سورة المرسلات مكية إلا الآية 48 فمدنية وآياتها 50 نزلت بعد الهمزة مكية في قول
الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس وقتادة إلا آية منها , وهي قوله تعالى : { وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون } [ المرسلات : 48 ] مدنية . وقال ابن مسعود : نزلت }
والمرسلات عرفا }{ على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ونحن معه نسير , حتى
أوينا إلى غار بمنى فنزلت , فبينا نحن نتلقاها منه , وإن فاه لرطب بها إذ وثبت حية
, فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت ; فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وقيتم شرها كما
وقيت شركم ) . وعن كريب مولى ابن عباس قال : قرأت سورة }{ والمرسلات عرفا }{ فسمعتني
أم الفضل امرأة العباس , فبكت وقالت : والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة
إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب . والله
أعلم . وهي خمسون آية .{ والمرسلات عرفا }{ جمهور المفسرين على أن المرسلات الرياح
. وروى مسروق عن عبد الله قال : هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه
والخبر والوحي . وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح والكلبي . وقيل : هم الأنبياء
أرسلوا بلا إله إلا الله ; قاله ابن عباس . وقال أبو صالح : إنهم الرسل ترسل بما
يعرفون به من المعجزات . وعن ابن عباس وابن مسعود : أنها الرياح ; كما قال تعالى : { وأرسلنا الرياح } [ الحجر : 22 ] . وقال : { وهو الذي يرسل الرياح } [ الأعراف : 57
] . ومعنى }{ عرفا }{ يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس ; تقول العرب : الناس إلى فلان عرف
واحد : إذا توجهوا إليه فأكثروا . وهو نصب على الحال من }{ والمرسلات }{ أي والرياح
التي أرسلت متتابعة . ويجوز أن تكون مصدرا أي تباعا . ويجوز أن يكون النصب على تقدير
حرف الجر , كأنه قال : والمرسلات بالعرف , والمراد الملائكة أو الملائكة والرسل
. وقيل : يحتمل أن يكون المراد بالمرسلات السحاب , لما فيها من نعمة ونقمة , عارفة
بما أرسلت فيه ومن أرسلت إليه . وقيل : إنها الزواجر والمواعظ . و }{ عرفا }{ على هذا
التأويل متتابعات كعرف الفرس ; قاله ابن مسعود . وقيل : جاريات ; قاله الحسن ; يعني
في القلوب . وقيل : معروفات في العقول .
الرياح بغير اختلاف ; قاله المهدوي . وعن ابن مسعود : هي الرياح العواصف تأتي بالعصف
, وهو ورق الزرع وحطامه ; كما قال تعالى : { فيرسل عليكم قاصفا } [ الإسراء : 69 ]
. وقيل : العاصفات الملائكة الموكلون بالرياح يعصفون بها . وقيل : الملائكة تعصف بروح
الكافر ; يقال : عصف بالشيء أي أباده وأهلكه , وناقة عصوف أي تعصف براكبها , فتمضي
كأنها ريح في السرعة , وعصفت الحرب بالقوم أي ذهبت بهم . وقيل : يحتمل أنها الآيات
المهلكة كالزلازل والخسوف .
الملائكة الموكلون بالسحب ينشرونها . وقال ابن مسعود ومجاهد : هي الرياح يرسلها الله
تعالى نشرا بين يدي رحمته ; أي تنشر السحاب للغيث . وروي ذلك عن أبي صالح . وعنه أيضا
: الأمطار ; لأنها تنشر النبات , فالنشر بمعنى الإحياء ; يقال : نشر الله الميت
وأنشره أي أحياه . وروى عنه السدي : أنها الملائكة تنشر كتب الله عز وجل . وروى
الضحاك عن ابن عباس قال : يريد ما ينشر من الكتب وأعمال بني آدم . الضحاك : إنها
الصحف تنشر على الله بأعمال العباد . وقال الربيع : إنه البعث للقيامة تنشر فيه
الأرواح . قال : { والناشرات }{ بالواو ; لأنه استئناف قسم آخر .
الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل ; قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وأبو صالح
. وروى الضحاك عن ابن عباس قال : ما تفرق الملائكة من الأقوات والأرزاق والآجال
. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الفارقات الرياح تفرق بين السحاب وتبدده . وعن
سعيد عن قتادة قال : { الفارقات فرقا }{ الفرقان , فرق الله فيه بين الحق والباطل
والحرام والحلال . وقاله الحسن وابن كيسان . وقيل : يعني الرسل فرقوا بين ما أمر الله
به ونهى عنه أي بينوا ذلك . وقيل : السحابات الماطرة تشبيها بالناقة الفارق وهي
الحامل التي تخرج وتند في الأرض حين تضع , ونوق فوارق وفرق .[ وربما ] شبهوا
السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة ; قال ذو الرمة : أو مزنة فارق يجلو
غواربها تبوج البرق والظلماء علجوم .
الملائكة بإجماع ; أي تلقي كتب الله عز وجل إلى الأنبياء عليهم السلام ; قاله
المهدوي . وقيل : هو جبريل وسمي باسم الجمع ; لأنه كان ينزل بها . وقيل : المراد
الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل الله عليهم ; قاله قطرب . وقرأ ابن عباس }{ فالملقيات
{ بالتشديد مع فتح القاف ; وهو كقوله تعالى : { وإنك لتلقى القرآن } [ النمل : 6; .
أي تلقى الوحي إعذارا من الله أو إنذارا إلى خلقه من عذابه ; قاله الفراء . وروي عن
أبي صالح قال : يعني الرسل يعذرون وينذرون . وروى سعيد عن قتادة }{ عذرا }{ قال : عذرا
لله جل ثناؤه إلى خلقه , ونذرا للمؤمنين ينتفعون به ويأخذون به . وروى الضحاك عن ابن
عباس .{ عذرا }{ أي ما يلقيه الله جل ثناؤه من معاذير أوليائه و هي التوبة }{ أو نذرا
{ ينذر أعداءه . وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص }{ أو نذرا }{ بإسكان الذال وجميع
السبعة على إسكان ذال }{ عذرا }{ سوى ما رواه الجعفي والأعشى عن أبي بكر عن عاصم أنه
ضم الذال . وروي ذلك عن ابن عباس والحسن وغيرهما . وقرأ إبراهيم التيمي وقتادة }{ عذرا
ونذرا }{ بالواو العاطفة ولم يجعلا بينهما ألفا . وهما منصوبان على الفاعل له أي
للإعذار أو للإنذار . وقيل : على المفعول به , قيل : على البدل من }{ ذكرا }{ أي
فالملقيات عذرا أو نذرا . وقال أبو علي : يجوز أن يكون العذر والنذر بالتثقيل على
جمع عاذر وناذر ; كقوله تعالى : { هذا نذير من النذر الأولى } [ النجم : 56 ] فيكون
نصبا على الحال من الإلقاء ; أي يلقون الذكر في حال العذر والإنذار . أو يكون مفعولا
لـ }{ ذكرا }{ أي }{ فالملقيات }{ أي تذكر }{ عذرا أو نذرا } . وقال المبرد : هما
بالتثقيل جمع والواحد عذير ونذير .
ثم بين وقت وقوعه فقال : { فإذا النجوم طمست }{ أي ذهب ضوءها ومحي نورها كطمس الكتاب
; يقال : طمس الشيء إذا درس وطمس فهو مطموس , والريح تطمس الآثار فتكون الريح طامسة
والأثر طامسا بمعنى مطموس .
أي ذهب بها كلها بسرعة ; يقال : نسفت الشيء وأنسفته : إذا أخذته كله بسرعة . وكان
ابن عباس والكلبي يقول : سويت بالأرض , والعرب تقول : فرس نسوف إذا كان يؤخر الحزام
بمرفقيه ; قال بشر : نسوف للحزام بمرفقيها ونسفت الناقة الكلأ : إذا رعته . وقال
المبرد : نسفت قلعت من موضعها ; يقول الرجل للرجل يقتلع رجليه من الأرض : أنسفت
رجلاه . وقيل : النسف تفريق الأجزاء حتى تذروها للرياح . ومنه نسف الطعام ; لأنه يحرك
حتى يذهب الريح بعض ما فيه من التبن .
أي جمعت لوقتها ليوم القيامة , والوقت الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه ;
فالمعنى : جعل لها وقت وأجل للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم ; كما قال تعالى : { يوم يجمع الله الرسل } [ المائدة : 109 ] . وقيل : هذا في الدنيا أي جمعت الرسل
لميقاتها الذي ضرب لها في إنزال العذاب بمن كذبهم بأن الكفار ممهلون . وإنما تزول
الشكوك يوم القيامة . والأول أحسن ; لأن التوقيت معناه شيء يقع يوم القيامة , كالطمس
ونسف الجبال وتشقيق السماء ولا يليق به التأقيت قبل يوم القيامة . قال أبو علي : أي
جعل يوم الدين والفصل لها وقتا . وقيل : أقتت وعدت وأجلت . وقيل : { أقتت }{ أي أرسلت
لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراد . والهمزة في }{ أقتت }{ بدل من الواو ; قاله
الفراء والزجاج . قال الفراء : وكل واو ضمت وكانت ضمتها لازمة جاز أن يبدل منها همزة
; تقول : صلى القوم أحدانا تريد وحدانا , ويقولون هذه وجوه حسان و [ أجوه ] . وهذا
لأن ضمة الواو ثقيلة . ولم يجز البدل في قوله : { ولا تنسوا الفضل بينكم } [ البقرة
: 237 ] لأن الضمة غير لازمة . وقرأ أبو عمرو وحميد والحسن ونصر . وعن عاصم ومجاهد }
وقتت }{ بالواو وتشديد القاف على الأصل . وقال أبو عمرو : وإنما يقرأ }{ أقتت }{ من قال
في وجوه أجوه . وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج }{ وقتت }{ بالواو وتخفيف القاف . وهو فعلت
من الوقت ومنه }{ كتابا موقوتا } . وعن الحسن أيضا : { ووقتت }{ بواوين , وهو فوعلت من
الوقت أيضا مثل عوهدت . ولو قلبت الواو في هاتين القراءتين ألفا لجاز . وقرأ يحيى
وأيوب وخالد بن إلياس وسلام }{ أقتت }{ بالهمزة والتخفيف ; لأنها مكتوبة في المصحف
بالألف .
أي }{ ليوم الفصل }{ أجلت . وروى سعيد عن قتادة قال : يفصل فيه بين الناس بأعمالهم إلى
الجنة أو إلى النار . وفي الحديث : [ إذا حشر الناس يوم القيامة قاموا أربعين عاما
على رءوسهم الشمس شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون الفصل ] .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
أي مثل ما فعلناه بمن تقدم نفعل بمشركي قريش إما بالسيف , وإما بالهلاك . وقرأ
العامة }{ ثم نتبعهم }{ بالرفع على الاستئناف , وقرأ الأعرج }{ نتبعهم }{ بالجزم عطفا
على }{ نهلك الأولين }{ كما تقول : ألم تزرني ثم أكرمك . والمراد أنه أهلك قوما بعد
قوم على اختلاف أوقات المرسلين . ثم استأنف بقوله : { كذلك نفعل بالمجرمين }{ يريد من
يهلك فيما بعد . ويجوز أن يكون الإسكان تخفيفا من }{ نتبعهم }{ لتوالي الحركات . وروي
عنه الإسكان للتخفيف . وفي قراءة ابن مسعود }{ ثم سنتبعهم }{ والكاف من }{ كذلك }{ في
موضع نصب , أي مثل ذلك الهلاك نفعله بكل مشرك . ثم قيل : معناه التهويل لهلاكهم في
الدنيا اعتبارا . وقيل : هو إخبار بعذابهم في الآخرة .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
أي ضعيف حقير وهو النطفة قال الزجاج : { من ماء مهين }{ ضعيف . وقال غيره : { مهين }
لا خطر له عند الناس . وهذه الآية أصل لمن قال : إن خلق الجنين إنما هو من ماء الرجل
وحده .
فقدرنا }{ وقرأ نافع والكسائي }{ فقدرنا }{ بالتشديد . وخفف الباقون , وهما لغتان
بمعنى . قاله الكسائي والفراء والقتبي . قال القتبي : قدرنا بمعنى قدرنا مشددة : كما
تقول : قدرت كذا وقدرته ; ومنه قول النبي صلى الله عليه سلم في الهلال : [ إذا غم
عليكم فاقدروا له ] أي قدروا له المسير والمنازل . وقال محمد بن الجهم عن الفراء : { فقدرنا }{ قال : وذكر تشديدها عن علي رضي الله عنه , وتخفيفها , قال : ولا يبعد أن
يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا ; لأن العرب تقول : قدر عليه الموت وقدر :
قال الله تعالى : { نحن قدرنا بينكم الموت } [ الواقعة : 60 ] قرئ بالتخفيف ,
والتشديد , وقدر عليه رزقه وقدر . قال : واحتج الذين خففوا فقالوا ; لو كانت كذلك
لكانت فنعم المقدرون . قال الفراء : وتجمع العرب بين اللغتين ; قال الله تعالى : { فمهل الكافرين أمهلهم رويدا } [ الطارق : 17 ] قال الأعشى : ش وأنكرتني وما كان
الذي نكرت و من الحوادث إلا الشيب والصلعا ش وروي عن عكرمة }{ فقدرنا }{ مخففة من
القدرة , وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله : { فنعم القادرون }{ ومن
شدد فهو من التقدير , أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون . رواه ابن مسعود عن
النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا . ونحوه عن ابن عباس
: قدرنا ملكنا . المهدوي : وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف . قلت : هو صحيح فإن
عكرمة هو الذي قرأ }{ فقدرنا }{ مخففا قال : معناه فملكنا فنعم المالكون , فأفادت
الكلمتان معنيين متغايرين ; أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة
إلى حالة حتى صارت بشرا سويا , أو الشقي والسعيد , أو الطويل والقصير , كله على
قراءة التشديد . وقيل : هما بمعنى كما ذكرنا .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
أي ضامة تضم الأحياء على ظهورها والأموات في بطنها . وهذا يدل على وجوب مواراة الميت
ودفنه , ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه . وقوله عليه السلام : [ قصوا أظافركم وادفنوا
قلاماتكم ] وقد مضى في }{ البقرة }{ بيانه يقال : كفت الشيء أكفته : إذا جمعته وضممته
, والكفت : الضم والجمع ; وأنشد سيبويه : كرام حين تنكفت الأفاعي إلى أجحارهن من
الصقيع وقال أبو عبيد : { كفاتا }{ أوعية . ويقال للنحي : كفت وكفيت ; لأنه يحوي
اللبن ويضمه قال : فأنت اليوم فوق الأرض حي وأنت غدا تضمك في كفات وخرج الشعبي في
جنازة فنظر إلى الجبان فقال : هذه كفات الأموات , ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه
كفات الأحياء . والثانية روي عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك
؟ قال . إن الله عز وجل يقول : { ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا }{ فالأرض حرز
. وقد مضى هذا في سورة }{ المائدة } . وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة , لأنه مقبرة تضم
الموتى , فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم . وأيضا استقرار الناس
على وجه الأرض , ثم اضطجاعهم عليها , انضمام منهم إليها . وقيل : هي كفات للأحياء
يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض ; إذ لا ضم في كون الناس عليها ,
والضم يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه . وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد
قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض , أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت ,
وإلى ميت وهو الذي لا ينبت . وقال الفراء : انتصب , { أحياء وأمواتا }{ بوقوع الكفات
عليه ; أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات . فإذا نونت نصبت ; كقوله تعالى : { أو
إطعام في يوم ذي مسغبة . يتيما } [ البلد : 14 - 15 ] . وقيل : نصب على الحال من
الأرض , أي منها كذا ومنها كذا . وقال الأخفش : { كفاتا }{ جمع كافتة والأرض يراد بها
الجمع فنعتت بالجمع . وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر
. ويقال : انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا . فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها
وينقلبون إليها ويدفنون فيها .
روى عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك ؟ قال . إن الله عز وجل
يقول : { ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا }{ فالأرض حرز . وقد مضى هذا في سورة }
المائدة } . وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة ; لأنه مقبرة تضم الموتى , فالأرض تضم
الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم . وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض , ثم
اضطجاعهم عليها , انضمام منهم إليها . وقيل : هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من
الإنسان من الفضلات في الأرض ; إذ لا ضم في كون الناس عليها , والضم يشير إلى
الاحتفاف من جميع الوجوه . وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء
والأموات ترجع إلى الأرض , أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت , وإلى ميت وهو
الذي لا ينبت . وقال الفراء : انتصب , { أحياء وأمواتا }{ بوقوع الكفات عليه ; أي ألم
نجعل الأرض كفات أحياء وأموات . فإذا نونت نصبت ; كقوله تعالى : { أو إطعام في يوم
ذي مسغبة . يتيما } [ البلد : 14 - 15 ] . وقيل : نصب على الحال من الأرض , أي منها
كذا ومنها كذا . وقال الأخفش : { كفاتا }{ جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت
بالجمع . وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر . ويقال :
انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا . فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون
إليها ويدفنون فيها .
وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ }{ وجعلنا فيها }{ أي في الأرض }{ رواسي
شامخات }{ يعني الجبال , والرواسي الثوابت , والشامخات الطوال ; ومنه يقال : شمخ
بأنفه إذا رفعه كبرا . وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا أي وجعلنا لكم سقيا
. والفرات : الماء العذب يشرب ويسقى منه الزرع . أي خلقنا الجبال وأنزلنا الماء
الفرات . وهذه الأمور أعجب من البعث . وفي بعض الحديث قال أبو هريرة : في الأرض من
الجنة الفرات والدجلة ونهر الأردن . وفي صحيح مسلم : سيحان وجيحان والنيل والفرات كل
من أنهار الجنة .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
انطلقوا إلى ظل }{ أي دخان }{ ذي ثلاث شعب }{ يعني الدخان الذي يرتفع ثم يتشعب إلى
ثلاث شعب . وكذلك شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب . وقيل : إن الشعب الثلاث هي
الضريع والزقوم والغسلين ; قاله الضحاك . وقيل : اللهب ثم الشرر ثم الدخان ; لأنها
ثلاثة أحوال , هي غاية أوصاف النار إذا اضطرمت واشتدت . وقيل : عنق يخرج من النار
فيتشعب ثلاث شعب . فأما النور فيقف على رءوس المؤمنين , وأما الدخان فيقف على رءوس
المنافقين , وأما اللهب الصافي فيقف على رءوس الكافرين . وقيل : هو السرادق , وهو
لسان من نار يحيط بهم , ثم يتشعب منه ثلاث شعب , فتظللهم حتى يفرغ من حسابهم إلى
النار . وقيل : هو الظل من يحموم ; كما قال تعالى : { في سموم وحميم . وظل من يحموم
. لا بارد ولا كريم } [ الواقعة : 42 - 44 ] على ما تقدم . وفي الحديث : ( إن الشمس
تدنو من رءوس الخلائق وليس عليهم يومئذ لباس ولا لهم أكفان فتلحقهم الشمس وتأخذ
بأنفاسهم ومد ذلك اليوم , ثم ينجي الله برحمته من يشاء إلى ظل من ظله فهنالك يقولون
: { فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم } [ الطور : 27 ] ويقال للمكذبين : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون }{ من عذاب الله وعقابه }{ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب
" ) . فيكون أولياء الله جل ثناؤه في ظل عرشه أو حيث شاء من الظل , إلى أن يفرغ من
الحساب ثم يؤمر بكل فريق إلى مستقره من الجنة والنار .
ثم وصف الظل فقال : { لا ظليل }{ أي ليس كالظل الذي يقي حر الشمس }{ ولا يغني من
اللهب }{ أي لا يدفع من لهب جهنم شيئا . واللهب ما يعلو على النار إذ اضطرمت , من
أحمر وأصفر وأخضر . وقيل : إن الشعب الثلاث هي الضريع والزقوم والغسلين ; قاله
الضحاك . وقيل : اللهب ثم الشرر ثم الدخان ; لأنها ثلاثة أحوال , هي غاية أوصاف
النار إذا اضطرمت واشتدت . وقيل : عنق يخرج من النار فيتشعب ثلاث شعب . فأما النور
فيقف على رءوس المؤمنين , وأما الدخان فيقف على رءوس المنافقين , وأما اللهب الصافي
فيقف على رءوس الكافرين . وقيل : هو السرادق , وهو لسان من نار يحيط بهم , ثم يتشعب
منه ثلاث شعب , فتظللهم حتى يفرغ من حسابهم إلى النار . وقيل : هو الظل من يحموم ;
كما قال تعالى : { في سموم وحميم . وظل من يحموم . لا بارد ولا كريم } [ الواقعة : 42
- 44 ] على ما تقدم . وفي الحديث : ( إن الشمس تدنو من رءوس الخلائق وليس عليهم
يومئذ لباس ولا لهم أكفان فتلحقهم الشمس وتأخذ بأنفاسهم ومد ذلك اليوم , ثم ينجي
الله برحمته من يشاء إلى ظل من ظله فهنالك يقولون : { فمن الله علينا ووقانا عذاب
السموم } [ الطور : 27 ] ويقال للمكذبين : { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون }{ من
عذاب الله وعقابه }{ انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب } ) . فيكون أولياء الله جل ثناؤه في
ظل عرشه أو حيث شاء من الظل , إلى أن يفرغ من الحساب ثم يؤمر بكل فريق إلى مستقره
من الجنة والنار .
ثم وصف النار فقال : { إنها ترمي بشرر كالقصر }{ الشرر : واحدته شررة . والشرار :
واحدته شرارة , وهو ما تطاير من النار في كل جهة , وأصله من شررت الثوب إذا بسطته
للشمس ليجف . والقصر البناء العالي . وقراءة العامة }{ كالقصر }{ بإسكان الصاد : أي
الحصون والمدائن في العظم وهو واحد القصور . قاله ابن عباس وابن مسعود . وهو في معنى
الجمع على طريق الجنس . وقيل : القصر جمع قصرة ساكنة الصاد , مثل جمرة , وجمر وتمرة
وتمر . والقصرة : الواحدة من جزل الحطب الغليظ . وفي البخاري عن ابن عباس أيضا : { ترمي بشرر كالقصر }{ قال كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل , فترفعه للشتاء ,
فنسميه القصر , وقال سعيد بن جبير والضحاك : هي أصول الشجر والنخل العظام إذا وقع
وقطع . وقيل : أعناقه . وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد والسلمي }{ كالقصر }{ بفتح الصاد ,
أراد أعناق النخل . والقصرة العنق , جمعها قصر وقصرات . وقال قتادة : أعناق الإبل
. قرأ سعيد بن جبير بكسر القاف وفتح الصاد , وهي أيضا جمع قصرة مثل بدرة وبدر وقصعة
وقصع وحلقة وحلق , لحلق الحديد . وقال أبو حاتم : ولعله لغة , كما قالوا حاجة وحوج
. وقيل : القصر : الجبل , فشبه الشرر بالقصر في مقاديره , ثم شبهه في لونه بالجمالات
الصفر , وهي الإبل السود ; والعرب تسمي السود من الإبل صفرا ; قال الشاعر : تلك
خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب أي هن سود . والقصر : واحد القصور . وقصر
الظلام : اختلاطه ويقال : أتيته قصرا أي عشيا , فهو مشترك ; قال : كأنهم - قصرا -
مصابيح راهب بموزن روى بالسليط ذبالها مسألة : في هذه الآية دليل على جواز ادخار
الحطب والفحم وإن لم يكن من القوت , فإنه من مصالح المرء ومغاني مفاقره . وذلك مما
يقتضي النظر أن يكتسبه في غير وقت حاجته ; ليكون أرخص وحالة وجوده أمكن , كما كان
النبي صلى الله عليه وسلم يدخر القوت في وقت عموم وجوده من كسبه وماله , وكل شيء
محمول عليه . وقد بين ابن عباس هذا بقوله : كنا نعمد إلى الخشبة فنقطعها ثلاثة أذرع
وفوق ذلك ودونه وندخره للشتاء وكنا نسميه القصر . وهذا أصح ما قيل في ذلك والله أعلم
.
وقيل : القصر : الجبل , فشبه الشرر بالقصر في مقاديره , ثم شبهه في لونه بالجمالات
الصفر , وهي الإبل السود ; والعرب تسمي السود من الإبل صفرا ; قال الشاعر : تلك
خيلي منه وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب أي هن سود . وإنما سميت السود من الإبل
صفرا لأنه يشوب سوادها شيء من صفرة ; كما قيل لبيض الظباء : الأدم ; لأن بياضها
تعلوه كدرة : والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار أشبه شيء بالإبل السود
, لما يشوبها من صفرة . وفي شعر عمران بن حطان الخارجي : دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم
بمثل الجمال الصفر نزاعة الشوى وضعف الترمذي هذا القول فقال : وهذا القول محال في
اللغة , أن يكون شيء يشوبه شيء قليل , فنسب كله إلى ذلك الشائب , فالعجب لمن قد قال
هذا , وقد قال الله تعالى : { جمالات صفر }{ فلا نعلم شيئا من هذا في اللغة . ووجهه
عندنا أن النار خلقت من النور فهي نار مضيئة , فلما خلق الله جهنم وهي موضع النار ,
حشى ذلك الموضع بتلك النار , وبعث إليها سلطانه وغضبه , فاسودت من سلطانه وازدادت
حدة , وصارت أشد سوادا من النار ومن كل شيء سوادا , فإذا كان يوم القيامة وجيء
بجهنم في الموقف رمت بشررها على أهل الموقف , غضبا لغضب الله , والشرر هو أسود ;
لأنه من نار سوداء , فإذا رمت النار بشررها فإنها ترمي الأعداء به , فهن سود من
سواد النار , لا يصل ذلك إلى الموحدين ; لأنهم في سرادق الرحمة قد أحاط بهم في
الموقف , وهو الغمام الذي يأتي فيه الرب تبارك وتعالى , ولكن يعاينون ذلك الرمي ,
فإذا عاينوه نزع الله ذلك السلطان والغضب عنه في رأي العين منهم حتى يروها صفراء ;
ليعلم الموحدون أنهم في رحمة الله لا في سلطانه وغضبه . وكان ابن عباس يقول :
الجمالات الصفر : حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال . ذكره
البخاري . وكان يقرؤها }{ جمالات }{ بضم الجيم , وكذلك قرأ مجاهد وحميد }{ جمالات }{ بضم
الجيم , وهي الحبال الغلاظ , وهي قلوس السفينة أي حبالها . وواحد القلوس : قلس . وعن
ابن عباس أيضا على أنها قطع النحاس . والمعروف في الحبل الغليظ جمل بتشديد الميم كما
تقدم في }{ الأعراف } . و }{ جمالات }{ بضم الجيم : جمع جمالة بكسر الجيم موحدا , كأنه
جمع جمل , نحو حجر وحجارة , وذكر وذكارة , وقرأ يعقوب وابن أبي إسحاق وعيسى
والجحدري }{ جمالة }{ بضم الجيم موحدا وهي الشيء العظيم المجموع بعضه إلى بعض . وقرأ
حفص وحمزة والكسائي }{ جمالة }{ وبقية السبعة }{ جمالات }{ قال الفراء : يجوز أن تكون
الجمالات جمع جمال كما يقال : رجل ورجال ورجالات . وقيل : شبهها بالجمالات لسرعة
سيرها . وقيل : لمتابعة بعضها بعضا .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
أي لا يتكلمون وعن عكرمة عن ابن عباس قال : سأل ابن الأزرق عن قوله تعالى : { هذا
يوم لا ينطقون }{ و }{ فلا تسمع إلا همسا } [ طه : 108 ] وقد قال تعالى : { وأقبل
بعضهم على بعض يتساءلون } [ الصافات : 27 ] فقال له : إن الله عز وجل يقول : { وإن
يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون } [ الحج : 47 ] فإن لكل مقدار من هذه الأيام لونا
من هذه الألوان . وقيل : لا ينطقون بحجة نافعة , ومن نطق بما لا ينفع ولا يفيد فكأنه
ما نطق . قال الحسن : لا ينطقون بحجة وإن كانوا ينطقون . وقيل : إن هذا وقت جوابهم }
اخسئوا فيها ولا تكلمون } [ المؤمنون : 108 ] وقد تقدم . وقال أبو عثمان : أسكتتهم
رؤية الهيبة وحياء الذنوب . وقال الجنيد : أي عذر لمن أعرض عن منعمه وجحده وكفر
أياديه ونعمه ؟ و }{ يوم }{ بالرفع قراءة العامة على الابتداء والخبر ; أي تقول
الملائكة : { هذا يوم لا ينطقون }{ ويجوز أن يكون قوله : { انطلقوا } [ المرسلات :
29 ] من قول الملائكة , ثم يقول الله لأوليائه : هذا يوم لا ينطق الكفار . ومعنى
اليوم الساعة والوقت . وروى يحيى بن سلطان . عن أبي بكر عن عاصم }{ هذا يوم لا ينطقون
{ بالنصب , ورويت عن ابن هرمز وغيره , فجاز أن يكون مبنيا لإضافته إلى الفعل وموضعه
رفع . وهذا مذهب الكوفيين . وجاز أن يكون في موضع نصب على أن تكون الإشارة إلى غير
اليوم . وهذا مذهب البصريين ; لأنه إنما بني عندهم إذا أضيف إلى مبني , والفعل ههنا
معرب .
أي إن يوم القيامة له مواطن ومواقيت , فهذا من المواقيت التي لا يتكلمون فيها , ولا
يؤذن لهم في الاعتذار والتنصل . وقال الفراء في قوله تعالى : { ولا يؤذن لهم
فيعتذرون }{ الفاء نسق أي عطف على }{ يؤذن }{ وأجيز ذلك ; لأن أواخر الكلام بالنون
. ولو قال : فيعتذروا لم يوافق الآيات . وقد قال : { لا يقضى عليهم فيموتوا } [ فاطر
: 36 ] بالنصب وكله صواب ; ومثله : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه } [
البقرة : 245 ] بالنصب والرفع .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
هذا يوم الفصل }{ أي ويقال لهم هذا اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق ; فيتبين
المحق من المبطل .{ جمعناكم والأولين }{ قال ابن عباس : جمع الذين كذبوا محمدا
والذين كذبوا النبيين من قبله . رواه عنه الضحاك .
أي حيلة في الخلاص من الهلاك }{ فكيدوني }{ أي فاحتالوا لأنفسكم وقاووني ولن تجدوا
ذلك . وقيل : أي }{ فإن كان لكم كيد }{ أي قدرتم على حرب }{ فكيدوني }{ أي حاربوني . كذا
روى الضحاك عن ابن عباس . قال : يريد كنتم في الدنيا تحاربون محمدا صلى الله عليه
وسلم وتحاربونني فاليوم حاربوني . وقيل : أي إنكم كنتم في الدنيا تعملون بالمعاصي
وقد عجزتم الآن عنها وعن الدفع عن أنفسكم . وقيل : إنه من قول النبي صلى الله عليه
وسلم , فيكون كقول هود : { فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون } [ هود : 55 ] .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
أخبر بما يصير إليه المتقون غدا , والمراد بالظلال ظلال الأشجار وظلال القصور مكان
الظل في الشعب الثلاث . وفي سورة يس }{ هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون } [
يس : 56 ] . وقراءة العامة }{ ظلال } . وقرأ الأعرج والزهري وطلحة }{ ظلل }{ جمع ظلة
يعني في الجنة .
كلوا واشربوا }{ أي يقال لهم غدا هذا بدل ما يقال للمشركين }{ فإن كان لكم كيد
فكيدون } .{ فكلوا واشربوا }{ في موضع الحال من ضمير }{ المتقين }{ في الظرف الذي هو }
في ظلال }{ أي هم مستقرون }{ في ظلال }{ مقولا لهم ذلك .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا هذا مردود إلى ما تقدم قبل المتقين , وهو وعيد
وتهديد وهو حال من }{ المكذبين }{ أي الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم : { كلوا
وتمتعوا قليلا } . إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ أي كافرون . وقيل : مكتسبون فعلا يضركم في
الآخرة , من الشرك والمعاصي .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
أي إذا قيل لهؤلاء المشركين : { اركعوا }{ أي صلوا }{ لا يركعون }{ أي لا يصلون ; قاله
مجاهد . وقال مقاتل : نزلت في ثقيف , امتنعوا من الصلاة فنزل ذلك فيهم . قال مقاتل :
قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسلموا ) وأمرهم بالصلاة فقالوا : لا ننحني
فإنها مسبة علينا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ لا خير في دين ليس فيه ركوع
ولا سجود ] . يذكر أن مالكا رحمه الله دخل المسجد بعد صلاة العصر , وهو ممن لا يرى
الركوع بعد العصر , فجلس ولم يركع , فقال له صبي : يا شيخ قم فاركع . فقام فركع ولم
يحاجه بما يراه مذهبا , فقيل له في ذلك , فقال : خشيت أن أكون من الذين }{ إذا قيل
لهم اركعوا لا يركعون } . وقال ابن عباس : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون
إلى السجود فلا يستطيعون . قتادة : هذا في الدنيا . ابن العربي : هذه الآية حجة على
وجوب الركوع وإنزاله ركنا في الصلاة وقد انعقد الإجماع عليه , وظن قوم أن هذا إنما
يكون في القيامة وليست بدار تكليف فيتوجه فيها أمر يكون عليه ويل وعقاب , وإنما
يدعون إلى السجود كشفا لحال الناس في الدنيا , فمن كان لله يسجد يمكن من السجود ,
ومن كان يسجد رثاء لغيره صار ظهره طبقا واحدا . وقيل : أي إذا قيل لهم اخضعوا للحق
لا يخضعون , فهو عام في الصلاة وغيرها وإنما ذكر الصلاة , لأنها أصل الشرائع بعد
التوحيد . وقيل : الأمر بالإيمان لأنها لا تصح من غير إيمان .
أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد . وكرره في هذه
السورة عند كل آية لمن كذب ; لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم , فإن لكل مكذب بشيء
عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر , ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره ; لأنه
أقبح في تكذيبه , وأعظم في الرد على الله , فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك ,
وعلى قدر وفاقه وهو قوله : { جزاء وفاقا } .[ النبأ : 26 ] . وروي عن النعمان بن
بشير قال : ويل : واد في جهنم فيه ألوان العذاب . وقاله ابن عباس وغيره . قال ابن
عباس : إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقي عليها فيأكل بعضها بعضا . وروي أيضا عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل ]
وروي أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم , وإنما يسيل الشيء فيما سفل من
الأرض وانفطر , وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها
مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات ; فذكر أن ذلك الوادي
. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك ; ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة , ولا
أنتن منه نتنا , ولا أشد منه مرارة , ولا أشد سوادا منه ; ثم وصفه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بما تضمن من العذاب , وأنه أعظم واد في جهنم , فذكره الله تعالى في
وعيده في هذه السورة .
أي إن لم يصدقوا بالقرآن الذي هو المعجز والدلالة على صدق الرسول عليه السلام ,
فبأي شيء يصدقون ! وكرر : { ويل يومئذ للمكذبين } / لمعنى تكرير التخويف والوعيد
. وقيل : ليس بتكرار , لأنه أراد بكل قول منه غير الذي أراد بالآخر ; كأنه ذكر شيئا
فقال : ويل لمن يكذب بهذا , ثم ذكر شيئا آخر فقال : ويل لمن يكذب بهذا , ثم ذكر
شيئا آخر فقال : ويل لمن يكذب بهذا . ثم كذلك إلى آخرها . ختمت السورة ولله الحمد .
نهاية تفسير السورة - تفسير القرآن الكريم
End of Tafseer of The Surah - The Holy Quran Tafseer