« Prev

37. Surah As-Sâffât سورة الصافات

Next »


تفسير ابن كثير - الصافات - As-Saaffat -
 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بِسْم ِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا
الأية
1
 
سورة الصافات: قال النسائي: أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد يعني ابن الحارث - عن أبي ذئب قال أخبرنا الحارث بن عبد الرحمن عن سالم بن عبدالله عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات تفرد به النسائي. بسم الله الرحمن الرحيم قال سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال { والصافات صفا } وهي الملائكة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا
الأية
2
 
هي الملائكة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا
الأية
3
 
هي الملائكة وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومسروق وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وقتادة والربيع بن أنس قال قتادة الملائكة صفوف فى السماء. وقال مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعل لنا ترابها طهورا إذا لم نجد الماء } وقد روى مسلم أيضا وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟ } قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال صلى الله عليه وسلم { يتمون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصف } وقال السدي وغيره معنى قوله تعالى { فالزاجرات زجرا } أنها تزجر السحاب. وقال الربيع بن أنس { فالزاجرات زجرا } ما زجر الله تعالى عنه في القرآن وكذا روى مالك عن زيد بن اسلم { فالتاليات ذكرا } قال السدي الملائكة يجيئون بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس وهذه الآية كقوله تعالى { فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّ إِلَٰهَكُمْ لَوَاحِدٌ
الأية
4
 
وقوله عز وجل { إن إلهكم لواحد رب السموات والأرض } هذا هو المقسم عليه أنه تعالى لا إله إلا هو رب السموات والأرض { وما بينهما } أي من المخلوقات { ورب المشارق } أي هو المالك المتصرف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب ثوابت وسيارات تبدو من المشرق وتغرب من المغرب واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه وقد صرح بذلك في قوله عز وجل { فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون } وقال تعالى فى الآية الأخرى { رب المشرقين ورب المغربين } يعني في الشتاء والصيف للشمس والقمر.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ
الأية
5
 
وقوله عز وجل { إن إلهكم لواحد رب السموات والأرض } هذا هو المقسم عليه أنه تعالى لا إله إلا هو رب السموات والأرض { وما بينهما } أي من المخلوقات { ورب المشارق } أي هو المالك المتصرف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب ثوابت وسيارات تبدو من المشرق وتغرب من المغرب واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه وقد صرح بذلك في قوله عز وجل { فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون } وقال تعالى فى الآية الأخرى { رب المشرقين ورب المغربين } يعني في الشتاء والصيف للشمس والقمر.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ
الأية
6
 
يخبر تعالى أنه زين السماء الدنيا للناظرين إليها من أهل الأرض بزينة الكواكب قرئ بالإضافة وبالبدل وكلاهما بمعنى واحد فالكواكب السيارة والثوابت يثقب ضوءها جرم السماء الشفاف فتضيء لأهل الأرض كما قال تبارك وتعالى { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين واعتدنا لهم عذاب السعير } وقال عز وجل { ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ
الأية
7
 
قوله جل وعلا ههنا { وحفظا } تقديره وحفظناها حفظا { من كل شيطان مارد }: يعني المتمرد العاتي.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
الأية
8
 
إذا أراد أن يسترق السمع أتاه شهاب ثاقب فأحرقه ولهذا قال جل جلاله { لا يسمعون إلى الملإ الأعلى } أي لئلا يصلوا إلى الملإ الأعلى وهي السموات ومن فيها من الملائكة إذا تكلموا بما يوحيه الله تعالى مما يقوله من شرعه وقدره كما تقدم بيان ذلك في الأحاديث التي أوردناها عند قوله تبارك وتعالى { حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير } ولهذا قال تعالى { ويقذفون } أي يرمون { من كل جانب } أي من كل جهة يقصدون السماء منها.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
دُحُورًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ
الأية
9
 
{ دحورا } أي رجما يدحرون به ويزجرون ويمنعون من الوصول إلى ذلك ويرجمون { ولهم عذاب واصب } أي في الدار الآخرة لهم عذاب دائم موجع مستمر كما قال جلت عظمته { وأعتدنا لهم عذاب السعير }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ
الأية
10
 
وقوله تبارك وتعالى { إلا من خطف الخطفة } أي إلا من اختطف من الشياطين الخطفة وهي الكلمة يسمعها من السماء فيلقيها إلى الذي تحته ويلقيها الآخر إلى الذي تحته فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها بقدر الله تعالى قبل أن يأتيه الشهاب فيحرقه فيذهب بها الآخر إلى الكاهن كما تقدم في الحديث ولهذا قال { إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب } أي مستنير قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان للشياطين مقاعد في السماء قال فكانوا يستمعون الوحي قال وكانت النجوم لا تجري وكانت الشياطين لا ترمى قال فإذا سمعوا الوحي نزلوا إلى الأرض فزادوا في الكلمة تسعا قال فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الشيطان إذا قعد مقعده جاءه شهاب فلم يخطئه حتى يحرقه قال فشكوا ذلك إلى إبليس لعنه الله فقال ما هو إلا من أمر حدث قال فبعث جنوده فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي بين جبلي نخلة قال وكيع يعني بطن نخلة قال فرجعوا إلى إبليس فأخبروه فقال هذا الذي حدث وستأتي إن شاء الله تعالى الأحاديث الواردة مع الآثار في هذا المعنى عند قوله تعالى إخبارا عن الجن أنهم قالوا { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا ۚ إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ
الأية
11
 
يقول تعالى: فسل هؤلاء المنكرين للبعث أيما أشد خلقا هم أم السموات والأرض وما بينهما من الملائكة والشياطين والمخلوقات العظيمة؟ وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه { أم من عددنا } فإنهم يقرون أن هذه المخلوقات أشد خلقا منهم منهم وإذا كان الأمر كذلك فلم ينكرون البعث وهم يشاهدون ما هو أعظم مما أنكروا كما قال عز وجل { لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ثم بين أنهم خلقوا من شيء ضعيف فقال { إنا خلقناهم من طين لازب } قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض وقال ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة هو اللزج الجيد وقال قتادة هو الذي يلزق باليد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
الأية
12
 
وقوله عز وجل بل عجبت ويسخرون أى بل عجبت يا محمد من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث وأنت موقن مصدق بما أخبر الله تعالى من الأمر العجيب وهو إعادة الأجسام بعد فنائها وهم بخلاف أمرك من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ
الأية
13
 
وقوله عز وجل بل عجبت ويسخرون أى بل عجبت يا محمد من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث وأنت موقن مصدق بما أخبر الله تعالى من الأمر العجيب وهو إعادة الأجسام بعد فنائها وهم بخلاف أمرك من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ
الأية
14
 
قال قتادة عجب محمد صلى الله عليه وسلم وسخر ضلال بني آدم { وإذا رأوا آية } أي دلالة واضحة على ذلك { يستسخرون } قال مجاهد وقتادة يستهزئون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقَالُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ
الأية
15
 
أي إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
الأية
16
 
يستبعدون ذلك ويكذبون به.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ
الأية
17
 
يستبعدون ذلك ويكذبون به.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ
الأية
18
 
أي قل لهم يا محمد نعم تبعثون يوم القيامة بعدما تصيرون ترابا وعظاما وأنتم داخرون أي حقيرون تحت القدرة العظيمة كما قال تبارك وتعالى { وكل أتوه داخرين } وقال { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ
الأية
19
 
قال جلت عظمته { فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون } أي فإنما هو أمر واحد من الله عز وجل يدعوهم دعوة واحدة أن يخرجوا من الأرض فإذا هم قيام بين يديه ينظرون إلى أهوال يوم القيامة والله تعالى أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَٰذَا يَوْمُ الدِّينِ
الأية
20
 
يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم { وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين } فتقول لهم الملائكة والمؤمنون { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال النعمان بن بشير رضي الله عنه يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو صالح وأبو العالية وزيد بن أسلم وقال سفيان الثوري عن سماك عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال إخوانهم. وقال شريك عن سماك عن النعمان قال: سمعت عمر يقول { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال أشباههم قال يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر وقال خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أزواجهم نساءهم وهذا غريب والمعروف عنه الأول كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير عنه أزواجهم قرناءهم وما كانوا يعبدون من دون الله أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ
الأية
21
 
يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم { وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين } فتقول لهم الملائكة والمؤمنون { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال النعمان بن بشير رضي الله عنه يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو صالح وأبو العالية وزيد بن أسلم وقال سفيان الثوري عن سماك عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال إخوانهم. وقال شريك عن سماك عن النعمان قال: سمعت عمر يقول { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال أشباههم قال يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر وقال خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أزواجهم نساءهم وهذا غريب والمعروف عنه الأول كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير عنه أزواجهم قرناءهم وما كانوا يعبدون من دون الله أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ
الأية
22
 
يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم { وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين } فتقول لهم الملائكة والمؤمنون { هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون } وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال النعمان بن بشير رضي الله عنه يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو صالح وأبو العالية وزيد بن أسلم وقال سفيان الثوري عن سماك عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال إخوانهم. وقال شريك عن سماك عن النعمان قال: سمعت عمر يقول { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } قال أشباههم قال يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر وقال خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أزواجهم نساءهم وهذا غريب والمعروف عنه الأول كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير عنه أزواجهم قرناءهم وما كانوا يعبدون من دون الله أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْجَحِيمِ
الأية
23
 
وقوله تعالى { فاهدوهم إلى صراط الجحيم } أي أرشدوهم إلى طريق جهنم وهذا كقوله تعالى { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ
الأية
24
 
أي قفوهم حتى يسئلوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا كما قال الضحاك عن ابن عباس يعني احبسوهم إنهم محاسبون. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا النفيلي حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت ليثا يحدث عن بشير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أيما داع دعا إلى شيء كان موقوفا معه إلى يوم القيامة لا يغادره ولا يفارقه وإن دعا رجل رجلا } ثم قرأ { وقفوهم إنهم مسئولون } ورواه الترمذي من حديث ليث بن أبي سليم ورواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن معتمر عن ليث عن رجل عن أنس رضي الله عنه مرفوعا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ
الأية
25
 
وقال عبدالله بن المبارك سمعت عثمان بن زائدة يقول إن أول ما يسئل عنه الرجل جلساؤه ثم يقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ { ما لكم لا تناصرون } أي كما زعمتم أنكم جميع منتصر.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ
الأية
26
 
أي منقادون لأمر الله لا يخالفونه ولا يحيدون عنه والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ
الأية
27
 
يذكر تعالى أن الكفار يتلاومون في عرصات القيامة كما يتخاصمون في دركات النار { فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد } وقال تعالى { ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } وهكذا قالوا لهم ههنا { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } قال الضحاك عن ابن عباس يقولون كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزاء وقال مجاهد يعني عن الحق والكفار تقوله للشياطين وقال قتادة قالت الإنس للجن إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال من قبل الخير فتنهونا عنه وتبطئونا عنه وقال السدي تأتوننا من قبل الحق وتزينوا لنا الباطل وتصدونا عن الحق وقال الحسن في قوله تعالى { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } أي والله يأتيه عند كل خير يريده فيصده عنه وقال ابن زيد معناه تحولون بيننا وبين الخير ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الذي أمرنا به وقال يزيد الرشك من قبل لا إله إلا الله وقال خصيف يعنون من قبل ميامنهم وقال عكرمة { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } قال من حيث نأمنكم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ
الأية
28
 
يذكر تعالى أن الكفار يتلاومون في عرصات القيامة كما يتخاصمون في دركات النار { فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد } وقال تعالى { ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } وهكذا قالوا لهم ههنا { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } قال الضحاك عن ابن عباس يقولون كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزاء وقال مجاهد يعني عن الحق والكفار تقوله للشياطين وقال قتادة قالت الإنس للجن إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال من قبل الخير فتنهونا عنه وتبطئونا عنه وقال السدي تأتوننا من قبل الحق وتزينوا لنا الباطل وتصدونا عن الحق وقال الحسن في قوله تعالى { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } أي والله يأتيه عند كل خير يريده فيصده عنه وقال ابن زيد معناه تحولون بيننا وبين الخير ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الذي أمرنا به وقال يزيد الرشك من قبل لا إله إلا الله وقال خصيف يعنون من قبل ميامنهم وقال عكرمة { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } قال من حيث نأمنكم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
الأية
29
 
تقول القادة من الجن والإنس للأتباع ما الأمر كما تزعمون بل كانت قلوبكم منكرة للإيمان قابلة للكفر والعصيان.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ ۖ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ
الأية
30
 
{ وما كان لنا عليكم من سلطان } أي من حجة على صحة ما دعوناكم إليه { بل كنتم قوما طاغين } أي بل كان فيكم طغيان ومجاوزة للحق فلهذا استجبتم لنا وتركتم الحق الذي جاءتكم به الأنبياء وأقاموا لكم الحجج على صحة ما جاءوكم به فخالفتموهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ۖ إِنَّا لَذَائِقُونَ
الأية
31
 
يقول الكبراء للمستضعفين حقت علينا كلمة الله إنا من الأشقياء الذائقين للعذاب يوم القيامة { فأغويناكم } أي دعوناكم إلى الضلالة { إنا كنا غاوين } أي فدعوناكم إلى ما نحن فيه فاستجبتم لنا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ
الأية
32
 
يقول الكبراء للمستضعفين حقت علينا كلمة الله إنا من الأشقياء الذائقين للعذاب يوم القيامة { فأغويناكم } أي دعوناكم إلى الضلالة { إنا كنا غاوين } أي فدعوناكم إلى ما نحن فيه فاستجبتم لنا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ
الأية
33
 
قال الله تبارك وتعالى { فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون } أي الجميع في النار كل بحسبه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ
الأية
34
 
{ إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا } أي في الدار الدنيا { إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون. قال ابن أبي حاتم حدثنا عبيد الله بن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا الليث عن ابن مسافر يعني عبدالرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل } وأنزل الله تعالى في كتابه العزيز وذكر قوما استكبروا فقال تعالى { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون }. وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سعيد الجريري عن أبي العلاء قال: يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون نعبد الله وعزيرا فيقال لهم خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالنصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون نعبد الله والمسيح فيقال لهم خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالمشركين فيقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون فيقال لهم خذوا ذات الشمال. قال أبو نضرة فينطلقون أسرع من الطير قال أبو العلاء ثم يؤتى بالمسلمين فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون كنا نعبد الله تعالى فيقال لهم هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون نعم فيقال لهم فكيف تعرفونه ولم تروه؟ فيقولون نعلم أنه لا عدل له قال فيتعرف لهم تبارك وتعالى وتقدس وينجي الله المؤمنين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
الأية
35
 
{ إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا } أي في الدار الدنيا { إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون } أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون. قال ابن أبي حاتم حدثنا عبيد الله بن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا الليث عن ابن مسافر يعني عبدالرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل } وأنزل الله تعالى في كتابه العزيز وذكر قوما استكبروا فقال تعالى { إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون }. وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سعيد الجريري عن أبي العلاء قال: يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون نعبد الله وعزيرا فيقال لهم خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالنصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون نعبد الله والمسيح فيقال لهم خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالمشركين فيقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون فيقال لهم خذوا ذات الشمال. قال أبو نضرة فينطلقون أسرع من الطير قال أبو العلاء ثم يؤتى بالمسلمين فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون كنا نعبد الله تعالى فيقال لهم هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون نعم فيقال لهم فكيف تعرفونه ولم تروه؟ فيقولون نعلم أنه لا عدل له قال فيتعرف لهم تبارك وتعالى وتقدس وينجي الله المؤمنين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ
الأية
36
 
أي أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول هذا الشاعر المجنون يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ
الأية
37
 
قال الله تعالى تكذيبا لهم وردا عليهم { بل جاء بالحق } يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالحق في جميع شرعة الله تعالى له من الأخبار والطلب { وصدق المرسلين } أي صدقهم فيما أخبروا عنه من الصفات الحميدة والمناهج السديدة وأخبر عن الله تعالى فى شرعه وأمره كما اخبروا { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } الآية.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ
الأية
38
 
يقول تعالى مخاطبا للناس { إنكم لذائقو العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون } ثم استثنى من ذلك عباده المخلصين كما قال تعالى { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقال عز وجل { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقال تعالى { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } وقال تعالى { كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين } ولهذا قال جل وعلا ههنا { إلا عباد الله المخلصين } أي ليسوا يذوقون العذاب الأليم ولا يناقشون في الحساب بل يتجاوز عن سيئاتهم إن كان لهم سيئات ويجزون الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلى ما يشاء الله تعالى من التضعيف.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
الأية
39
 
يقول تعالى مخاطبا للناس { إنكم لذائقو العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون } ثم استثنى من ذلك عباده المخلصين كما قال تعالى { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقال عز وجل { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقال تعالى { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } وقال تعالى { كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين } ولهذا قال جل وعلا ههنا { إلا عباد الله المخلصين } أي ليسوا يذوقون العذاب الأليم ولا يناقشون في الحساب بل يتجاوز عن سيئاتهم إن كان لهم سيئات ويجزون الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلى ما يشاء الله تعالى من التضعيف.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ
الأية
40
 
يقول تعالى مخاطبا للناس { إنكم لذائقو العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون } ثم استثنى من ذلك عباده المخلصين كما قال تعالى { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقال عز وجل { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وقال تعالى { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } وقال تعالى { كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين } ولهذا قال جل وعلا ههنا { إلا عباد الله المخلصين } أي ليسوا يذوقون العذاب الأليم ولا يناقشون في الحساب بل يتجاوز عن سيئاتهم إن كان لهم سيئات ويجزون الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلى ما يشاء الله تعالى من التضعيف.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أُولَٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ
الأية
41
 
قوله جل وعلا { أولئك لهم رزق معلوم } قال قتادة والسدي يعني الجنة ثم فسره بقوله تعالى { فواكه } أي متنوعة { وهم مكرمون } أي يخدمون ويرفهون وينعمون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَوَاكِهُ ۖ وَهُمْ مُكْرَمُونَ
الأية
42
 
قوله جل وعلا { أولئك لهم رزق معلوم } قال قتادة والسدي يعني الجنة ثم فسره بقوله تعالى { فواكه } أي متنوعة { وهم مكرمون } أي يخدمون ويرفهون وينعمون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
الأية
43
 
قال مجاهد لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض وقال ابن أبي حاتم حدثنا يحيى بن عبدك القزويني حدثنا حسان بن حسان حدثنا إبراهيم بن بشر حدثنا يحيى بن معين حدثنا إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية } { على سرر متقابلين } ينظر بعضهم إلى بعض } حديث غريب.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ
الأية
44
 
قال مجاهد لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض وقال ابن أبي حاتم حدثنا يحيى بن عبدك القزويني حدثنا حسان بن حسان حدثنا إبراهيم بن بشر حدثنا يحيى بن معين حدثنا إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية } { على سرر متقابلين } ينظر بعضهم إلى بعض } حديث غريب.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ
الأية
45
 
قوله تعالى { يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } كما قال عز وجل في الآية الأخرى { يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون } نزه الله سبحانه وتعالى خمر الجنة عن الآفات التي في خمر الدنيا من صداع الرأس ووجع البطن وهو الغول وذهابها بالعقل جملة فقال تعالى ههنا { يطاف عليهم بكأس من معين } أي بخمر من أنهار جارية لا يخافون انقطاعها ولا فراغها قال مالك عن زيد بن أسلم: خمر جارية بيضاء أي لونها مشرق حسن بهي لا كخمر الدنيا في منظرها البشع الرديء من حمرة أو سواد أو اصفرار أو كدورة إلى غير ذلك مما ينفر الطبع السليم وقوله عز وجل { لذة للشاربين } أي طعمها طيب كلونها وطيب الطعم دليل على طيب الريح بخلاف خمر الدنيا في جميع ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
الأية
46
 
قوله تعالى { يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } كما قال عز وجل في الآية الأخرى { يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون } نزه الله سبحانه وتعالى خمر الجنة عن الآفات التي في خمر الدنيا من صداع الرأس ووجع البطن وهو الغول وذهابها بالعقل جملة فقال تعالى ههنا { يطاف عليهم بكأس من معين } أي بخمر من أنهار جارية لا يخافون انقطاعها ولا فراغها قال مالك عن زيد بن أسلم: خمر جارية بيضاء أي لونها مشرق حسن بهي لا كخمر الدنيا في منظرها البشع الرديء من حمرة أو سواد أو اصفرار أو كدورة إلى غير ذلك مما ينفر الطبع السليم وقوله عز وجل { لذة للشاربين } أي طعمها طيب كلونها وطيب الطعم دليل على طيب الريح بخلاف خمر الدنيا في جميع ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ
الأية
47
 
وقوله تعالى { لا فيها غول } يعني لا تؤثر فيهم عولا وهو وجع البطن قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة وابن زيد كما تفعله خمر الدنيا من القولنج ونحوه لكثرة مائيتها وقيل المراد بالغول ههنا صداع الرأس وروي هكذا عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال قتادة هو صداع الرأس ووجع البطن وعنه وعن السدي لا تغتال عقولهم كما قال الشاعر: فمنا زالت الكأس تغتالنا وتذهب بالأول الأول وقال سعيد بن جبير لا مكروه فيها ولا أذى والصحيح قول مجاهد أنه وجع البطن وقوله تعالى { ولاهم عنها ينزفون } قال مجاهد لا تذهب عقولهم وكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب والحسن وعطاء بن أبي مسلم الخراساني والسدي وغيرهم وقال الضحاك عن ابن عباس في الخمر أربع خصال السكر والصداع والقيء والبول فذكر الله تعالى خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ
الأية
48
 
قوله تعالى { وعندهم قاصرات الطرف } أي عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن كذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وزيد بن أسلم وقتادة والسدي وغيرهم. وقوله تبارك وتعالى { عين } أي حسان الأعين وقيل ضخام الأعين وهو يرجع إلى الأول وهي النجلاء العيناء فوصف عيونهن بالحسن والعفة كقول زليخا في يوسف عليه الصلاة والسلام حين جملته وأخرجته على تلك النسوة فأعظمنه وأكبرنه وظنن أنه ملك من الملائكة لحسنه وبهاء منظره قالت { فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم } أي هو مع هذا الجمال عفيف تقي نقي وهكذا الحور العين { خيرات حسان } ولهذا قال عز وجل { وعندهم قاصرات الطرف عين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ
الأية
49
 
وقوله جل جلاله { كأنهن بيض مكنون } وصفهن بترافة الأبدان بأحسن الألوان قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما { كأنهن بيض مكنون } يقول اللؤلؤ المكنون وينشد ههنا بيت أبي دهبل الشاعر وهو قوله في قصيدة له وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من جوهر مكنون وقال الحسن { كأنهن بيض مكنون } يعني محصون لم تمسه الأيدي وقال السدي البيض في عشه مكنون وقال سعيد بن جبير { كأنهن بيض مكنون } يعني بطن البيض وقال عطاء الخراساني هو السحاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة وقال السدي { كأنهن بيض مكنون } يقول بياض البيض حين ينزع قشرته واختاره ابن جرير لقوله مكنون قال والقشرة العليا يمسها جناح الطير والعش وتنالها الأيدي بخلاف داخلها والله أعلم. وقال ابن جرير حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب حدثنا محمد بن الفرح الصدفي الدمياطي عن عمرو بن هاشم عن ابن أبي كريمة عن هشام عن الحسن عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل { حور عين } قال { العين الضخام العيون شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر } قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز وجل { كأنهن بيض مكنون } قال { رقتهن كرقة الجلدة التي رأسها في داخل البيضة التي تلي القشر وهي الغرقئ }. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو غسان النهدي حدثنا عبدالسلام بن حرب عن ليث عن الربيع بن أنس عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا وأنا خطيبهم إذا وفدوا وأنا مبشرهم إذا حزنوا وأنا شفيعهم إذا حبسوا لواء الحمد يومئذ بيدي وأنا أكرم ولد آدم على الله عز وجل ولا فخر يطوف علي ألف خادم كأنهن البيض المكنون - أو اللؤلؤ المكنون } والله تعالى أعلم بالصواب.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ
الأية
50
 
يخير تعالى عن أهل الجنة أنه أقبل بعضهم على بعض يتساءلون أي عن أحوالهم وكيف كانوا في الدنيا وماذا كانوا يعانون فيها وذلك من حديثهم على شرابهم واجتماعهم في تنادمهم ومعاشرتهم في مجالسهم وهم جلوس على السرر والخدم بين أيديهم يسعون ويجيئون بكل خير عظيم من مآكل ومشارب وملابس وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ
الأية
51
 
قال مجاهد يعني شيطانا وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما هو الرجل المشرك يكون له صاحب من أهل الإيمان في الدنيا ولا تنافي بين كلام مجاهد وابن عباس رضي الله عنهما فإن الشيطان يكون من الجن فيوسوس في النفس ويكون من الإنس فيقول كلاما تسمعه الأذنان وكلاهما يتعاونان قال الله تعالى { يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا } وكل منهما يوسوس كما قال الله عز وجل { من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ
الأية
52
 
أي أأنت تصدق بالبعث والنشور والحساب والجزاء يعني يقول ذلك على وجه التعجب والتكذيب والاستبعاد والكفر والعناد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ
الأية
53
 
قال مجاهد والسدي لمحاسبون وقال ابن عباس رضي الله عنهما ومحمد بن كعب القرظي لمجزيون بأعمالنا وكلاهما صحيح.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ
الأية
54
 
أي مشرفون يقول المؤمن لأصحابه وجلسائه من أهل الجنة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ
الأية
55
 
قال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وخليد العصري وقتادة والسدي وعطاء الخراساني يعني فى وسط الجحيم وقال الحسن البصري في وسط الجحيم كأنه شهاب يتقد وقال قتادة ذكر لنا أنه اطلع فرأى جماجم القوم تغلي وذكر لنا أن كعب الأحبار قال في الجنة كوى إذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع فيها فازداد شكرا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ
الأية
56
 
يقول المؤمن مخاطبا للكافر والله إن كدت لتهلكني لو أطعتك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ
الأية
57
 
أي ولولا فضل الله علي لكنت مثلك في سواء الجحيم حيث أنت محضر معك في العذاب ولكنه تفضل علي ورحمني فهداني للإيمان وأرشدني إلى توحيده { وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ
الأية
58
 
قوله تعالى { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى } وما نحن بمعذبين هذا من كلام المؤمن مغتبطا نفسه بما أعطاه الله تعالى من الخلد في الجنة والإقامة في دار الكرامة بلا موت فيها ولا عذاب ولهذا قال عز وجل { إن هذا لهو الفوز العظيم } وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبدالله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تبارك وتعالى لأهل الجنة { كلوا وأشربوا هنيئا بما كنتم تعملون } قال ابن عباس رضي الله عنهما وقوله عز وجل { هنيئا } أي لا يموتون فيها فعندها قالوا { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين } وقال الحسن البصري علموا أن كل نعيم فإن الموت يقطعه فقالوا { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين } قيل لا قالوا { إن هذا لهو الفوز العظيم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
الأية
59
 
قوله تعالى { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى } وما نحن بمعذبين هذا من كلام المؤمن مغتبطا نفسه بما أعطاه الله تعالى من الخلد في الجنة والإقامة في دار الكرامة بلا موت فيها ولا عذاب ولهذا قال عز وجل { إن هذا لهو الفوز العظيم } وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبدالله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تبارك وتعالى لأهل الجنة { كلوا وأشربوا هنيئا بما كنتم تعملون } قال ابن عباس رضي الله عنهما وقوله عز وجل { هنيئا } أي لا يموتون فيها فعندها قالوا { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين } وقال الحسن البصري علموا أن كل نعيم فإن الموت يقطعه فقالوا { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين } قيل لا قالوا { إن هذا لهو الفوز العظيم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
الأية
60
 
قوله تعالى { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى } وما نحن بمعذبين هذا من كلام المؤمن مغتبطا نفسه بما أعطاه الله تعالى من الخلد في الجنة والإقامة في دار الكرامة بلا موت فيها ولا عذاب ولهذا قال عز وجل { إن هذا لهو الفوز العظيم } وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبدالله الظهراني حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تبارك وتعالى لأهل الجنة { كلوا وأشربوا هنيئا بما كنتم تعملون } قال ابن عباس رضي الله عنهما وقوله عز وجل { هنيئا } أي لا يموتون فيها فعندها قالوا { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين } وقال الحسن البصري علموا أن كل نعيم فإن الموت يقطعه فقالوا { أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين } قيل لا قالوا { إن هذا لهو الفوز العظيم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ
الأية
61
 
وقوله جل جلاله { لمثل هذا فليعمل العاملون } قال قتادة هذا من كلام أهل الجنة وقال ابن جرير هو من كلام الله تعالى ومعناه لمثل هذا النعيم وهذا الفوز فليعمل العاملون في الدنيا ليصيروا إليه في الآخرة وقد ذكروا قصة رجلين كانا شريكين في بني إسرائيل تدخل في ضمن عموم هذه الآية الكريمة قال أبو جعفر بن جرير حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف عن فرات بن ثعلبة النهراني في قوله { إني كان لي قرين } قال إن رجلين كانا شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار وكان احدهما له حرفة والآخر ليس له حرفة فقال الذي له حرفة للآخر ليس عندك حرفة ما أراني إلا مفارقك ومقاسمك فقاسمه وفارقه ثم إن الرجل اشترى دارا بألف دينار كانت لملك مات فدعا صاحبه فأراه فقال كيف ترى هذه الدار ابتعتها بألف دينار؟ قال ما أحسنها فلما خرج قال اللهم إن صاحبي هذا قد ابتاع هذه الدار بألف دينار وأني أسألك دارا من دور الجنة فتصدق بألف دينار ثم مكث ما شاء الله تعالى أن يمكث ثم إنه تزوج بامرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما أتاه قال إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال ما أحسن هذا فلما انصرف قال يا رب إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين فتصدق بألف دينار ثم إنه مكث ما شاء الله تعالى أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم دعاه فأراه فقال إني ابتعت هذين البستانين بألفي دينار فقال ما أحسن هذا فلما خرج قال يا رب إن صاحبي قد اشترى بستانين بألفي دينار وأنا أسألك بستانين في الجنة فتصدق بألفي دينار ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما ثم انطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه وإذا بامرأة تطلع يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله بستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك ما أشبه هذا برجل كان من أمره كذا وكذا قال فإنه ذاك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة قال فإنه كان لي صاحب يقول { أئنك لمن المصدقين } قيل له فإنه الجحيم قال هل { أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم } فقال عند ذلك { تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين } الآيات قال ابن جرير وهذا يقوي قراءة من قرأ { أئنك لمن المصدقين } بالتشديد وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عمرو بن عبدالرحمن الأبار أخبرنا أبو حفص قال سألت إسماعيل السدي عن هذه الآية { قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين } قال: فقال لي ما ذكرك هذا؟ قلت قرأته آنفا فأحببت أن أسألك عنه فقال أما فاحفظ كان شريكان في بني إسرائيل أحدهما مؤمن والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار ثم افترقا فمكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك؟ أضربت به شيئا أتجرت به في شيء؟ فقال له المؤمن لا فما صنعت أنت؟ فقال اشتريت به أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار - قال - فقال له المؤمن أو فعلت؟ قال نعم قال فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال: اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا بألف دينار ثم يموت غدا ويتركها اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة - قال - ثم أصبح فقسمها في المساكين - قال- ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت فى مالك أضربت به في شيء أتجرت به في شيء؟ قال لا قال فما صنعت أنت؟ قال كانت ضيعتي قد اشتد على مؤونتها فاشتريت رقيقا بألف دينار يقومون لي فيها يعملون لي فيها فقال له المومن أو فعلت؟ قال نعم - قال- فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما أنصرف أخذ ألف دينار فوضعها بين يديه ثم قال اللهم إن فلانا- يعني شريكه الكافر- اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار يموت غدا فيتركهم أو يموتون فيتركونه اللهم إني اشتريت منك بهذه الألف الدينار رقيقا في الجنة - قال - ثم أصبح فقسمها في المساكين - قال - ثم مكثا ما شاء الله تعالى أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في مالك أضربت به في شيء أتجرت به في شيء؟ قال لا فما صنعت أنت؟ قال كان امري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة قد مات عنها زوجها فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها ومثلها معها فقال له المؤمن أو فعلت؟ قال نعم قال فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله تعالى أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف الدينار الباقية فوضعها بين يديه وقال اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر- تزوج زوجة من أزواج الدنيا بألف دينار فيموت غدا فيتركها أو تموت غدا فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف الدينار حوراء عيناء في الجنة - قال - ثم أصبح فقسمها بين المساكين قال - فبقي المؤمن ليس عنده شيء قال فلبس قميصا من قطن وكساء من صوف ثم أخذ مرا فجعله على رقبته يعمل الشيء ويحفر الشيء بقوته قال فجاءه رجل فقال له يا عبدالله أتؤاجرني نفسك مشاهرة شهرا بشهر تقوم على دواب لي تعلفا وتكنس سرقينها قال أفعل قال فواجره نفسه مشاهرة شهرا بشهر يقوم على دوابه وقال وكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه فوجأ عنقه ثم يقول له سرقت شعير هذه البارحة قال فلما رأى المؤمن هذه الشدة قال لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه فليطعمني هذه الكسرة يوما بيوم ويكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال فانطلق يريده فانتهى إلى بابه وهو ممس فإذا قصر مشيد فى السماء وإذا حوله البوابون فقال لهم استأذنوا لي على صاحب هذا القصر فإنكم إذا فعلتم سره ذلك فقالوا له انطلق إن كانت صادقا فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له قال فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته ونصفه ثم نام فلما أصبح أتى شريكه فتعرض له فخرج شريكه الكافر وهو راكب فلما رآه عرفه فوقف عليه وسلم عليه وصافحه ثم قال له ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت؟ قال بلى قال وهذه حالي وهذه حالك؟ قال بلى قال أخبرني ما صنعت في مالك؟ قال لا تسألني عنه قال فما جاء بك؟ قال جئت أعمل فى أرضك هذه فتطعمني هذه الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال لا ولكن أصنع بك ما هو خير من هذا ولكن لا ترى مني خيرا حتى تخبرني ما صنعت في مالك قال أقرضته قال من؟ قال المليء الوفي قال من؟ قال الله ربي قال وهو مصافحه فانتزع يده من يده ثم قال { أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون } قال السدي محاسبون قال فانطلق الكافر وتركه قال فلما رآه المؤمن وليس يلوي عليه رجع وتركه يعيش المؤمن في شدة من الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان قال فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله تعالى المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وثمار وأنهار فيقول لمن هذا؟ فيقال هذا لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟ قال ثم يمر فإذا هو برقيق لا تحصى عدتهم فيقول لمن هذا؟ فيقول هؤلاء لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا قال ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة فيها حوراء عيناء فيقول لمن هذه فيقال هذه لك فيقول يا سبحان الله أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا قال ثم يذكر المؤمن شريكه الكافر فيقول { إني كان لي قرين يقول أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون } قال فالجنة عالية والنار هاوية قال فيريه الله تعالى شريكه في وسط الجحيم من بين أهل النار فإذا رآه المؤمن عرفه فيقول { تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون } بمثل ما قد من عليه قال فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر مما مر عليه في الدنيا من الشدة أشد عليه من الموت.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
الأية
62
 
يقول الله تعالى أهذا الذي ذكره من الجنة وما فيها من مآكل ومشارب ومناكح وغير ذلك من الملاذ خير ضيافة وعطاء { أم شجرة الزقوم } أي التي في جهنم وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك شجرة واحدة معينة كما قال بعضهم إنها شجرة تمتد فروعها إلى جميع محال جهنم كما أن شجرة طوبى ما من دار في الجنة إلا وفيها منها غصن وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك جنس شجر يقال له الزقوم كقوله تعالى { وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين } يعني الزيتونة ويؤيد ذلك قوله تعالى { ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ
الأية
63
 
قال قتادة ذكرت شجرة الزقوم فافتتن بها أهل الضلالة وقالوا صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر فأنزل الله تعالى { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم } غذيت من النار ومنها خلقت وقال مجاهد { إنا جعلناها فتنة للظالمين } قال أبو جهل لعنه الله إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه قلت ومعنى الآية إنما أخبرناك يا محمد بشجرة الزقوم اختبارا نختبر به الناس من يصدق منهم ممن يكذب كقوله تبارك وتعالى { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ
الأية
64
 
قوله تعالى { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم } أي أصل منبتها فى قرار النار طلعها كأنه رؤوس الشياطين تبشيع لها وتكريه لذكرها. قال وهب بن منبه شعور الشياطين قائمة إلى السماء وأنما شبهها برؤوس الشياطين وإن لم تكن معروفة عند المخاطبين لأنه قد استقر في النفوس أن الشياطين قبيحة المنظر وقيل المراد بذلك ضرب من الحيات رؤوسها بشعة المنظر وقيل جنس من النبات طلعه فى غاية الفحاشة وفى هذين الاحتمالين نظر وقد ذكرهما ابن جرير والأول أقوى وأولى والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ
الأية
65
 
قوله تعالى { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم } أي أصل منبتها فى قرار النار طلعها كأنه رؤوس الشياطين تبشيع لها وتكريه لذكرها. قال وهب بن منبه شعور الشياطين قائمة إلى السماء وأنما شبهها برؤوس الشياطين وإن لم تكن معروفة عند المخاطبين لأنه قد استقر في النفوس أن الشياطين قبيحة المنظر وقيل المراد بذلك ضرب من الحيات رؤوسها بشعة المنظر وقيل جنس من النبات طلعه فى غاية الفحاشة وفى هذين الاحتمالين نظر وقد ذكرهما ابن جرير والأول أقوى وأولى والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ
الأية
66
 
ذكر تعالى أنهم يأكلون من هذه الشجرة التي لا أبشع منها ولا أقبح من منظرها مع ما هي عليه من سوء الطعم والريح والطبع فإنهم ليضطرون إلى الأكل منها لأنهم لا يجدون إلا إياها وما هو فى معناها كما قال تعالى { ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع } وقال ابن أبى حاتم رحمه الله حدثنا أبي حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية وقال { اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم فكيف بمن يكون طعامه؟ } ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث شعبة وقال الترمذي حسن صحيح.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ
الأية
67
 
قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني شرب الحميم على الزقوم وقال في رواية عنه { شوبا من حميم } مزجا من حميم وقال غيره يعني يمزج لهم الحميم بصديد وغساق ممـا يسيل من فروجهم وعيونهم وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي حدثنا بقية بن الوليد عن صفوان بن عمر وأخبرني عبيد بن بشير عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: { يقرب - يعني إلى أهل النار- ماء فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فيه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره } وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عمرو بن رافع حدثنا يعقوب بن عبدالله عن جعفر وهارون بن عنترة عن سعد بن جبير قال إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم فلو أن مارا مر بهم يعرفهم لعرفهم بوجوههم فيها ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثوا بماء كالمهل وهو الذي قد انتهى حره فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود ويصهر ما في بطونهم فيمشون تسيل أمعاءهم وتتساقط جلودهم ثم يضربون بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالثبور.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ
الأية
68
 
أي ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج وجحيم تتوقد وسعير تتوهج فتارة في هذا وتارة فى هذا كما قال تعالى { يطوفون بينها وبين حميم آن } هكذا تلا قتادة هذه الآية وهو تفسير حسن قوي وقال السدي في قراءة عبدالله رضي الله عنه عنه { ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم } وكان عبدالله رضي الله عنه يقول والذي نفسي بيده لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ثم قرأ { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا } وروى الثوري عن ميسرة عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبدالله رضي الله عنه قال: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء ويقيل هؤلاء قال سفيان -أراه- ثم قرأ { أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا } ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم قلت على هذا التفسير تكون ثم عاطفة لخبر على خبر.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ
الأية
69
 
وقوله تعالى { إنهم ألفوا آباءهم ضالين } أي إنما جازيناهم بذلك لأنهم وجدوا آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها بمجرد ذلك من غير دليل ولا برهان ولهذا قال { فهم على آثارهم يهرعون } قال مجاهد شبيهة بالهرولة وقال سعيد ابن جبير يسفهون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ
الأية
70
 
وقوله تعالى { إنهم ألفوا آباءهم ضالين } أي إنما جازيناهم بذلك لأنهم وجدوا آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها بمجرد ذلك من غير دليل ولا برهان ولهذا قال { فهم على آثارهم يهرعون } قال مجاهد شبيهة بالهرولة وقال سعيد ابن جبير يسفهون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ
الأية
71
 
يخبر تعالى عن الأمم الماضية أن أكثرهم كانوا ضالين يجعلون مع الله آلهة أخرى.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ
الأية
72
 
وذكر تعالى أنه أرسل فيهم منذرين ينذرون بأس الله ويحذرونهم سطوته ونقمته ممن كفر به وعبد غيره وأنهم تمادوا على مخالفة رسلهم وتكذيبهم فأهلك المكذبين ودمرهم ونجى المؤمنين ونصرهم وظفرهم ولهذا قال تعالى { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين إلا عباد الله المخلصين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ
الأية
73
 
وذكر تعالى أنه أرسل فيهم منذرين ينذرون بأس الله ويحذرونهم سطوته ونقمته ممن كفر به وعبد غيره وأنهم تمادوا على مخالفة رسلهم وتكذيبهم فأهلك المكذبين ودمرهم ونجى المؤمنين ونصرهم وظفرهم ولهذا قال تعالى { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين إلا عباد الله المخلصين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ
الأية
74
 
وذكر تعالى أنه أرسل فيهم منذرين ينذرون بأس الله ويحذرونهم سطوته ونقمته ممن كفر به وعبد غيره وأنهم تمادوا على مخالفة رسلهم وتكذيبهم فأهلك المكذبين ودمرهم ونجى المؤمنين ونصرهم وظفرهم ولهذا قال تعالى { فانظر كيف كان عاقبة المنذرين إلا عباد الله المخلصين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ
الأية
75
 
لما ذكر تعالى عن أكثر الأولين أنهم ضلوا عن سبيل النجاة شرع يبين ذلك مفصلا فذكر نوحا عليه الصلاة والسلام وما لقي من قومه من التكذيب وأنه لم يؤمن منهم إلا القليل مع طول المدة لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فلما طال عليه ذلك واشتد عليه تكذيبهم وكلما دعاهم ازدادوا نفرة فدعا ربه أني مغلوب فانتصر فغضب الله تعالى لغضبه عليهم ولهذا قال عز وجل { ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون } أي فلنعم المجيبون له.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ
الأية
76
 
وهو التكذيب والأذى.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ
الأية
77
 
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: لم تبق إلا ذرية نوح عليه السلام وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تبارك وتعالى { وجعلنا ذريته هم الباقين } قال الناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام وقد روى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { وجعلنا ذريته هم الباقين } قال { سام وحام ويافث } وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال { سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم } ورواه الترمذي عن بشر بن معاذ العقدي عن يزيد بن زريع عن سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة به قال الحافظ أبو عمر بن عبدالبر: وقد روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله والمراد بالروم ههنا هم الروم الأول وهم اليونان المنتسبون إلى رومي بن ليطي بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام ثم روي من حديث إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: ولد نوح عليه السلام ثلاثة: سام ويافث وحام وولد كل واحد من هؤلاء الثلاثة ثلاثة فولد سام العرب وفارس والروم وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج وولد حام القبط والسودان والبربر وروي عن وهب بن منبه نحو هذا والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الأية
78
 
قال ابن عباس رضي الله عنهما يذكر بخير وقال مجاهد يعني لسان صدق للأنبياء كلهم وقال قتادة والسدي أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين. وقال الضحاك السلام والثناء الحسن.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ
الأية
79
 
مفسر لما أبقى عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن أنه يسلم عليه في جميع الطوائف والأمم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الأية
80
 
أي هكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله تعالى نجعل له لسان صدق يذكر به بعده بحسب مرتبته في ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الأية
81
 
أي المصدقين الموحدين الموقنين.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ
الأية
82
 
أي أهلكناهم فلم يبق منهم عين تطرف ولا ذكر ولا عين ولا أثر ولا يعرفون إلا بهذه الصفة القبيحة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ
الأية
83
 
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما { وإن من شيعته لإبراهيم } يقول من أصل دينه وقال مجاهد على منهاجه وسنته.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
الأية
84
 
قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني شهادة أن لا إله إلا الله. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن عوف قلت لمحمد بن سيرين ما القلب السليم؟ قال يعلم أن الله حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وقال الحسن سليم من الشرك وقال عروة لا يكون لعانا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ
الأية
85
 
وقوله تعالى { إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون } أنكر عليهم عبادة الأصنام والأنداد ولهذا قال عز وجل { أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين } قال قتادة يعني ما ظنكم أنه فاعل بكم إذا لاقيتموه وقد عبدتم معه غيره.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ
الأية
86
 
وقوله تعالى { إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون } أنكر عليهم عبادة الأصنام والأنداد ولهذا قال عز وجل { أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين } قال قتادة يعني ما ظنكم أنه فاعل بكم إذا لاقيتموه وقد عبدتم معه غيره.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ
الأية
87
 
وقوله تعالى { إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون } أنكر عليهم عبادة الأصنام والأنداد ولهذا قال عز وجل { أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين } قال قتادة يعني ما ظنكم أنه فاعل بكم إذا لاقيتموه وقد عبدتم معه غيره.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ
الأية
88
 
إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه { فتولوا عنه مدبرين } قال قتادة والعرب تقول لمن تفكر نظر في النجوم يعني قتادة أنه نظر إلى السماء متفكرا فيما يلهيهم به فقال { إني سقيم } أي ضعيف فأما الحديث الذي رواه ابن جرير ههنا حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثني هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله تعالى قوله { إني سقيم } وقوله { بل فعله كبيرهم هذا } وقوله في سارة هي أختي } فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا ولما إنما أطلق الكذب على هذا تجوزا وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث { إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب } وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات إبراهيم عليه الصلاة والسلام الثلاث التي قال { ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله تعالى فقال { إني سقيم } وقال { بل فعله كبيرهم هذا } وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي } قال سفيان في قوله { إني سقيم } يعني طعين وكانوا يفرون من المطعون فأراد أن يخلو بآلهتهم وكذا قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى { فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم } فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: أخرج فقال إني مطعون فتركوه مخافة الطاعون وقال قتادة عن سعيد بن المسيب رأى نجما طلع فقال { إني سقيم } كابد نبي الله عن دينه فقال { إني سقيم } وقال آخرون { فقال إني سقيم } بالنسبة إلى ما يستقبل يعني مرض الموت وقيل أراد { إني سقيم } أي مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله تعالى وقال الحسن البصري: خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم فأرادوه على الخروج فاضطجع على ظهره وقال { إني سقيم } وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها ورواه ابن أبي حاتم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ
الأية
89
 
إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه { فتولوا عنه مدبرين } قال قتادة والعرب تقول لمن تفكر نظر في النجوم يعني قتادة أنه نظر إلى السماء متفكرا فيما يلهيهم به فقال { إني سقيم } أي ضعيف فأما الحديث الذي رواه ابن جرير ههنا حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثني هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام غير ثلاث كذبات: ثنتين في ذات الله تعالى قوله { إني سقيم } وقوله { بل فعله كبيرهم هذا } وقوله في سارة هي أختي } فهو حديث مخرج في الصحاح والسنن من طرق ولكن ليس هذا من باب الكذب الحقيقي الذي يذم فاعله حاشا وكلا ولما إنما أطلق الكذب على هذا تجوزا وإنما هو من المعاريض في الكلام لمقصد شرعي ديني كما جاء في الحديث { إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب } وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات إبراهيم عليه الصلاة والسلام الثلاث التي قال { ما منها كلمة إلا ما حل بها عن دين الله تعالى فقال { إني سقيم } وقال { بل فعله كبيرهم هذا } وقال للملك حين أراد امرأته هي أختي } قال سفيان في قوله { إني سقيم } يعني طعين وكانوا يفرون من المطعون فأراد أن يخلو بآلهتهم وكذا قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى { فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم } فقالوا له وهو في بيت آلهتهم: أخرج فقال إني مطعون فتركوه مخافة الطاعون وقال قتادة عن سعيد بن المسيب رأى نجما طلع فقال { إني سقيم } كابد نبي الله عن دينه فقال { إني سقيم } وقال آخرون { فقال إني سقيم } بالنسبة إلى ما يستقبل يعني مرض الموت وقيل أراد { إني سقيم } أي مريض القلب من عبادتكم الأوثان من دون الله تعالى وقال الحسن البصري: خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم فأرادوه على الخروج فاضطجع على ظهره وقال { إني سقيم } وجعل ينظر في السماء فلما خرجوا أقبل إلى آلهتهم فكسرها ورواه ابن أبي حاتم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ
الأية
90
 
أي ذهب إليها بعدما خرجوا في سرعة واختفاء.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
الأية
91
 
{ فقال ألا تأكلون } وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاما قربانا لتبرك لهم فيه. قال السدي: دخل إبراهيم عليه السلام إلى بيت الآلهة فإذا هم في بهو عظيم وإذا مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد جعلوا طعاما ووضعوه بين أيدي الآلهة وقالوا إذا كان حين نرجع وقد بركت الآلهة في طعامنا أكلناه. فلما نظر إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى ما بين أيديهم من الطعام قال { ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ
الأية
92
 
{ فقال ألا تأكلون } وذلك أنهم كانوا قد وضعوا بين أيديها طعاما قربانا لتبرك لهم فيه. قال السدي: دخل إبراهيم عليه السلام إلى بيت الآلهة فإذا هم في بهو عظيم وإذا مستقبل باب البهو صنم عظيم إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد جعلوا طعاما ووضعوه بين أيدي الآلهة وقالوا إذا كان حين نرجع وقد بركت الآلهة في طعامنا أكلناه. فلما نظر إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى ما بين أيديهم من الطعام قال { ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ
الأية
93
 
وقوله تعالى { فراغ عليهم ضربا باليمين } قال الفراء معناه مال عليهم ضربا باليمين وقال قتادة والجوهري فأقبل عليهم ضربا باليمين وإنما ضربهم باليمين لأنها أشد وأنكى ولهذا تركهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون كما تقدم في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تفسير ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ
الأية
94
 
قوله تعالى ههنا { فأقبلوا إليه يزقون } قال مجاهد وغير واحد أي يسرعون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ
الأية
95
 
وهذه القصة ههنا مختصرة وفي سورة الأنبياء مبسوطة فإنهم لما رجعوا ما عرفوا من أول وهلة من فعل ذلك حتى كشفوا واستعلموا فعرفوا أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الذي فعل ذلك فلما جاءوا ليعاتبوه أخذ في تأنيبهم وعيبهم فقال { أتعبدون ما تنحتون } أي أتعبدون من دون الله من الأصنام ما أنتم تنحتونها وتجعلونها بأيديكم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ
الأية
96
 
يحتمل أن تكون ما مصدرية فيكون تقدير الكلام خلقكم وعملكم ويحتمل أن تكون بمعنى الذي تقديره والله خلقكم والذي تعملونه وكلا القولين متلازم والأول أظهر لما رواه البخاري في كتاب أفعال العباد عن علي بن المديني عن مروان بن معاوية عن أبي مالك عن ربعي بن حراش عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا قال { إن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته } وقرأ بعضهم { والله خلقكم وما تعملون } فعند ذلك لما قامت عليهم الحجة عدلوا إلى أخذه باليد والقهر.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ
الأية
97
 
فقالوا { ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم } وكان من أمرهم ما تقدم بيانه في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ونجاه الله من النار وأظهره عليهم وأعلى حجته ونصرها ولهذا قال تعالى { وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ
الأية
98
 
فقالوا { ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم } وكان من أمرهم ما تقدم بيانه في سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ونجاه الله من النار وأظهره عليهم وأعلى حجته ونصرها ولهذا قال تعالى { وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ
الأية
99
 
يقول تعالى مخبرا عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام إنه بعدما نصره الله تعالى على قومه وأيس من إيمانهم بعدما شاهدوا من الآيات العظيمة هاجر من بين أظهرهم وقال { إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين } يعني أولادا مطيعين يكونون عوضا من قومه وعشيرته الذين فارقهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ
الأية
100
 
يقول تعالى مخبرا عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام إنه بعدما نصره الله تعالى على قومه وأيس من إيمانهم بعدما شاهدوا من الآيات العظيمة هاجر من بين أظهرهم وقال { إني ذاهب إلى ربي سيهدين رب هب لي من الصالحين } يعني أولادا مطيعين يكونون عوضا من قومه وعشيرته الذين فارقهم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ
الأية
101
 
وهذا الغلام هو إسماعيل عليه السلام فإنه أول ولد بشر به إبراهيم عليه السلام وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب بل في نص كتابهم أن إسماعيل عليه السلام ولد ولإبراهيم عليه السلام ست وثمانون سنة وولد إسحاق وعمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام تسع وتسعون سنة وعندهم أن الله تبارك وتعالى أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده وفي نسخة أخرى بكره فأقحموا ههنا كذبا وبهتانا إسحاق ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم وإنما أقحموا إسحاق لأنه أبوهم وإسماعيل أبو العرب فحسدوهم فزادوا ذلك وحرفوا وحيدك بمعنى الذي ليس عندك غيره فإن إسماعيل كان ذهب به وبأمه إلى مكة وهو تأويل وتحريف باطل فإنه لا يقال وحيدك إلا لمن ليس له غيره وأيضا فإن أول ولد له معزة ما ليس لمن بعده من الأولاد فالأمر بذبحه أبلغ في الابتلاء والاختبار وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق وحكي ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أيضا وليس ذلك في كتاب ولا سنة وما أظن ذلك تلقي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسلما من غير حجة وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل فإنه ذكر البشارة بغلام حليم وذكر أنه الذبيح ثم قال بعد ذلك { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا { إنا نبشرك بغلام عليم }. وقال تعالى { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } أي يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب فيكون من ذريته عقب ونسل وقد قدمنا هناك أنه لا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير لأن الله تعالى قد وعدهما بأنه سيعقب ويكون له نسل فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرا وإسماعيل وصف ههنا بالحليم لأنه مناسب لهذا المقام.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ
الأية
102
 
وقوله تعالى { فلما بلغ معه السعي } أى كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه وقد كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يذهب في كل وقت يتفقد ولده وأم ولده ببلاد فاران وينظر في أمرهما وقد ذكر أنه كان يركب على البراق سريعا إلى هناك والله أعلم وعن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء الخراساني وزيد بن أسلم وغيرهم { فلما بلغ معه السعي } بمعنى شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل { فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى فى المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى } قال عبيد بن عمير رؤيا الأنبياء وحي ثم تلا هذه الآية { قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى } وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أبو عبدالملك الكرندي حدثنا سفيان بن عيينة عن إسرائيل بن يونس عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { رؤيا الأنبياء فى المنام وحي } ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه وليختبر صبره وجلده وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه { قال يا أبت افعل ما تؤمر } أي امض لما أمرك الله من ذبحي { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد ولهذا قال الله تعالى { واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
الأية
103
 
أي فلما تشهدا وذكرا الله تعالى إبراهيم على الذبح والولد شهادة الموت وقيل أسلما يعني استسلما وانقادا إبراهيم امتثل أمر الله تعالى لإسماعيل طاعة لله ولأبيه قال مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن إسحاق وغيرهم ومعنى تله للجبين أي صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة { وتله للجبين } أكبه على وجهه وقال الإمام أحمد حدثنا شريح ويونس قالا حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عاصم الغنوي عن أبي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لما أمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالمناسك عرض له الشيطان عند السعي فسابقه فسبقه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم ذهب به جبريل عليه الصلاة والسلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات وثم تله للجبين وعلى إسماعيل عليه الصلاة والسلام قميص أبيض فقال له يا أبت إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره فاخلعه حتى تكففني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه { أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا } فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أبيض أقرن أعين قال ابن عباس لقد رأيتنا نتتبع ذلك الضرب من الكباش وذكر هشام الحديث في المناسك بطوله ثم رواه أحمد بطوله عن يونس عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكره إلا أنه قال إسحاق فعن ابن عباس رضي الله عنهما في تسمية الذبيح روايتان والأظهر عنه إسماعيل لما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن قتادة عن جعفر بن إياس عن ابن عباس رضي الله عنهما فى قوله تبارك وتعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال خرج عليه كبش من الجنة قد رعى قبل ذلك أربعين خريفا فأرسل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ابنه واتبع الكبش فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات ثم أفلته عندها فجاء إلى الجمرة الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع حصيات ثم أفلته فأدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه فوالذي نفس ابن عباس بيده لقد كان أول الإسلام وإن رأس الكبش لمعلق بقرنيه في ميزاب الكعبة حتى وحش يعني يبس. وقال عبدالرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرنا القاسم قال اجتمع أبو هريرة وكعب فجعل أبو هريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وجعل كعب يحدث عن الكتب فقال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم { إن لكل نبي دعوة مستجابة وإني قد خبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة } فقال له كعب أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم قال فداك أبي وأمي - أو فداه أبي وأمي - أفلا أخبرك عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام؟ إنه لما أُرى ذبح ابنه إسحاق قال الشيطان إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدا فخرج إبراهيم عليه الصلاة والسلام بابنه ليذبحه فذهب الشيطان فدخل على سارة فقال أين ذهب إبراهيم بابنك؟ قالت غدا به لبعض حاجته قال فإنه لم يغد به لحاجة إنما ذهب به ليذبحه قالت ولم يذبحه؟ قال زعم أن ربه أمره بذلك قالت فقد أحسن أن يطيع ربه فذهب الشيطان فى أثرهما فقال للغلام أين يذهب بك أبوك؟ قال لبعض حاجته قال فإنه لا يذهب بك لحاجة ولكنه يذهب بك ليذبحك قال ولم يذبحني؟ قال يزعم أن ربه أمره بذلك قال فوالله لئن كان الله تعالى أمره بذلك ليفعلن قال فيئس منه فتركه ولحق بإبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال أين غدوت بابنك؟ قال لحاجة قال فإنك لم تغد به لحاجة وإنما غدوت لتذبحه قال ولم أذبحه؟ قال تزعم أن ربك أمرك بذلك قال فوالله لئن كان الله تعالى أمرني بذلك لأفعلن قال فتركه ويئس أن يطاع وقد رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال إن عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي أخبره أن كعبا قال لأبي هريرة فذكره بطوله وقال في آخره وأوحى الله تعالى إلى إسحاق أني أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها قال إسحاق اللهم إني أدعوك أن تستجيب لي أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله تبارك وتعالى خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي وبين أن يجيب شفاعتي فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكفر الجم لأمتي ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لتعجلت فيها دعوتي إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له يا إسحاق سل تعط فقال أما والذي نفسي بيده لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان اللهم من مات لا يشرك بك شيئا فاغفر له وأدخله الجنة } هذا حديث غريب منكر وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف الحديث وأخشى أن يكون في الحديث زيادة مدرجة وهي قوله إن الله تعالى لما فرج عن إسحاق إلى آخره والله أعلم فهذا إن كان محفوظا فالأشبه أن السياق إنما هو عن إسماعيل وإنما حرفوه بإسحاق حسدا منهم كما تقدم وإلا فالمناسك والذبائح إنما محلها بمنى من أرض مكة حيث كان إسماعيل لا إسحاق فإنه إنما كان ببلاد كنعان من أرض الشام.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ
الأية
104
 
وقوله تعالى { وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا } أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح وذكر السدي وغيره أنه أمر السكين على رقبته فلم تقطع شيئا بل حال بينها وبينه صفحة من نحاس ونودي إبراهيم عليه الصلاة والسلام عند ذلك { قد صدقت الرؤيا }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الأية
105
 
وقوله تعالى { إنا كذلك نجزي المحسنين } أي هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا كقوله تعالى { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا } وقد استدل بهذه الآية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ قبل التمكن من الفعل خلافا لطائفة من المعتزلة والدلالة من هذه ظاهرة لأن الله تعالى شرع لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ذبح ولده ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء وإنما كان المقصود من شرعه أولا إثابة الخليل على الصبر على ذبح ولده وعزمه على ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ
الأية
106
 
ولهذا قال تعالى { إن هذا لهو البلاء المبين } أي الاختبار الواضح الجلي حيث أمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله تعالى منقادا لطاعته ولهذا قال تعالى { وإبراهيم الذي وفى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ
الأية
107
 
وقوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه { وفديناه بذبح عظيم } قال بكبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير وقال الثوري أيضا عن عبدالله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كبش قد رعا في الجنة أربعين خريفا. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا داود العطار عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء إسحاق ابنه هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه فكان مخزونا حتى فدى به إسحاق وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال كان الكبش يرتع فى الجنة حتى شقق عنه ثبير وكان عليه عهن أحمر وعن الحسن البصري أنه قال كان اسم كبش إبراهيم عليه الصلاة والسلام جرير وقال ابن جريج قال عبيد بن عمير ذبحه بالمقام وقال مجاهد ذبحه بمنى عند المنحر. وقال هشيم عن سيار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه فأمره بمائة من الإبل ثم قال بعد ذلك لو كنت أفتيه بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا فإن الله تعالى قال في كتابه { وفديناه بذبح عظيم } والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه يفدي بكبش وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال وعل وقال محمد بن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه كان يقول ما فدي إسماعيل عليه السلام إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير. وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان حدثني منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه وقالت مرة إنها سألت عثمان لم دعاك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي } قال سفيان لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم. { فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو } { ذكر من قال هو إسحاق عليه الصلاة والسلام } قال حمزة الزيات عن أبي ميسرة رحمه الله قال: قال يوسف عليه عليه الصلاة والسلام للملك في وجهه ترغب أن تأكل معي وأنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله وقال الثوري عن أبى سنان عن ابن أبي الهذيل أن يوسف عليه السلام قال للملك كذلك أيضا وقال سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عبدالله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب يقولون بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فبم قالوا ذلك؟ قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن وقال شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال افتخر رجل عند ابن مسعود رضي الله عنه فقال أنا فلان بن فلان ابن الأشياخ الكرام فقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وهذا صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه وكذا روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق وعن أبيه العباس علي بن أبي طالب مثل ذلك وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيد بن عمير وأبو ميسرة وزيد بن أسلم وعبدالله بن شقيق والزهري والقاسم بن أبي برزة ومكحول وعثمان بن أبي حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبو الهذيل وابن سابط وهذا اختيار ابن جرير وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق وهكذا روى ابن إسحاق عن عبدالله بن أبى بكر عن الزهري عن أبي سفيان عن العلاء بن جارية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار أنه قال هو إسحاق وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب الأحبار فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديما فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها وليس لهذه الأمة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده وقد حكى البغوي القول بأنه إسحاق عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق عكرمة وعطاء و مقاتل والزهري والسدي قال وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد ورد في ذلك حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ولكن لم يصح سنده. قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال { هو إسحاق } ففي إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان به مرفوعا ثم قال قد رواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف عن العباس رضي الله عنه وهذا أشبه وأصح والله أعلم. { ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو الصحيح المقطوع به } قد تقدمت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم وقال سعيد بن جبير وعامر الشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى إسماعيل عليه السلام وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود وقال إسرائيل عن ثور عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال الذبيح إسماعيل وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد هو إسماعيل عليه السلام وكذا قال يوسف بن مهران وقال الشعبي هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد عن الحسن البصري أنه كان لا يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل عليه السلام قال ابن إسحاق وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول إن الذي أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله تعالى وذلك أن الله تعالى حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال الله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } ويقول الله تعالى { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } يقول بابن وابن ابن فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الموعد بما وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل قال ابن إسحاق سمعته يقول ذلك كثيرا وقال ابن إسحاق عن بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه وإني لأراه كما قلت ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علمائهم فسأله عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عن ذلك قال محمد بن كعب وأنا عند عمر بن عبدالعزيز فقال له عمر أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم والله أعلم أيهما كان وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سألت أبي عن الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق فقال إسماعيل ذكره فى كتاب الزهد وقال ابن أبي حاتم وسمعت أبي يقول الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه الصلاة والسلام قال وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبي جعفر محمد بن علي وأبي صالح رضي الله عنهم أنهم قالوا الذبيح إسماعيل. وقال البغوي فى تفسيره وإليه ذهب عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب والسدي والحسن البصري ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وهو رواية عن ابن عباس وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال حدثني محمد بن عمار الرازي حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمر بن عبدالرحيم الخطابي عن عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه حدثني عبدالله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال يا رسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم } فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ فقال إن عبدالمطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبدالله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل. وهذا حديث غريب جدا وقد رواه الأموي فى مغازيه حدثنا بعض أصحابنا أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن القرشي حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان حدثنا عبدالله بن سعيد حدثنا الصنابحي قال حضرنا مجلس معاوية رضي الله عنه فتذاكر القوم إسماعيل أو إسحاق وذكره كذا كتبته من نسخة مغلوطة. وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى { فبشرناه بغلام حليم } فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى { وبشروه بغلام عليم } وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي أي العمل ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا قال وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد كنعان قال وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك هذا ما اعتمد عليه في تفسيره وليس إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جدا والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الأية
108
 
وقوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه { وفديناه بذبح عظيم } قال بكبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير وقال الثوري أيضا عن عبدالله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كبش قد رعا في الجنة أربعين خريفا. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا داود العطار عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء إسحاق ابنه هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه فكان مخزونا حتى فدى به إسحاق وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال كان الكبش يرتع فى الجنة حتى شقق عنه ثبير وكان عليه عهن أحمر وعن الحسن البصري أنه قال كان اسم كبش إبراهيم عليه الصلاة والسلام جرير وقال ابن جريج قال عبيد بن عمير ذبحه بالمقام وقال مجاهد ذبحه بمنى عند المنحر. وقال هشيم عن سيار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه فأمره بمائة من الإبل ثم قال بعد ذلك لو كنت أفتيه بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا فإن الله تعالى قال في كتابه { وفديناه بذبح عظيم } والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه يفدي بكبش وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال وعل وقال محمد بن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه كان يقول ما فدي إسماعيل عليه السلام إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير. وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان حدثني منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه وقالت مرة إنها سألت عثمان لم دعاك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي } قال سفيان لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم. { فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو } { ذكر من قال هو إسحاق عليه الصلاة والسلام } قال حمزة الزيات عن أبي ميسرة رحمه الله قال: قال يوسف عليه عليه الصلاة والسلام للملك في وجهه ترغب أن تأكل معي وأنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله وقال الثوري عن أبى سنان عن ابن أبي الهذيل أن يوسف عليه السلام قال للملك كذلك أيضا وقال سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عبدالله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب يقولون بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فبم قالوا ذلك؟ قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن وقال شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال افتخر رجل عند ابن مسعود رضي الله عنه فقال أنا فلان بن فلان ابن الأشياخ الكرام فقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وهذا صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه وكذا روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق وعن أبيه العباس علي بن أبي طالب مثل ذلك وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيد بن عمير وأبو ميسرة وزيد بن أسلم وعبدالله بن شقيق والزهري والقاسم بن أبي برزة ومكحول وعثمان بن أبي حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبو الهذيل وابن سابط وهذا اختيار ابن جرير وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق وهكذا روى ابن إسحاق عن عبدالله بن أبى بكر عن الزهري عن أبي سفيان عن العلاء بن جارية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار أنه قال هو إسحاق وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب الأحبار فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديما فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها وليس لهذه الأمة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده وقد حكى البغوي القول بأنه إسحاق عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق عكرمة وعطاء و مقاتل والزهري والسدي قال وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد ورد في ذلك حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ولكن لم يصح سنده. قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال { هو إسحاق } ففي إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان به مرفوعا ثم قال قد رواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف عن العباس رضي الله عنه وهذا أشبه وأصح والله أعلم. { ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو الصحيح المقطوع به } قد تقدمت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم وقال سعيد بن جبير وعامر الشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى إسماعيل عليه السلام وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود وقال إسرائيل عن ثور عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال الذبيح إسماعيل وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد هو إسماعيل عليه السلام وكذا قال يوسف بن مهران وقال الشعبي هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد عن الحسن البصري أنه كان لا يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل عليه السلام قال ابن إسحاق وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول إن الذي أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله تعالى وذلك أن الله تعالى حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال الله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } ويقول الله تعالى { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } يقول بابن وابن ابن فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الموعد بما وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل قال ابن إسحاق سمعته يقول ذلك كثيرا وقال ابن إسحاق عن بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه وإني لأراه كما قلت ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علمائهم فسأله عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عن ذلك قال محمد بن كعب وأنا عند عمر بن عبدالعزيز فقال له عمر أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم والله أعلم أيهما كان وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سألت أبي عن الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق فقال إسماعيل ذكره فى كتاب الزهد وقال ابن أبي حاتم وسمعت أبي يقول الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه الصلاة والسلام قال وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبي جعفر محمد بن علي وأبي صالح رضي الله عنهم أنهم قالوا الذبيح إسماعيل. وقال البغوي فى تفسيره وإليه ذهب عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب والسدي والحسن البصري ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وهو رواية عن ابن عباس وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال حدثني محمد بن عمار الرازي حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمر بن عبدالرحيم الخطابي عن عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه حدثني عبدالله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال يا رسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم } فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ فقال إن عبدالمطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبدالله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل. وهذا حديث غريب جدا وقد رواه الأموي فى مغازيه حدثنا بعض أصحابنا أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن القرشي حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان حدثنا عبدالله بن سعيد حدثنا الصنابحي قال حضرنا مجلس معاوية رضي الله عنه فتذاكر القوم إسماعيل أو إسحاق وذكره كذا كتبته من نسخة مغلوطة. وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى { فبشرناه بغلام حليم } فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى { وبشروه بغلام عليم } وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي أي العمل ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا قال وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد كنعان قال وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك هذا ما اعتمد عليه في تفسيره وليس إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جدا والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ
الأية
109
 
وقوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه { وفديناه بذبح عظيم } قال بكبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير وقال الثوري أيضا عن عبدالله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كبش قد رعا في الجنة أربعين خريفا. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا داود العطار عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء إسحاق ابنه هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه فكان مخزونا حتى فدى به إسحاق وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال كان الكبش يرتع فى الجنة حتى شقق عنه ثبير وكان عليه عهن أحمر وعن الحسن البصري أنه قال كان اسم كبش إبراهيم عليه الصلاة والسلام جرير وقال ابن جريج قال عبيد بن عمير ذبحه بالمقام وقال مجاهد ذبحه بمنى عند المنحر. وقال هشيم عن سيار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه فأمره بمائة من الإبل ثم قال بعد ذلك لو كنت أفتيه بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا فإن الله تعالى قال في كتابه { وفديناه بذبح عظيم } والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه يفدي بكبش وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال وعل وقال محمد بن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه كان يقول ما فدي إسماعيل عليه السلام إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير. وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان حدثني منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه وقالت مرة إنها سألت عثمان لم دعاك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي } قال سفيان لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم. { فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو } { ذكر من قال هو إسحاق عليه الصلاة والسلام } قال حمزة الزيات عن أبي ميسرة رحمه الله قال: قال يوسف عليه عليه الصلاة والسلام للملك في وجهه ترغب أن تأكل معي وأنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله وقال الثوري عن أبى سنان عن ابن أبي الهذيل أن يوسف عليه السلام قال للملك كذلك أيضا وقال سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عبدالله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب يقولون بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فبم قالوا ذلك؟ قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن وقال شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال افتخر رجل عند ابن مسعود رضي الله عنه فقال أنا فلان بن فلان ابن الأشياخ الكرام فقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وهذا صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه وكذا روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق وعن أبيه العباس علي بن أبي طالب مثل ذلك وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيد بن عمير وأبو ميسرة وزيد بن أسلم وعبدالله بن شقيق والزهري والقاسم بن أبي برزة ومكحول وعثمان بن أبي حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبو الهذيل وابن سابط وهذا اختيار ابن جرير وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق وهكذا روى ابن إسحاق عن عبدالله بن أبى بكر عن الزهري عن أبي سفيان عن العلاء بن جارية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار أنه قال هو إسحاق وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب الأحبار فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديما فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها وليس لهذه الأمة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده وقد حكى البغوي القول بأنه إسحاق عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق عكرمة وعطاء و مقاتل والزهري والسدي قال وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد ورد في ذلك حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ولكن لم يصح سنده. قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال { هو إسحاق } ففي إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان به مرفوعا ثم قال قد رواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف عن العباس رضي الله عنه وهذا أشبه وأصح والله أعلم. { ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو الصحيح المقطوع به } قد تقدمت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم وقال سعيد بن جبير وعامر الشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى إسماعيل عليه السلام وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود وقال إسرائيل عن ثور عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال الذبيح إسماعيل وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد هو إسماعيل عليه السلام وكذا قال يوسف بن مهران وقال الشعبي هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد عن الحسن البصري أنه كان لا يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل عليه السلام قال ابن إسحاق وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول إن الذي أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله تعالى وذلك أن الله تعالى حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال الله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } ويقول الله تعالى { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } يقول بابن وابن ابن فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الموعد بما وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل قال ابن إسحاق سمعته يقول ذلك كثيرا وقال ابن إسحاق عن بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه وإني لأراه كما قلت ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علمائهم فسأله عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عن ذلك قال محمد بن كعب وأنا عند عمر بن عبدالعزيز فقال له عمر أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم والله أعلم أيهما كان وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سألت أبي عن الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق فقال إسماعيل ذكره فى كتاب الزهد وقال ابن أبي حاتم وسمعت أبي يقول الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه الصلاة والسلام قال وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبي جعفر محمد بن علي وأبي صالح رضي الله عنهم أنهم قالوا الذبيح إسماعيل. وقال البغوي فى تفسيره وإليه ذهب عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب والسدي والحسن البصري ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وهو رواية عن ابن عباس وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال حدثني محمد بن عمار الرازي حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمر بن عبدالرحيم الخطابي عن عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه حدثني عبدالله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال يا رسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم } فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ فقال إن عبدالمطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبدالله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل. وهذا حديث غريب جدا وقد رواه الأموي فى مغازيه حدثنا بعض أصحابنا أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن القرشي حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان حدثنا عبدالله بن سعيد حدثنا الصنابحي قال حضرنا مجلس معاوية رضي الله عنه فتذاكر القوم إسماعيل أو إسحاق وذكره كذا كتبته من نسخة مغلوطة. وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى { فبشرناه بغلام حليم } فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى { وبشروه بغلام عليم } وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي أي العمل ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا قال وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد كنعان قال وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك هذا ما اعتمد عليه في تفسيره وليس إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جدا والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الأية
110
 
وقوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه { وفديناه بذبح عظيم } قال بكبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير وقال الثوري أيضا عن عبدالله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كبش قد رعا في الجنة أربعين خريفا. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا داود العطار عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء إسحاق ابنه هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه فكان مخزونا حتى فدى به إسحاق وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال كان الكبش يرتع فى الجنة حتى شقق عنه ثبير وكان عليه عهن أحمر وعن الحسن البصري أنه قال كان اسم كبش إبراهيم عليه الصلاة والسلام جرير وقال ابن جريج قال عبيد بن عمير ذبحه بالمقام وقال مجاهد ذبحه بمنى عند المنحر. وقال هشيم عن سيار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه فأمره بمائة من الإبل ثم قال بعد ذلك لو كنت أفتيه بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا فإن الله تعالى قال في كتابه { وفديناه بذبح عظيم } والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه يفدي بكبش وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال وعل وقال محمد بن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه كان يقول ما فدي إسماعيل عليه السلام إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير. وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان حدثني منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه وقالت مرة إنها سألت عثمان لم دعاك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي } قال سفيان لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم. { فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو } { ذكر من قال هو إسحاق عليه الصلاة والسلام } قال حمزة الزيات عن أبي ميسرة رحمه الله قال: قال يوسف عليه عليه الصلاة والسلام للملك في وجهه ترغب أن تأكل معي وأنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله وقال الثوري عن أبى سنان عن ابن أبي الهذيل أن يوسف عليه السلام قال للملك كذلك أيضا وقال سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عبدالله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب يقولون بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فبم قالوا ذلك؟ قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن وقال شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال افتخر رجل عند ابن مسعود رضي الله عنه فقال أنا فلان بن فلان ابن الأشياخ الكرام فقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وهذا صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه وكذا روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق وعن أبيه العباس علي بن أبي طالب مثل ذلك وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيد بن عمير وأبو ميسرة وزيد بن أسلم وعبدالله بن شقيق والزهري والقاسم بن أبي برزة ومكحول وعثمان بن أبي حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبو الهذيل وابن سابط وهذا اختيار ابن جرير وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق وهكذا روى ابن إسحاق عن عبدالله بن أبى بكر عن الزهري عن أبي سفيان عن العلاء بن جارية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار أنه قال هو إسحاق وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب الأحبار فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديما فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها وليس لهذه الأمة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده وقد حكى البغوي القول بأنه إسحاق عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق عكرمة وعطاء و مقاتل والزهري والسدي قال وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد ورد في ذلك حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ولكن لم يصح سنده. قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال { هو إسحاق } ففي إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان به مرفوعا ثم قال قد رواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف عن العباس رضي الله عنه وهذا أشبه وأصح والله أعلم. { ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو الصحيح المقطوع به } قد تقدمت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم وقال سعيد بن جبير وعامر الشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى إسماعيل عليه السلام وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود وقال إسرائيل عن ثور عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال الذبيح إسماعيل وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد هو إسماعيل عليه السلام وكذا قال يوسف بن مهران وقال الشعبي هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد عن الحسن البصري أنه كان لا يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل عليه السلام قال ابن إسحاق وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول إن الذي أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله تعالى وذلك أن الله تعالى حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال الله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } ويقول الله تعالى { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } يقول بابن وابن ابن فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الموعد بما وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل قال ابن إسحاق سمعته يقول ذلك كثيرا وقال ابن إسحاق عن بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه وإني لأراه كما قلت ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علمائهم فسأله عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عن ذلك قال محمد بن كعب وأنا عند عمر بن عبدالعزيز فقال له عمر أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم والله أعلم أيهما كان وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سألت أبي عن الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق فقال إسماعيل ذكره فى كتاب الزهد وقال ابن أبي حاتم وسمعت أبي يقول الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه الصلاة والسلام قال وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبي جعفر محمد بن علي وأبي صالح رضي الله عنهم أنهم قالوا الذبيح إسماعيل. وقال البغوي فى تفسيره وإليه ذهب عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب والسدي والحسن البصري ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وهو رواية عن ابن عباس وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال حدثني محمد بن عمار الرازي حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمر بن عبدالرحيم الخطابي عن عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه حدثني عبدالله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال يا رسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم } فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ فقال إن عبدالمطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبدالله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل. وهذا حديث غريب جدا وقد رواه الأموي فى مغازيه حدثنا بعض أصحابنا أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن القرشي حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان حدثنا عبدالله بن سعيد حدثنا الصنابحي قال حضرنا مجلس معاوية رضي الله عنه فتذاكر القوم إسماعيل أو إسحاق وذكره كذا كتبته من نسخة مغلوطة. وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى { فبشرناه بغلام حليم } فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى { وبشروه بغلام عليم } وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي أي العمل ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا قال وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد كنعان قال وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك هذا ما اعتمد عليه في تفسيره وليس إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جدا والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الأية
111
 
وقوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه { وفديناه بذبح عظيم } قال بكبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة قال أبو الطفيل وجدوه مربوطا بسمرة في ثبير وقال الثوري أيضا عن عبدالله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كبش قد رعا في الجنة أربعين خريفا. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا داود العطار عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي الصخرة التي ذبح عليها إبراهيم فداء إسحاق ابنه هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء فذبحه وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه فكان مخزونا حتى فدى به إسحاق وروي أيضا عن سعيد بن جبير أنه قال كان الكبش يرتع فى الجنة حتى شقق عنه ثبير وكان عليه عهن أحمر وعن الحسن البصري أنه قال كان اسم كبش إبراهيم عليه الصلاة والسلام جرير وقال ابن جريج قال عبيد بن عمير ذبحه بالمقام وقال مجاهد ذبحه بمنى عند المنحر. وقال هشيم عن سيار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما كان أفتى الذي جعل عليه نذرا أن ينحر نفسه فأمره بمائة من الإبل ثم قال بعد ذلك لو كنت أفتيه بكبش لأجزأه أن يذبح كبشا فإن الله تعالى قال في كتابه { وفديناه بذبح عظيم } والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه يفدي بكبش وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى { وفديناه بذبح عظيم } قال وعل وقال محمد بن إسحاق عن عمرو بن عبيد عن الحسن أنه كان يقول ما فدي إسماعيل عليه السلام إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير. وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان حدثني منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه وقالت مرة إنها سألت عثمان لم دعاك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم { إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي } قال سفيان لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم. { فصل في ذكر الآثار الواردة عن السلف في أن الذبيح من هو } { ذكر من قال هو إسحاق عليه الصلاة والسلام } قال حمزة الزيات عن أبي ميسرة رحمه الله قال: قال يوسف عليه عليه الصلاة والسلام للملك في وجهه ترغب أن تأكل معي وأنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله ابن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله وقال الثوري عن أبى سنان عن ابن أبي الهذيل أن يوسف عليه السلام قال للملك كذلك أيضا وقال سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عبدالله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال موسى عليه الصلاة والسلام يا رب يقولون بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فبم قالوا ذلك؟ قال: إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن وقال شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال افتخر رجل عند ابن مسعود رضي الله عنه فقال أنا فلان بن فلان ابن الأشياخ الكرام فقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وهذا صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه وكذا روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق وعن أبيه العباس علي بن أبي طالب مثل ذلك وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيد بن عمير وأبو ميسرة وزيد بن أسلم وعبدالله بن شقيق والزهري والقاسم بن أبي برزة ومكحول وعثمان بن أبي حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبو الهذيل وابن سابط وهذا اختيار ابن جرير وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق وهكذا روى ابن إسحاق عن عبدالله بن أبى بكر عن الزهري عن أبي سفيان عن العلاء بن جارية عن أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار أنه قال هو إسحاق وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب الأحبار فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديما فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها وليس لهذه الأمة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده وقد حكى البغوي القول بأنه إسحاق عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق عكرمة وعطاء و مقاتل والزهري والسدي قال وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد ورد في ذلك حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ولكن لم يصح سنده. قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره قال { هو إسحاق } ففي إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان به مرفوعا ثم قال قد رواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن الأحنف عن العباس رضي الله عنه وهذا أشبه وأصح والله أعلم. { ذكر الآثار الواردة بأنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو الصحيح المقطوع به } قد تقدمت الرواية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق عليه الصلاة والسلام والله تعالى أعلم وقال سعيد بن جبير وعامر الشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدى إسماعيل عليه السلام وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود وقال إسرائيل عن ثور عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال الذبيح إسماعيل وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد هو إسماعيل عليه السلام وكذا قال يوسف بن مهران وقال الشعبي هو إسماعيل عليه الصلاة والسلام وقد رأيت قرني الكبش في الكعبة وقال محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار وعمرو بن عبيد عن الحسن البصري أنه كان لا يشك في ذلك أن الذي أمر بذبحه من ابني إبراهيم إسماعيل عليه السلام قال ابن إسحاق وسمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول إن الذي أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله تعالى وذلك أن الله تعالى حين فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال الله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } ويقول الله تعالى { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } يقول بابن وابن ابن فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الموعد بما وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل قال ابن إسحاق سمعته يقول ذلك كثيرا وقال ابن إسحاق عن بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه وإني لأراه كما قلت ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علمائهم فسأله عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه عن ذلك قال محمد بن كعب وأنا عند عمر بن عبدالعزيز فقال له عمر أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال إسماعيل والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكر الله تعالى منه لصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم والله أعلم أيهما كان وكل قد كان طاهرا طيبا مطيعا لله عز وجل وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سألت أبي عن الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق فقال إسماعيل ذكره فى كتاب الزهد وقال ابن أبي حاتم وسمعت أبي يقول الصحيح أن الذبيح إسماعيل عليه الصلاة والسلام قال وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة وأبي الطفيل وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبي جعفر محمد بن علي وأبي صالح رضي الله عنهم أنهم قالوا الذبيح إسماعيل. وقال البغوي فى تفسيره وإليه ذهب عبدالله بن عمر وسعيد بن المسيب والسدي والحسن البصري ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي وهو رواية عن ابن عباس وحكاه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء وقد روى ابن جرير في ذلك حديثا غريبا فقال حدثني محمد بن عمار الرازي حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمر بن عبدالرحيم الخطابي عن عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه حدثني عبدالله بن سعيد عن الصنابحي قال كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق فقال على الخبير سقطتم: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل فقال يا رسول الله عد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم } فقيل له يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ فقال إن عبدالمطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله إن سهل الله له أمرها عليه ليذبحن أحد ولده قال فخرج السهم على عبدالله فمنعه أخواله وقالوا افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الإبل والثاني إسماعيل. وهذا حديث غريب جدا وقد رواه الأموي فى مغازيه حدثنا بعض أصحابنا أخبرنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة حدثنا عمرو بن عبد الرحمن القرشي حدثنا عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان حدثنا عبدالله بن سعيد حدثنا الصنابحي قال حضرنا مجلس معاوية رضي الله عنه فتذاكر القوم إسماعيل أو إسحاق وذكره كذا كتبته من نسخة مغلوطة. وإنما عول ابن جرير في اختياره أن الذبيح إسحاق على قوله تعالى { فبشرناه بغلام حليم } فجعل هذه البشارة هي البشارة بإسحاق في قوله تعالى { وبشروه بغلام عليم } وأجاب عن البشارة بيعقوب بأنه قد كان بلغ معه السعي أي العمل ومن الممكن أنه قد كان ولد له أولاد مع يعقوب أيضا قال وأما القرنان اللذان كانا معلقين بالكعبة فمن الجائز أنهما نقلا من بلاد كنعان قال وقد تقدم أن من الناس من ذهب إلى أنه ذبح إسحاق هناك هذا ما اعتمد عليه في تفسيره وليس إليه بمذهب ولا لازم بل هو بعيد جدا والذي استدل به محمد بن كعب القرظي على أنه إسماعيل أثبت وأصح وأقوى والله أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ
الأية
112
 
قوله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } لما تقدمت البشارة بالذبيح وهو إسماعيل عطف بذكر البشارة بأخيه إسحاق وقد ذكرت في سورتي هود والحجر قوله تعالى { نبيا } حال مقدرة أي سيصير منه نبي صالح. وقال ابن جرير حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن داود عن عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما الذبيح إسحاق قال وقوله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } قال بشر بنبوته - قال - وقوله تعالى { ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا } قال كان هارون أكبر من موسى ولكن أراد وهب له نبوته وحدثنا ابن عبدالأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت داود يحدث عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } قال إنما بشر به نبيا من الصالحين قال إنما بشر به نبيا حين فداه الله عز وجل من الذبح ولم تكن البشارة بالنبوة عند مولده. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان الثوري عن داود عن عكرمة عن ابن عباس { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } قال بشر به حين ولد وحين نبئ وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى { وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين } قال بعدما كان من أمره لما جاد الله تعالى بنفسه وقال الله عز وجل { وباركنا عليه وعلى إسحاق }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ
الأية
113
 
كقوله تعالى { قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ
الأية
114
 
يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه وما كان يعتمد في حقهم من الإساءة العظيمة من قتل الأبناء واستحياء النساء واستعمالهم في أخس الأشياء ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم وأقر أعينهم منهم فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم ثم أنزل الله عز وجل على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين وهو التوراة كما قال تعالى { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ
الأية
115
 
يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه وما كان يعتمد في حقهم من الإساءة العظيمة من قتل الأبناء واستحياء النساء واستعمالهم في أخس الأشياء ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم وأقر أعينهم منهم فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم ثم أنزل الله عز وجل على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين وهو التوراة كما قال تعالى { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ
الأية
116
 
يذكر تعالى ما أنعم به على موسى وهارون من النبوة والنجاة بمن آمن معهما من قهر فرعون وقومه وما كان يعتمد في حقهم من الإساءة العظيمة من قتل الأبناء واستحياء النساء واستعمالهم في أخس الأشياء ثم بعد هذا كله نصرهم عليهم وأقر أعينهم منهم فغلبوهم وأخذوا أرضهم وأموالهم وما كانوا جمعوه طول حياتهم ثم أنزل الله عز وجل على موسى الكتاب العظيم الواضح الجلي المستبين وهو التوراة كما قال تعالى { ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ
الأية
117
 
أى في الأقوال والأفعال.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
الأية
118
 
أى في الأقوال والأفعال.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ
الأية
119
 
{ وتركنا عليهما في الآخرين } أي أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ثم فسره بقوله تعالى { سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ
الأية
120
 
{ وتركنا عليهما في الآخرين } أي أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ثم فسره بقوله تعالى { سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الأية
121
 
{ وتركنا عليهما في الآخرين } أي أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ثم فسره بقوله تعالى { سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الأية
122
 
{ وتركنا عليهما في الآخرين } أي أبقينا لهما من بعدهما ذكرا جميلا وثناء حسنا ثم فسره بقوله تعالى { سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
الأية
123
 
قال قتادة ومحمد بن إسحاق يقال إلياس هو إدريس وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيدة بن ربحة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: إلياس هو إدريس وكذا قال الضحاك وقال وهب بن منبه هو إلياس بن نسي بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران بعثه الله تعالى في بني إسرائيل بعد حزقيل رضي الله عنهما وكانوا قد عبدوا صنما يقال له بعل فدعاهم إلى الله تعالى ونهاهم عن عبادة ما سواه وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد واستمروا على ضلالتهم ولم يؤمن به منهم أحد فدعا الله عليهم فحبس عنهم القطر ثلاث سنين ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم ووعدوه الإيمان به إن هم أصابهم المطر فدعا الله تعالى لهم فجاءهم الغيث فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر فسأل الله أن يقبضه إليه وكان قد نشأ على يديه اليسع بن أخطوب عليهما الصلاة والسلام فأمر إلياس أن يذهب إلى مكان كذا وكذا فمهما جاءه فليركبه ولا يهبه فجاءته فرس من نار فركب وألبسه الله تعالى النور وكساه الريش وكان يطير مع الملائكة ملكا إنسيا سماويا أرضيا هكذا حكاه وهب بن منبه عن أهل الكتاب والله أعلم بصحته.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ
الأية
124
 
أي ألا تخافون الله عز وجل فى عبادتكم غيره.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ
الأية
125
 
قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وقتادة والسدي بعلا يعني ربا قال عكرمة وقتادة وهي لغة أهل اليمن وفي رواية عن قتادة قال: وهي لغة أزد شنوءة وقال ابن إسحاق أخبرني بعض أهل العلم أنهم كانوا يعبدون امرأة اسمها بعل وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه هو اسم صنم كان يعبده أهل مدينة يقال لها بعلبك غربي دمشق وقال الضحاك هو صنم كانوا يعبدونه وقوله تعالى { أتدعون بعلا } أي أتعبدون صنما { وتذرون أحسن الخالقين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ
الأية
126
 
أي هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
الأية
127
 
أي للعذاب يوم الحساب.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ
الأية
128
 
أي الموحدين منهم وهذا استثناء منقطع من مثبت.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ
الأية
129
 
أي ثناء جميلا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ
الأية
130
 
كما يقال في إسماعيل إسماعين وهي لغة بني أسد وأنشد بعض بني تميم في ضب صاده: يقول رب السوق لما جينا هذا ورب البيت إسرائينا ويقال ميكال وميكائيل وميكائين وإبراهيم وإبراهام وإسرائيل وإسرائين وطور سيناء وطور سنين وهو موضع واحد وكل هذا سائغ وقرأ آخرون { سلام على إدراسين { وهي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه آخرون { سلام على آل ياسين { يعني آل محمد صلى الله عليه وسلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
الأية
131
 
وقوله تعالى { إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين } قد تقدم تفسيره والله تعالى أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
الأية
132
 
وقوله تعالى { إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين } قد تقدم تفسيره والله تعالى أعلم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
الأية
133
 
يخبر تعالى عن عبده ورسوله لوط رضي الله عنهما أنه بعثه إلى قومه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ
الأية
134
 
فكذبوه فنجاه الله تعالى من بين أظهرهم هو وأهله.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ
الأية
135
 
إلا امرأته فإنها هلكت مع من هلك من قومها.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ
الأية
136
 
فإن الله تعالى أهلكهم بأنواع من العقوبات وجعل محلتهم من الأرض بحيرة منتنة قبيحة المنظر والطعم والريح وجعلها بسبيل مقيم يمر بها المسافرون ليلا ونهارا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ
الأية
137
 
لا يوجد تفسير لهذه الأية .

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
الأية
138
 
ولهذا قال تعالى { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون } أي أفلا تعتبرون بهم كيف دمر الله عليهم وتعلمون أن للكافرين أمثالها؟.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
الأية
139
 
قد تقدمت قصة يونس عليه الصلاة والسلام في سورة الأنبياء وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { ما ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى } ونسبه إلى أمه وفي رواية إلى أبيه.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ
الأية
140
 
قوله تعالى { إذا أبق إلى الفلك المشحون } قال ابن عباس رضي الله عنهما هو الموقر أي المملوء بالأمتعة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
الأية
141
 
{ فساهم } أي قارع { فكان من المدحضين } أي المغلوبين وذلك أن السفينة تلعبت بها الأمواج من كل جانب وأشرفوا على الغرق فساهموا على من تقع عليه القرعة يلقى في البحر لتخف بهم السفينة فوقعت القرعة على نبي الله يونس عليه الصلاة والسلام ثلاث مرات وهم يضنون به أن يلقى من بينهم فتجرد من ثيابه ليلقي نفسه وهم يأبون عليه ذلك.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ
الأية
142
 
وأمر الله تعالى حوتا من البحر الأخضر أن يشق البحار وأن يلتقم يونس عليه السلام فلا يهشم له لحما ولا يكسر له عظما فجاء ذلك الحوت وألقى يونس عليه السلام نفسه فالتقمه الحوت وذهب به فطاف به البحار كلها. ولما استقر يونس في بطن الحوت حسب أنه قد مات ثم حرك رأسه ورجليه وأطرافه فإذا هو حي فقام فصلى في بطن الحوت وكان من جملة دعائه يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع لم يبلغه أحد من الناس واختلفوا في مقدار ما لبث فى بطن الحوت فقيل ثلاثة أيام قاله قتادة وقيل سبعة قاله جعفر الصادق رضي الله عنه وقيل أربعين يوما قاله أبو مالك وقال مجاهد عن الشعبي: التقمه ضحى ولفظه عشية والله تعالى أعلم بمقدار ذلك وفي شعر أمية بن أبي الصلت: وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ
الأية
143
 
وقوله تعالى { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } قيل لولا ما تقدم له من العمل في الرخاء قاله الضحاك بن قيس وأبو العالية ووهب بن منبه وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير وقد ورد في الحديث الذي سنورده إن شاء الله تعالى ما يدل على ذلك إن صح الخبر وفي حديث ابن عباس { تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة }. وقال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير والضحاك وعطاء بن السائب والسدي والحسن وقتادة { فلولا أنه كان من المسبحين } يعني المصلين وصرح بعضهم بأنه كان من المصلين قبل ذلك وقال بعضهم كان من المسبحين في جوف أبويه وقيل المراد { فلولا أنه كان من المسبحين } هو قوله عز وجل { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } قاله سعيد بن جبير وغيره. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله بن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا أبو صخر أن يزيد الرقاشي حدثه أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه - ولا أعلم أنسا إلا يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - { أن يونس النبي عليه الصلاة والسلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت فقال اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فأقلبت الدعوة تحن بالعرش قالت الملائكة يا رب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيده غريبة فقال الله تعالى أما تعرفون ذلك قالوا يا رب ومن هو؟ قال عز وجل عبدي يونس قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مستجابة؟ قالوا يا رب أولا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه في البلاء؟ قال بلى فأمر الحوت فطرحه بالعراء } ورواه ابن جرير عز يونس عن ابن وهب به زاد ابن أبي حاتم قال أبو صخر حميد بن زياد فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: طرح بالعراء وأنبت الله عز وجل عليه اليقطينة قلنا يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ قال شجرة الدباء. قال أبو هريرة رضي الله عنه: وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض - أو قال هشاش الأرض - قال فتتفشح عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتا من شعره وهو: فأنبت يقطينا عليه برحمة من الله لولا الله ألقي ضاحيا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
الأية
144
 
وقوله تعالى { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } قيل لولا ما تقدم له من العمل في الرخاء قاله الضحاك بن قيس وأبو العالية ووهب بن منبه وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير وقد ورد في الحديث الذي سنورده إن شاء الله تعالى ما يدل على ذلك إن صح الخبر وفي حديث ابن عباس { تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة }. وقال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير والضحاك وعطاء بن السائب والسدي والحسن وقتادة { فلولا أنه كان من المسبحين } يعني المصلين وصرح بعضهم بأنه كان من المصلين قبل ذلك وقال بعضهم كان من المسبحين في جوف أبويه وقيل المراد { فلولا أنه كان من المسبحين } هو قوله عز وجل { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } قاله سعيد بن جبير وغيره. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبيد الله بن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا أبو صخر أن يزيد الرقاشي حدثه أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه - ولا أعلم أنسا إلا يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - { أن يونس النبي عليه الصلاة والسلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت فقال اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فأقلبت الدعوة تحن بالعرش قالت الملائكة يا رب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد بعيده غريبة فقال الله تعالى أما تعرفون ذلك قالوا يا رب ومن هو؟ قال عز وجل عبدي يونس قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مستجابة؟ قالوا يا رب أولا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه في البلاء؟ قال بلى فأمر الحوت فطرحه بالعراء } ورواه ابن جرير عز يونس عن ابن وهب به زاد ابن أبي حاتم قال أبو صخر حميد بن زياد فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: طرح بالعراء وأنبت الله عز وجل عليه اليقطينة قلنا يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ قال شجرة الدباء. قال أبو هريرة رضي الله عنه: وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض - أو قال هشاش الأرض - قال فتتفشح عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتا من شعره وهو: فأنبت يقطينا عليه برحمة من الله لولا الله ألقي ضاحيا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ
الأية
145
 
وقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه مسندا مرفوعا في تفسير سورة الأنبياء ولهذا قال تعالى { فنبذناه } أي لقيناه { بالعراء } قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره وهي الأرض التي ليس بها نبت ولا بناء قيل على جانب دجلة وقيل بأرض اليمن فالله أعلم { وهو سقيم } أي ضعيف البدن قال ابن مسعود رضي الله عنه كهيئة الفرخ ليس عليه ريش وقال السدي كهيئة الظبي حين يولد وهو المنفوس وقاله ابن عباس رضي الله عنهما وابن زيد أيضا.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ
الأية
146
 
قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وهلال بن يساف وعبدالله بن طاوس والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغير واحد قالوا كلهم اليقطين هو القرع وقال هشيم عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير وكل شجرة لا ساق لها فهي من اليقطين وفي رواية عنه كل شجرة تهلك من عامها فهي من اليقطين وذكر بعضهم في القرع فوائد منها سرعة نباته وتظليل ورقه لكبره ونعومته وأنه لا يقربها الذباب وجودة تغذية ثمره وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا وقشره أيضا وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب الدباء ويتتبعه من نواحي الصحفة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ
الأية
147
 
وقوله تعالى { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } روى شهر بن حوشب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال إنما كانت رسالة يونس عليه الصلاة والسلام بعدما نبذه الحوت رواه ابن جرير حدثني الحارث حدثنا أبو هلال عن شهر به وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أرسل إليهم قبل أن يلتقمه الحوت { قلت } ولا مانع أن يكون الذين أرسل إليهم أولا أمر بالعود إليهم بعد خروجه من الحوت فصدقوه كلهم وآمنوا به وحكى البغوي أنه أرسل إلى أمة أخرى بعد خروجه من الحوت كانوا مائة ألف أو يزيدون وقوله تعالى { أو يزيدون } قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية عنه: بل يزيدون وكانوا مائة وثلاثين ألفا وعنه مائة ألف وبضعة وثلاثين ألفا وعنه مائة ألف وبضعة وأربعين ألفا والله أعلم وقال سعيد بن جبير يزيدون سبعين ألفا وقال مكحول كانوا مائة ألف وعشرة آلاف رواه ابن أبي حاتم وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبدالرحيم البرقي حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال سمعت زهيرا يحدث عمن سمع أبا العالية يقول حدثني أبي بن كعب رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } قال { يزيدون عشرين ألفا ورواه الترمذي عن علي بن حجر عن الوليد بن مسلم عن زهير عن رجل عن أبي العالية عن أبي بن كعب به وقال غريب رواه ابن أبي حاتم من حديث زهير به قال ابن جرير: وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول في ذلك معناه إلى المائة الألف أو كانوا يزيدون عندكم يقول كذلك كانوا عندكم ولهذا سلك ابن جرير ههنا ما سلكه عند قوله تعالى { ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة } وقوله تعالى { إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية } وقوله تعالى { فكان قاب قوسين أو أدنى } المراد ليس أنقص من ذلك بل أزيد.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ
الأية
148
 
وقوله تعالى { فآمنوا } أي فآمن هؤلاء القوم الذين أرسل إليهم يونس عليه السلام جميعهم { فمتعناهم إلى حين } أي إلى وقت آجالهم كقوله جلت عظمته { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ
الأية
149
 
يقول تعالى منكرا على هؤلاء المشركين في جعلهم لله تعالى البنات سبحانه ولهم ما يشتهون أي من الذكور أي يودون لأنفسهم الجيد { وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم } أي يسوءه ذلك ولا يختار لنفسه إلا البنين يقول عز وجل فكيف نسبوا إلى الله تعالى القسم الذي لا يختارونه لأنفسهم ولهذا قال تعالى { فاستفتهم } أي سلهم على سبيل الإنكار عليهم { ألربك البنات ولهم البنون } كقوله عز وجل { ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى }.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ
الأية
150
 
أي كيف حكموا على الملائكة أنهم إناث وما شاهدوا خلقهم كقوله جل وعلا { وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون أي يسئلون عن ذلك يوم القيامة.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ
الأية
151
 
قوله جلت عظمته { ألا إنهم من إفكهم } أي من كذبهم { ليقولون ولد الله } أي صدر منه الولد { وإنهم لكاذبون } فذكر الله تعالى عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال فى غاية الكفر والكذب فأولا جعلوهم بنات الله فجعلوا لله ولدا تعالى وتقدس وجعلوا ذلك الولد أنثى ثم عبدوهم من دون الله تعالى وتقدس وكل منها كاف في التخليد في نار جهنم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
الأية
152
 
قوله جلت عظمته { ألا إنهم من إفكهم } أي من كذبهم { ليقولون ولد الله } أي صدر منه الولد { وإنهم لكاذبون } فذكر الله تعالى عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال فى غاية الكفر والكذب فأولا جعلوهم بنات الله فجعلوا لله ولدا تعالى وتقدس وجعلوا ذلك الولد أنثى ثم عبدوهم من دون الله تعالى وتقدس وكل منها كاف في التخليد في نار جهنم.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ
الأية
153
 
قال تعالى منكرا عليهم { أصطفى البنات على البنين } أي أي شيء يحمله عن أن يختار البنات دون البنين كقوله عز وجل { أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما } ولهذا قال تبارك وتعالى { ما لكم كيف تحكمون } أي ما لكم عقول تتدبرون بها ما تقولون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
الأية
154
 
قال تعالى منكرا عليهم { أصطفى البنات على البنين } أي أي شيء يحمله عن أن يختار البنات دون البنين كقوله عز وجل { أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما } ولهذا قال تبارك وتعالى { ما لكم كيف تحكمون } أي ما لكم عقول تتدبرون بها ما تقولون.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
الأية
155
 
{ أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين } أي حجة على ما تقولونه؟.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ
الأية
156
 
{ أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين } أي حجة على ما تقولونه؟.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
الأية
157
 
أى هاتوا برهانا على ذلك يكون مستندا إلى كتاب منزل من السماء عن الله تعالى أنه اتخذ ما تقولونه فإن ما تقولونه لا يمكن استناده إلى عقل بل لا يجوزه العقل بالكلية.

 
Tafseer Ibn Katheer  تفسير ابن كثير
وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ۚ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
الأية
158
 
وقوله تعالى { وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا }