سورة المرسلات: قال البخاري ثنا أحمد ثنا عمر بن حفص بن غياث ثنا الأعمش حدثني
إبراهيم عن الأسود عن عبدالله - هو ابن مسعود قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه والمرسلات فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه
وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم { اقتلوها }
فابتدرناها فذهبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم { وقيت شركم كما وقيتم شرها } وأخرجه
مسلم أيضا من طريق الأعمش وقال الإمام أحمد ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن
عبيدالله عن ابن عباس عن أمه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب
بالمرسلات عرفا وفي رواية مالك عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن أم الفضل
سمعته يقرأ { والمرسلات عرفا } فقال يا بني أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما
سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب أخرجاه في الصحيحين من
طريق مالك به. قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا زكريا بن سهل المروزي ثنا علي بن الحسن
بن شقيق أنا الحسين بن واقد ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة { والمرسلات عرفا }
قال الملائكة وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات والسدي والربيع بن
أنس مثل ذلك وروى عن أبي صالح أنه قال هي الرسل وفي رواية عنه أنها الملائكة وهكذا
قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات والملقيات أنها الملائكة وقال الثوري
عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال سألت ابن مسعود عن المرسلات
عرفا قال الريح وكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه وتوقف ابن
جرير في { والمرسلات عرفا } هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع
بعضهم بعضا أو هي الرياح إذا هبت شيئا فشيئا؟ وقطع بأن العاصفات عصفا الرياح كما
قاله ابن مسعود ومن تابعه وممن قال ذلك في العاصفات عصفا أيضا علي بن أبي طالب
والسدي وتوقف في الناشرات نشرا هل هي الملائكة أو الريح كما تقدم وعن أبي صالح: أن
الناشرات نشرا هي المطر. والأظهر أن المرسلات هي الرياح كما قال تعالى { وأرسلنا
الرياح لواقح } وقال تعالى { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } وهكذا
العاصفات هى الرياح يقال عصفت الرياح إذا هبت بتصويت.
يعني الملائكة قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس
والسدي والثوري ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق
والباطل الهدى والغي والحلال والحرام.
يعني الملائكة قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس
والسدي والثوري ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل وتلقي إليهم وحيا.
يعني الملائكة قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس
والسدي والثوري ولا خلاف ههنا فإنها تلقي إلى الرسل وحيا فيه إعذار إلى الخلق
وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره.
هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام أي ما وعدتم به من قيام الساعة والنفخ في الصور
وبعث الأجساد وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ومجازاة كل عامل بعمله إن خيرا
فخير وإن شرا فشر إن هذا كله لواقع أي لكائن لا محالة.
أي ذهب بها فلا يبقى لها عين ولا أثر كقوله تعالى { ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها
ربي نسفا } الآية وقال تعالى { ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر
منهم أحدا.
قال العوفي عن ابن عباس جمعت. وقال ابن زيد وهذه كقوله تعالى { يوم يجمع الله الرسل }
وقال مجاهد { أقتت } أجلت وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم { أقتت } أوعدت وكأنه يجعلها
كقوله تعالى { وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي
بينهم بالحق وهم لا يظلمون }.
يقول تعالى لأي يوم أجلت الرسل وأرجئ أمرها حتى تقوم الساعة كما قال تعالى { فلا
تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض
والسموات وبرزوا للّه الواحد القهار } وهو يوم الفصل كما قال تعالى { ليوم الفصل }.
يقول تعالى لأي يوم أجلت الرسل وأرجئ أمرها حتى تقوم الساعة كما قال تعالى { فلا
تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام يوم تبدل الأرض غير الأرض
والسموات وبرزوا للّه الواحد القهار } وهو يوم الفصل كما قال تعالى { ليوم الفصل }.
أي كالإبل السود قاله مجاهد والحسن وقتادة والضحاك واختاره ابن جرير وعن ابن عباس
ومجاهد وسعيد بن جبير { جمالة صفر } يعني حبال السفن وعنه أعنى ابن عباس { جمالة صفر }
قطع نحاس وقال البخاري ثنا عمرو بن علي ثنا يحيى أنا سفيان عن عبدالرحمن بن عابس
قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما { إنها ترمي بشرر كالقصر } قال كنا نعمد إلى الخشبة
ثلاثة أذرع وفوق ذلك فنرفعه للبناء فنسميه القصر { كأنه جمالة صفر } حبال السفن تجمع
حتى تكون كأوساط الرجال.
أي لا يقدرون على الكلام ولا يؤذن لهم فيه ليعتذروا بل قد قامت عليهم الحجة ووقع
القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون وعرصات القيامة حالات والرب تعالى يخبر عن هذه
الحالة تارة وعن هذه الحالة تارة ليدل على شدة الأهوال والزلازل يومئذ.
تهديد شديد ووعيد أكيد أي إن قدرتم على أن تتخلصوا من قبضتي وتنجوا من حكمي فافعلوا
فإنكم لا تقدرون على ذلك كما قال { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من
أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان } وقد قال تعالى { ولا تضرونه
شيئا } وفي الحديث { يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني }.
وقد قال ابن أبي حاتم: ثنا علي بن المنذر الطريفي الأودي ثنا محمد بن فضيل ثنا حصين
بن عبدالرحمن عن حسان بن أبي المخارق عن أبي عبدالله الجدلي قال: أتيت بيت المقدس
فإذا عبادة بن الصامت وعبدالله بن عمرو وكعب الأحبار يتحدثون فى بيت المقدس فقال
عبادة: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ينفذهم ويسمعهم
الداعي ويقول الله { هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن كان لكم كيد فكيدون } اليوم
لا ينجو مني جبار عنيد ولا شيطان مريد فقال عبدالله بن عمرو فإنا نحدث يومئذ أنها
تخرج عنق من النار فتنطلق حتى إذا كانت بين ظهراني الناس نادت: أيها الناس إني بعثت
إلى ثلاثة أنا أعرف بهم من الأب بولده ومن الأخ بأخيه لا يغيبهم عني وزر ولا تخفيهم
عني خافية الذي جعل مع الله إلها آخر وكل جبار عنيد وكل شيطان مريد فتنطوي عليهم
فتقذف بهم في النار قبل الحساب بأربعين سنة.
يقول تعالى مخبرا عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات وترك المحرمات إنهم
يوم القيامة يكونون في جنات وعيون أي بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من ظل اليحموم
وهو الدخان الأسود المنتن.
أي إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأي كلام يؤمنون به؟ كقوله تعالى { فبأي حديث بعد
الله وآياته يؤمنون } قال ابن أبي حاتم ثنا ابن أبي عمر ثنا سفيان عن إسماعيل بن
أمية سمعت رجلا أعرابيا بدويا يقول سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ { والمرسلات عرفا }
فقرأ { فبأي حديث بعده يؤمنون } فليقل آمنت بالله وبما أنزل وقد تقدم هذا الحديث في
سورة القيامة. .
نهاية تفسير السورة - تفسير القرآن الكريم
End of Tafseer of The Surah - The Holy Quran Tafseer