذهب بالنقع إلى النقيعة ; وإنما النقيعة عند غيره من العلماء : صنعة الطعام عند القدوم من سفر , لا في المأتم . وقال بعضهم : يريد عمر بالنقع : وضع التراب على الرأس ; يذهب إلى أن النقع هو الغبار . ولا أحسب عمر ذهب إلى هذا , ولا خافه منهن , وكيف يبلغ خوفه ذا وهو يكره لهن القيام . فقال : يسفكن من دموعهن وهن جلوس . قال بعضهم : النقع : شق الجيوب ; وهو الذي لا أدري ما هو من الحديث ولا أعرفه , وليس النقع عندي في الحديث إلا الصوت الشديد , وأما اللقلقة : فشدة الصوت , ولم أسمع فيه اختلافا . وقرأ أبو حيوة }{ فأثرن { بالتشديد ; أي أرت آثار ذلك . ومن خفف فهو من أثار : إذا حرك ; ومنه }{ وأثاروا الأرض } [ الروم : 9 ] .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا
    +/- -/+  
الأية
5
 
جمعا }{ مفعول ب }{ وسطن } ; أي فوسطن بركبانهن العدو ; أي الجمع الذي أغاروا عليهم . وقال ابن مسعود : { فوسطن به جمعا } : يعني مزدلفة ; وسميت جمعا لاجتماع الناس . ويقال : وسطت القوم أسطهم وسطا وسطة ; أي صرت وسطهم . وقرأ علي رضي الله عنه } فوسطن }{ بالتشديد , وهي قراءة قتادة وابن مسعود وأبي رجاء ; لغتان بمعنى , يقال : وسطت القوم ( بالتشديد والتخفيف )  وتوسطهم : بمعنى واحد . وقيل : معنى التشديد : جعلها الجمع قسمين . والتخفيف : صرن في وسط الجمع ; وهما يرجعان إلى معنى الجمع .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
    +/- -/+  
الأية
6
 
هذا جواب القسم ; أي طبع الإنسان على كفران النعمة . قال ابن عباس : { لكنود }{ لكفور جحود لنعم الله . وكذلك قال الحسن . وقال : يذكر المصائب وينسى النعم . أخذه الشاعر فنظمه : يا أيها الظالم في فعله والظلم مردود على من ظلم إلى متى أنت وحتى متى تشكو المصيبات وتنسى النعم ! وروى أبو أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الكنود , هو الذي يأكل وحده , ويمنع رفده , ويضرب عبده )  . وروى ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا أنبئكم بشراركم )  ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال : ( من نزل وحده , ومنع رفده , وجلد عبده )  . خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . وقد روي عن ابن عباس أيضا أنه قال : الكنود بلسان كندة وحضرموت : العاصي , وبلسان ربيعة ومضر : الكفور . وبلسان كنانة : البخيل السيئ الملكة ; وقاله مقاتل : وقال الشاعر : كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنودا لنعماء الرجال يبعد أي كفور . ثم قيل : هو الذي يكفر باليسير , ولا يشكر الكثير . وقيل : الجاحد للحق . وقيل : إنما سميت كندة كندة ; لأنها جحدت أباها . وقال إبراهيم بن هرمة الشاعر : دع البخلاء إن شمخوا وصدوا وذكرى بخل غانية كنود وقيل : الكنود : من كند إذا قطع ; كأنه يقطع ما ينبغي أن يواصله من الشكر . ويقال : كند الحبل : إذا قطعه . قال الأعشى : أميطي تميطي بصلب الفؤاد وصول حبال وكنادها فهذا يدل على القطع . ويقال : كند يكند كنودا : أي كفر النعمة وجحدها , فهو كنود . وامرأة كنود أيضا , وكنود مثله . قال الأعشى : أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتاد أي كفور للمواصلة . وقال ابن عباس : الإنسان هنا الكافر ; يقول إنه لكفور ; ومنه الأرض الكنود التي لا تنبت شيئا . وقال الضحاك : نزلت في الوليد بن المغيرة . قال المبرد : الكنود : المانع لما عليه . وأنشد لكثير : أحدث لها تحدث لوصلك إنها كند لوصل الزائر المعتاد وقال أبو بكر الواسطي : الكنود : الذي ينفق نعم الله في معاصي الله . وقال أبو بكر الوراق : الكنود : الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه . وقال الترمذي : الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم . وقال ذو النون المصري : الهلوع والكنود : هو الذي إذا مسه الشر جزوع , وإذا مسه الخير منوع . وقيل : هو الحقود الحسود . وقيل : هو الجهول لقدره . وفي الحكمة : من جهل قدره : هتك ستره . قلت : هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران والجحود . وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم معنى الكنود بخصال مذمومة , وأحوال غير محمودة ; فإن صح فهو أعلى ما يقال , ولا يبقى لأحد معه مقال .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ
    +/- -/+  
الأية
7
 
أي وإن الله عز وجل ثناؤه على ذلك من ابن آدم لشهيد . كذا روى منصور عن مجاهد ; وهو قول أكثر المفسرين , وهو قول ابن عباس . وقال الحسن وقتادة ومحمد بن كعب : { وإنه } أي وإن الإنسان لشاهد على نفسه بما يصنع ; وروي عن مجاهد أيضا .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
    +/- -/+  
الأية
8
 
وَإِنَّهُ أي الإنسان من غير خلاف . لِحُبِّ الْخَيْرِ أي المال ; ومنه قوله تعالى : { إن ترك خيرا } [ البقرة : 180 ] . وقال عدي : ماذا ترجي النفوس من طلب ال خير وحب الحياة كاربها لَشَدِيدٌ أي لقوي في حبه للمال . وقيل : { لشديد }{ لبخيل . ويقال للبخيل : شديد ومتشدد . قال طرفة : أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد يقال : اعتامه واعتماه ; أي اختاره . والفاحش : البخيل أيضا . ومنه قوله تعالى : { ويأمركم بالفحشاء } [ البقرة : 268 ] أي البخل . قال ابن زيد : سمى الله المال خيرا ; وعسى أن يكون شرا وحراما ; ولكن الناس يعدونه خيرا , فسماه الله خيرا لذلك . وسمى الجهاد سوءا , فقال : { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } [ آل عمران : 174 ] على ما يسميه الناس . قال الفراء : نظم الآية أن يقال : وإنه لشديد الحب للخير ; فلما تقدم الحب قال : شديد , وحذف من آخره ذكر الحب ; لأنه قد جرى ذكره , ولرءوس الآي ; كقوله تعالى : { في يوم عاصف } [ إبراهيم : 18 ] والعصوف : للريح لا الأيام , فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم , طرح من آخره ذكر الريح ; كأنه قال : في يوم عاصف الريح .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ
    +/- -/+  
الأية
9
 
أَفَلَا يَعْلَمُ أي ابن آدمإِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ أي أثير وقلب وبحث , فأخرج ما فيها . قال أبو عبيدة : بعثرت المتاع : جعلت أسفله أعلاه . وعن محمد بن كعب قال : ذلك حين يبعثون . الفراء : سمعت بعض أعراب بني أسد يقرأ : { بحثر }{ بالحاء مكان العين ; وحكاه الماوردي عن ابن مسعود , وهما بمعنى .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ
    +/- -/+  
الأية
10
 
أي ميز ما فيها من خير وشر ; كذا قال المفسرون : وقال ابن عباس : أبرز . وقرأ عبيد بن عمير وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر ونصر بن عاصم }{ وحصل }{ بفتح الحاء وتخفيف الصاد وفتحها ; أي ظهر .

 
Tafseer Al-Qurtoubiy  تفسير القرطبي
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ
    +/- -/+  
الأية
11
 
أي عالم لا يخفى عليه منهم خافية . وهو عالم بهم في ذلك اليوم وفي غيره ; ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم . وقوله : { إذا بعثر }{ العامل في }{ إذا } : { بعثر " , ولا يعمل فيه }{ يعلم } ; إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت , إنما يراد في الدنيا . ولا يعمل فيه }{ خبير } ; لأن ما بعد }{ إن }{ لا يعمل فيما قبلها . والعامل في }{ يومئذ } : { خبير } , وإن فصلت اللام بينهما ; لأن موضع اللام الابتداء . وإنما دخلت في الخبر لدخول }{ إن }{ على المبتدأ . ويروى أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو , فجرى على لسانه : { أن ربهم }{ بفتح الألف , ثم استدركها فقال : { خبير }{ بغير لام . ولولا اللام لكانت مفتوحة , لوقوع العلم عليها . وقرأ أبو السمال }{ أن ربهم بهم يومئذ خبير } . والله سبحانه وتعالى أعلم .

نهاية تفسير السورة - تفسير القرآن الكريم
End of Tafseer of The Surah - The Holy Quran Tafseer



 


© EsinIslam.Com Designed & produced by The Awqaf London. Please pray for us