قال رب إني وهن ← ضعف العظم ← جميعه مني واشتعل الرأس ← مني شيبا ← تمييز
محوَّل عن الفاعل أي: انتشر الشيب في شعره كما ينتشر شعاع النار في الحطب وإني أريد
أن أدعوك ولم أكن بدعائك ← أي: بدعائي إياك ربّ شقيا ← أي: خائبا فيما مضى فلا
تخيبني فيما يأتي .
وإني خفت الموالي ← أي الذين يلوني في النسب كبني العم من ورائي ← أي بعد موتي
على الدين أن يُضيعوه كما شاهدته في بني إسرائيل من تبديل الدين وكانت امرأتي
عاقرا ← لا تلد فهب لي من لدنك ← من عندك وليا ← ابنا .
يَرثني ← بالجزم جواب الأمر وبالرفع صفة وليا ويرث ← بالوجهين من آل يعقوب ← جدّي ، العلم والنبوة واجعله رب رضيا ← أي: مرضيا عندك . قال تعالى في إجابة طلبه
الابن الحاصل به رحمته :
قال ربّ أنَّى ← كيف يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا ← من عتا: يبس، أي نهاية السن مائة وعشرين سنة وبلغت امرأته ثمانية وتسعين سنة وأصل
عتى: عتو وكسرت التاء تخفيفا وقلبت الواو الأولى ياء لمناسبة الكسرة والثانية ياء
لتدغم فيها الياء .
قال ← الأمر كذلك ← من خلق غلام منكما قال ربك هو عليَّ هين ← أي: بأن أرد
عليك قوة الجماع وأفتق رحم امرأتك للعلوق وقد خلقتك من قبل ولم تكُ شيئا ← قبل
خلقك ولإظهار الله هذه القدرة العظيمة ألهمه السؤال ليجاب بما يدل عليها ولما تاقت
نفسه إلى سرعة المبشر به .
قال رب اجعل آية ← أي علامة على حمل امرأتي قال آيتك ← عليه ألا تكلم الناس ← أي تمتنع من كلامهم بخلاف ذكر الله ثلاث ليال ← أي بأيامها كما في آل عمران ثلاثة
أيام سَويا ← حال من فاعل تكلم أي بلا علة .
فخرج على قومه من المحراب ← أي المسجد وكانوا ينتظرون فتحه ليصلوا فيه بأمره على
العادة فأوحى ← أشار إليهم أن سبحوا ← صلوا بُكرة وعشيا ← أوائل النهار
وأواخره على العادة فعلم بمنعه من كلامهم حملها بيحيى، وبعد ولادته بسنتين قال الله
تعالى له :
فاتخذت من دونهم حجابا ← أرسلت سترا تستتر به لتفلي رأسها أو ثيابها أو تغسل من
حيضها فأرسلنا إليها روحنا ← جبريل فتمثل لها ← ب لبسها ثيابها بشرا سويا ← تام الخلق .
قال ← الأمر كذلك ← من خلق غلام منك من غير أب قال ربك هو عليَّ هينٌ ← أي:
بأن ينفخ بأمري جبريل فيك فتحملي به ولكون ما ذكر في معنى العلة عطف عليه ولنجعله
آيةً للناس ← على قدرتنا ورحمة منا ← لمن آمن به وكان ← خلقه أمرا مقضيا ← به
في علمي فنفخ جبريل في جيب درعها فأحست بالحمل في بطنها مصورا.
فأجاءَها ← جاءَ بها المخاض ← وجع الولادة إلى جذع النخلة ← لتعتمد عليه
فولدت والحمل والتصوير والولادة في ساعة قالت يا ← للتنبيه ليتني متُّ قبل هذا
← الأمر وكنت نسيا منسيا ← شيئا متروكا لا يعرف ولا يذكر .
فكلي ← من الرطب واشربي ← من السري وقري عينا ← بالولد تمييز محول من الفاعل
أي: لتقر عينك به أي: تسكن فلا تطمح إلى غيره فإما ← فيه إدغام نون إن الشرطية في
ما الزائدة ترين ← حذفت منه لام الفعل وعينه وألقيت حركتها على الراء وكسرت ياء
الضمير لالتقاء الساكنين من البشر أحدا ← فيسألك عن ولدك فقولي إني نذرت للرحمن
صوما ← أي إمساكا عن الكلام في شأنه وغيره من الأناسي بدليل فلن أكلم اليوم إنسا
← أي: بعد ذلك .
ذلك عيسى ابن مريم قولُ الحق ← بالرفع خبر مبتدأ مقدر أي: قول ابن مريم وبالنصب
بتقدير قلت، والمعنى القول الحق الذي فيه يمترون ← من المرية أي: يشكون وهم
النصارى: قالوا إن عيسى ابن الله، كذبوا .
ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه ← تنزيها له عن ذلك إذا قضى أمرا ← أي: أراد
أن يحدثه فإنما يقول له كن في فيكونُ ← بالرفع بتقدير هو، وبالنصب بتقدير أن ومن
ذلك خلق عيسى من غير أب .
{( وأن الله ربي وربكم فاعبدوه ) بفتح أن بتقدير اذكر ، وبكسرها بتقدير قل بدليل ""
ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم "" ( هذا ) المذكور ( صراط )
طريق ( مستقيم ) مؤد إلى الجنة .
فاختلف الأحزاب من بينهم ← أي النصارى في عيسى أهو ابن الله أو إله معه أو ثالث
ثلاثة فويل ← فشدة عذاب للذين كفروا ← بما ذكر وغيره من مشهد يوم عظيم ← أي:
حضور يوم القيامة وأهواله.
أسمع بهم وأبصر ← بهم صيغتا تعجب بمعنى ما أسمعهم وما أبصرهم يوم يأتوننا ← في
الآخرة لكن الظالمون ← من إقامة الظاهر مقام المضمر اليوم ← أي: في الدنيا في
ضلال مبين ← أي بين به صموا عن سماع الحق وعموا عن إبصاره أي: اعجب منهم يا مخاطب
في سمعهم وإبصارهم في الآخرة بعد أن كانوا في الدنيا صما عميا .
وأنذرهم ← خوّف يا محمد كفار مكة يوم الحسرة ← هو يوم القيامة يتحسر فيه المسيء
على ترك الإحسان في الدنيا إذ قُضي الأمر ← لهم فيه بالعذاب وهم ← في الدنيا في غفلة ← عنه وهم لا يؤمنون ← به .
إذ قال لأبيه ← آزر يا أبت ← التاء عوض عن ياء الإضافة ولا يجمع بينهما وكان
يعبد الأصنام لمَ تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك ← لا يكفيك شيئا ← من
نفع أو ضر .
{( قال سلام عليك ) مني أي لا أصيبك بمكروه ( سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا ) من
حفي أي بارا فيجيب دعائي وقد أوفى بوعده المذكور في الشعراء "" واغفر لأبي "" وهذا
قبل أن يتبين له أنه عدو الله كما ذكره في براءة .
{( وناديناه ) بقول "" يا موسى إني أنا الله "" ( من جانب الطور ) اسم جبل ( الأيمن
) أي الذي يلي يمين موسى حين أقبل من مدين ( وقربناه نجيا ) مناجيا بأن أسمعه الله
تعالى كلامه .
واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد ← لم يعد شيئا إلا وفى به وانتظر من
وعده ثلاثة أيام أيام أو حولاً حتى رجع إليه في مكانه وكان رسولاً ← إلى جُرهم نبيا } .
أولئك ← مبتدأ الذين أنعم الله عليهم ← صفة له من النبيين ← بيان له وهو في
معنى الصفة وما بعده إلى جملة الشرط صفة للنبيين فقوله من ذرية آدم ← أي إدريس وممن حملنا مع نوح ← في السفينة أي إبراهيم ابن ابنه سام ومن ذرية إبراهيم ← أي
إسماعيل وإسحاق ويعقوب و ← من ذرية إسرائيل ← هو يعقوب أي موسى وهارون وزكريا
ويحيى وعيسى وممن هدينا واجتبينا ← أي من جملتهم وخبر أولئك إذا تتلى عليهم
آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ← جمع ساجد وباك أي فكونوا مثلهم وأصل بكي بكوي قبلت
الواو ياء والضمة كسرة .
جنات عدن ← إقامة بدل من الجنة التي وعد الرحمن عباده بالغيب ← حال، أي غائبين
عنها إنه كان وعده ← أي موعده مأتيا ← بمعنى آتيا وأصله مأتوي أو موعوده هنا
الجنة يأتيه أهله .
لا يسمعون فيها لغوا ← من الكلام إلا ← لكن يسمعون سلاما ← من الملائكة عليهم
أو من بعضهم على بعض ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ← أي على قدرهما في الدنيا، وليس
في الجنة نهار ولا ليل بل ضوء ونور أبدا .
تلك الجنة التي نورث ← نعطي وننزل من عبادنا من كان تقيا ← بطاعته، ونزل لما
تأخر الوحي أياما وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: ما يمنعك أن تزورنا أكثر
مما تزورنا ؟ .
وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا ← أي أمامنا من أمور الآخرة وما خلفنا
← من أمور الدنيا وما بين ذلك ← أي: ما يكون في هذا الوقت إلى قيام الساعة أي له
علم ذلك جمعيه وما كان ربك نسيّا ← بمعنى ناسيا أي: تاركا لك بتأخير الوحي عنك .
ويقول الإنسان ← المنكر للبعث أبي بن خلف أو الوليد بن المغيرة النازل فيه الآية:
أئذا ← بتحقيق الهمزة الثانية وإدخال ألف بينها بوجهيها وبين الأخرى ما متّ
لسوف أخرج حيا ← من القبر كما يقول محمد، فالاستفهام بمعنى النفي أي: لا أحيا بعد
الموت وما زائدة للتأكيد وكذا اللام ورد عليه بقوله تعالى :
أولا يَذكرُ الإنسان ← أصله يتذكر أبدلت التاء ذالا وأدغمت في الذال وفي قراءة
تركها وسكون الذال وضم الكاف أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ← فيستدل بالابتداء
على الإعادة .
فوربك لنحشرنهم ← أي المنكرين للبعث والشياطين ← أي نجمع كلا منهم وشيطانه في
سلسلة ثم لنحضرنهم حول جهنم ← من خارجها جثيا ← على الركب جمع جاث وأصله جثوو
أو جثوي من جثا يجثو أو يجثي لغتان .
وإذا تتلى عليهم ← أي المؤمنين والكافرين آياتنا ← من القرآن بينات ← واضحات
حال قال الذين كفروا للذين آمنوا أيُّ الفريقين ← نحن وأنتم خير مقاما ← منزلا
ومسكنا بالفتح من قام وبالضم من أقام وأحسن نديا ← بمعنى النادي وهو مجتمع القوم
يتحدثون فيه، يعنون نحن فنكون خيرا منكم قال تعالى:
قل من كان في الضلالة ← شرط جوابه فليمدد ← بمعنى الخبر أي يمد له الرحمن مدا
← في الدنيا يستدرجه حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب ← كالقتل والأسر وإما
الساعة ← المشتملة على جهنم فيدخلونها فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ← أعوانا أهم أم المؤمنون وجندهم الشياطين وجند المؤمنين عليهم الملائكة .